المحرر موضوع: كارثة حرب 5 حزيران 1967 ومسؤولية الانظمة العربية الاسباب والنتائج لتلك الكارثة  (زيارة 1403 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حامد الحمداني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 626
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

كارثة حرب 5 حزيران 1967 ومسؤولية الانظمة العربية
الاسباب والنتائج لتلك الكارثة

حامد الحمداني                                                   3/6/2013


في شهر أيار من عام 1967 بلغت أوضاع المنطقة العربية غاية الخطورة، بعد أن تصاعدت لهجة التهديد، والتهديد المضاد بين إسرائيل من جهة ومصروسوريا من جهة أخرى، بعد إقدام اسرائيل على تحويل مجرى نهر الأردن بغية اغتصاب المياه العربية، مما دفع الرئيس عبد الناصر إلى اتخاذ إجراءات مضادة  تمثلت في غلق خليج العقبة بوجه الملاحة الإسرائيلية.

إثر ذلك تصاعد الصراع بين الدول العربية وإسرائيل، وبوجه خاص بين الرئيس عبد الناصر، وقادة إسرائيل، ووصل الأمر بعبد الناصر إلى الطلب من قوات الطوارئ الدولية المرابطة على الحدود بين القوات المصرية والإسرائيلية  أن تنسحب من المنطقة.

لقد كان واضحاً في ذلك الوقت أن الصراع يوشك أن ينفجر في أي لحظة، وأن الحرب بين العرب وإسرائيل قد أصبحت أمراً لا مفر منه، وكانت الاستعدادات العسكرية الاسرائيلية تجري على مقدم وساق، مدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين، وفي ذهنها أن الفرصة باتت مؤاتية للتمدد نحو الاراضي العربية مستغلة ضعف وهشاشة الانظمة العربية.

 وبسبب تصاعد التوتر بين الطرفين سارع الرئيس المصري عبد الناصر إلى دعوة قادة سوريا والاردن على عجل إلى أجراء تنسيق عسكري فيما بينهم لمواجهة التحديات العسكرية الإسرائيلية.

وسارع مجلس الأمن إلى عقد جلسة خاصة لبحث الأوضاع المتفجرة بين العرب وإسرائيل، وأصدر في ختام اجتماعه بياناً دعا فيه الأطراف المعنية بالصراع إلى التزام جانب الهدوء، وعدم تأزيم الموقف، فقد كان الوضع يوشك على الانفجار في أية لحظة، ولاسيما وأن إسرائيل كانت قد أعلنت التعبئة العامة لقواتها المسلحة.

وفي الوقت نفسه بعث الرئيس الأمريكي [ جونسون ] برسالة إلى عبد الناصر يطلب منه ضبط النفس محذراً إياه من مغبة شن الحرب، ومهدداً بعواقب وخيمة.

وفي ظل تلك الظروف البالغة الخطورة، طلب الاتحاد السوفيتي من الرئيس عبد الناصر بان لا تبدأ مصر الحرب، ولكن ينبغي اتخاذ أقصى ما يمكن من إجراءات الحذر، واليقظة للرد على أي هجوم إسرائيلي مفاجئ.

لكن قيادة الجيش المصري التي كان على رأسها المشير[عبد الحكيم عامر] لم تكن تعي خطورة الوضع، وضرورة الاستعداد التام، وجعل القوات المسلحة المصرية في أقصى درجات التأهب في كل لحظة، وخاصة القوة الجوية، التي تشكل الغطاء الحيوي للقوات المصرية في صحراء سيناء المكشوفة .

 كان من المفروض أن تكون نصف الطائرات المصرية في الجو، ومهيأة لكل طارئ، يوم الرابع من حزيران  بعد التحذير الذي وجهه الاتحاد السوفيتي إلى مصر من أن جيش إسرائيل قد بلغ أقصى درجات التأهب.

لكن شيئاً من هذا لم يحدث، حيث فاجأت الطائرات الإسرائيلية صباح الخامس من حزيران المطارات العسكرية المصرية، ودمرت معظم مدرجاتها، والطائرات الحربية الجاثمة عليها، في الساعات الأولى من ذلك اليوم، مما أفقد القوات المصرية غطائها الجوي في صحراء سيناء، وتركها مكشوفة تحت رحمة القصف الجوي الإسرائيلي المتواصل، وبكل ما أوتيت من قوة، منزلة الخسائر الفادحة بها، وممهدة الطريق أمام قواتها المدرعة للاندفاع نحو قناة السويس، حيث تم لها السيطرة على كامل صحراء سيناء خلال خمسة أيام.

