المحرر موضوع: من الكاريبي الى شرق المتوسط ازمة صواريخ ام ازمة مبادئ؟ جزء اول  (زيارة 772 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوخنا اوديشو دبرزانا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
من  الكاريبي الى شرق  المتوسط
ازمة صواريخ ام ازمة مبادئ؟
جزء اول
توطئة
ما بين  4 شباط و28 منه عام 1962  ,حبس  العالم انفاسه على  اثر  التهديد الجدي من الرئيس الاميركي الشاب الراحل جون  كينيدي   
لدولة الاتحاد  السوفيتي ورجل  الكرملين الراحل نيكيتا   خوروشوف .تحركت  الاساطيل الاميريكية وبدات  تطبق  حصارها على كوبا
واستنفرت قواعدصوريخ الجوبيتروثور في  كل  من  الجزر  البريطانية  وايطاليا وتركيا, لم يقبل الرئيس الشاب باي تهديد لأمن الولايات
المتحدة  بمحاولة نصب الصواريخ  السوفيتية في كوبا. وفي الخفاءكانت  حربا  حقيقية اْخرى قائمة الا وهي حرب  الدبلوماسية التي استطاعت
 نزع  الفتيل , فاطمان  العالم وبالاخص  اولئك اللذين  عايشواهول  الحرب العالمية  الثانية , فككت  الصواريخ الروسية وحملت واعيد ت الى
 مصدرها وكذلك  صواريخ جوبيتر وثور واستحدث الخط  الهاتفي  الاحمر بين  الكرملين والبيت  الابيض لتلافي اْي مشكلة مشابهة لتجنيب  العالم
 حربا مدمرة .اليوم هناك صواريخ  اميريكية تنصب في  اوربا  الشرقية (الدول  المحاذية لروسيا ) وبالمقابل هناك  صواريخ روسية  بعيدة  المدى
 ترسل الى  سوريا  الدولة المحاذية لاسرائيل  فهل تشبه ازمة اليوم ازمة الامس ان  كان  من  ازمة ؟  قطعا لا وذلك للمتغيرات التالية :
اولاً :  اْنتهاء الحرب الباردة:
كان  واضحا  كلام  بريجينيف  لنيكسون حين  استقباله لبداية التطبيع  بين الدولتين واولها ازالة الصواريخ بقوله ان  لم نتفق  فالله  لن  يسامحنا
فككت  الصواريخ وفكك الاتحاد السوفيتي وحل   حلف  وارسو وسقطت التجربة  الماركسية وطفحت على  السطح  التناقضات التي كانت معاشة 
ضمن المنظومة ليس على  الصعيد الاقتصادي فحسب وانما على الصعيد  الاجتماعي ايضا فالقضية القومية  للمنظومة كانت  مكبوتة  اكثر مما كان 
يعتقد بانها محلولة  فسعت اغلب  الدول المنضوية لاعلان استقلالها  كاملا ودول  اخرى احبطت  محاولاتها  بالترغيب  تارة وبالترهيب اخرى .
