ساكو: أجهشت بالبكاء بعد انتخابي بطريركاً
البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو لـ "عنكاوا كوم": مستعد للتنازل عن البطريركية في سبيل وحدة الكنائس.. سأكون طيباً إلى أخر حد لكن أيضاً سأكون حازماً
عنكاوا كوم- بغداد- نوري حمدان / بسام ككا حملت لحظة انتخاب البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو علامات فارقة مشحونة بمشاعر فياضة وأحاسيس متعددة لما يمثله هذا التنصيب من أهمية ومسؤولية كبرى في مرحلة فاصلة ومهمة حيال التواجد المسيحي في العراق على الرغم من أنه كان يفضل العودة إلى كركوك كأسقف بدون هذا الحمل الكبير.
وقال البطريرك ساكو في لقاء خاص مع عنكاوا كوم "أجهشت بالبكاء بعد انتخابي بطريركاً على رأس الكنيسة الكلدانية، وشعرت بالرهبة حينما رتل الأساقفة الآخرين ترتيلة البطريرك المعروفة طقسية، وغلبني الحرج عندما قدم باقي الأساقفة الطاعة والخشوع لي، خاصة يوجد من هو أكبر عمراً مني"، مضيفاً إنه رفض ومنع المطارنة من أن تقبل يده كتقليد واحتراماً لمكانة البطريرك.
وقال البطريرك مار لويس في أول حوار مطول مع وسيلة إعلامية بعد تنصيبه بطريركاً على الكنيسة الكلدانية في العالم "أنا مستعد أن أتنازل عن البطريركية في سبيل وحدة الكنائس" المسيحية، كما وعد بـ "حملة تنظيف للكنيسة لنرجع هيبتها واحترامها... سأكون طيباً إلى أخر حد لكن أيضاً سأكون حازماً، ولن أقبل ولا اترك أي نهاية سائبة في الكنيسة".
* أصالة، وحدة، تجدد.. ما معنى كل مفردة؟ لماذا اختيار هذا الشعار؟ - هذا الشعار هو من واقع كنيستنا وشعبنا؛ هناك كثيرين محافظين ومتعصبين للتراث كتراث، وللتقليد كتقليد من دون أن يكون هذا التراث كله أصيل أو هذا التقليد هو شريف حتى يبقى، فالأصالة أن يكون كل شي حقيقي وبديع
يتأون، ونحن ككنيسة لدينا رسالة هي رسالة المسيح لكل إنسان وزمان ومكان، نحن لا نعيش في متحف وأيضاً بالتقليد هذا غير ممكن، أصالة الكنيسة الأولى هي البساطة والروح النبوية والانفتاح على الناس والحضارات والثقافات وعلى الشعوب الأخرى وأيضاً حمل الإنجيل إلى أقصى مكان كالهند والصين، اليوم بدأنا ككنيسة صغيرة نقع في خطر الفئوية كأنه لا يوجد غيرنا بالساحة، فأنا كنيسة قبل أن أكون قومي، بمعنى آخر أنا رجل دين ولي رسالة احملها لكل الناس إن كان كلداني أو سرياني أو آشوري أو مسلماً أو صابئياً او إيزيدياً، فلا يجوز أن أقول أنا كلداني فقط رغم أنني اعتز بهويتي الكلدانية لكن الأولوية بالنسبة لي في رسالتي كبطريرك أو رجل دين هي الإنجيل من هنا أريد أن أكون صادقاً وأنا اعتز بهويتي كنيستنا الكلدانية التي لها تاريخها وتراثها وخصوصيتها لكن أنا احمل إنجيل يسوع المسيح بلغة معاصرة يفهمها الناس لنشدهم إلى المسيح ومنفتح على الكل.
أما الوحدة، نحن منقسمين كثيراً ككنيسة، وهناك خلل في الإدارة وشيء من الفوضى كأنه عبارة عن دكاكين هنا وهناك كل واحد له جزرته وهذا لا يجوز. وأيضا ككنائس مسيحية نحن كنائس صغيرة بحاجة إلى التوحيد كي يكون لنا تأثير على الوسط المجتمعي الذي نعيش فيه والبلد بحاجة إلى الوحدة ـ فالعراق اليوم هناك انقسامات مذهبية وقومية وكل هذه السنين برز بركان من التعددية ـ التعددية والاختلاف لا يعني الانقسام والاقتتال وإنما العكس هو غنى لكن ممكن نتحد في قضية بلدنا ومحبة الناس والشعب والكل يتوجب عليه الاتحاد في سبيل الوطن، فالوحدة اخترته ليس اعتباطاً بل بشكل شمولي وحدة البيت الكنيسة الكلدانية ووحدة الكنائس بالإضافة إلى وحدة الشعب في بلدنا.