ولما ضمنت إسرائيل في اليوم الأول سيطرتها الجوية على صحراء سيناء وتدميرها للقوات المصرية، وجهت جهدها الجوي إلى الجبهة السورية والأردنية، واستطاعت إسرائيل، بسبب عدم تكافؤ القوى، أن تنزل خسائر جسيمة بالقوات السورية والأردنية، وتمكنت من الاستيلاء على كامل الضفة الغربية، وأجزاء من الأردن، وهضبة الجولان السورية، ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى لسوريا، خلال تلك الحرب الخاطفة، التي يحلو لقادة إسرائيل أن يسمونها { حرب الأيام الستة }!!استهزاءاً بالجيوش والانظمة العربية.

وبكل وقاحة أعلنت إسرائيل، أن صحراء سيناء، وهضبة الجولان، والضفة الغربية من فلسطين هي أرض إسرائيلية، وأخذت تحكّم دفاعاتها على هضبة الجولان السورية، وعلى امتداد قناة السويس، وقامت بتشييد خط دفاعي على طول القناة سمته [خط بارليف] نسبة إلى الجنرال بارليف الذي قاد القوات الاسرائيلية في سيناء.

ولم يكن العراق بما يمتلكه من قوات عسكرية كبيرة نسبيا مهيأً ولا مستعدا لتلك الحرب، فقد كانت ثلثي قواته العسكرية مشغولة في الحرب في كردستان، وبعيدة جداً عن ساحة المعارك، التي تزيد على [1000كم]، ولم يكن لدى العراق سوى اللواء الثامن الآلي قريباً من الساحة، عند الحدود السورية الأردنية، حيث أوعز لها رئيس الجمهورية آنذاك عبد الرحمن عارف بالتحرك إلى ساحة الحرب بأسلوب استعراضي لم يراعِ فيه جانب الأمان لقواته المتقدمة، مما مكّنَ اسرائيل من توجيه طائراتها لقصف القوات العراقية المتقدمة نحو سوريا.

لقد أثبتت تلك الحرب أن البونَ كان شاسعاً بين العرب وإسرائيل فالحكومات العربية كانت على درجة خطيرة من التخلف يسودها الصراعات بين مختلف الأجنحة المتصارعة، والعسكرية منها بوجه خاص حيث هيمن الضباط على معظم الأنظمة العربية، وعمت الفوضى في البلاد وساد التخلف كل جوانب الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، في حين كان الإسرائيليون قد هيأوا أنفسهم للحرب، وحولوا كل جهودهم وقواهم لتعزيز جيشهم، وأصبحت إسرائيل مسلحة حتى الأسنان، وبأحدث أنواع الأسلحة والتكنولوجيا الحربية، ويقودها أناس يعرفون ما يفعلون، أفليس عاراً على الدول العربية التي تعد إمكانياتها المادية والبشرية عشرات أضعاف إسرائيل أن تستطيع إلحاق الهزيمة بالجيوش العربية خلال ستة أيام؟

واليوم ماذا تغير في المشهد العربي الراهن؟
هل تعلّم الحكام العرب بعد أكثر من الأربعة عقود على حصول تلك الكارثة شيئاً من دروس تلك الحرب وتلك الهزيمة الشنعاء؟
إن ما يحزن المواطن العربي أشد الحزن أن أوضاعنا العربية قد تحولت من سيئ إلى أسوأ، و تفككت العلاقات العربية، وتحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع بين الأنظمة العربية، وسلك بعض الحكام سلوكاً عدوانياً تجاه بعضهم البعض.

رحل عبد الناصر عام 1971 ليتولى بعده الحكم في مصر أنور السادات ويشن حرب تحريك ضد إسرائيل، ثم ليبادر في اليوم الثاني للحرب للاتصال بالولايات المتحدة ومن خلالها بإسرائيل ممهداً السبيل لعقد صلح منفرد معها وإخراج مصر من معادلة التوازن مع إسرائيل مما أصبح موقف العرب في اضعف حالاته وشجع على تشبث حكام إسرائيل بالاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة .

