إغلاق صناديق الاقتراع لاختيار زعيم روحي جديد يخلف شنودة
بابا الأٌقباط الجديد أحد الروفائيلين أو تاوضروس.. والقرعة الإلهية في 4 تشرين الثاني
ايلاف / صبري عبد الحفيظ حسنين إنتهت عمليات فرز الأصوات في إنتخابات بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر، وأسفرت النتائج عن صعود ثلاثة مرشحين إلى القرعة الهيكلية، وهم: الأنبا روفائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، الأنبا تاوضروس أسقف عام البحيرة، الراهب القمص روفائيل أفامينا.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة ووكالات: بلغت نسبة التصويت 94% من إجمالي عدد الناخبين البالغ 2412 ناخباً. وسوف تجري القرعة الإلهية بين المرشحين الثلاثة يوم الأحد المقبل، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وانتهت الإنتخابات وسط أجواء تتسم بالهدوء والسلام.
وقال مركز راصد الذي تابع عمليات الإقتراع بإذن من الكنيسة، إن معظم المرشحين المستبعدين حضروا إلى المقر الانتخابي وقاموا بالتصويت، والادلاء من دون أن تبدو عليهم مظاهر عن دعوتهم لأي مرشح أو أي مظاهر غير ايجابية.
ونفى المركز وجود أية معوقات أمام إدلاء الناخبين بأصواتهم. وأضاف أن اللجان الانتخابية خلت من مظاهر الطوابير أو الزحام، بسبب اتباع أسلوب الدور الالكتروني.
ولفت إلى أن عملية التصويت تمت عبر وضع البطاقات الانتخابية داخل صندوق زجاجي شفاف، يتم نقل صوره على شاشات الكمبيوتر امام كل الناخبين والسماح بتصوير عملية التصويت كاملة وعرضها مباشرة على شاشات العرض داخل الكنيسة. وأشار المركز إلى أن 6 قضاة متطوعين من رجال القضاء السابقين في الكنيسة تولوا المشاركة في الاشراف على عملية الانتخاب.
ولفت المركز إلى أن ثلاثة أساقفة لم يتمكنوا من التصويت، بسبب حملهم جنسيات أخرى، وهو ما ترفضه لائحة 57، وهم الأنبا اليا أسقف السودان، والأنبا أثناسيوي أسقف فرانسا، والأنبا ساروفيم أسقف انكلترا. ورصد المركز حضور الانبا أنطونيو أسقف اسكتلندا على كرسي متحرك، وتم رصد اتجاه عملية التصويت نحو مرشحين يحظون بنسبة عالية من رغبة الناخبين هم الأنبا روفائيل والأنبا تاضروس يليهم القمص روفائيل ابامينا ثم القمص صاروفيم السورياني.
وبدأت عملية التصويت صباح الاثنين في الكاتدرائية المرقسية في العباسية لاختيار ثلاثة من المرشحين الخمسة وتأهيلهم للقرعة الهيكلية بعد اسبوع.
وصباح الاثنين اصطف أكثر من نحو ألف قبطي ممن لهم حق التصويت ومعظمهم من رجال الدين بزيهم الاسود المميز في طوابير طويلة للادلاء باصواتهم. وانتهت عملية التصويت فعليا في الخامسة مساء حيث بدأت عملية الفرز رغم ان مسؤولين في الكنيسة قالوا ان باب التصويت قد يتم مده لساعات اضافية اذا لم يتمكن كل الموجودين في الكاتدرائية من التصويت قبل الخامسة.
وتعلن لجنة الانتخابات الباباوية مساء الاثنين اللائحة النهائية لاسماء المرشحين الثلاثة الذين سيدخلون القرعة. وتحت لافتة ضخمة احتوت صور وسيرة المرشحين الخمسة، قال القمص ماكسيموس ماكسيموس كاهن كنيسة مار جرجس في محافظة سوهاج لوكالة فرانس برس "اثق ان المرشحين الخمسة جميعهم قادرون على قيادة الكنيسة"، مضيفا "لكن اهم شيء ان يكون البابا الجديد محبا ومخلصا ويعاملنا جميعا مسيحيين ومسلمين بالحنان والحب والابوة".