التجدد؛ المسيحية هي ديانة تجدد وتجسد ليس لوقت واحد وإنما هي دائماً رسالة الإنجيل والمحبة والغفران هذه الرسالة تتجدد لكل زمان ومكان وأيضاً اليوم للناس المعاصرين، قبل آلاف سنة في بداية الكنيسة كانوا فلاحين ورعاة وقد يكونوا نوع من العسكريين واليوم تغير.. الإنسان له حساسية أخرى مع وسائل الاتصال الجديدة والحديثة وأمام التقنية والجامعات هناك لغة أخرى والطقوس الكنسية يجب أن تتجدد لان الطقوس هي من اجل الإنسان لكي يفهم الناس بلغتهم أن كانت بالعربية أو السريانية أو الكردية أو الفارسية أو أية لغة أخرى لا تنحصر رسالة الإنجيل في لغة معينة وشعب معين وهذا كان الدليل القاطع في الكنيسة الأولى بأعمال الرسل أن روح القدس حل بالألسنة متعددة ولم يبقى لسان أو لغة هي وحيدة مقدسة ولا شعب مختار بالمعنى الضيق وإنما كل إنسان والجميع، كذلك البنى الكنسية تتغير اليوم الكنيسة كانت قد بنيت على توزيع إداري في زمن الإمبراطورية الرومانية واليوم هذا التوزيع قد تغيير. علينا أن ننظر إليه ونراجعه كي يكون أكثر فاعلية على صعيد الأبرشيات والأقاليم وأيضاً لغة التعليم الديني المسيحي يجب أن تكون مفهومة للناس ولا يكون بها التباسات ونتمنى أن تعود لغة الكتاب المقدس ولغة آباءنا وتصفى من هذه المصطلحات الفلسفية اليونانية النظرية التي هي اليوم عاجزة عن تعبير الإيمان ورؤية وحب ممكن أن نعبر عنه بلغة تختلف عما عبر به الآخرون، وبالتأكيد هناك ثوابت لكن هناك الكثير من التفاصيل يجب أن تتجدد.

* هل تعتقد أن وحدة الكنائس في العراق تخلق جواً سياسياً عاماً لوحدة العراق؟ - بالتأكيد وحدة المسيحيين تعطينا ثقل،
انه نحن غير منقسمين هذه الفئة مع فئة أكبر وفئة أخرى لديها أجندة أو تكتل سياسي معين فلا يوجد أجندة واعدة للمسيحيين لكن أيضاً إذا كان هناك أجندة تخدم المسيحيين وأخرى وطنية سوف يؤثر على الساحة العامة والمسيحيين معروفين بمهاراتهم وثقافتهم وبإخلاصهم وبولائهم لبلدهم وهذا سينعكس إيجاباً على الوضع العام وهذه الأيام أكثر من شخصية سياسية ودينية غير مسيحية زارت مقر البطريركية، وأشادوا بدور المسيحيين التاريخي المساهم في بناء الحضارة والذي يجب أن يفعل.
* هل تنظر إلى الحضور السياسي والرسمي للدولة العراقية في يوم تنصيبكم كان بدوافع سياسية أم وطنية، وأنت تعرف أنك مكسب للعراقيين باعتبارك رئيساً لكنيسة عالمية؟ - أولاً هو تقييمهم للوجود المسيحي التاريخي في العراق وحرصهم ذات الوقت على بقاء المسيحيين، فكان هذا تعبير تام من خلال المشاركة في تنصيبي لكن أيضاً يوجد جانب سياسي أنه تفعيل للدور المسيحي في ولائه للوطن وأيضاً أن يكون عامل فعال في تقريب وجهات النظر بين السياسيين وعامل كبير لدفع عجلة العيش المشترك إلى الأمام والعراق أن يكون مثالاً للعيش المشترك المتنوع للمنطقة وأمام هذه التيارات والتحديات التي تنادي بنوع من الفئوية والتيارات المتشددة التي تريد لوناً واحداً ومذهباً واحداً حتى الدين الواحد والمسيحيين لديهم هاجس أمامهم وهذا الواقع الجديد الطاغي على الساحة السياسية في المنطقة.
