الاخ عبد الاحد قلو مرحبا
انت قلت:
(وقد وصلنا الى ان كاليلو كان معتمدا على نظرية (كوبنريكوس صاحب نظرية النظام الشمسي) وبمعنى ان الشمس ثابتة والارض والكواكب تدور حولها ولكن لم يكن له بادلة علمية سوى حركة المياه ما بين مد وجزر والتي اعتبر وفقها بان الارض تدور،
ولكن ألم يكن هنالك وكما يشاع اجراءات رادعة بحق كاليلو بسجنه من قبل الكنيسة وتعذيبه وغيرها من التلفيقات وكما دعوا البعض والذين يتشدقون بالكنيسة الكاثوليكية لتهويل الاحداث في تلك الفترة من القرن السادس عشر.)من المعروف ايضا بين اوساط العلماء (ولا اقول الخريجين من الجامعات لان بين هؤلاء من لا معلومات لهم سوى ما تم تدريسهم في المدارس) من ان غاليلو كان شخص سخيف ووقح وغشاش. وهنا انا اقتبس ما شرحته سابقا :
[ وكانت هذه القصة سببا لإنتهاكات خطيرة إقترفتها مؤسسة الكنيسة بحق علماء منهم غاليلو واليوم تعترف بخطئها. اليوم الكل يعرف ان الأرض تدور والشمس واقفة.]
هل انت تعرف عن اعداد العلماء اللذين عانوا ولكن ليس بسبب الكنيسة ولكن من قبل المؤوسسات العلمية نفسها. اعطيك مثال واحد من 90 مثال لدي حدث خلال التاريخ:
هل تعرف العالم المعروف بمنقذ الامهات savior of mothers
http://en.wikipedia.org/wiki/Ignaz_Semmelweis
هذا العالم كان له ايضا اعتقادات وفرضيات جديدة لم تقبلها المؤسسة العلمية في ذلك الوقت وطلبت منه ان يتخلى فورا عن فرضياته ولكنه اصر عليها وقامت المؤسسة العلمية بطرده من الاكاديمية ووصفته بالاحمق والمجنون وهو ما خلق له مشاكل مع زوجته واضطر الى مغادرة بلده وبعدها مات متاثرا بالمعاملة السيئة التي تلقاها.
هل انت تعرف بهذه الاحداث ؟ كلا لا تعرف . انت تعرف فقط بغاليلو لان قضيته هي سياسية لا اكثر ولا اقل.
كيف يتحدثون عن Ignaz ؟ هم يعتبرون قضيته بان ذلك لم يكن ذنب الاكاديمية العلمية لوحدها وانما كان الذنب ايضا ذنبه. لماذا؟ لانهم يجدون بان كان عليه الصبر لكون فرضياته جديدة وتمثل ثورة تغير المفاهيم العلمية. هم يقولون بدلا من ان يصبر وبان يعمل بالبحث اكثر لايجاد دلائل تقوي من فرضيته وليقنع بها الاخرين بشكل تدريجي فانه اصر على ان يقبل كل الاخرين بحقيقته وبان يعترفوا بها. المشكلة للمؤوسسة العلمية انها لم تكن تملك في ذلك الوقت ميكروسكوبات ليروا الفيروسات الدقيقة التي سماها هذا العالم في ذلك الوقت بالمادة القاتلة
وهذا هو نفس ما جرى في حالة غاليلو. هو جاء بانبوب معدني يحتوي على زجاجيات صنعه بنفسه وشاهده الناس في ذلك الوقت لاول مرة. التلسكوبات حتى في هذا اليوم نحن نعلم بانها تحوي اخطاء, واي طفل اليوم يملك تلسكوب هو افضل بالف مرة من انبوب غاليلو, ونسبة الاخطاء حتى الشركة الصانعة تذكرها. ونحن نعلم ايضا في انها تنقل صور خادعة بسبب الانعكاسات الضوئية. غاليلو كان دعا عدة اشخاص مهتمين بالشأن العلمي في ذلك الوقت وكلهم نظروا من خلال انبوبه الا انهم لم يروا ما راه. هناك مشكلة اخرى في العلم وهي متعلقة بتصورات وتخمينات الشخص, سقوط التفاحة مثلا لم يكن مهم لاي شخص لان لم يكن يملكون تخمينات في راسهم لذلك كان هناك شخص واحد فقط اللذي راى ما لم يراه ملايين من الناس وهو نيوتن. الناس لا ترى كل شئ بنفس الطريقة. عندما تنظر الى السماء فهناك علماء يقولون بان اللون الاحمر يدل على حقيقة علمية ما ويهملون مثلا اللون الازرق بدون اية اسباب, هذا لان كل شئ متعلق بتخمينات واعتقادات.
