الى السادة Iraqi و sam al barwary و kaldanaia
في مداخلاتكم إخترتم ثلاث مقالات مكتوبة من قِبل قوى معادية للشعب الكوردي و التي تحاول عبثاً إلغاء التأريخ الموغل في القِدم للشعب الكوردي في كوردستان الحالية و تدّعي بأن مجئ الكورد الى كوردستان حصل فى منتصف القرن التاسع عشر.
قبل أن أذكر لكم الحدود الجغرافية للإمبراطوريات التي أسسها الكورد، أود أن أُعيد كتابة نص كلام العالم الأمريكي و فيلسوف الحضارة الشهير البروفيسور (روبرت جون بريدوود Robert John (Braidwood (2003-1907) الذي هو عالم آثار ما قبل التأريخ و صاحب نظرية التفسير الحضاري لحركة التأريخ و تطور البشرية، حول الحضارة العريقة للشعب الكوردي. يقول هذا الفيلسوف الكبير عن الشعب الكوردي ما يلي: (إن الشعب الكوردي كان من أوائل الشعوب التي طوّرت الزراعة و الصناعة و من أوائل الشعوب التي تركت الكهوف لتعيش في منازل بها أدوات منزلية متطورة للإستعمال اليومي و أن الزراعة و تطوير المحاصيل قد و جدتا في كوردستان منذ (12) ألف سنة، إنتشرت منها إلى ميزوبوتاميا السفلى، ثم إلى غرب الأناضول ثم إلى الهضبة الإيرانية ثم وصلت منذ ثمانية آلاف سنة إلى شمال أفريقيا ثم أوروبا و الهند. الكثير من المحاصيل التي نعرفها الآن، كالقمح و الذرة و الشعير الخ قد إنطلقت من كوردستان. منطقة (چايونو- Çayuno) في شمال كوردستان يمكن أن يُطلق عليها إسم أقدم مدينة صناعية في العالم، وهي أقدم منطقة في العالم يُستخرج منها النحاس إلى يومنا هذا، كما عُثر فيها على صلصال دُوّن عليها التبادل التجاري). هذا العالم المختص بالآثار القديم يستكشف بأن الحضارة من زراعة و صناعة إنتقلت من الكورد في كوردستان الى مختلف أنحاء العالم و أن الكورد إكتشفوا الزراعة قبل 12 ألف عام.
لنأتي الآن الى الإمبراطوريات الكوردية المشهورة في التأريخ و التي تبرهن على عراقة الشعب الكوردي.
الإمبراطورية الإيلامية: كانت حدود الدولة الإيلامية تمتد من أصفهان شرقاً و ضفاف نهر دجلة غرباً والخليج جنوباً والطريق الموصل بين بابل و همدان شمالاً. في زمن الملك "كوير نهونته" تمكن الإيلاميون من الإستيلاء على بابل وإنهاء حكم الكيشيين ونصب إبن الملك "كوير نهونته" ملكاً على بابل، و الذي تم في عهده نقل أجزاء من مسلة حمورابي إلى مدينة شوش (سوسه).
يذكر البروفيسور "بوردا" أنه نتيجة رُقي الحضارة الإيلامية، فأن جوانب عديدة من حياة الامبراطورية الإخمينية، مثل شكل الألبسة وكيفية إدارة الدولة، قد تأثرت بالحضارة الإيلامية، لدرجة أن الأخمينيين إستخدموا الأبجدية الإيلامية.
يمكن تقسيم الفترات الزمنية التي مرت بها الدولة الإيلامية إلى ثلاث فترات أو عصور.
الفترة الأولى: بدأت قبل التاريخ (8 الآف سنة ق. م. الى سنة 2225 ق. م.). عاصرت هذه الفترة السومريين والأكديين و يُخُتتم هذا العصر بإنقراض الدولة السومرية والأكدية على يد الإيلاميين، وقد تم ذكر فتوحاتهم في التوراة في مبحث خاص في الباب الرابع من سفر بيدايش، الآيات ( 1، 5، 9، 17 ) ويُذكر اسم ملك إيلام (كدر أومر) فيه.
الفترة الثانية: هي فترة معاصرة الإيلاميين للبابليين التي إمتدت من سنة 2225 ق.م. الى سنة 745 ق.م.
الفترة الثالثة: فهي فترة معاصرة الإيلاميين للآشوريين التي بدأت من سنة 745 ق.م. و إنتهت في سنة 645 ق.م.، حيث تم إنقراض الدولة الإيلامية على يد آشور بانيبال سنة 645 ق.م.