* كيف تصف الوضع السياسي في العراق، وما الحلول برأيكم؟ أنت تحدثت في كلمتك في حفل استقبالك في بغداد عن حلول، هل تعتقد أن هذه الحلول إذا ما طبقت سوف يستتب الوضع العراقي الأمني والاقتصادي والسياسي؟ - أنا اعتقد أن هناك إرادة لدى الجميع وهي إرادة طيبة من اجل العراق وشعبه لكن ما هو موجود هو جدارات اعتقد نفسية اصطناعية من هنا وهناك خلقت الجمود والتباعد لكن متى ما اجتمع المسؤولون وجهاً لوجه اعتقد كل الخلافات والأزمات تسقط وتحل لأننا أمام قضية وعلى جميع الأطراف أن تضحي وأن تتنازل لصالح قضية السلام والأمان للعراقيين، هذا الشعب يستحق أن نحبه وأن نرافقه يكفي الألم وحزن وتشتت وتشرذم. يكفي إراقة دماء وقتل والتفجيرات الأخيرة في بغداد أرعبت المواطنين من أجل ماذا؟
* ذكرت في استقبالك ببغداد ليس لديك أي تصفية حساب شخصي مع أحد لمن كنت توجه كلامك؟ - أنا كنت واضحاً قد يجوز هناك أناس يخافون إن جاء بطريرك جديد سوف يعمل على تصفية مثل ما يصفي السياسيون خصومهم وهذا سلبي بالعكس إن كان هنالك من يعارض للاستفادة منه واحترم رأيه ويجب أن تكون آراء مختلفة قد يكون لأشخاص لا يتحملون نوع من الحزم في الكنيسة أيضاً الحرية أن تكون مسؤولة ممكن ينزعجون من رؤيتي والحزم الذي أريده ومن حملة التنظيف، أتمنى أن اعمل كثيراً حملة تنظيف للكنيسة لنرجع هيبتها واحترامها لتعكس وجه الإنجيل وأنا قلت سأكون طيباً إلى أخر حد لكن أيضاً سأكون حازماً، ولن أقبل ولا اترك أي نهاية سائبة في الكنيسة.
وضع البطريركية والبطريرك السابق في السنين الأخيرة وبسبب مرضه، خلق فراغاً وفوضى في إدارة الكنيسة والتنظيمية، وهناك جهات استفادت من هذا الفراغ لمسح شخصية الكنيسة وحضورها وهؤلاء الأشخاص كانوا من داخل الكنيسة وخارجها، وكل شخص صار يعمل لحاله بدون مركزية حتى في الجانب المادي.
* هذا الفراغ هل خلق مساحة للفساد؟ - أكيد، هناك فضائح مالية واختلاسات نحن في صدد التحقيق فيها ومثلما الفاتيكان نشرت الفضائح المالية التي وقعت، نحن أيضاً مستعدين لكشف ما حصل وإذا استطعنا أن نرجع أموال عامة للكنيسة وأحمل ضمائر من سبب هذه الاختلاسات والعقارات التي تم بيعها.
* بخصوص العقارات العائدة للجمعية الكلدانية في منطقة الكرادة وإيجاراتها التي بدأت بالتصاعد والتي يفترض أن تكون بأسعار مناسبة لمساعدة العوائل المسيحية المتعففة ليتسنى لهم البقاء في مناطقهم؟ - هنالك عقلية كلاسيكية فقط تعمل على جمع المال لليوم الأسود من دون أن تستثمره لصالح الناس، المواطنين الذين أوقفوا بيوتهم وأموالهم، ووهبوها للكنيسة كي تخدم الفقراء وتعمل مشاريع هي أفضل لخدمة الناس ولمساعدتهم من أن تسرق وتنهب، وهذا تصرف معيب وأفضل مثال هو حالياً البابا الجديد جاء من عالم عاش البؤس والفقر واستلاب من قبل القوى الكبرى لثرواته وهو ترك المطرانية وسكن في شقة وعاش فقيراً، واستعمل وسائل النقل العامة في تنقلاته، أتمنى أن الكنيسة تعود ككنيسة لجميع الناس وهي صحيح بيت الله كلمة كبيرة لكن هي بالدرجة الأساس بيت للشعب والمحتاجين ونحن لن نقصر في محبة وخدمة الفقراء هذا هو الإنجيل في النهاية.
