المحرر موضوع: "أُريد زوجاً".. صرخة مدوية تطلقها العوانس.. فهل من حل؟  (زيارة 1663 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sabah Yalda

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 32867
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
"أُريد زوجاً".. صرخة مدوية تطلقها العوانس.. فهل من حل؟

 
 المدى /بغداد/ نورا خالد
قطارها الهارب، والمسرع من دون توقف إلى محطة المجهول  جعلها تنظر الى  المستقبل بخوف، فقد تجاوز عمرها الأربعين واصبحت تقف على عتبة اليأس،  منتظرة من دون جدوى، حدثتني ونبرة اليأس في صوتها ونظرة عينيها قائلة:   ينظر اليّ كشخص تعيس أُوزع تعاستي على كل من حولي، هدّامة للبيوت، معقدة،  ومثيرة للمشكلات



 وهذا ما يجعلني فريسة سهلة للهموم والآلام التي تتملكني باستمرار، متناسين الظروف التي مررت بها وتضحيتي من أجل إعالة والديّ واخوتي الصغار،  فدفعت بذلك ثمناً باهظاً من عمري وشبابي وأُنوثتي وأُمومتي التي أتمناها في كل لحظة.
كشفت السنوات الأخيرة النقاب عن نسبة عنوسة عالية بين االنساء في مجتمعنا وهذه النسبة جعلت البلد يتصدر دول العالم من حيث هذه الظاهرة التي  يترتب عليها الكثير من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة، لهذا اصبح من المهم جدا ان تتبنى الدولة برنامجا او خطة تسهم في الحد من هذه الظاهرة وذلك عن طريق دعمها وتشجيعها لغير القادرين على الزواج، كما تقوم به العديد من الدول العربية. 
تعددت الأسباب و(العنوسة) واحدة!
إن الأسباب الاجتماعية المرتبطة بالاعتبارات العشائرية والعائلية لها دور في تعقيد مشاريع الزيجات، وهذا ما جعل إسراء تتأخر في الزواج الى الان اذ اصبحت في عمر الثامنة والثلاثين ولم تتزوج بسبب اولاد عمها الذين يرفضون اي خاطب تحت ما يسمى (النهوة) ولهذا السبب فاتها قطار الزواج ولم  يتجرأ احد على التقدم للزواج منها.
أما هدى فسبب تأخر زواجها شعورها بالخوف من الارتباط  بزوج يمارس العنف ضدها، اذ ان الزواج اصبح مصدراً لإهانة المرأة حسب ما ذكرت واكدت انها ليست بحاجة الى الزوج ما دامت قادرة على توفير كل متطلباتها خاصة انها موظفة في إحدى الوزارات.
اما خالدة  فاتهمت الرجل في (عنوستها) إذ قالت: الرجل  السبب في ازدياد هذه الظاهرة فهو عازف عن الزواج لأسباب أغلبها اقتصادية، اذ ليس لديه القدرة على الارتباط  بزوجة وتحمّل مسؤولية عائلة في مثل هذه الظروف الصعبة التي مرّ بها المجتمع العراقي منذ ثمانينيات القرن الماضي والى يومنا هذا.
ولم تبالِ حنان بالزواج او بأي رجل بعد ان فقدت خطيبها في حرب الخليج الاولى التي كانت تربطها به  قصة حب استمرت طوال سنوات الجامعة وكان فقدانها له بمثابة صاعقة كرهت على إثرها الزواج خوفاً من ان تفقد مَن تحب مرة اخرى.
سعاد التي تجاوزت الخمسين ولم تنل نصيبها اتهمت المجتمع الذي يفرض على الفتاة ان تطيع أهلها في أدق الامور، وأهمها حتى تلك التي ترتبط باختيارها لشريك حياتها فبعد ان تقدم لخطبتها الكثير من الشبان لم يكن لها أي رأي فيهم ، لأن الرأي الأول والأخير ليس لها بالتأكيد ، بل للمجتمع، فالحكم للرجل والرأي للأب الذي يرفض باستمرار، فتارة هذا قصير وذاك طويل وهذا ليس من عائلة معروفة والآخر لا يسمح له وضعه المادي لبناء منزل وتكوين أسرة حتى مرت السنون وفاتها قطار الزواج ولم يعد احد يطرق بابها لتبقى وحيدة  مغلوبة على امرها بعد ان انتقلت السطوة من يــد والدها الى يــد شقيقها. 
قصص عديدة وإن اختلفت أحداثها وأسبابها  فهي تتشابه في نتيجتها.