بلاد سومر:إستمر العصر السومري القديم بما يُعرف بعصر أوروك من حوالي سنة 4000 ق.م إلى سنة 3000 ق.م. في حوالي سنة 3100 ق.م زاد عدد المزارعيين المشتغلين بالزراعة المروية بشكل كبير، و أصبحت مراكز المدن أماكن مقدسة، و إنتهى هذه الفترة حوالي سنة 2900 ق.م
الدولة السومرية الحديثة دامت من عام 2112 ق.م الى عام 2004 ق.م، وذلك تحت حكم أسرة أور الثالثة، الذين أعادوا الكتابة باللغة السومرية كلغة رسمية للدولة، ومن أعمالهم بناء العديد من الزاقورات، إلا أن نهاية هذه الفترة كانت قريبة على يد الإيلاميين. خضعت سومر بعد ذلك للدولة البابلية القديمة (2000- 1595 ق.م) و آشور و الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية).
نشأت في بداية عصر السلالات السومرية المبكرة مجموعة من الدول (اداب-إريدو-إيسن-كيش-لاكاش-لارسا-نيبور-أور-أوروك) و التي خضع جميعها لحكم واحد منذ 2800 ق.م.
الإمبراطورية الميديةعاشت هذه الإمبراطورية من عام 708 قبل الميلاد الى عام 560 قبل الميلاد أي أن حكمها إستمر لمدة 148 سنة. كانت تحد ميديا من الشرق أفغانستان، بل كان بعض أراضي أفغانستان جزء من ميديا، و من الغرب البحر الأبيض المتوسط و من الشمال مناطق "كادوس" فيما وراء نهر "آراس" و من الجنوب الخليج الفارسي. كانت الإمبراطورية الميدية تضم كلاً من فارس و أرمينيا و آشور و إيلام و هيركاني و جزء من باكستان على المحيط الهندي و شمالي شرقي سوريا.
الإمبراطوريةَ الساسانية:حكمت من عام 226 ميلادي الى عام 651 ميلادي أي أنهم حكموا لمدة 425 عاماً. ضمت هذه الإمبراطورية كلاً من إيران و العراق و شمال كوردستان (المحتل حالياً من قِبل تركيا) و أجزاء من أرمينيا و أفغانستان و أجزاء من باكستان. إنهارت الإمبراطوريةَ الساسانية في سنة 651 ميلادية على يد العرب المسلمين.
دولة أردلان:حكمت هذه الدولة الكوردية من عام 1169 ميلادي الى عام 1867م أي حكموا لمدة 698 سنة. اللورد كريمر يُطلق عليها "إمبراطورية أردلان" بدلاً من "إمارة أو دولة أردلان". دولة أردلان ضمت أصفهان و همدان و كرماشان و هورامان و شارزور و أربيل و راوندوز و كركوك و الموصل و كفري و خانقين و مندلي و تكريت و أجزاء من محافظة الكوت. خضعت إمارة العمادية التي كانت تضم عقرة والدير ودهوك وزاخو، لحكم الأردلانيين لمدة 200 عاماً و الذي إستمر من القرن الثاني عشر الى القرن الرابع عشر الميلادي. في البداية تأسست هذه الدولة في شارزور الواقعة في محافظة السليمانية و ثم إنتقل مركز حكم الدولة الأردلانية الى مدينة "سنه"، حيث إتخذ الأردلانيون هذه المدينة عاصمة لهم. قامت هذه الدولة الكوردية بسك النقود الخاصة بها.
كما أود هنا أن أذكر بعدم صحة تأسيس الإمارات الكوردية من قِبل العثمانيين و الصفويين ، كما تقول المقالات التي إعتمدتم عليها كمصادر، حيث أن دولة أردلان تأسست قبل ظهور الدولتَين العثمانية (1299 – 1923 ميلادية) و الصفوية (1501 - 1785 ميلادية) و حتى أن دولة أردلان إستمرت في الحكم بعد إنهيار الدولة الصفوية.
كما مذكور في مقالتي، فأن اللغة الكوردية كانت اللغة الرسمية لسكان بلاد ما بين النهرين (العراق) قبل الإحتلال العربي الإسلامي للعراق و كوردستان في زمن الخليفة عمر بن الخطاب و إستمرت اللغة الكوردية كلغة رسمية للعراق بعد الإحتلال العربي الإسلامي لحوالي 80 سنة، الى عهد الخليفة الأموي مروان بن عبد الملك، الذي منع اللغة الكوردية كلغة رسمية و قام بتبديلها باللغة العربية. هذا يعني بأن اللغة الكوردية كانت اللغة الرسمية للعراق الى حوالي عام 814 ميلادي.