ثانياً :حرب الخليج وتداعياتها :
من  الخطاْ بمكان الظن ان  سبب تخلي  الغرب  بشكل  عام  والولايات  المتحدة  الامريكية بشكل  خاص عن حليف استراتيجي  قوي ((شاه  ايران))
 سسببه  امتلاكه لجيش قوي ورغبته في تحويل ايران الى  قوة عالمية  ثالثة فكلا  السببين ما زالا  قائمين ,الجيش الايراني  ما زال منظما ومستوعب
 للتكنولوجيا الحديثة وقادرا على  التصنيع الى  حد ما  كمنظومة الصواريخ والمفاعلات النووية المتحدية بها  العالم ولوظاهريا .وكذلك عدم تواني
 قادة  الثورة  ومرشديها عن  تصدير  الثورة بعباءة  اسلامية في ظاهرها وفارسية النزعة في جوهرها .فكان لا بد من ايصال الامام  الخميني الى
 طهران  لانجاح الثورة وترشيدها  بخصوصيتها الانفة  الذكر لمواجهة الصعود المتزايد للقوى(( الاسلاموية والعروبية))  فالغرب  ينظر الى الاسلام
  كمشروع  سياسي اكثر مما  هو مشروع  ديني وهنا يحضرني عنوان غلاف احد اعداد  مجلة المستقبل  ((ايام  صاحبها رياض  نجيب  الريس))
 المنقول بحرفيته عن مجلة دير شبيكل الالمانية اْحذروا الاعلام الخضراء ! ان  روسيا  معنية  بالامر  اكثر من غيرها  من  الدول الاوربية وامريكا
كونها حاوية لجمهوريات اسلامية  ومحاذية  لبعضها , فمن هنا غذيت حربي  الخليج الاولى  والثانية  وسعرت فقسمت العالمين  العربي  والاسلامي
 الى  معسكرين وفي  الوقت  ذاته استطاعت القوى الاسلامية الراديكالية (الشيعية والسنية)  من تاْجيج العداء لبعضهما و لمنظومة العالم الديمقراطي
وكلا التيارين يتخذ  من  وجود اسرائيل ومحاربتها لا بل ورميها في البحر  ذريعة لاستقطاب العالمين العربي  والاسلامي  ,علما  ان  ذلك يتنافى
وجوهر الدين والحقائق  التاريخية وحق  شعوب  المنطقة في  العيش  بحرية  وسلام
ثالثاً:المنعطف الرابع في التاريخ :
 يعتبر بعضهم ان سقوط التجربة  الماركسية وتفكك الاتحاد  السوفيتي  منعطفا رابعا في تاريخ  البشرية  والبعض  يعتبر حرب  الخليج ذاك
 المنعطف اما انا فاميل الى من  يعتبر ماْساة(( 11 ايلول))  المنعطف الرابع .فتداعياتها  ليست  اقل من  تداعيات  الثورة  الفرنسية او من سقوط
 القسطنطينية ((استنبول  الحالية)). فبروزعدو  جديد  معاد  لمفاهيم العالم الحربخلفية  وايديولجية دينية وبعقلية استقصائية متخلفة, معتبرة الله مرشدها
 ونعيم وملذات الآخرة غايتها , والتكنولوجيا الحديثة اداتها,   وعلى البشرية  جمعاء  تحاول  فرض ارادتها  واقامة سلطانها .انه الخطر الداهم  على
 العالمين الغربي والشرقي على السواء وحتى على  الاسلام كدين والعروبة كقومية  .انه عدواً  مشتركاً لكلا الدولتين القويتين ومن يدور  في  فلكهما
 من  العالم الحر ,وميدان  معركته غير محدود وسلاحه رخيص جداً ((حزام وحلم )). ولمواجهته لا بد من  التوفيق بين مصالح دول العالم الحر وبين
 المبادئ والقيم الانسانية العليا ((الوضعية))
اْين المشكلة ؟
اْستطاع  الانكليز ازاحة روسيا القيصرية  من  اتفاقية سايكس – بيكو واسقاط  حلم روسيا القيصرية بالوصول  الى  المياه  الدافئة . ذلك
بمساهمتهم في  انجاح الثورة البلشفية . كما  استطاع روزفلت  بحنكته ان يسقط ذاك الحلم في مؤتمر  يالطا عام  1945 باْغراء  ستالين باوربا
 الشرقية . اما  اليوم فذاك  الحلم تحقق ولوفي  حده  الادنى فها  هي  قاعدتها في طرطوس في ((المياه المعتدلة)) واميركا ليست  في  صدد
ازاحة  روسيا من  البحر الابيض  المتوسط وغير ناكرة لمصالحها في  المنطقة بل  على    العكس ان  اوروبا  وامريكا ترغبان في  دفع