وبجانب التدابير الأمنية المحكمة التي اتخذتها السلطات المصرية في محيط الكاتدرائية، قامت فرق الكشافة الكنسية بتنظيم سير عملية الاقتراع الكنسي، حيث وقف عشرات من الفتيان والفتيات بملابس بيضاء وسماوية اللون يدلون المصوتين على خطوات عملية التصويت.
وقال شاكر طلعت، احد المتطوعين في فريق الكشافة "نحن دوما ننتخب البابا في اوقات حرجة للوطن، فقد تم انتخاب اخر اثنين من زعمائنا مع بدء ولاية رئيسين للجمهورية". وتابع شاكر بينما كان ينظم الدخول على بوابة الكاتدرائية "لا نريد سمات معينة في البابا... فالرب هو من يختاره لنا".
تأتي انتخابات البابا الجديد للاقباط في ظل اجواء من التوتر والقلق التي يعيشها المجتمع القبطي خاصة مع وصول التيار الاسلامي للحكم. وقال القمص بشوي امام خيمة الاقتراع "انتخاب البابا يأتي في وقت حرج للاقباط وللوطن".
وتكررت حوادث العنف الطائفي في الفترة التي تلت سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، وشهدت تلك الاحداث في غالب الاحيان سقوط قتلى. واصيب خمسة اقباط مساء الاحد في اشتباكات محدودة حدثت في محافظة بني سويف جنوب القاهرة بسبب منع متشددين مسلمين لأقباط من الصلاة في كنيسة قريتهم.
وقال القمص بطرس امساك الذي جاء من كنيسة مار جرجس في السويس للتصويت "نريد من البابا الجديد ان يسير على نهج قداسة البابا شنودة الذي كان اسدا امام كل من يخطئ في حق الكنيسة ورعاياها". واضاف "نحن نريد ان نعيش في سلام بلا تفرقة بين المسلمين والمسيحيين... الله محبة".
وقال القمص بقطر نسيم من ابرشية نجع حمادي في الصعيد فور انتهائه من التصويت "اي ثورة يعقبها متغيرات وعدم استقرار"، مضيفا "لا بد ان نصبر ونتحمل ونعطي فرصة للحكومة كي تنفذ مشروعها". ويأتي انتخاب البابا الجديد بعد اشهر من انتخاب محمد مرسي رئيسا للبلاد ليصبح اول رئيس اسلامي يتولى سدة الرئاسة في تاريخ مصر الحديث.
وقال الاكليركي كورولوس اسطفانوس "نتمنى ان يعمل البابا والرئيس معا من اجل مصلحة البلاد"، مؤكدا ان "حل الاحتقان الطائفي ليس في يد البابا لكن في يد رئيس الجمهورية الذي يجب ان يوحد المصريين". وتحظى عملية انتخاب بابا الاقباط بتغطية اعلامية كبيرة سواء من الاعلام المصري او الاجنبي، لكن النقل التلفزيوني من قاعة التصويت بقي حصريا للكنيسة التي تعيد بثه للقنوات التلفزيونية المختلفة.
هذا واختار الأقباط اليوم ثلاثة مرشحين من خمسة ترشحوا لإشغال السدة الباباوية الأرثوذكسية، بينما يكون الانتخاب النهائي بالقرعة الإلهية في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل حين يختار طفل دون السادسة ورقة فيها اسم البابا العتيد، من وعاء سيوضع على المذبح المقدس.
وسط إجراءات أمنية مكثفة، وبحضور إعلامي لافت، تجري إنتخابات البابا رقم 118 للأقباط الأرثوذكس، ليكون خليفة للبابا شنودة الثالث الراحل. فعلى 2412 ناخبًا قبطيًا إختيار ثلاثة من بين خمسة مرشحين لتأهيلهم لدخول القرعة الإلهية، لا سيما أن الأقباط يؤمنون بأن البابا من اختيار الرب، وأن الإنتخابات وعمليات التصويت لا تملك القول الفصل في تحديد شخصية البابا.
