المحرر موضوع: الصديق يوحنا ميخا كوسا كان شاهدا  (زيارة 1022 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2262
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصديق يوحنا ميخا كوسا  كان شاهدا    


شوكت تـــوسا

 للأخ  شمعون ميخا كوسا واحته الخاصة به فيما يكتبه  بعيدا عن صخب ومشاحنات السياسه ,فهو ينقلنا بمواضيعه الى قيلولة  يحتاجها القارئ  وتفيد المولعين بتراشقات  شؤون السياسة .
 كقارئ حالي حال بقية القراء لكن بمواظبة متوسطه , اشعربالسعادة لامتلاكي  مطلق الحريه في إختيار المادة التي أفضل قراءتها  بعد النقر على أسم كاتبها , لذا من ضمن الساده  الذين   تعودت النقر على أسمائهم دائما بحثا عن الجديد هو الكاتب شمعون كوسا ,فكانت لمقالته الاخيره(التخاطر والإستشعار عن بعد)  النصيب الاكبر في متعتي,  لذا قررت  إضافة شيئ من عندي,لكني وجدتها فسحة يمكنني إستغلالها للدلو برأيي في واحدة من علل الجذب والتنافر بين الكاتب والقارئ , أختصرها بالقول: ان تطابق أفكار الكاتب و القارئ  او تباينها ليست هي السبب كله في تجاذب او تنافر الإثنين حول ما يجب ان يـُكتب أويـُقرأ .
 من ناحيتي كقارئ  كما اشرت ,أشعر بالورطة و الخيبة عندما انقر على عنوان  مزوق لاجد  غياب أبسط ضوابط الكتابه خاصة البديهية منها , تلك التي يعتمدها القارئ في تقييم الكاتب سواء إتفق أو إختلف مع افكاره  ,لاني اعتقد بانه كلما افلح الكاتب في تجسيد نسبة  مقبوله من الضوابط الشكليه  والشروط الأخلاقيه في مضمون  وظاهر مقالته , كلما زاد من إنسانية الاختلاف الفكري بيني وبينه مع تقلص تأثيره السلبي أمام تقديري لجهده  ووقته الذي إستنفذه في إخراج مقال راعى فيه اختيار المفرده وعقل القارئ, عندها يكون كلانا قد حقق المتعة وتبادل المعلومه دون اي تكلـّف  , بعكس ذلك يصعب  الانسجام والتواصل  بين الإثنين حتى لو كانا من مدرسة فكريه واحده .
عوده الى أصل موضوعنا ومقالة الاستاذ شمعون ميخا كوسا  الذي أعده في مصاف الذين أستمتع بقراءة  كتاباته الهادفه والرزنه ,  ليس لكونه صديق فهو أرفع من ان ينتظر مني المديح, ولا إستهانة بما يكتبه آخرون , بل احترامي وتقديري قائم دائما لكل كاتب يصدق مع نفسه فيما يدعيه و يحترم عقل القارئ فيما يكتبه.
كاتبنا المحترم شمعون كوسا (ابا كميل):
   أثناء قراءتي مقالتك المعنونه (التخاطر والإستشعار عن بعد), أعادتني موضوعتكم الشيقه لا إراديا  الى حادثه وقعت معي  زهاءاربعة عقود خلت ,  اللطيف بأمرها ان الشاهد  كان شقيقكم يوحنا, أدناه أسرد قصتي تعزيزا  لمادة مقالكم  وإستذكارا لتلك الصداقة التي أفتقدها.
بحكم  عملي في مهنة التدريس , تكونت لي في شقلاوه صداقات  ما زلت  أتغنى بها وأرطب حشرجات أنفاسي بعطر طيبتها كلما تذكرتها , إحدى تلك الصداقات كانت مع شقيقكم  يوحنا بدأتها معه  بتحيه رسميه في مصرف شقلاوه حيث وظيفته  ثم تطورت مع الأيام الى صداقه حميمه لم تشوبها شائبه.
في ربيع 1974 إتفق كلانا الأعزبان على تمضية  العطله الربيعيه سوية في البصرة , ونحن في طريقنا بين اربيل وبغداد أبلغني الاخ يوحنا بانه يود زيارتكم اثناء مرورنا في بغداد , ويقيناً  تتذكرتلك الزياره الخاطفه لكم في مقر عملكم في بغداد يوم كنت تعمل في الملحقيه التجاريه الفرنسيه مع شركه ليفانت اكسبريس, فبعد التعارف والجلوس معكم  قرابة ربع ساعه, اودعناكم  مثلما إستقبلتنا ثم توجهنا الى المحطه  للسفر بالقطار ليلا ,حال وصولنا البصرة في الصباح  توجهنا مباشرة الى  شارع الوطني ,وهناك وقع اختيارنا على فندق "جبهة النهر" لتوسطه المدينه وقربه من كورنيش شط العرب.
