المحرر موضوع: ظاهرة الغياب و التغيب في دوائر الدولة الأسباب والعلاج  (زيارة 17491 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رحيم جبر السلامي

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ظاهرة الغياب و التغيب في دوائر الدولة
الأسباب والعلاج
رحيم جبر السلامي
rh_m41@yahoo.com 
لاشك أن هناك الكثير من الأمراض الاجتماعية التي تعصف بالمجتمعات وتنخر في بنيتها التحتية وتهضم حقوق الناس ومصالحهم وتخرق القانون وتؤثر سلبا على اقتصاد البلد وتعرقل مسيرته في البناء والتقدم ، هي بحاجة إلى علاج ناجع ، ومن هذه الأمراض وأبرزها الفساد الإداري .
إن تعريف الفساد الإداري : هو تجاوز المصلحة العامة لغرض المصلحة الخاصة  وما ( ظاهرة الغياب والتغيب في دوائر الدولة ) إلا أحد تلك المصاديق ، إذ أن الفرد الذي يعتاد على الغياب إنما يفضل مصلحته على المصلحة العامة والدائرة التي يعمل فيها . دون الالتفات إلى أن صورة الموظف المثالي والناجح والطموح سوف تهتز لدى عامة الناس ، ناهيك عن الضرر الذي يلحقه بالاقتصاد الوطني .
إن ظاهرة الغياب ليست بالجديدة على مجتمعنا وهي ظاهرة سلبية غير حضارية وقد تكون متأصلة عند البعض ومكتسبة عند البعض الآخر، حتى أصبحت في عراق اليوم حالة عامة ، بل وفي بعض الدوائر هناك غياب أو هروب جماعي دون وجود أي مبرر لذلك الفعل ، لذا يجب أن يستأصل هذا المرض الخطير من مجتمعنا للنهوض بواقع البلد ، ومعالجة تلك الظاهرة بأسلوب علمي ناجح من خلال تشخيص مسبباتها ومن ثم معالجة تلك الأسباب معالجة جادة بحيث يمكن الحد منها أو أستأصالها قدر المستطاع ، وكذلك دراسة الأسباب التي تدفع بعض الموظفين إلى التغيب ، والمقترحات والحلول التي يمكن أن تعالج هذه المشكلة ، وأن تشخيص تلك المشكلة وأسبابها لا يتم بمعزل عن المشاكل الأخرى كالمشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها وقد تكون تلك المشاكل سببا مباشرا للغياب ويكون الغياب نتيجة لتلك العوامل . 
ما هو التفسير الحقيقي للغياب ؟
ــ بغض النظر عن معنى الغياب لغة ً واصطلاحا ً، فإن للغياب معنى آخر ، هو لا يعني بالضرورة انقطاع الموظف عن العمل أو عـدم تواجده في دائرته فـقط بل يعني كذلك عدم القيام بالعمل المكلف به ، ولهذا قد يكون الموظف موجدا في مقر عملة ولكنه لا يؤدي مهامه فعلا أو يغادر الدائرة لساعتين دون استئذان مديره لإنجاز أعماله الخاصة خارج الدائرة أو أن ينام ذلك الموظف أثناء الدوام الرسمي منزويا ًفي أحدى غرفها أو يتجول في أروقة الدائرة وغرفها ويقضي معظم دوامه في التزاور مع زملائه والثرثرة في أمور لا تخص العمل الذي يتقاضى من أجله راتبه ،  وما إلى ذلك من هدر للوقت ، وأن ذلك الوقت الثمين الذي يسرق هو السبب المباشر الذي يجعل من الغياب جرما يحاسب علية الشرع والقانون . 
وبحسب الشارع المقدس فأن الموظف هو أجير عند الدولة وبينهما عقد من الحقوق والواجبات وقد رضي كل منهما بهذا العقد وأن الموظف الذي يتغيب عن الدائرة إنما هو يسرق الوقت ويخل بالعقد المبرم وبالتالي لا يحل عليه راتبه ، وأن ما يتقاضاه من أجر على الأيام التي غاب فيها بدون عذر أو بدون إذن من المسئول هو سحت حرام .
أسباب الغياب:
هنالك أسباب خاصة تختلف من شخص إلى آخر، ومنها عامة يشترك فيها الجميع سواء بقصد أو بغير قصد.
الأسباب الخاصة
1-   إن الموظف الذي يعتاد على الغياب هو شخص ضعيف الإرادة تجاه نفسه ، ويضعف أمام أي مشكلة تواجهه.
2-    عـدم الشعور الوطني بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، وهو مؤشر على ضعف الثقة بين الأفراد والدولة .