إختيار ثلاثة مرشحين
يتنافس خمسة مرشحين للفوز بالمنصب الباباوي الرفيع، وهم القمص باخوميوس السرياني، والأنبا تواضروس، والأنبا رافائيل، والقمص رافائيل أفامينا، والقمص سيرافيم السرياني، وذلك وفقًا لاستمارة الإقتراع التي يصوّت فيها الأقباط اليوم، الإثنين 29 تشرين الأول (أكتوبر)، حيث يشطب الناخبون اسمين من أسماء المرشحين الخمسة، ليبقى ثلاثة فقط.
يدخل الثلاثة الأعلى تصويتًا التصفية النهائية عن طريق القرعة الهيكلية. وقد سميت كذلك لأنها تجري أمام الهيكل المقدس، إذ تكتب أسماء المرشحين الثلاثة في ثلاث ورقات، وتوضع داخل صندوق زجاجي شفاف، ويطلب من أول طفل دون السادسة من عمره، يدخل الكنيسة في يوم 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل اختيار ورقة من الثلاث، ويكون الفائز هو البطريرك رقم 118.
واتخذت قوات الأمن المصرية إحتياطات أمنية مكثفة ومشددة في شارع رمسيس، الذي يقع فيه مقر الكاتدرائية، وإنتشرت قوات الأمن المركزي في محيط الكنيسة، إضافة إلى انتشار كثيف لشرطة المرور، فيما تولت إدارة الكشافة والأمن الخاص بالكنيسة عملية التأمين بالداخل، ومنع الصحافيون والإعلاميون من ولوج قاعة الإنتخابات.
إشراف شبه قضائي
يقتصر الحضور على المرشحين والناخبين واللجنة المشرفة على عمليات التصويت، وهي لجنة مكونة من قضاة وأعضاء في النيابة العامة من الأقباط، بما يشبه عمليات الإشراف القضائي على الإنتخابات السياسية، وفقًا لتصريح خاص لـ"إيلاف" من النائب في الشعب المنحل مارغريت عازر، عضو اللجنة المشرفة على الإنتخابات الباباوية.
تفاديًا لإثارة غضب الإعلاميين بسبب منعهم من دخول قاعة التصويت، وضعت الكنيسة شاشات عرض ضخمة، يمكن لأي إنسان متابعة ما يجري داخل القاعة من خلالها. كما نصبت خيمة ضخمة داخل فناء الكاتدرائية للناخبين والضيوف القادمين للتصويت أو المتابعة.
وحضر خمسة ممثلين عن الكنيسة الأثيوبية الإنتخابات للمساهمة في عملية التصويت، كما يشارك 12 كاهنًا وممثلًا عن أبرشية القدس والشرق الأدنى للأقباط الأرثوذكس، من بينهم خمسة رهبان من القدس. وكان مقررًا مشاركة الأنبا أبراهام مطران القدس، إلا أنه قدم إعتذارًا نظرًا إلى مروره بظروف صحية قاسية، وأصدر توكيلًا لأحد نوابه بالتصويت نيابة عنه.
أصوات أكثر لا تعني الفوز
تنتهي عملية التصويت في الخامسة مساء. وفي حالة استمرار توافد الناخبين، يسمح بمد فترة التصويت ساعة أخرى. وتجري عملية التصويت في ثمانية صناديق، منها صندوق واحد لأقباط المهجر الذين يمكنهم التصويت بأنفسهم أو عبر توكيلات رسمية لأحد ذويهم في الداخل.
وقال مصدر كنسي لـ"إيلاف" إن عملية التصويت تجري في هدوء وسلاسة، لافتًا إلى أن المؤشرات تؤكد تفوّق القمص روفائيل أفامينا، وهو أكبر المرشحين سنًا وخبرة، ويبلغ من العمر 70 عامًا.
يحظى أفامينا بحب واحترام الأقباط من الرعايا وقيادات الكنيسة، ويتوقع أن يحصد أعلى نسبة من الأصوات من بين المرشحين الثلاثة.