خمسة ملايين دينار لمَن يتزوج بهن!
الناشطة النسوية بشرى العبيدي أشارت الى ان ظاهرة العنوسة تفاقمت في الفترة الاخيرة لأسباب اصبحت معروفة للجميع، وكشفت  أن هناك مناقشات جرت بين منظمات المجتمع المدني وبين الحكومة للتوصل الى وضع حلول للحد من هذه الظاهرة ومنها اعطاء مبالغ مالية تقدر بخمسة ملايين دينار لكل شخص يتقدم للزواج من امرأة تأخرت عن سن الزواج او ارملة او مطلقة ، وأكدت العبيدي انها ترفض مثل هذه الاجراءات لأنها اشبه بالاتجار وإهانة لكرامة المرأة، وفضّلت العبيدي ان تُعطى مثل هؤلاء النسوة امتيازات تجعلهن قادرات على العيش بكرامة كأن تُخصص لهن قطعة ارض او شقة او مبلغ شهري يعينهن على متطلبات الحياة ، ورفضت العبيدي  تشجيع  مبدأ تعدد الزوجات  للحد من ظاهرة العنوسة وتصفها بانها فكرة غير عصرية وتصنـّف كفكرة رجعية تصب في خانة العبودية.
وقالت: أتحدى اي شخص يفكر في الزواج مرة اخرى ان يتقدم لامرأة تجاوزت سن الاربعين وانما غالبا ما يفكرون بالفتيات الصغيرات التي قد لا تتجاوز اعمارهن العشرين عاماً.   

اختلال الهرم السكاني في العراق أهم أسبابها
أما الدكتورة فوزية العطية استاذة علم الاجتماع بجامعة بغداد اشارت الى ان اختلال الهرم السكاني وزيادة نسبة الأناث على الذكور  نتيجة الحروب التي مر بها العراق أثـّرت بشكل كبير على زيادة ظاهرة العنوسة في العراق وجعله يتصدر بلدان العالم بها، كما انه لا يمكن اغفال الجانب الاقتصادي للشباب وعدم قدرتهم على متطلبات الزواج ، إضافة إلى رفع المهور لأنها موضع فخر وأحياناً متاجرة من قبل ولي أمر الفتاة، ووجود تكاليف باهظة لشراء احتياجات مشروع الزواج وهذا ما يُثقل كاهل الراغب بالزواج ويعدل عن الفكرة، الأمر الذي يُسهم في توسع وانتشار هذه الظاهرة التي لها آثار سلبية على الفتاة والأسرة والمجتمع ككل!
 وأكدت العطية على انه لا بد من تضافر الجهود بين كل من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني فضلا عن  المؤسسات الرسمية ووضع حلول صحيحة وسليمة على المدى البعيد للقضاء على هذه الظاهرة تبدأ اولا ببناء الشخصية العراقية التي لا يمكن بناؤها اذا لم يتم بناء ترابط العائلة وتكوين الاسرة التي هي اهم لبنة داخل المجتمع، وتوفير فرص العمل لكلا الجنسين من خلال تنشيط القطاع الخاص الذي سيساعد بشكل كبير على تشجيع الزواج، وأوضحت العطية ان المرأة العانس  تعاني من أعراض واضطرابات نفسية تزداد حدتها من واحدة إلى أخرى حسب ظروف كل واحدة وعليه ستصبح عالة على أهلها او مَن تعيش معهم.