* المؤسسات الصحية والتعليمية العائدة إلى الكنيسة، هناك من يشير إلى ارتفاع أسعارها، والبعض من العاملين فيها يشكون قلة الراتب، فكيف تنظر لهذا؟ - بالتأكيد أن الهدف من فتح مدارس أو مستشفيات ليس للاستثمار المالي وهذه العقلية يجب أن تترك وإنما هو من أجل الناس والعاملين في هذه المدارس بالعكس يجب أن يكونوا بمستوى معيشي جيد أحسن من أن يعوضوا من النقص الحاصل في دخلهم بطرق غير صحيحة وسوف نعيد النظر برواتبهم وأوضاعهم خاصة إننا شكلنا الدائرة البطريركية بدل أن البطريرك الوحيد يعيش في مقره سيكون معه كهنة وعلمانيين ليعمل كل في مجال تخصصه وسوف نتابع هذه المواضيع ولكن هي بحاجة للقيل من الوقت وأنا أتعهد لو سمحت صحتي لذلك خلال عشرة سنوات سنعمل على وضع الكنيسة في المسار الصحيح وستكون حاسمة، ولن نضيع الوقت والفرصة من أجل خدمة الناس الذين هم الكنيسة التي لا تمثل الحجارة بل الشعب، سأزور جميع المؤسسات واستمع إلى طلباتهم.
* تم اختيار البابا الجديد هذه المرة من الأرجنتين ولأول مرة من خارج أوربا، والحديث يدور عن خروج البابا من أوربا، ماذا سوف يضيف للكنيسة وما هي ردود أفعال الأوروبيين؟ - هذا دليل على شمولية الكنيسة ،وعدم تعصبها لشعب معين أو لغة معينة أو شخص محدد الكنيسة هي الجامعة للكل أينما يوجد شخص يستطيع أن يخدم ويقدم الأفضل، فليكن حتى وإن كان حبشياً، هذه هي روحانية الكنيسة بعد أن كان لفترة طويلة ايطالي ومن ثم بولوني وألماني والآن من أمريكا اللاتينية وغدا قد يكون من إفريقيا ولم لا، هذا يعكس مصداقية الكنيسة في اختيارها ونضوج الكرادلة والأساقفة في اختيار البطريرك أو الأسقف من دون أية محسوبية وكان هذا الاختيار بكل صراحة رفعة الرأس ونحن مسرورون جداً له.
* هجرة المسيحيين وتأثيرها السلبي، هل هناك برنامج وخطط توقف هذه الظاهرة؟ - من الأولويات والتحدي الأكبر لكنيستنا وللمسيحيين هي الهجرة، سنحاول أن نشجع الموجودين على البقاء، وأيضاً على التواصل لكن نحن لا نستطيع منعهم أو يحق لنا التدخل في اتخاذ قرار مصيري شخصي، لكن للكنيسة دور في التوعية، وأولاً الجانب الأمني ضروري جدا ويمكن السببين الأكثر تشخيصاً هما، ادعاء من هم في الخارج عن الأمن والحرية والامتيازات التي هي في الواقع غير صحيحة والكثيرين هاجروا وانصدموا من الواقع الذي يفرض عليهم والسبب الآخر هو أن معظم العوائل المسيحية العراقية لديها أحد أفرادها خارج الوطن وهذا الفرد يعمل بشتى الطرق كي يلم شمل عائلته، ويخلق أسباباً عديدة ليتمكن من إيصال أهله إلى محل إقامته كون هذا الشخص المغترب يعاني من العيش في عزلة تامة والغربة ويريد شراكة لأن العراقي لا يستطيع (العيش) بدون عائلة، وغير معتاد على الثقافة الفردية الموجودة في الغرب، ونحن ثقافتنا هي اجتماعية جماعية وعائلية وعشائرية كثيرة التداخل، فالناس تذهب ولكن بعد أن تهاجر تنصدم بواقع مرير وعكس ما ينقله لهم من هم في الخارج ويعانون من عدم الاندماج في المجتمع الجديد وصعوبة اللغة والثقافة والتقاليد الغربية، فيعيشون حالة مأساوية وأنا لا أقول إن هذا هو حال الجميع.