المتنبي يكتب قصيدة مؤلفة من أربعين بيتاً في مدح القائد العسكري الكوردي " دلّير لَشكَروز"قبل أكثر من 1100 سنة كتب الشاعر العربي المعروف أبو الطيب المتنبي قصيدة مؤلفة من أربعين بيتاً في مدح القائد العسكري الكوردي " دلّير لَشكَروز" الذي ذهب من بغداد الى الكوفةَ على رأس قوة عسكرية للقضاء على الفتنة التي قام بها ( خارجيٌّ من بني كِلاب) عام 353 للهجرة ووضعوا حدّاً لما وقع فيها من أعمال التخريب وأنقذوها من السلب والنهب والقتل، يقول المتبي في قصيدته الشعرية ل"دلّيْر" يمتدحه فيها:
أرادتْ كلابٌ أنْ تفوزَ بدولةٍ
لمن تركتْ رعيَ الشويهاتِ والإبلِ
وقادَ لها دِلّيرُ كلَّ طِمرِّةٍ
تُنيفُ بخديها سَحوقٌ من النخلِ
شفى كلَّ شاكٍ سيفهُ ونوالُهُ
من الداءِ حتى الثاكلاتِ من الثُكلِ
عفيفٌ تروقُ الشمسَ صورةُ وجههِ
فلو نَزَلتْ شوقاً لحادَّ إلى الظلِّ
شجاعٌ كأنَّ الحربَ عاشقةٌ له
أذا زارها فدّتهُ بالخيلِ والرَجلِ
و ريانُ لا تصدى إلى الخمرِ نفسُهُ
و صديانُ لا تًروي يداهُ من البذلِ
فتمليكُ دِلَّيرٍ وتعظيمُ قدرهِ
شهيدٌ بوحدانيةِ اللهِ والعدلِ
وما دامَ دِلَّيرٌ يهزُّ حُسامَه
فلا نابَ في الدنيا لليثٍ ولا شِبلِ
فلا قطعَ الرحمنُ أصلاً أتى بهِ
فإني رأيتُ الطيّبَ الطيّبَ الأصلِ.
كدعواكِ كلٌّ يدّعي صِحةَ العقلِ
ومن ذا الذي يدري بما فيهِ من جهلِ
تقولين ما في الناس مثلك عاشق جدي
مثل من أحببته تجدي مثلي
تُريدين لُقيانَ المعالي رخيصةً
ولا بُدَّ دون الشهدِ من إبَرِ النحلِ
"زرياب“ الموسيقار الكوردي العبقري الموسيقار و المغني الكوردي الشهير زرياب، الذي كان تلميذاً للموسيقار الكوردي إسحق الموصلي، عاصر خلافة هارون الرشيد، أضاف وتراً خامسا ً لآلة العود الموسيقية، حيث كانت لهذه الآلة أربع أوتار قبل ذلك. كما أن زرياب كان السبب في إختراع الموشح، بتعميمه طريقة الغناء على أصول النوبة، بالإضافة الى إدخاله مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبل و جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلاً من الخشب. زرياب كان أول من أدخل نظام إفتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر كما أنه هو أول من وضع قواعد تعليم الغناء للمبتدئين.
من خلال المعلومات أعلاه، يكتشف المرء بؤس و كذب الإدعاءات التي تقول بأن الشعب الكوردي حديث العهد في كوردستان و العراق، بل أن هذه المعلومات التأريخية تؤكد على عمق الجذور التأريخية للكورد في كوردستان و العراق الحالي.
بالنسبة الى بدء الفكر القومي الكوردي، يمكن القول بأن الفكر القومي الكوردي بدأت ملامحه في كوردستان قبل الفكر القومي لسكان أوروبا و هنا أعطيكم مثالَين على صحة كلامي.
الشاعر و المفكر الكوردي أحمدي خاني (1650– 1708 ميلادية)، في سنة 1682 ميلادية أي قبل 331 عاماً، قام بتأليف قاموس كوردي – عربي خاص للأطفال و الذي أسماه (الربيع الجديد للصغار) لتسهيل عملية التعلم وتذليل المصاعب للأطفال الكورد. يقول هذا الشاعر و الفيلسوف الكبير في إحدى قصائده قبل حوالي 350 عاماً ما يلي:
أنا قد غرستُ نفسي و لم يعتنِ بتربيتي أحد
جبليٌ أنا من هذه السفوح
وهذه الكلمات من صميمي الكوردي
كتب أحمدي خاني جميع كتبه و أشعاره باللغة الكوردية، حيث يقول بأنه يكتب بالكوردية لكي لا يقول أحد أن انواعاً من المِلل تملك الكتب ولا حساب للكورد وحدهم في هذا الميدان، و لكي يشجع الادباء الكورد على الكتابة باللغة الكوردية بدلا من اللغات الاخرى فتصبح آثارهم و ينسى الناس أصلهم الكردي.