روسيا للعب دورا اكبر في  محاربة القوة الصاعدة ببدائيتها ((العقائدية العصبية)) والمتزايدة سكانيا  بمتوالية  هندسية مستحيل حصرها
وتأطيرها في  المدى  المنظور ,وروسيا الحالية يمكن  اعتبارها مجردة من  المبادئ الى حدما, فهي دولة  المصالح بامتياز .قادتها
الحاليون خريجوا المدرسة الشيوعية ومنقلبين  عليها. (( ليس  هناك اسوء من  الشيوعي حين  يتخلى وينقلب))  هذا على ذمة من رواه
عن  خالد بكداش مؤسس الحزب  الشوعي  السوري . وحتى الكنيسة الروسية تسير  في  خطى  ونهج زعامتها  السياسية والا  ما  تفسير
  سكوت الكنيسة الروسية على ماجرى لمسيحيي العراق ((السريان الكلدان الاشوريين )) من  قتل وهدم  للكنائس والبيوت  وتهجير ممنهج
 لمناطقهم كما حدث لابناء مدينة الموصل واليوم تجاهر بخوفها  على مسيحي سوريا. لست  ادري  كيف ترضى هذه الكنيسة العريقة ان تكون
شاهد  زور ومن وصايا الله   لنا (( لا تشهد  بالزور  -- خروج 20-16 ))
اما  صواريخ اس اس 300 فانا  اعتقد جازما  لم  ولن  تكون في  متناول النظام السوري لضرب  اسرائيل ,فامن  اسرائيل مصان
وخط  احمر ولن  تصل  الى  حزب  الله وان  وصلت فستكون لايران ودورالنظام فقط ((سمسار)) . اما استخدامها سيكون في المعركة
 الشاملة ربما شرارتها  من  سوريا او من  البحرين اومن  اي  دولة  شرق  متوسطية اخرى, وحسب  تعبير الصحفي  والكاتب  القدير
 توماس فريدمان ((ان  اي  دولة مشرقية هي مشروع  حرب اهلية )).
لقد كان لاختيار  السيد باراك  اوباما  رئيسا  للولايات  المتحدة  املا في  عودة  اميركا الى  القيم المثلى المتماشية مصالحها  مع  مبادئها
 السامية المنسجمة مع  رغبة الشعوب المقهورة  المتطلعة الى  الانعتاق والحرية .تلك المبادئ التي هي بحق  قمة القيم الانسانية والتي  هي 
ركائز الديمقراطية  فمن دون ((الاستقلالية والمساواة والعدالة والحرية)) ستبقى الديمقراطية كلمة  خلبية  . واْعتقد انه  آن الاوان  للولايات
  المتحدة وحلفائها الاوربيين وبالاخص الانكليز  اعادة  النظر بسياساتهم خلال العقود المديدة المنصرمة  ,والاعتماد وبناء الصداقة مع  شعوب
المنطقة بدل صداقة حكامها مما  اكسب العالم الحر معاداة  شعوبها .
ان اطالة  معاناة  السوريين  وادخال احلامهم بالديمقراطية الحقة المرتكزة على القيم الانفة الذكر  ضمن  اطار  لعبة الامم  ولعبة  المصالح المجردة 
سيزيد من وجوه ((حليقة  الشوارب وطويلة  اللحى))**. ان  السوريين بارثهم الحضاري  العريق  بعيدون  عن التطرف والتعصب  الاعمى ولكن
 هذا  الدم والدمار في  البنيان  والانسان سيرمي بهم الى ما لا يرغبون. لذا فالمطلوب من دول  العالم الحر, وضع حد  لتقاعسها , بمساعدة السوريين
 لازاحة هذا  الكابوس  على  الاقل  اكراما للطفولة التي  تقدسها واكراما لاولئك الاطفال  اللذين خطوا على  حيطان مدرستهم  باصابعهم الطرية
((سوريا  بدها حرية)) . اني على  يقين ان القوى  الدولية  متفاهمة وان  مؤتمر  جنيف ليس  الخيار  الوحيد .فليعلم الجميع في 
شرقنا ان حربا عالمية  ثالثة ((بين القوى الكبرى )) لن  تقع  وانما حروبا بالوكالة ممكنة وهي  قائمة فأوطاننا اتونها  وشعوبنا مادتها
وتجنبها ووضع حد لها ممكن جداً. فعلى  شعوب المنطقة ومؤسساتها السياسية استيعاب المتغيرات الدولية وعدم محاولة اللعب على
 التناقضات الظاهرية   للقوى الكبرى , بل الاجدى  استيعاب المنعطف الرابع في التاريخ والتعامل  معه  بواقعية.