غاليلو كان وقح هو بدلا من ان يصبر ليقدم براهين جديدة قام بالسخرية من الاخرين واعتبرهم حمقى الخ . ونحن لو ارجعنا الوقت الى الوراء ولو كنت انت تعيش في ذلك الزمن ومؤمن بحقائق يؤمن بها الملايين ثم ياتي شخص ويقول لك بان ما تؤمن به كله خاطئ ويقدم انبوب معدني تظهر فيه نقطتين مضيئتين كدليل ويطلب منك ان تعترف بحقيقته فورا, فانت بالتاكيد ستعتبره مجنون. الكنيسة لم تقل له "انت لا يحق لك ان تبحث" وانما قالت له "هل تملك دلائل على ما تقوله بدلا من خلق بلبلة اجتماعية". ومثل Ignaz فان الذنب كان ذنب غاليلو بنفسه. وفي كل الاحوال فان غاليلو كان كاثوليكي ولو كان صيني بوذي لما استطاع ان يتعلم شيئا.
ما قاله غاليلو قبلها العلم بعد فترة , بعد ان امتلك العلم وسائل افضل, ولو كان العلم قد رفض فرضياته مثل الرفض اللذي تعرضت له عدة فرضيات اخرى لما تذكر غاليلو اي شخص هذا اليوم.
للعلم هناك حتى الان العديد من العلماء اللذين تم اقصاءهم من المؤسسة العلمية وتم طردهم من المختبرات لانهم لا يعترفون بالحقائق العلمية الحالية ويقدمون بدلا منها حقائق اخرى.
وتاريخ العلم اثبت بان الحقائق العلمية غير ثابتة هي قد ترحل الى المزبلة , كان لدينا نظريات وتعتبر حقائق مثل Luminiferous aether و Phlogiston theory وغيرها وهي اليوم لا احد يعترف بها, وهنا اقصد اننا لا نملك وسائل ومعايير موضوعية مطلقة نعرف من خلالها اية نظرية هي صحيحة واية هي خاطئة, هي تتعلق يالمعتقدات وبالثقافة وغيرها من العوامل.
هل انت لك علم بحجم الشكاوي التي يقدمها العلماء والباحثين بسبب عدم نزاهة المؤوسسات العلمية
هنا مثال عن هكذا شكاوي:
http://news.bbc.co.uk/2/hi/8490291.stm
وهذه الحالات كلها لا احد يهتم بها , هم يهتمون فقط بغاليلو لغرض انتقاد الكنيسة ولكن انتقادهم المغرض السياسي هذا لا يستحق منا ان نعطيه اية اهمية.
موضوع الحقائق التي تؤمن بها الاغلبية في كل فترة تاريخية هي ليست بهذه السذاجة والسهولة التي تتحدث عنها.
[/b]
وهو كان غشاش لانه بدلا من البحث اكثر لاثبات فرضياته التجئ الى تغيير صياغة الفرضيات لتتلائم مع القياسات وهو شئ يعد جريمة في العلم وهذا يعرفه من له فعلا علاقة بالعلم.
واعطيك مثال اخر لعالم فلكي معروف جدا اسمه Halton Arp لان قصته مشابهة لغاليلو. انظر مثلا المصادر التالية
Halton Arp: A Modern Day Galileo
Halton Arp is to the 21st century what Galileo was to the 17th. Both were respected scientists, popular leaders in their field. Both made observations which contradicted the accepted theories. Seventeenth century academics felt threatened by Galileo's observations and so, backed by ecclesiastical authority, they ordered him to stop looking. Twentieth century astronomers felt threatened by Arp's observations and so, backed by institutional authority, they ordered him to stop looking.
http://www.bibliotecapleyades.net/ciencia/esp_ciencia_haltonarp.htmhttp://www.thunderbolts.info/tpod/2005/arch05/051102arp-galileo.htmومعناه ان ما حدث ل Halton Arp في القرن الواحد والعشرين هو ما كان قد حدث لغاليلو في القرن السابع عشر
Halton Arp يتم اعتباره هذا اليوم غاليلو جديد. Halton Arp كان لديه مشاهدات بشان الازاحة الحمراء في الفلك ولم يقتنع بالحقائق الحالية التي نؤمن بها نحن الاغلبية فقدم فرضيات جديدة واصر على ان يعترف بها العلماء. فقامت المؤسسة العلمية وبتاييد اغلب العلماء باتهامه بالهرطقة وتم طرده من الاكاديمية ولم يعد له اي حق في الدخول في المختبرات والمجلات العلمية كلها ترفض رفضا قاطعا نشر بحوثه وتم اتخاذ قرار بمنعه من النظر من خلال التلسكوبات العملاقة.