نحن سنعمل على تقديم المساعدات وخلق بعض المشاريع لإيجاد عمل أو سكن لنشجع على الأقل من هم في دول الجوار للعودة إلى وطنهم وسنتجه للحوار مع الحكومتين المركزية وفي إقليم كردستان لحثها على عودة المسيحيين من خلال استحداث وظائف للمسيحيين، وتوفير السكن قدر الإمكان، وسنطالب الحكومة العراقية تخصيص السكن للمسيحيين الراغبين في العودة، واسترجاع حقوقهم خاصة أن الكثير من الناس استحوذوا على أموال المسيحيين، وغيروا ملكياتهم بشكل غير قانوني.
وأنا أدعو الأثرياء من رجال الأعمال المسيحيين إلى الاستثمار في مشاريع تجارية في مناطقهم وقراهم في سهل نينوى التي تعاني من وضع بائس وفقر والوضع الأمني هناك مستتب لإنشاء البنى التحتية كالمرافق الخدمية والمعامل وفي مجال تحسين الزراعة وحفر الآبار وزراعة الكروم والأشجار المثمرة ومجالات أخرى ليرفد أهالي المنطقة بمشاريع وفرص عمل تدر فائدة للجميع بدلا من استثمار أموالهم في بلدان أخرى.
* كونك عراقي ورئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، ما هو مشروعك للكنائس الأخرى في العالم؟ - أنا اليوم اعمل كثيراً على تقوية الكنيسة في العراق عندما تكون الكنيسة في الداخل قوية ستكون أيضاً كذلك في الخارج وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالبلدان الانتشار، بل سأزور في أولى خطواتي أستراليا ونيوزيلندا بمناسبة تكريس كنيستين جديدتين، وسنعمل على دعوات كهنوتية ورهبانية، ونشدهم إلى كنيستهم الأم وأن نكون على تواصل معها ودعمها معنوياً وروحياً ومادياً كي لا يبقى وكأنه هنالك كنيستين واحدة في بلدان الانتشار والأخرى في بلدنا العراق.
* موقفك من مطالبة الأحزاب والمنظمات المسيحية في إقامة محافظة مسيحية إدارية في سهل نينوى هل أنت مع الفكرة أم ضدها؟ - أنا أتمنى أن تتبنى الدولة العراقية في إنشاء وحدات إدارية في المناطق التي فيها كثافة من دون أن يكون هذا للمسيحي وآخر للإيزيدي وهذا للصابئي، فنحن لسنا بحاجة إلى كانتونات فئوية وهذه تشكل خطورة كبيرة وأنا برأي الشخصي أرفض الفكرة، لكن هناك إدارة ذاتية في هذه المناطق مثلما يحصل اليوم قائمقام مسيحي في قرقوش، وأيضاً في تلكيف، ومدير ناحية في القوش هذه المناطق التي هي غالبية مسيحية، وهناك غالبية إيزيدية ومن الطبيعي أن تكون الإدارة محلية وليس من المعقول أن يجلب بشخص من أقصى الجنوب ليكون مسؤولاً في إحدى مناطق سهل نينوى. أما أن نخلق كيانات طائفية وفئوية، فأنا أرى أنه نوع من أنواع الانغلاق الذي يؤدي إلى التخندق على الذات وقد يكون فيه خطورة.
