ميلاد السلام
تطل علينا ذكرى ميلاد المسيح هذا العام فيما العالم تتنازعه حروب وفتن من كل جانب وتلعب بمصيره مطامع من كل نوع : فلا تكاد بقعة من الأرض تخلو من منازعات على حدود تفرز إقتتالاً مستميتاً يذهب الأبرياء ضحيته ، ولا يكاد بلد ينجو من فتن داخلية إستثارتها بني الظلم المتجسدة في أنظمة تستخدم القمع والأرهاب وسيلة لغرض أطاعها الشريرة . ولا يكاد شعب من شعوب العالم ينعم بالهدوء والأستقرار طالما أن هناك أيديولوجيات عن اليمين ، عن الشمال ، تنغص عليه العيش بما تفرزه من " قيم " تهزأ بكرامة الأنسان وتذهب رغباته الأساسية في الحرية والعدالة والسلام..
مشكلة العالم الرئيسية اليوم هي أن البشر لم يعودوا أنهم أخوة وإنهم يؤلفون أسرة كبيرة واحدة ، مهما تناهت المسافات بينهم ، وأية كانت إنتمائهم العرقية والقومية والوطنية والدينية مهما إختلفت أنظمة الحكم التي تسوسهم. وأن أكبر خطر يهدد البشرية بالتصدع والتفكك والدمار ليس هي الحرب في حد ذاتها ، وإنما في تناسي تلك الأخوة الأنسانية التي من شأنها أن تقلص المسافة بين الشعوب وتقضي على الحواجز والحدود وتعمق التضامن والمحبة من أجل خير البشرية جمعاء. وأن تناسى الأخوة بين البشر وفقدان الوعي بضرورة التعاون والتضامن لا يقودان إلى الحرب بين الدول والشعوب وحسب ، بل هما في أصل كل المنازعات والأحقاد على كل درجات السلم الأجتماعي. بين أفراد أسرة الواحدة وبين أبناء الدين الواحد والطائفة الواحدة وبينهم وبين أبناء الاديان الأخرى والطوائف المختلفة. أن هذه الصراعات والمنازعات بين البشر ، للميلاد رسالة يحملها ولطفل بيت لحم كلمة يقولها إن نحن أحسنا الأصغاء أليها وقبلنا متطلباتها دون تردد أو حذر . ففي ليلة الميلاد أشرق النور على البشرية الساكنة في الظلام ليحمل إليها رسالة الحب والسلام. ( المجد للّله في العلى وعلى الأرض السلام ، والرجاء الصالح لبني البشر ) ، ولا يمكن أن تمر ذكرى ميلاد رسول الحب والسلام دون أن يكون لها صدى في نفوس كل الذين في العالم أجمع ، يسعون إلى بناء عالم أفضل، عالم يقوم على أساس الحق والعدل والحرية والسلام..
فليكن ميلاد المسيح الذي يزرع الحب والأخاء بين البشر ، ميلاد سلام ومصالحة لشعبنا العزيز في العراق ولشعوب العالم أجمع..
اء
حنا يونان / ميونخ / ألمانيـا