هذه هي نفس ما جرى لغاليلو , ولكن الان هي المؤسسة العلمية من تقوم بذلك وليس الكنيسة, المثير هنا ان لا احد قادر ان ينتقد المؤوسسة العلمية لان اغلبية من ينتقد عمل الكنيسة في القرن السابع العشر هم اشخاص مزعطة لا معلومات علمية لهم ولايستطيعون فهم وقراءة او مواجهة العلماء.
المشكلة لم تكن مع الكنيسة ولا مع المؤسسة العلمية ولا مع غاليلو ولا مع Halton Arp . المشكلة هي اعمق بكثير من ذلك, هي تتعلق بالحقائق التي تؤمن بها الاغلبية في كل فترة تاريخية.
تصور الامر مع Halton Arp : نحن لدينا ما نعتبرها حقائق علمية موضوعية (غير نسبية) وهذا الشخص يشك بها ويدعوا الى رفضها او تدريس نظريته الى جانبها في المدارس. العلماء ان فعلوا هذا ,فعليهم ان يقولوا للطلاب بأن ما يتعلمونه هو ليس حقائق وانما قد يكون كله خاطئ وبان ليس هناك شئ اسمه علم موضوعي وبان كل شئ نسبي (وهذا بالفعل ممكن , من الممكن ان يكون كل ما يتم تدريسه خاطئ لاعلاقة له بالحقائق). ولكن توقف: العلماء ان فعلوا ذلك , فالسؤال هو كيف يمكن تسير العلم بدون حقائق؟ تسير العلم سيكون امر مستحيل.
الحقائق هي ما تؤمن بها الاغلبية . ولكن في كل مرحلة تاريخية هناك من يشك بها مثل Halton Arp مثلا. وهكذا اشخاص ليس بمقدورهم ان يفرضوا اراءهم لان ليس هناك علماء مستعدين الى التقليل من شأن العلم واعتباره غير موضوعي وبانه نسبي. كما ان هذا سيؤثر على العلم ويحدث بلبلة...
وهذا كان تماما ما جرى لغاليلو. الكنيسة لم تقل له "لا تبحث", وانما قالت له "اين اثباتاتك؟" (انظر شرحي اعلاه) والموقف منه كان مثل المؤسسة العلمية الحالية من خلق بلبلة اجتماعية...
العالم والبروفسور والمختص في التاريخ والنظريات العلميةPaul Feyerabend قال:
The church at the time of Galileo was much more faithful to reason than Galileo himself, and also took into consideration the ethical and social consequences of Galileo's doctrine. Its verdict against Galileo was rational and just, and revisionism can be legitimized solely for motives of political opportunism
http://en.wikipedia.org/wiki/Paul_Feyerabendومعناه ان الكنيسة في وقت غاليلو كانت وفية للمنطق أكثر من غاليليو نفسه، وأخذت أيضا بعين الاعتبار العواقب الأخلاقية والاجتماعية لما كان غاليليو يدعو الى فرضه. حكمها ضد غاليليو كان عقلاني وعادل، وتحريف ما جرى في الماضي بالاعتماد على مقايس اليوم هي فقط لدوافع انتهازية سياسية.
وفي كل مرة يتحدث احدهم عن غاليلو فما عليك سوى ان تذكر له امثلتي اعلاه ومنهم Halton Arp اللذي تم اتهامه من قبل المؤوسسة العلمية الحالية بالهرطقة وخلق بلبلة.
انت قلت:
(ولكن حاليا فكل شيء مثبت بأن الكرة الارضية دائرية وهي تدور حول الشمس والطائرات والصواريخ والمركبات الفضائية تخترق الحاجز الصوتي منطلقة في الفضاء ليشاهدوا بان الارض تدور حول الشمس وبانها كروية الشكل)في العلم ليس هناك شئ اسمه "مثبت" , لو كان عندنا ثوابت لكانت الحقائق العلمية بقت ثابتة, ولكنها تتغير مع التاريخ. الحقيقة في العلم تعني ان اكتشاف ما يتم اعتباره حقيقة بغض النظر عن وجود البشر وادراكهم ووعيهم. اي ان هذه الحقائق ستبقى حقائق حتى لو انقرضت البشرية. ولكن المشكلة ان الحقائق العلمية لا يمكن التعامل معها بهذا الشكل. نحن لو قلنا بأن التفاح لونه احمر, فهل هذه حقيقة؟ هل هي فعلا حقيقة لا تحتاج الى ادراكنا ووعينا؟ نحن نعرف بان هذا الشئ "التفاح" يرسل موجات تسقط على العين ويقوم الدماغ بتحليلها ويقول لنا بان هذا اللون هو احمر. طيب هو احمر داخل الدماغ, السؤال هو كيف هو لون التفاح خارج الدماغ؟ هل هو فعلا احمر؟ هل لون التفاح خارج الدماغ هو فعلا احمر؟ هل اللون الاحمر هذا فعلا حقيقة؟ اذا كنا غير متاكدين من صفة واحد للتفاح فما بالك بكل ما نعتبره حقائق علمية؟ كيف يمكن القول بانها ثابتة؟
هذه هي اكبر مشكال العلم. في العلم عندما تضع ايضا شئ لتقوم باخضاعه لتجارب فانت تقوم بنفس الوقت بتدمير بيئته وهنا يصبح امر فهمه شئ مستحيل وهذا كان واضح عند دراسة الذرات والالكترونات....
