المحرر موضوع: سوريا: حرب غير معلنة أم ثورة شعبية..؟؟! (*)  (زيارة 1318 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي

سوريا: حرب غير معلنة أم ثورة شعبية..؟؟! (*)

باقر الفضلي

إنه السؤال الذي إختلف في الإجابة عليه الكثير من رجال السياسة ومن رجال الصحافة والإعلام، وشاركهم الإختلاف العديد من نخب الكتاب والمثقفين، فإنقسم القوم بين فريقين، ولكل فريق أدلته وحججه وبراهينه، ناهيك عن مرجعياته الوطنية والإقليمية والدولية؛ أما ما يدورعلى سطح الواقع الميداني السوري وفي عمقه من أحداث وصراعات، فهو الآخر له منطقه وقوانينه الخاصة، في رسم الصورة الأقرب الى عكس حقيقة أسباب ودلالات ما يجري هناك، ناهيك عن أبعاده الإقليمية والدولية، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات مستقبلية على جميع الأصعدة..!


فالسؤال في ذاته وفي شقيه، يمثل إشكالية معقدة ومركبة لواقع ما جرى ويجري في المشهد السوري اليوم، إذ أنه لم يك مجرد سؤال إفتراضي، أو مجرد عنوان لمقالة عارضة إقتضته ضرورة الحال؛ بقدر ما هو تكثيف لحالة مركبة معقدة، إختلطت فيها جميع الإجندات ومن مختلف الإتجاهات، وليس هذا وحسب، بل إستقطبت فيها في النهاية، مصالح خاصة لدول كبرى، يهمها تحقيق تلك المصالح، بأي الطرق والأثمان، ومهما كانت الآثار التي قد تترتب على ذلك بالنسبة لبلدان وشعوب المنطقة..!؟


ومن الجدير بالذكر هنا، الإشارة الى أن ما يميز جملة الأحداث التي غطت المشهد السوري منذ ما يزيد على عام ونصف من الزمن وما زال أوارها مستعراً حتى اليوم، هي حالة العنف والعنف المضاد المتشابكة بين الأطراف المتصارعة ضمن المشهد المذكور، وتداعياتها الكارثية التي في مقدمتها، ما يسقط من عشرات الضحايا من المواطنين الأبرياء يوميا، وما يرافق ذلك من تدمير وخراب للبنى التحتية للإقتصاد الوطني،  وللبنى الإجتماعية..!؟


إن واقع المشهد السوري اليوم، قد تجاوز في جميع مفرداته السياسية والإجتماعية، كل معالم الأزمة الداخلية، ليظهر في أبرز تجلياته الأكثر خطورة في أحداث الثالث من تشرين الأول 2012 على الحدود السورية التركية، حيث كان لردة الفعل التركية الإنفعالية، وما إستتبعها من مواقف سياسية وأمنية ذات طابع إستفزازي، من قبل حلف الناتو وأمريكا، خرج في كل مدياته عن منطق الحكمة والتعقل، التي ينبغي اللجوء اليهما في أوضاع قلقة وإستثنائية كالتي لا تزال تجري على بعد أمتار من الحدود التركية، ليتخذ شكلاً من أشكال التصعيد العسكري التركي على الحدود السورية، الذي يبطن في كل مضامينه ما يفهم منه الوصول الى خلق " الذريعة " المناسبة للوصول الى الهدف الذي يجري التحضير له منذ وقت طويل ومنذ بدء الحراك السلمي قبل أكثر من عام ونصف، وهو التدخل العسكري في سوريا، بما يحقق الأهداف المرسومة من وراء هذا التدخل، كل ذلك بعد أن فشلت جميع المحاولات التي حاولها التحالف الأمريكي الغربي الخليجي التركي، في جر الشرعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن، الى مستنقع السيناريو الليبي المدمر، لتدمير سوريا من خلال هذا الطريق..!؟


وما إلإستغلال التركي لواقعة "القذيفة التائهة" التي أصابت أحد بيوت قرية تركية على الحدود مع سوريا، والتي نتج عنها عدد من الضحايا المدنيين الأتراك، والتعامل معها بطريقة مبالغة، وصلت حد إصدار قرار من مجلس النواب التركي يخول الجيش التركي إجتياح الأراضي السورية إن لزم الأمر وعند مقتضيات الحاجة والضرورة التي تقررها الحكومة؛ الأمر الذي لا يمكن  النظر اليه إلا من باب التهيئة للعدوان أوالتهديد به، والقفز على أحكام ميثاق الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين وبالخصوص منها أحكام الفصل السادس من الميثاق الذي حدد الآليات الدولية للتعامل في مثل تلك الحالات، وفي حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية ..!؟


كل هذا يأتي في وقت تتصاعد فيه ردود فعل بعض أطراف الصراع الدولية التي باتت لا تخفي تدخلها الفاضح بالشأن السوري، وبات صوتها المبحوح، يطغى على كل الأصوات الأخرى، بما فيها الأصوات الداخلية الوطنية، وأصبح وحده من يُسمع في الساحة السياسية الدولية، على الضد من محاولات الهيئة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة، في بحثها عن حلول بعيدة عن العنف للأزمة السورية، كما ورد على لسان الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون أمام الجلسة الإفتتاحية للجمعية العامة في 25/9/2012 على سبيل المثال..!(1)
 

ومع ذلك، فليس من المغالاة القول بأن ما يجري في سوريا اليوم، لم يعد شأناً داخلياً حسب، بقدر ما إنه قد خرج من نطاقه الداخلي والمحلي، ليصبح شأناً دولياً تهم نتائجه وتداعياته، الأسرة الدولية والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة على وجه الخصوص، لما في إستمراره من مخاطر جدية على ديمومة الأمن والسلم الدوليين، ومن عواقب وتداعيات لا تحمد عقباها؛ ليس فقط على الشعب السوري حسب، بل على شعوب المنطقة بوجه عام. أما كيف جرى ذلك فلم يعد الأمر، بعد كل ما جرى ويجري الآن، في معرض الحاجة الى بيان..!!


وأخيرا، فإن الأوضاع في سوريا لا يمكن بإي حال من الأحوال، وفي خضم الأحداث العنفية المتواصلة منذ أكثر من عام ونصف، والتي تداخلت وتعددت أطرافها، وكثرت مرجعياتها الإقليمية والدولية، لا يمكن لها أن تخرج من نطاق ما تعنيه الحرب غير المعلنة على دولة عضو في الأمم المتحدة، وبالتالي يصبح من المسلم به، بل ومن الواجب أن تلعب الأمم المتحدة دورها الرئيس في تثبيت دعائم الأمن والسلم في المنطقة، وضمان سلامة وحرية الشعب السوري، والحفاظ على سيادة وإستقلال سوريا كدولة عضو في الأمم المتحدة، ولعل فيما توصلت اليه الأقطاب الدولية في مؤتمر جنيف من أسس ومباديء عامة للتوصل الى حل سلمي للأزمة السورية، ما ينبغي التعويل عليه كأساس موضوعي لدعم محاولة المبعوث الأممي السيد الأخضر الإبراهيمي لتحقيق الهدف المذكور..! 
5/10/2012     
(*)   http://www.ahewar.org/m.asp?i=1189
(1) http://www.unmultimedia.org/arabic/radio/archives/83718/