هل التسمية السريانية مرادفة للمسيحية ام للارامية ؟
اهدي هذا البحث للاب المؤرخ البير ابونا و ذلك لفضله و اتعابه من اجل تاريخ شعبنا
السورايى . لقد وجدنا في ابحاثه المثال الذي يجب اتباعه و هو نشر الحقائق كما هي و هو
شعار كل مؤرخ نزيه . نحن نتمنى على الاب المؤرخ ابونا المشاركة و البحث في هذا الموضوع
وذلك للاسباب التالية .
ـ الموضوع مهم جدا لفهم تاريخ السورايى الاراميين .
ـ ان وحدتنا الحقيقية تتم عندما نفك هذه العقدة ، سرياني = مسيحي إ
ـ يعتبر الاب المؤرخ ابونا من اهم المؤرخين الذين يشتغلون على النصوص السريانية ، و هو مطلع
على المخطوطات السريانية غير المنشورة .
- كتب الاب المؤرخ ابونا هي مراجع علمية و هو مشهور بدقته و شجاعته الفكرية، مشاركته
في هذا الموضوع مهم جدا .
لم يسبق لي شرف معرفة الاب ابونا ، اتمى على قراء عنكاوا توصيل هذا الاهداء الى الاب
البير ابونا عربون شكر لاتعابه على تراثنا . شكرا سلفا الى قراء عنكاوا .
متى صارت التسمية السريانية تعني المسيحي ؟
كتب المطران منا في مقدمته المشهورة صفحة 17 الطبعة الثانية 1975 = و لذا اضحت لفظة
الارامي مرادفة للفظة الصابئ و الوثني و لفظة السرياني مرادفة للفظة المسيحي و النصراني
الى اليوم = و حسب راي المطران ان الاسم السرياني صار يعني المسيحي = في الاجيال
الاولى و تحديدا في اواسط الجيل الاول = صفحة488 .
لقد انتشرت هذه الفكرة ، ترادف التسمية السريانية مع المسيحية ، بشكل رهيب بين
رجال الدين و بين المثقفين السريان . سنة 1985 قام المطران اسحق ساكا بنشر كتابه
= كنيستي السريانية = في الصفحة 9 ينقل بالتصرف بعض مقاطع المطران منا ثم ينقل
نظرية المطران تقريبا يستعمل نفس التعابير اذ كتب = و هكذا اضحت ... لفظة السرياني
مرادفة للفظة المسيحي و النصراني الى اليوم = ربما سيادة المطران يقصد ـ الى اليوم ـ اي
سنة 1985 إ لقد خرج المطران ساكا بالاستنتاجات التالية فهو كتب صفحة 24
= نستنتج من هذا كله ، اولا ـ ان السريانية و السريان حلت محل الارامية بفضل المسيحية،
فاضحت السريانية مرادفة للمسيحي ...ثانيا ـ السريان الذي هو الاسم الديني للكنيسة
الانطاكية لا يحمل اي مدلول سياسي او قومي . ولم يكن يوما الاسم السرياني يشير الى
امة بل الى الديانة المسيحية لا غير . و ان ايليا مطران نصيبين النسطوري 975ـ 1046م. فسر
لفظة سرياني بلفظة نصراني =.
لقد ذكر سيادة المطران مار سرهد جمو الموقر في احدى محاضراته التي ترجمت و نشرت
في موقع عنكاوا = التسمية السريانية تعني المسيحي= اي ليس لها مدلول قومي .
لا يزال المنادون بالتسمية الاشورية يستغلون هذه النظرية التي تسمح لهم ـ حسب
اعتقادهم ـ لما اختفت التسمية الاشورية إ علما ان نظرية المطران منا تذكر الاراميين الذين
دخلوا الديانة المسيحية و ليس الشعوب القديمة المنقرضة من سومريين او اكاديين او اشوريين
كما يروج البعض .
هنالك شبه اجماع على القبول بهذه النظرية، فهي متفشية حتى بين السريان المنادين بجذورهم
الارامية إ هذه النظرية العجيبة التي انتشرت بين المثقفين السريان بسبب انتشار قاموس المطران
منا و لقبول رجال الدين في الماضي و الحاضر لهذه النظرية و ترويجهم لها بشكل مباشر المطران
ساكا و غير المباشر المطران جمو . لا يزال قسم كبير من مثقفينا يصدقون هذه النظرية لان كبار
رجال الدين يؤمنون بها . لا شك ان التاريخ العلمي النزيه الهادف الى البحث عن الحقائق استنادا
الى براهين علمية لا يزال محصورا في بعض الاوساط الاكاديمية .
اولا = التناقض الكبير بين نظرية المطران منا و النصوص السريانية .
