المحرر موضوع: ((ماســــاة الحـــب في زمــن الظلــــم)) قصة قصيرة  (زيارة 2037 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل bassam hannani

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 481
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
((ماســــاة الحـــب في زمــن الظلــــم)) قصة قصيرة


كان "ســامي" مدرس الانكليزية معتداً بنفسه مختالاً بين أصدقاءه الذين ياتونه بين الحين والحين ليترجم لهم بعض العبارات التي حفظوها من الأفلام الاباحية أو ليترجم عناوين بعض الرسائل التي ترد من خارج القطر.
أبلغت جارته "أم خالــد" والدته بان يعطي ابنتها "نـــدى" بعض الدروس في اللغة الانكليزية لتحصل على معدلٍ عالٍ في السادس العلمي... أعجبت ندى بثقافة "سامي" واتقانه الانكليزية وطريقة تدريسه لكن وضِعَ لهذا الاعجاب حداً حين جاءت تخبره في المرة الخامسة إن أخاها "خالــد" يمنعها من إكمال دراستها بعد أن تقدم "ســرمد" الذي يعمل سائقاً في الشعبة الحزبية لخطبتها.. وقع هول الصدمة على رأس "ســامي" الذي شعر بأن ندى تبادله نفس الشعور وقع الصاعقة.
وعَلمَ "ســرمد" السبب من وراء الرفض هو "ســامي"، لم يمضِِ يومان حتى كانت سيارات اللاندكروز التابعة للشعبة فجر ذلك اليوم بقوة مدججة بالسلاح تعبث بمحتويات البيت وتقلبها راساً على عقب ليجدوا حزمة من المجلات الانكليزية مع رسالة كان واضحاً على الظرف الكتابة الانكليزية.
ولم تُجدِ توسلات أم "ســامي" صدى في الشعبة الحزبية أو عند كل الذين عرفتهم أو جهلتهم بعد أن حلفتهم بكل عزيزٍ وغالٍ ِ على قلوبهم وذهبت دموعها سدىً وماتت الأم كبتاً وحسرة على ابنها الوحيد قرة عينها.
لبست الحزن "نــدى" لفراق "ســامي" وموت والدته وزادها ذلك رفضاً مرةً إثر أخرى لكل حيلْ "ســرمد" واخيراً واعدته بان يجلب عائلته واعيان اسرته لخطبتها وقفت وسط الحاضرين وقالت له:"عاهدت نفسي لا اكـون إلاّ لســامي" وبصقت بوجهه ولم تُزد كلمة.
وبعد تحقيقات متوالية في الشعبة والفرع لاقت "نــدى" الأمرّين قبل ان تعود لبيتها فاقدة الوعي.. في عصر ذلك اليوم توفيت "نـــدى" في ظروف غامضة وبدأت الشائعات تلوكها الألسن منهم من قال:"إنها أحرقـــت نفسها" وآخرون قالوا:"إنها تجــرعت السم" والبعض قال:"إن أخاها قتلــها غسلاً للعــار" فيما ذهب البعض للقول:"إنها طعنـت نفسها بالســكين في الحمام بعد ان فقدت بكوريتـها في الاعتقال".
لملمت العائلة أحزانــها والفضيحــة والعــار الذي لحق بها وقررت السفر إلى بغداد، والتي من جرائها تعرض الملازم الأول في الجيش "خالـــد" اخوها إلى تنزيله رتبة بعد محكمة عسكرية اصدرت الأمر بحقه.
وفي سجن العمـــارة المركزي جلس شاب وقد علا وجهه لحية كثّة وجحظت عيناه ونتأت عظامه وبانت من خلال جلده جلس متحاملاً على نفسه كان ذلك الشاب "ســـامي"، نالت منه ثلاث سنين من الاعتقال وكانها ثلاثين سنة فقد خلالها كل احساس بالحياة او الشـعور، حتى أخبار الناس خارج زنزانته التي لا تتجاوز المتر المربع مساحةًً، لم يعد يفسر الليل من النهار او في اي يومٍ هو كل ما استطاعت أذناه المستثقلتان سماعه هو صوت الاطلاقات، كان المسلحين في الخارج يفتحون الزنزانات للمعتقلين بعد قتلهم قسماً من الحرس ولاذ الباقين منهم بالفرار، نُقل بعدها مع جماعات كثيرة إلى معسكر "قلعـــة سْــــكر" وأعطي كل منهم قطعة سلاح وشارةً خضراء يشدها إلى جبينه، لم يقوَ "ســـامي" على حمل السلاح من كثر الانهاك والتعب لكنه وجد نفسه اخيراً في حفرة مع العشرات ممن يربطون تلك الشارات الخُضر وقد وجهت إليهم البنادق من كل صوب، كانت سيارات الجيش تنقل المزيد من الناس وتلقيهم في تلك الحفرة ادرك ان الموت مداهمه لا محالة وفي الســـكرة أو الصحـــوة التي تسبق المـــوت لمح خيال شخص يعرفه دعَكَ جبينه بشدة مستذكراً من يكون.. نهض من مكانه كالمجنون متحدياً فوهات البنادق الموجهة إليه صائحاً:"خالــد.. خالــد..." كان ذلك الملازم خالد جاره شــقيق "نـــــدى" ولكن هذا تجاهله وكأن احداً لا ينادي باسمه ركله على وجهه مراتٍ عدة لكنه كان يستزيد تقبيل حذاءه مستنجداً سائلاً عن والدته التي فارقها وفارقته كأنما هي الحيـــاة وطلب إليه وتوسل ان يخبره اخبارها وما آلت إليه حالها، كانت التعليمات واضحة وصريحة... أمسكه من شعره الكث وحمله كمن يحمل خرقة واخرج مسدسه وقال:"كل ما استطيع فعلـــه هو أن ترى والدتك باسرع وقت" واســـــتقرت الطلقات الثلاث قلبه ووقع مضرجاً بدمائه محتضناً الأرض.
[/color][/font][/size]


غير متصل راهب الحب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1546
  • الجنس: ذكر
  • †من لا يحِب لم يعرف اللــه .. لأن اللــه محبّــة †
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ العزيز بســام المحتـــرم :::

قصة رائعة جداً عاشت اناملك على تطريزك هذه الحادثة المؤلمة ... حقاً انها مأساة حقيقية شهدت الموت لابطالها الا ان كل وسائل البطش والعنف باءت بالفشل على ان تبطل هذا الحب المتجذر في حنايا روحيهما .. اشكرك جداً مرة اخرى واتمنى لك المزيد من الابداع والتواصل ودمت بألف الف خيـــر ..†


                                       اخوكم / وســـام بهنـــام داؤد الخابـــــوري
† إذا كـُنت لا تحـِب أخـاك الـذي تـراهُ ؟؟ فكيـف َتحـِب اللـه الـذي لا تراهُ !! ... †

غير متصل bassam hannani

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 481
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العزيز وســـــــــام:

قد لايكون كل الواقع موجوداً وقد لا يكون الواقع يمثل كل الموجود فكل ما نكتبه إنما هو تكثيف للحوادث والامور والافكار ليست الامور بهذا السوء لكن نحاول أن نشكل ما نتمناه وما نريد ان نشير إليه بالبنان وقد يكون دون التعبير لكن تبقى محاولات.
[/color][/font][/size]