المحرر موضوع: أم القصاب أيضا تقول الحكم  (زيارة 1125 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عصام خبو بوزوة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 172
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أم القصاب أيضا تقول الحكم
« في: 10:58 07/12/2006 »
أم القصاب أيضا تقول الحكم

الأم هي أو شخص ملام في العائلة على تقصير أو أخطاء أحد أبنائها . ليس الأب هو من يلومها فقط بل المجتمع بأسره وأحيانا حتى مقترف الجريمة أو الذنب نفسه فمن منا لم تمر على مسامعه قصة السارق الذي أوصله تشجيع أمه إلى حبل المشنقة وكان طلبه الأخير قبل أن يعدم هو رؤية أمه وما أن حضرت حتى طلب منها أخراج لسانها ليقبلها فقضمه بأسنانه وقطعه قائلا لها لو لم تشجعيني على سرقة البيضة الأولى لما كنت اليوم هنا . وفعلا فالأم لها تأثير كبير على الطريق الذي سيختاره أبنائها لا بل الكثير منا يقلدون ابسط تحركاتها وتصرفاتها ويقتدون بها ويحملون الكثير من خصائصها طيلة حياتهم وتكون بالنسبة لنا الدافع المحفز للنجاح والتفوق ونتعلم منها العطاء دون حدود بل أحيانا تكون كلماتها منعطفا قويا في تغيير حياة أبنائها ورادعا يمنعهم من الوقوع في حبائل الخطأ فعلى سبيل المثال روى لي جاري قصة جميلة عن أمه التي راقبت تصرفات أبنائها الذين امتهنوا القصابة أو جزر الحيوانات فسألت الكبير فيهم قائلة ترى ما السبب الذي يجعلك تحمل يوميا إلى البيت كمية كبيرة من المال أكثر من أخوك الصغير علما بأنكما تمارسان نفس المهنة وأخوك يجتهد مثلك أيضا ولا يبذر فلسا واحدا على أي شي تافه فأجاب الابن البكر قائلا أمي العزيزة أخي يعمل أكثر مني وبنظافة منقطعة النظير ولكنه يحكم ضميره دائما في كل التفاصيل أما أنا وصديقي نقتنص كل ما يأتينا من فرص فالدابة الميتة أو المخنوقة لحمها لا يميزه الناس البسطاء كثيرا وحيوان بسعر بخس أو رخيص نشتريه ولا نسأل صاحبه من أين لك هذا فقط نشتري ونذبح. ثم ردت الأم مستفسرة مرة أخرى وهل تأتي في نهاية النهار محملا ببعض الأرطال من لحم الميتة والمريضة أو المسروقة ليأكل أبنك الوحيد . وما أن سمع الكلام لم يتمالك أعصابه وصرخ بوجهها قائلا هل جننت يا أمي أم تمكن منك الخرف كيف سيأكل ابني الغالي من لحم مسموم وتوقف متأملا في ما قاله قبل أن يصله تعقيب أمه الصارخ .. أبناء الناس غلاة على قلوب أهلهم وكما تشاء أن يكون لأبنك الأفضل هكذا قدم لزبائنك أيضا لأنهم سيقدمون صنيعة يديك لاحقا لفلذات أكبادهم والقليل بشرف وراحة ضمير أفضل من الكثير إذا كان أساسه الغش والخداع . وبعد أن سمع القصاب حكم أمه العجوز نهض باكرا وفض الشركة بينه وبين صديقه مكتفيا بتربية الماشية بعد أن فقد الدكان .
وهنا أتسأل ومعي كل العراقيون هل كل هذا العدد من جزاري البشر الطليقين في العراق كلهم يتامى ؟ أليس لديهم أمهات أو أية روابط أسرية أخرى تستفسر منهم عن صيدهم وحصادهم ؟ ألا تستفسر عوائلهم عن الدم الطاهر المتلوث بثيابهم القذرة وهم في كل يوم يجزون رؤوس مئات العراقيين تحت مسميات لا تليق بأي دين مدعين بان ذبح الأبرياء جهاد ضد المحتل وإجبار الناس على دفع فديات خيالية تكسر ظهور دافعيها عقاب تستحقه الضحية . لا بل أحيانا يأخذون المال ويرتكبون أشنع الجرائم الخلقية بحق الرهينة ثم يستكثرون عليها الحياة فيقتلونها بدم بارد وعجبي على أمهات وزوجات لا يسألن أبنائهن حول ما الذي سيفعله في رحلته البعيدة عندما يطير قادما من المغرب أو السعودية إلى العراق أو من أين أتيت بهذا المال وماذا لو وضع جزارو القرن الواحد والعشرين أنفسهم محل ضحاياهم . هل سيتمنون تلك اللحظات القاسية لأبنائهم وربما التساؤل هنا عقيم لأن من يجز رأس إنسان بدم بارد ليس إنسان والمخلوقة التي أنجبته ومنحت له حق الحياة لا تستحق أن نسميها (( أم )) لأنها فقدت قدرتها التأثيرية وماتت بنظر ذريتها والناس حتى لو لم تكن ميتة لأن الأم الميتة هي فقط من تعجز عن قول الحكم لأبنائها حتى لو كانوا جزارو بشر ودفعت حياتها ثمنا لتلك الحكم.



                                               عصام سليمان – تلكيف.             


ملاحظة .. غيرت الاسم للسهولة