* موقفكم من الأحزاب المسيحية وهل ترون أنها خلقت حالة من التشتت والانشقاق بين مكونات الشعب المسيحي؟ - التشتت والانقسام ليس فقط سمة المسيحيين، بل هو اليوم سمة العراقيين وخاصة الأحزاب العراقية هي مشتتة ومنقسمة وحتى الحزب الواحد به تيارات مختلفة والأحزاب الصغيرة تتقاطع مع أحزاب كبيرة والذي أتمناه من الأحزاب المسيحية أن توحد خطابها ومواقفها من أجل قضية المسيحيين والعراقيين عامة لأنهم في الوقت ذاته في خدمة العراقيين، والنواب والسياسيين أيضاً يمثلون حقوق المسيحيين، ويدعمون الحضور المسيحي لكن بذات الوقت هم عراقيون ويدعمون المواطن العراقي لأن أي شخص في البرلمان والوزارة لا يمثل مذهبه ولا قوميته إنما هو يمثل الكل، وقد صنعوا بعض الخدمات نقدرهم عليها ونشكرهم لكن الزمن تغير بعد عشرة سنوات الوضع يتغير. وهناك منعطف جديد أتمنى أن يرجعوا مواقفهم ويدور الزوايا التي هم فيها من اجل توحيد صفوفهم بالرغم من خصوصياتهم إلا أن هناك قضية يتوحدون لأجلها، ونحن سنلتقي بهم وسنساعدهم على توحيد خطابهم ومطالبهم ومواقفهم، لكن لن نكون نحن بدلاء عنهم أو نسحب البساط من تحت أقدام السياسيين ولن نأخذ محلهم، نحن رجال الدين ونبقى قياديين روحيين إنسانين لخدمة شعبنا من دون أن نكون سياسيين منتمين أو ننحاز إلى حزب مسيحي معين أو حزب عراقي، نحن لنا كلمة في السياسة وهي نابعة من رسالتنا بالمسيح، في عدة مواقف في الإنجيل يندد بالأغنياء ويندد برجال الدين الذين الكثير منهم استلبوا حقوق الناس.
الكنيسة لن ترضى أو تقبل لأي كاهن أو أسقف ولا أنا أن نكون ننتمي إلى حزب سياسي أو منصب سياسي أو داعم لفئة دون فئة أخرى لكن ندعم المطالب المشروعة والعادلة والوطنية التي تخدم عامة الناس، والكنيسة موقفها مستقل من كل الفئات فكرياً وسياسياً ومادياً حتى نقدر أن تقول كلمة حق.
العلاقة مع الكنيسة الآشورية والكنائس الأخرى وموضوع توحيد الأعياد؟- بالنسبة لتوحيد الأعياد، فالموضوع انتهى. نحن في البطريركية سنتخذ القرار. سنطرح الموضوع على رؤوساء الطوائف المسيحية، وإذا لم نتمكن من الاتفاق على تاريخ معين فنحن الكاثوليك سنحتفل بالعيد الكبير مع الشرقيين مثلما احتفلوا معنا في عيد الميلاد، وعلى صعيد العراق فهذا آخر عام وعيد نحتفل مختلفين، وبالنسبة للعلاقة مع الكنيسة الآشورية فهي علاقة مصيرية وكلنا كنيسة واحدة وهي كنيسة المشرق من دون تسمية كنيسة المشرق الآشورية أو الكلدانية هذه تسميات حديثة لكن بالعمق نحن كنيسة المشرق وهي كنيسة الأم وطقوسنا مشتركة وآباءنا مشتركين تاريخنا أيضاً مشترك، أتمنى أن نمتلك الجرأة والشجاعة لنقول يكفي انفصال ولتعود كنيسة واحدة وأنا مستعد أن أتنازل عن البطريركية في سبيل الوحدة (وحدة الكنيستين) أن أكون أسقف بسيط أو كاهن بالرعية أبدأ من أجل خير الكنيسة ومن كل قلبي مستعد أن أتنازل وأكون آخر شخص الوحدة التي هي اليوم مطلوبة ووحدة إيمانية موجودة وطقسية وتاريخ موجود هنالك اختلاف كرسي فقط.
أيضاً مع الكنائس الأخرى ربما يكون الوحدة أصعب بسبب تعدد البطريركيات وبالتأكيد ننسق العمل الرعوي مع بعضنا البعض، وأيضاً نعمل المواضيع العامة والمشتركة ونحترم الخصوصية وأمام الكل نكون نحن واحد كقضايا مسيحية مصيرية ووطنية نحن نعمل سويا من أجلها.
اتصل البطريرك مار دنخا بي، وكان جداً متفائلاً، وأنا شكرته كثيراً، وبصراحة لو كان في بلد قريب لكانت أول زيارة أقوم بها اخصصها لزيارته ولنقول للعالم نحن أخوة وكنيسة واحدة بعد أن أصبحنا تسميتين مختلفتين واليوم ثلاثة تسميات، فلنعود لنصبح تسمية واحدة وممكن أن نكون كبار في تنازلاتنا من أجل هذه الوحدة ولدي الأمل في أن التقي بالبطريرك مار دنخا وإن كان هنالك مشاكل ممكن أن نعمل على حلها.