أضاف المصدر أن حصول أي مرشح على أعلى الأصوات لا يعني فوزه بمنصب البابا، مشيرًا إلى أن المرشحين الثلاثة الأعلى أصواتًا سوف يدخلون تصفية القرعة الإلهية، التي قد يفوز فيها الأقل حصولًا على الأصوات، كما حدث في إنتخابات العام 1971 عندما فاز الأنبا شنودة بمنصب البابا، على الرغم من أنه لم يحصل على أعلى نسبة من الأصوات بين منافسيه.
تعديل لائحة الإنتخابات
وقال المصدر إن الكنيسة أصدرت تصاريح إعلامية لنحو 45 قناة فضائية أجنبية ومصرية وكنسية، إضافة إلى ثلاثين صحيفة مصرية وأجنبية، لمتابعة الإنتخابات من داخل الكاتدرائية، فضلًا عن آلاف الصحافيين والإعلاميين الذين يتابعون التصويت بشكل غير رسمي.
وقال المصدر إن البابا الجديد ملتزم بتعديل لائحة 57 لانتخاب البابا لتوسعة دائرة الناخبين، مشيرًا إلى أن المرشحين وقعوا على إقرار بالإلتزام بتعديل اللائحة في حالة فوز أي منهم بالمنصب، وذلك لإزالة الحرج عن البابا المقبل، لاسيما أن البابا شنودة الراحل كان يرفض تعديلها، حتى لا يقال إنه يمهد لاختيار خليفة له من المقربين منه. غير أن المصدر أشار إلى أن جميع قيادات الكنيسة مقتنعة تمامًا بأن اللائحة بحاجة إلى التعديل والتطوير.
مراقبة وإشراف
للمرة الأولى في تاريخ الكنيسة القبطية، تراقب مؤسسة حقوقية إنتخابات البابا. فقد وافقت الكنيسة على أن تتابع شبكة "مراقبون بلا حدود" التابعة لمؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الانسان الانتخابات الباباوية في مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية.
وأصدرت الشبكة تقريرًا حول أعمال المراقبة، أشادت فيه بالتزام الكنيسة طوال مراحل تنظيم الانتخابات بالشفافية في إعلان بياناتها في مقرات مفتوحة لوسائل الإعلام، وتنقية ومراجعة جداول الناخبين، واستبعاد من لا تطبق عليهم كل الشروط للادلاء بالتصويت، كاتباع الطقوس والتقاليد الدينية كافة في الفترة السابقة على إجراء الانتخابات الباباوية، من صوم وانقطاع المرشحين للكرسي الباباوي وخلودهم للعبادة.
وأضاف التقرير أنه رصد أربعة لقاءات عقدها الناخبون قبل عملية التصويت، لترجيح اختيار ثلاثة من بين خمسة مرشحين في القائمة النهائية. وأشار إلى أنه تم فتح اللجان الانتخابية، وعددها 6 لجان، داخل قاعة واحدة في المقر الباباوي في العباسية أبوابها في الساعة التاسعة صباحًا، ولم يتم تسجيل تأخير في موعد بدء التصويت الذي يستمر لمدة 8 ساعات متصلة.
ونوّه التقرير بأن الانتخابات الباباوية تجري في مناخ هادئ وسلمي وسط حالة روحية ودينية، وتصويت حر يجري بسهولة ويسر. وأضاف التقرير أنه لم ترصد أية عمليات توجيه للناخبين خلال الساعتين الاوليين من التصويت.
غير أن التقرير إنتقد عدم إتاحة الفرصة لمتابعي المؤسسة في الساعتين الاوليين من الدخول إلى قاعة التصويت، وإقتصار متابعتها من خلال شاشة عرض ضخمة. وقد شهد الإقبال على التصويت كثافة واضحة منذ الصباح، من جانب الرهبان والقساوسة الناخبين الذين سعوا إلى التصويت في وقت مبكر قبل بدء العملية الانتخابية.