المثال الثاني هو أنه قبل 428 عاماً، ألّف شرفخان بدليسي كتاب "شرفنامه" عن الشعب الكوردي و تأريخه و حياته الإجتماعية و عشائره.
بالنسبة "للبروفيسور الكوردى عمر ميران" و مقاله عن التأريخ الكوردي، أنا مطلع على ذلك المقال منذ فترة و أعتقد بأن هذا الشخص هو شخصية وهمية لا وجود لها، و أن المقال مكتوب من قِبل البعثيين أو العروبيين العنصريين الآخرين لأن المقال عبارة عن خطاب سياسي عروبي و ليس كلام بروفيسور مختص بالتأريخ. يُسمّي كاتب المقال "البيت الأبيض الأمريكي" بالبيت الأسود و يهاجم أمريكا و إسرائيل كما يفعل البعثيون من أمثال سليم مطر و علي الثويني.
أود أن أوضح للسيد البغدادي بأن الگوتیین هم الأقوام التي عاشت في جبال زاگرۆس منذ ما قبل التأريخ و هم أسلاف الشعب الكوردي. الگوتیون نزحوا من جبال زاگرۆس الى جنوب العراق الحالي، حيث المياه و الأرض الخصبة و هناك أسسوا بلاد سومر. هذا يعني أن الگوتیین هم آباء و أجداد السومريين. كما أن قسماً آخراً من الگوتیین نزحوا الى منطقة الأهواز الحالية و هناك أسسوا بلاد إيلام ("هۆز" كلمة كوردية تعني "قبيلة أو عشيرة"، لقد أخذها العرب من اللغة الكوردية و حتى أنهم قاموا بجمعها، فصارت "أهواز"، إلا أن العروبيين العنصريين لم يكتفوا بذلك بل حولوها الى "الأحواز" ليثبتوا كذباً و دجلاً بأن المنطقة هي منطقة عربية!). هذا يعني بأن الگوتیین هم آباء و أجداد الإيلاميين أيضاً.
يبدو أن السيد وسام موميكا لم يُركز في قراءته لقول أشهر مؤرخ عالمي الذي هو ” WILL DURANT” في كتابه الشهير "قصة الحضارة The Story of Civilization" حين يقول (السومريون هم قوم جبليون أشداء متوسطي القامة، عيونهم واسعة لوزية، وفي أنوفهم إنحناءة آرية)، حيث يستهزئ وسام بهذا الكلام. أوضّح هنا بأن التركيز في هذا القول يتم على صفتَين إثنتَين من الصفات التي يذكرها المؤرخ وهما "السومريون جبليون" و "توجد في أنوف السومريين إنحناءة آرية أي أنهم آريون". من هذا القول يستنتج المرء حقيقتَين مهمتَين وهما أن السومريين هم آريون و أنهم من سكان الجبال و ليست في المنطقة جبال سوى جبال كوردستان (جبال زا گروس).
في النهاية أرفق بعض الصور التي تظهر معالم الحضارات الكوردية عبر التأريخ و أهديها بشكل خاص للسيد قشو إبراهيم الذي ضمّن مقالي ببعض معالم آثار آشور. لا أحد يستطيع نكران الحضارة الآشورية و لكن في نفس الوقت لا يستطيع أحداً من تشويه و تزييف و إلغاء التأريخ الكوردي و الحضارة الكوردية التي بدأت قبل ظهور الآشوريين بآلاف السنين و إستمرت بعد زوال إمبراطوريتهم. أكتفي بهذا القدر و أختم المناقشات حول محتويات مقالي هذا و أأمل أن نستمر في مناقشة مواضيع أخرى سأنشرها في المستقبل بأسلوب حضاري مبني على الإحترام المتبادل. شكراً لكم جميعاً
مهدي كاكه يي
صورة رقم 1. حضارة سومر
صورة رقم 2. حضارة سومر
صورة رقم 3. حضارة سومر
صورة رقم 4. حضارة سومر
صورة رقم 5. حضارة إيلام
صورة رقم 6. حضارة إيلام
صورة رقم 7. حضارة إيلام
صورة رقم 8. حضارة إيلام
صورة رقم 9. الحضارة الميدية
صورة رقم 10. الحضارة الميدية
صورة رقم 11. الحضارة الميدية
صورة رقم 12. الحضارة الميدية
صورة رقم 13. الحضارة الميدية
صورة رقم 14. الحضارة الميدية
صورة رقم 15. الحضارة الساسانية
صورة رقم 16. الحضارة الساسانية