أما الدراسة أو الزواج!
على صعيد متصل أكدت عضو مجلس النواب سميرة الموسوي على ارتفاع نسبة العنوسة بين المتعلمات مقارنة بغير المتعلمات، وعللت ذلك بتدني رواتب خريجي الجامعات التي لا تتجاوز الـ400 الف دينار والذين لن يكونوا قادرين على  متطلبات الزواج  مقارنة مع رواتب الشرطة التي قد تصل الى 750 الف دينار مع انه لم يتعدَّ تعليمه المرحلة الابتدائية ، والذي يفكر غالباً بالارتباط بامرأة غير متعلمة، ووصفت الموسوي الزواج بأنه رباط مقدس لا يدخل فيه العرض والطلب لذلك فهي ترفض تقديم مغريات للرجل من اجل الارتباط بمن تأخرت عن سن الزواج، وفضّلت ان تقوم مؤسسات الدولة وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني على تأهيل المرأة بالاعتماد على نفسها كي لا تكون عالة على المجتمع او ترضخ تحت اي ضغط. وأوضحت الموسوي:  ان الحاجة البيولوجية للمرأة هي من يدفعها للزواج خارج المحكمة من دون ضمان لحقوقها ، وطالبت الموسوي من المحاكم العراقية ان تعترف بالورقة  المكتوبة بين الزوجين لضمان حقوق المرأة ، كما طالبت المكاتب الشرعية برفض طلاق الزوج لزوجته من دون علمها لأنه ظلم واجحاف بحق المرأة ، وفي اختتام حديثها عــدّت الموسوي ظاهرة العنوسة مسألة خطيرة وستكون اخطر في المستقبل،  لذا تتطلب وقفة جادة لوضع الحلول المناسبة والسريعة للحد منها.

مشاريع تقف عنـد أروقة المسؤولين
فيما أشار المتحدث باسم وزارة حقوق الانسان كامل امين الى ان هناك الكثير من المشاريع التي أعدتها وزارة حقوق الانسان للارتقاء بالنظام الاجتماعي، ومنها زيادة المنح التي تقدمها دائرة رعاية المرأة المرتبطة بمجلس الوزراء للنساء الأرامل والمطلقات، والمرأة التي من دون معين ومن ضمنها  المرأة خارج سن الزواج والمحددة بـ 120 الف دينار والتي لا تكفي لسـد متطلباتهن الحياتية، واكد امين  أن وزارة حقوق الانسان لديها قسم خاص بالمرأة يعمل على متابعة هذه الظاهرة ومن خلال المؤشرات وجد ان هناك نسبة عالية من النساء اللواتي اصبحن خارج سن الزواج، وعزا امين اسباب هذه الظاهرة الى الحروب التي خاضها النظام السابق فضلا عن الحصار الاقتصادي  الذي يُعد من اخطر الانكسارات في المنظومة المجتمعية في العراق، ولإيجاد حــل مناسب لهذه المشكلة يجب العمل على الحد من الفقر الذي وصل الى نسبة 17% ، والاستفادة  من مشروع القروض الميسرة التي أعدته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمساعدة العاطلين عن العمل ، كل هذه الامور التي يجب على الدولة القيام بها من شأنها ان تُيسـر الزواج لكلا الجنسين وتحــد من هذه الظاهرة.

الحـل في تعدد الزوجات
وفي وقت سابق دعت عضو مجلس محافظة نينوى جميلة سلطان، مجلس النواب إلى تشريع قانون يشجع على تعدد الزوجات في العراق، من أجل حل مشكلة الأرامل والمطلقات.وقالت جميلة لـ"المدى": على الرغم من وجود نص دستوري واضح يكفل حقوق الأرامل والمطلقات، إلا أنه غير مفعـّل، وما تقدمه الدولة لهذه الشرائح يسير جدا، ولا يكاد يذكر، وأضافت "لابد من إصدار قانون يحفـّز العراقيين على تعدد الزوجات، وذلك من خلال تقديم منحة مالية للمتزوجين من أرامل أو عوانس، داعية النساء إلى عدم السكوت عن حقوقهن، ومنها كفالة الأرامل والمطلقات، وأن تمارس جمعياتهن دورها كما يجب.ولم تكن هذه أول دعوة توجهها جميلة، لتعدد الزوجات في نينوى والعراق عموماً، إذ سبق لها وفي مناسبات عدة أن دعت إلى ذلك، وتباينت ردود الفعل إزاء دعوتها بالرفض والقبول، بين الرجال والنساء على حــد سواء.

احصائيات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، فإن نسبة غير المتزوجين من الذكور والأناث لكل الفئات العمرية تشكل 50.3% و41.5% على التوالي في العراق، فإن عدد الأرامل في البلاد يبلغ نحو مليون أرملة، وتشير الإحصاءات الى ان المجتمع العراقي يعاني من نسبة عالية في العنوسة وتأخر سن الزواج بين أعمار 18 الى 45 سنة، إذ تزيد نسبة الفتيات العوانس على 30%.
 
مرحبآ بكم في منتديات عنكاوا كوم