المحرر موضوع: العراقي قبل 2003 ... العراقي بعد 2003  (زيارة 883 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل البرت ناصر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 220
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

العراقي قبل 2003 ... العراقي بعد 2003


البرت ناصر 

الخميس، 9 شباط، 2012


لا يختلف عراقيان على أن 2003 تعتبر خطاً فاصلاً في حياة شعبنا العراقي تجمعت ملامحه ليشكل "مرحلة" ... مرحلة ما قبل 2003 ومرحلة ما بعد 2003  . ففي أستقراء سريع لمعظم ما كُتب ويُكتب الان يعلن بقوة أن مرحلة جديدة قد تشكلت ملامحها في حياة الانسان العراقي , مرحلة أدخلته في صراع مع الذات مقارناً وجوده فيما بين المرحلتين , رافضاً حيناً ومتقبلاً حيناً اخر , محاولاً هضم ما يحدث له من تسارع في خطى أشبه ما تكون بحرق المراحل في شتى مناحي الحياة , تقلبات فُرضت عليه فرضاً وما عليه الا أن يساير الوضع الاجتماعي والسياسي العام في البلد في غياب رؤية صادقة منحازة للوطن والمواطن والوطنية هذا الثلاثي الذي ضاع في خضم الصراع الديني الطائفي الذي بات لا يُذكر الا في حضور المذهب والطائفة وكأن الدين أوالمذهب أصبح حاضنة الوطنية في سياقات العمل السياسي في عراق مرحلة ما بعد 2003!!
أي عراقي مثقف يدرك جيداً أن موضوعة الدين لا ترتقي بالانسان سياسياً وفق متطلبات مفهوم الديمقراطية التي أتت بها موجات عصرنة أساليب الحكم  نحو تحقيق مباديء حقوق الانسان والعدالة ومراقبة علاقة الحاكم بالمحكوم (المواطن), فالابتعاد عن أقحام الدين في السياسة فيه من التطور الفكري الحضاري الذي تنعم به شعوب العالم المتحضرة اليوم . ومن خلال هذا المفهوم أضافة الى فهمنا العميق كمؤمنين للمعاني السامية التي أتت بها كل الديانات السماوية يمكننا ألقول أنه لا تعايش بين الديمقراطية و الدين !! وللتبسيط في تفسير كلامنا هذا نقول : من يتجرأ ليدخل في منافسة أنتخابية ضد الله عز و جل !! ففي حضرة معاني الله تسقط كل معاني الديمقراطية , نعم هكذا وبكل بساطة لا ديمقراطية في الدين لان الانسان ليس امام ناخب ومنتخب بل في حضرة خالقه !! 
الديمقراطية في عدالتها هي أحقاق المساواة في الحقوق والواجبات , فأي مساواة يتوقعها أصحاب الفكر الديني – السياسي في تلقين المواطن بحقوقه بمواجهة مباشرة مع الله الخالق العظيم!! بهذا المنحى يفتقر أصحاب العقائد الدينية  الناشطة على الخط الديني – السياسي في أحقاق الديمقراطية وكل كلام عن الديمقراطية يأتي من رجل الدين لهو حتماً ضحك على الذقون واستهزاء بعقلية الانسان . أنه لمن المؤسف أن يشهد الواقع العراقي هذا التفهقر أمام ثقافة (الله أكبر) وكأن الله قد تم أكتشافه حديثاً !! فالاساليب الملتوية التي يتم بها جر المواطن العراقي البسيط في الانتخابات مثلاً وذلك بتسييس الدين بوضع هالة على رؤوس أتباع الاحزاب الدينية من خلال تمذهبهم وليس وطنيتهم قد ساهم في أشاعة الخراب والفساد في البلد بالسكوت عن تصرفات الكثير من تبوءوا مراكز متقدمة في الحكومة العراقية لا بل راح (  البعض ) يطلقها علناً في احاديثهم وتعليقاتهم (الالكترونية) وبلا خجل في شرعنة الفرهود في  سرقات الفساد بنهب ميزانية الدولة ( فدوة )  !!!!  هل هناك أنحدار خطير أكثر من هذا ليكشف لنا مقدار الانحطاط الفكري في التعامل مع المال العام وقضايا الفساد ؟؟
وفي ضوء هذه المعطيات يقف المواطن العراقي حائراً في أختياراته , حائراً في ترتيب الاولويات في عقله , الله أم الوطن أم هو نفسه يحاول جاهداً أكتشاف ذاته من جديد . فبعيداً عن تأثيرات من يساهم في تشويه جماليات الصورة العراقية التي تختزنها ذاكرة الشعب , وذاكرة الوطن فأنه لو تم حرق كل المراحل في محاولة لتطبيق الديمقراطية تحت مظلة العقلية الدينية فأنه سوف لن تقوم قيامة للديمقراطية في العراق . وكل الذي يحصل الان في مرحلة ما بعد 2003 من صراع بين الكتل السياسية هو محاولة الاستئثار والتشبث بكرسي السلطة رغماً عن أنف الشعب ( لو الكتل والمحاصصة الطائفية لو ماكو غيرهه) ولأنه هناك من يعتقد أنه (يمثل الله على الارض)  فليس هناك من هو اكبر منه !!
من الطبيعي أن يتم مقارنة اللاحق بما سبقه وتلك هي طبيعة العقلية البشرية في البحث عن الافضل دوماً . وفي مقارنة صريحة بين فترتين تاريخيتين جلبتا على العراق أحداثاً مصيرية  هي فترتي ما قبل 2003 وما بعدها ,يمكن ملاحظة أن الاحداث قد حفرت آثارها في نمط تفكير الانسان العراقي لاسيما في تقبل الشيء ورفضه , أحداثاً صقلت الشخصية العراقية و ساهمت في تكوين أخلاقيات المجتمع لما كانت عليه البارحة واليوم ... الشخصية العراقية هي ذاتها , فالانسان ما زال نفسه والواقع هو الاخر لم يتغير فالارض والوطن هو نفسه .. وفي مقابل هذه الثوابت التي تشكل غموضاً فكرياً يتفاعل مع تقلبات الاحداث تحاول الشخصية العراقية أن تحاكم نفسها الان بعد مرحلة 2003 في مواجهة ضميريه ,  في مقارنة عقلانية للمنطق لما عاشته وتعودت عليه ما قبل 2003 ومنطق ما يحدث الان  .. انها تحاول رسم صورة مقارنة لقواسم مشتركة ضمن سياقات وطنية أستثمرت في خدمة الشعب والوطن وقعت فيما بين تلك المرحلتين السياسيتين لتعلن حكمها النهائي مستندة على منطق الحق والاخلاق !!
 
http://kitabat.com/index.php?mod=page&num=2519
]