ارى من الضروري وصف مدخل الفندق وكيفية الصعود اليه , فهو عباره عن باب حديدي متوسط  الحجم  يتكون من قطعتين (سفاقتين) تعلوه نافذه زجاجيه مستطيلة الشكل  لا يتجاوز ارتفاعها  20 سم وطولها بقدر عرض السفاقتين اي اقل من متر ونصف , يعلو الباب عن رصيف الشارع  درج واحد(پايه او دكه)  , من ثم عليك ان تصعد قرابة خمسة عشر درج لتصل الى  صالة  الفندق حيث الاستعلامات.
في اليوم الرابع , إرتأىكلانا المكوث ليلا في الفندق  لنيل قسطا من الراحة  , وقد شجعنا على ذلك  صاحب الفندق الكرمليشي الطيب عندما أبدى إستعداده  لإيصال المشروب وملحقاته اللازمه لنا داخل غرفتنا .
 جلسنا سوية نتسامر بصحبة المُدام , ولما شربناها و دبّ دبيبها الى موطن الحسرات والمكبوتات  بدا العزيز يوحنا يقص علي الحاله التي كان يمر بها نتيجة تشتت العائله وأنا اصغي اليه وأشاركه معاناته , فجأة  أحسست برنين غريب يخدش أذني  رافقه شعور بالانقباض تذكرت اثناءه شقيقي ممتاز, بقيت أنتظر يوحنا كي ينهي حديثه  ظنا مني بان ما ساحكيه سيخفف عنه همومه , وعندما فرغ من كلامه قلت له : يا اخي يوحنا كان الله في عونك على فراق العائله ومتاعبها , كلنا يعيش حالة الفراق  والوحشه لكن بدرجات متفاوته , ولكن, والحديث لي ,لا ادري مالذي ذكرني بشقيقي ممتاز  الذي كان موفدا الى بلغاريا  ثم عاد وسافر مرة ثانيه  وليس لي اي اخبار عنه ,اتمنى زيارته اثناء مرورنا في بغداد في رحلة عودتنا لاني فعلا مشتاق لرؤيته .إبتسم الاخ يوحنا  وقال لي:  لا داعي للقلق انه في مامن ما دام هناك من يستقبله ويودعه و بالتأكيد ستراه عن قريب بعكس حالتي و اهلي مشردين اجهل مصيرهم ,  لم استطع ان اعلق بكلمه على رده , حينها خيّم على  جلستنا دقيقة  صمت احسست خلالها بأذني ترن مرة اخرى بشكل غير طبيعي , ثم ما كان من الاخ يوحنا الا وكسر الصمت قائلا : الافضل لنا ان نخلد الى النوم فالساعة متأخره.
في الصباح  نهض كلانا من النوم  وبأقل من نصف ساعه تهيأنا للخروج لتناول الفطور, في اللحظة التي كان الاخ يوحنا يسلـّم مفتاح الغرفه لموظف الاستعلامات , توجهت الى الدرج  للنزول  وفجأة وقعت عيناي وبشكل خاطف على راس رجل يسير في الشارع , رأيته من خلال نافذة الباب الزجاجيه الصغيره ودون وعي صرخت : انه ممتاز شقيقي , نزلت الدرج  كالمجنون مسرعا  ويوحنا يتبعني وهو يناديني  مهلا مهلا  ما ذا دهاك يا اخي شوكت , خرجت الى الشارع  وانا اكرر مناداة اسم ممتاز ,  وفجأة يقف ممتاز على مسافة عشرين مترا  ويدير وجهه نحوي برفقة  صديقه منيب , لم أستطع استيعاب وتصديق ما حصل بينما الاخ يوحنا  من شدة إندهاشه من تصرفاتي  تصور بان حالة هستيريه قد إصابتني, لكنه حين رآني اعانق شخصا  جمد في محله وهو يتساءل هل يعقل ان يكون هذا الشخص هو ممتاز شقيقك الذي كنت تتكلم عنه ليلة أمس ؟ أجابه منيب  صديق ممتاز نعم انه ممتاز شقيقه,  في زحمة هذه الصدفه الغريبه بدأ يوحنا  يشرح القصة لهما من الفها الى يائها وهو يقهقه بشكل أذهل ممتازوصديقه  ,و بعد ان استقر وضعنا النفسي قليلا  قدمت صديقي يوحنا وعرفته بممتاز ومنيب  .
الشكر موصول  للأخ شمعون على مساهماته  ونحن بانتظار المزيد من مقالاته الممتعه .  
شوكت توسا