لقد قدمت اطروحة ماجيستر في التاريخ سنة 1982 بعنوان = نكبة السريان الرهاويين 1924 =.
لقد صدقت و امنت بنظرية المطران منا لانني لم ادقق و لم الاحظ ان المطران منا لم يقدم البراهين .
سوف نرى لاحقا يوجد في مقدمة المطران منا عدة نصوص تثبت ان التسمية السريانية كانت مرادفة
للتسمية الارامية و لم تكن تعني المسيحي إ
اطلعت على معظم كتب و نصوص اجدادنا التاريخية باللغة السريانية و ذلك حين كنت احضر اطروحة
الدوكتورا عن تاريخ الشعب السرياني ـ الارامي . كم كانت صدمتي قوية إ لم اجد اي نص يثبت نظرية
المطران منا إ كنت اتمنى ان اجد نصا واحدا فقط لانني كنت مثل الاكثرية الساحقة مؤمنا
بنظرية المطران منا . لقد و جدت في ترجمة احد نصوص ايليا مطران نصيبين السرياني الشرقي
صفحة 153 ـ ELIE EVEQUE DE NISIBE . CHRONOLOGIE
= فيها ولد برديصان النصراني ، في الحادي عشر من تموز = هذا هو النص الوحيد على علمي
الذي نرى فيه التسمية سورايى تترجم الى مسيحي إ هذا النص من القرن الحادي عشر الميلادي
لا يثبت ان التسمية السريانية كانت مرادفة للمسيحية منذ الاجيال الاولى حسب المطران منا .
المدهش ان المطران منا صفحة 14 قد نقل نصا من تاريخ اوسابيوس القيصري يتكلم عن = برديصان
الارامي = و قد اشتهر برديصان بانتمائه الارامي ، وهذا واضح من احدى رسائل العالم سويريوس
سابوخت حيث ورد فيها صفحة 10 = و لكن ايضا من بعض السريان المتعمقين في الديانة المسيحية
نقصد برديصان الذي عرف بالفيلسوف الارامي = الرسالة نشرها العالم NAU . F
NOTES D'ASTRONOMIE SYRIENNE . DANS JOURNAL ASIATIQUE 1910
الجدير بذكره ان التسمية السريانية لم تعن المسيحي في هذا النص إ هذا النص يستخدم لفظة
= كريستنويو = ليشير الى الديانة المسيحية إ
لقد ذكرت سابقا ان اطلاعي على النصوص السريانية كان بمثابة صدمة فكرية ، هل اصدق
النصوص السريانية التي كلها تعارض نظرية المطران منا ؟ ام اصدق نظرية المطران منا بدون براهين ؟
هل اطبق ما تعلمته في الجامعات التي انتسبت لها اي التاريخ الاكاديمي يستند على البراهين
وليس النظريات وان النصوص العلمية اهم و اقوى من الاراء غير المسندة الى براهين . بالفعل لقد
وجدت في شرائع البلدان لبرديصان صفحة 607 = باسم واحد للمسيح دعينا مسيحيين = النص
في اللغة السريانية يستخدم تعبير = كريستنوي CHRISTONOYE = و ليس التسمية السريانية
بمعنى مسيحي . النص منشور في PATROLOGIA SYRIACA TOME 1
و قد وجدنا نصا مهما اخر في احدى رسائل افراهاط الحكيم الفارسي ورد فيه = لقد دعاهم
باسم مسيحيين CHRISTONOYE هؤلاء المسيحيين MSHIHOYE = النص السرياني يستخدم
اللفظة اليونانية CHRISTONOYE و اللفظة السريانية = مشيحويى = ليشير الى المسيحيين .هذه
نصوص من القرن الثالث و الرابع الميلادي لم تستعمل ابدا التسمية السريانية بمعنى مسيحي إ
ثانيا = انتشار الفكرة في اوروبا في اواسط القرن ال19 عشر .
نظرية المطران منا هي نظرية حديثة اي ان اجدادنا لم يذكروها في كتبهم ، اذن من المهم
جدا ، ان نعرف من اين اخذ المطران منا هذه الفكرة الجديدة ؟ و هل اعطى في مقدمته براهين
تثبت النظرية التي توصل اليها او بالاحرى نقلها من بعض العلماء في اوروبا ، سوف نرى لاحقا كيف
دخلت هذه النظرية الى فكر المطران منا.