لقد  افتقدت  بعض  التنظيمات  السياسية السورية  منذ بداية الحراك السلمي لاستيعاب المنعطف الرابع  ,وما  تفسيرتخزينها للسلاح
 الا لفرض  ارادتها  على  ارادة صناديق  الاقتراع حين بدا  لها نجاح الثورة وشيكا . اما  تشكيل الكتائب والاولوية المسلحة
 بتسميات دينية  مذهبية  مجردة ((بعد ان  فرض  على الثورة الدفاع  عن  النفس )) وبدء  الانشقاقات  العسكرية خطاْ فادحاً آخر
فقدمت  للنظام خدمة مجانية على  طبق  من الذهب.لصبغها   الثورة بصبغة دينية طائفية .فاْحجم العالم الحر من  التدخل والتاْني في 
تقديم  المساعدات العسكرية .  واني  على  يقين ان  اغلب  قادة  الالوية والكتائب  تحديدا في  الجيش  الحر قبلوا  بذلك على  مضض
((مكرهاً اخاك  لا  بطل)) لافتقارهم   للسلاح  والمال .
وبخصوص الترحيب  ومباركة  مشاركة الغرباء ذوي الاجندات  الخاصة العابرة للوطنية هو ضيق  افق  سياسي اخر .فثمن المرتزقة
غالٍ كما  يقول  ((ميكيافيلي)). ها هي  سوريا  اليوم  تدفع  جزء منه ((دماً ودماراً))  وباقي  الاستحقاق سيدفع لاحقاً وسيكون  اولئك
المرحبين اول من يدفع . انها مشكلة  وطنية  بامتياز  فتغليب  المصلحة الحزبية  والتنظيمية على  المصلحة  الوطنية الكلية  حطُ للقيم
  وافقار للمبادئ . اْنها في  النهاية تجسيداً  للاْنا الحقيرة والغاء للاخر  الاخ  والشريك في  الدم  والدموع  والدمار والآلام  والآمال
 المتطلع  لغد سوري مشرق جديد  .سوريا  وطنا  وبيتاً للجميع دعائمه  المساواة  والعدالة وسقفه الحرية  .
خلاصة
ان  السلام كان  وما  يزال حلم الانسان ,فكاْنه حالة استثنائية في  الحياة البشرية لكني شخصياً اراه اكثر  احتمالاً من اي 
من  اي  وقت  مضى بسبب ثورة الاتصالات  الحديثة والتواصل الانساني على كل  المستويات  وعلى  كل  الاصعدة
والسوريون بجذورهم الضاربة في العمق  الحضاري من مدرسة حمورابي ((مدينة ماري)) صاحبة المبادئ الاولى في
شرعة حقوق  الانسان مرورا  بالحضارات  المتعاقبة  قادرون  على  تجاوز الصعاب  والقفز  على الاحقاد . وكل ما
نتمناه  من  العالم الحر مد  يد  المساعدة  لاعادة  البناء وستكون سوريا  امتدادا للعالم المتمدن لما في موروثها من قيم
سامية وبعبارة  اخرى نقول  للعالم  المتحضر  اعد  لسوريا  جزء من دينها وفضلها  في  انسنة الانسان
عاشت سوريا بالعز والكرامة  بيتاُ للجميع
كل ما ورد في سياق هذه الكتابة  راْي شخصي مجرد


يوخنا اوديشو دبرزانا
شيكاغو 12 حزيران 2013