أما صدام حسين فقد شن الحرب على إيران عام 1980 نيابة عن الولايات المتحدة، تلك الحرب التي دامت 8 سنوات، وجلبت الويلات والكوارث على الشعب العراقي، وتدمير بنيته الاقتصادية والاجتماعية، واستنزاف كافة موارده ومدخراته.

 ولم يكد ينته من حرب إيران حتى بادر إلى غزو الكويت واحتلالها ونتيجة لرفضه الانسحاب منها رغم كل النصائح التي قُدمت له، زج العراق في حرب كارثية أشد خطورة وأفظع مع الولايات المتحدة و30 دولة أخرى انتهت باندحار القوات العراقية ونشوب انتفاضة الأول من آذار 1991التي جرى قمعها بكل ما يملك صدام حسين من الأسلحة المدمرة ليطفئ غليل غضبه لاندحار قواته بأبناء شعبه، حاصداً أرواح مئات الألوف من المواطنين العراقيين.

 وبين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي اندلعت الحرب، وقاتل العربي أخاه العربي، لتنتهي الحرب بسيطرة الرئيس اليمني الشمالي علي صالح على اليمن الجنوبي، والتنكيل بكل من وقف ضد نظام حكمه.

 وانطلقت حرب شعواء بين الأردن والفلسطينيين في أيلول الدامي 1971، وذهب ضحية تلك الحرب المئات بل الألوف من الفلسطينيين وقوات الجيش الأردني، وقتل الأخ العربي أخاه مرة أخرى.

و في لبنان انطلقت حرب أهلية عام 1975استمرت 15 عاماً جاءت على الأخضر واليابس، وحرب أخرى بين نظام البعث العراقي ونظام البعث السوري على الساحة اللبنانية المنكوبة، ودفع الشعب اللبناني ثمناً باهظاً من أرواح أبنائه وممتلكاته، وجرى تخريب البنية التحية للبنان، وتشرد مئات الألوف من الشعب اللبناني في مختلف أرجاء العالم هرباً من الصواريخ المنطلقة فوق رؤوسهم والنجاة بأرواحهم.

 وبين الجزائر والمغرب جرت حرب على ساحة الصحراء الغربية، وحرب على الحدود بين مصر وليبيا، وحرب أهلية في السودان حصدت أرواح أكثر من مليوني مواطن، وحرب جديدة فرضها الدكتاتور صدام حسين على العراق مع أعتا قوة عسكرية على وجه الأرض انتهت بسقوط نظامه واحتلال العراق في 9 نيسان 2003.

وهكذا نسي الحكام العرب أخطار أكبر قاعدة متقدمة للإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط والتي جرى أقامتها في نقطة التقاء المشرق العربي بالمغرب العربي [ فلسطين ] لتكون السيف المسلط على رقاب العرب، ولتحمي المصالح الأمريكية في المنطقة، وفي المقدمة من ذلك مصالحها النفطية، وقد جرى تسليح إسرائيل بأحدث الأسلحة الأمريكية، بما فيها الذرية لتصبح أقوى من كل الدول العربية مجتمعة.

وراح الحكام العرب يقدمون التنازل تلو التنازل لحكام إسرائيل بينما يدير لهم الإسرائيليون ظهورهم، واعترفوا بدولتهم، وأقاموا العلاقات معها في السر والعلن، وقدموا المشروع تلو المشروع للصلح معها دون أن تلقى كل تلك المشاريع آذاناً صاغية من حكام إسرائيل، وما تزال إسرائيل تحتل الجولان السورية والضفة الغربية إلى يومنا هذا رافضة تنفيذ كل قرارات الامم المتحدة

في المقابل تفككت الجامعة العربية، وأصبح التضامن العربي في خبر كان،  وظهرت الدعوات لحل الجامعة بدل العمل على خلق تكتل اقتصادي عربي يمتلك كل مقومات النجاح ليكون نواتاً لاتحاد عربي ديمقراطي على غرار الاتحاد الأوربي الذي لا يتمتع شعوبه بمثل الروابط التي تجمع العالم العربي، حيث الأرض المشتركة واللغة المشتركة والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد المشتركة.
لكن أين لنا بتحقيق هذه الآمال المشتركة ما دام العالم العربي يحكمه أنظمة دكتاتورية متخلفة لا تعترف بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتضطهد شعوبها بكل ما تملك من وسائل القمع والإرهاب؟