وليس هناك اي اثبات بان الارض هي كروية, ومشاهدتها من قبل الاقمار الصناعية هو ايضا ليس دليل , لان الحواس لا يتم اعتبارها دليل في العلم. لو اعتمدنا على الحواس مثلا فان الارض ثابتة لا تدور. هناك مثلا نظرية الارض المجوفة Hollow Earth وهي نظرية لم يتمكن اي عالم لحد الان من دحضها لانها تعتمد على فرضيات مثل النظريات الاخرى.
هناك البعض من يتحدث بان العلم يعتمد على تجارب وغيرها وهؤلاء يعطون امثلة ولكن هؤلاء هم اغلبهم من ياتي بامثلة من المدارس المتوسطة والثانوية او من الجامعة وهي كلها لا علاقة لها بالبحث العلمي الحقيقي. البحث العلمي الحقيقي هو المختص بالبحث عن نظريات جديدة . هناك مثلا مهندس قد يتحدث عن وضع الحديد في المختبر واجراء تجارب مختبرية لمعرفة خواصه كالشدة والتحمل والتمدد... هذه ليست تجارب حقيقية, هذه هي عروض علمية , الشخص هنا لا يقوم باي شئ , هو يملك جهاز وافقت عليه الجهات التقنية, ويملك جداول تحوي ارقام ويقوم بمقارنة الارقام التي يعطيها له الجهاز مع الارقام الموجدودة في الجداول , فاذا وجد ان الارقام لا تختلف عن المعايير فيعتمد عليها والا لا.
التجربة الحقيقة هي التجربة التي نحن لا نعرف نتائجها. عندما يكون هناك نظرية جديدة , فكيف ستثبتها؟ نحن سنحتاج الى جهاز قياس. طيب كيف سنعرف من ان الجهاز يعطينا ارقام صحيحة حقيقية غير خاطئة؟ هذا الشئ سنعرفه عندما يكون لدينا جهاز افضل منه. طيب وكيف سنعرف بان هذا الجهاز الجديد يعطي معلومات صحيحة ؟ الجواب عندما يكون لدينا جهاز افضل بكثير... وهكذا سندخل في متاهة لا نهاية لها. وهذا كان ما يجري في الموقف من نظريات مثل نيوتن واينشتاين حيث انهم في كل مرة كانوا يقولون باننا بحاجة الى جهاز قياس افضل...
اذن السؤال هو كيف تطور العلم وعلى ماذا يعتمد العلم؟
الجواب هو: العلم يعتمد بشكل كلي على الايمان. وتطور العلم كنت انا قد شرحته وقدمت امثلة عنه حول كيف ان المسيحية اثرت على الثقافة التي هيئت المناخ المناسب لقبول بالنظريات الحالية وهنا اعادة لامثلتي:
نظرية التطور اخذها داروين من الدين
سفر التكوين:
وقال الله: لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا، وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه... وقال الله: لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها...
هذه عبارة عن خلق غير مباشر ولهذا لدينا نظرية تطور.
قانون حفظ الطاقة: لان البشر امنوا بالله اللذي خلق الكون، فان المادة والذرات ليست ازلية ولا تستطيع ان تستحدث نفسها وان الله قادر على تحطيهما يوم القيامة، لذلك امن الناس في حينها بقوانين حفظ الطاقة . وبدون هذه القوانين ما كان ممكننا ان نملك المعادلات الفيزيائية .
قوانين الطبيعة : لان البشر امنوا بالله وبانه كلي القدرة فلابد ان تكون قوانينه ايضا كذلك. لذلك اعتبر العلماء حينها بان قوانين الطبيعة هي يجب ان تكون ايضا كلي القدرة. والا ما كان لدينا اليوم قوانين طبيعة كلي القدرة. اي ما كان لدينا اليوم العلم اللذي نعرفه
انا اردت تقديم شرح اكثر لان هناك من يتعامل مع كل هذه الامثلة اعلاه مثل تلك عن غاليلو بكثير من السذاجة. واعتقد بانني ساقوم باعادة كتابة مداخلاتي وانشرها في مجلات مثل مجلة الفكر المسيحي القسم الفلسفي والعلمي.
تحياتي