قد يستغرب القارئ عندما يعلم ان العالم الفرنسي QUATREMERE هو اول من ربط بين
التسمية السريانية و دخول اجدادنا الاراميين الديانة المسيحية و ذلك في كتابه عن الانباط
MEMOIRE SUR LES NABATEENS وقد نشر سنة 1831 م. كتب QUATREMERE
في الصفحة 95 = هذا الشعب ـ الارامي ـ تعود فيما بعد ان يسمي نفسه بهذا الاسم - سريان -
بينما كان الواجب يحتم عليه ان يرفض هذا الاسم لانه غريب عليه ، هذا الشعب LES SYRIENS
رضي ان يتخلى عن اسمه الحقيقي LES ARAMEENS و يرميه في عالم النسيان ، الاسم الذي
حمله اجداده منذ زمن بعيد = ثم يكمل QUATREMERE و يكتب = كيف نستطيع اذن ، ان
نفسر دخول التسمية ، سوريا و سريان على الشعوب التي سكنت المناطق الواقعة ما وراء
نهر الفرات ؟ اذا لم اكن مخطئا ، هو بسبب الديانة المسيحية ، اذ ان لغة الانجيل كانت يونانية ،
فاقتنع ـ الاراميون ـ بانه يجب من كل النواحي ان يصيروا شعبا جديدا ، و ان يتخلوا عن اسمهم
القديم . هذه العلاقة - اي التخلي عن الاسم الارامي القديم ـ مبرهنة اذا لم اكن مخطئا بحدث
اعتقد انه مهم، في اللغة السريانية لفظة ارامي ARMOYE و التي لا تختلف عن الاسم القديم
اورومي OROMOYE الا بحركة واحدة ، تعني و ثني و عابد اوثان . هكذا دخلت التسمية السريانية
على الاراميين =
ان QUATREMERE هو اول من طرح - حسب علمنا - نظرية قبول اجدادنا الاراميين التسمية
السريانية بسبب دخولهم الديانة المسيحية إ من الملاحظ انه يستخدم في نصه مرتين هذا
التعبير = اذا لم اخطئ = ثم يكتب = اعتقد = و هذا يوضح لنا ان QUATREMERE هو اول من
اطلق هذه النظرية اي تسمية اجدادنا الاراميين بالسريان بمجرد قبولهم الديانة المسيحية . للاسف
الشديد البرهان الذي يقدمه لنا اي الفرق باللفظ بين = اراماي = و = اورمي = هو برهان واهن
لانه ماخوذ من قواميس ابن بهلول و ابن علي اي من القرن العاشر الميلادي . هذا التمييز بين
اللفظتين قد تم في القرن العاشر الميلادي و ليس له اي علاقة مع قبول اجدادنا الاراميين الديانة
المسيحية . لقد قدمت في محاضرتي الاخيرة في بيروت عدة نصوص تثبت ان اجدادنا لم يتخلو
عن اسمهم الارامي . اذا تمعن القارئ في مقدمة المطران منا سيجد عدة نصوص تؤكد ان
التسمية السريانية هي مرادفة للارامية خاصة ما كتبه مار يعقوب السروجي عن مار افرام .
اذكر القراء ان QUATREMERE لم يكن مطلعا على كتب اجدادنا التاريخية ، لقد كتب اطروحته
عن الانباط سنة 1831 و استند على المصادر اليونانية . و لا يخفى على احد ان كتب اجدادنا قد
ترجمت و نشرت في اواخر القرن ال19 عشر .لذلك بقيت نظرية QUATREMERE بدون اية براهين
علمية من كتب اجدادنا تثبت هذه النظرية . المهم ان QUTREMERE قد روج في كتابه فكرتين.
A ـ اطلق اليونانيون اسم سريان على الاراميين ، و هو مشتق من اسوريا ASSYRIE
B ـ قبول الاراميين بالتسمية السريانية مع دخولهم الديانة المسيحية و تخليهم عن اسمهم الارامي
القديم اي ان التسمية السريانية اطلقت على الاراميين المسيحيين .
العالم الفرنسي رينان ـ صاحب النص المشهور الذي نقله المطران منا في مقدمته - اذن رينان
اخذ الفكرة الاولى من QUATREMERE و هذا ما يذكره في كتابه ، لكنه لم ياخذ الفكرة الثانية .
هنالك عالم اخر اسمه LARSOW ، اصدر كتابا سنة 1841 عنوانه DE DIALECT LINGUAE SYRIACARE لقد اخذ هذا العالم بالفكرة الثانية اي ان التسمية السريانية صارت مرادفة للاراميين
المسيحيين . لقد نقل المطران منا فكرة QUATREMERE الاولى من العالم رينان . وسوف نرى
لاحقا ان فكرة QUATREMERE الثانية سوف ينقلها من العالم LARSOW . اي ان المطران منا
قد نقل افكار QUATREMERE و نظريته بدون ان يطلع على كتابه . بعبارة اخرى لقد نقل نظرية
QUATRMERE بدون ان يدقق في البراهين إ
للبحث صلة
هنري بدروس كيفا