3-   ضعف الوازع الديني أو الأخلاقي لدى البعض.
4-   عـدم الإخلاص أو حب العمل المكلف به ، مما يؤدي إلى عدم الرغبة في الدوام .
5-   عـدم الإحساس بالذنب عند ممارسة عملية الغياب ، وإعطاء النفس مرونة وأشعارها داخليا بالارتياح عند ارتكاب ذلك الجرم.
6-   إعـطاء النفس مبررات واهية لتبرر له ذلك الفعل ، كون أن العمل الذي يقوم به غير هام وأن البلد لا يتوقف على عملة ، أو أن الراتب الذي يتقاضاه لا يستحق الجهد.
7-   توتر العلاقة بين الموظف وزملائه أو مع المسئول ، مسببة الإرباك في استقراره النفسي وتأثير ذلك سلبا على العمل.
8-   وضع المرأة الموظفة الخاص كونها زوجة وأم تقع عليها مسؤولية ادارة بيتها وشؤونه فضلا عن متابعة أولادها ما يسبب تداخل التزاماتها ومشاكلها العائلية مع الوظيفة . فعلى الموظفة الفصل بينهما وأن لا يؤثر كل ذلك على أداءها الوظيفي .
  الأسباب العامة:
 ما يخص وضع البلد وسياسة الدولة والتي تؤثر سلبا على أداء الموظف وعلى الدولة العمل على:
1-   فك الاختناقات المرورية في الشوارع والسيطرات ورفع الحواجز الكونكريتية والأسلاك الشائكة للتقليل من صعوبة المواصلات لضمان عـدم تأخر الموظف عن دوامه الرسمي .
2-   توفير الظرف الأمني الذي يكفل للموظف العمل بيسر وأمان .
3-   العمل على توفير حياة حرة كريمة للمواطن من خلال توفير الخدمات وحلحلة الأزمات ، كأزمة السكن والوقود وغيرها .
4-   رفع المستوى المعيشي للموظف وسن القوانين التي تحميه من غوائل الزمن .
5-   تقليل الفارق الكبير في الراتب بين الموظف والمدير وهم يحملون الشهادة العلمية نفسها .
هذا فضلا ً عن عوامل أخرى تؤثر على الأداء الوظيفي وأقباله على الدوام ، منها :
1-   المحسوبية : هناك بعض الموظفين يكثر تغيبه عن الدائرة بحسب علاقته مع المسئولين والمدراء ، وبالرغم من أن للمدير صلاحيات تخول له مساعدة الموظف ولعل الشرع يجيز بعضها على أن لا يتقاطع مع القانون وأن لا يتجاوز المسئول صلاحياته ويعمل حسب رغباته وأهواءه ومزاجيته على حساب المصلحة العامة .
2-   عمل الموظف بعد الدوام طلبا للرزق لعدم كفاية الراتب مما يؤدي إلى تسربه أو خروجه من الدائرة قبل انتهاء الدوام الرسمي
3-   الأحباط الذي يشعر به الموظف نتيجة ظلم المسئول أو عدم كفاءته .
إذ أن الأحباط الذي يصيب الموظف المستقيم في عمله يدفعه إلى الغياب خصوصا ً يصبح ضحية لأخطاء الآخرين .
4-   شعور بعض الموظفين بالغبن بسبب عـدم احتساب خدمتهم بنظام العقد في دوائرهم ، أو خدمتهم في دوائر أخرى سابقة ، أو عـدم احتساب خدمتهم العسكرية ، أو أمور أخرى كثيرة كل ٌحسب حالته ، هذا مع عـدم قناعة الكثيرين بسلم الرواتب وبالتالي عـدم قناعتهم بمقدار الراتب المخصص لهم والذي لا يغطي تكاليف الحياة .       
العلاجات:
منها عامة وأخرى خاصة وحسب الأسباب التي أسلفنا في ذكرها
العلاج العام:
1-   تشكيل لجان في الدوائر لدراسة حالة الغياب وعلاج كل حالة على حده.
2-   زج الموظفين في دورات تطويرية ترفع من شأنهم وكفاءتهم مما يعود بالإيجاب عليهم وعلى دوائرهم من خلال أبداعهم .
3-   اتخاذ إجراءات إدارية رادعة بحق الموظفين الذين أدمنوا على هذا المرض وعـدم التهاون معهم لكي لا يتفشى هذا المرض بين جميع منتسبي الدائرة .
4-   أن يكلف مدير الدائرة موظفيه بأعمال حقيقية تنهض بالدائرة وتحقيق ذاتهم ومتابعة نشاطاتهم . 
5-   أن يأخذ المدير أو المسئول دوره الأبوي في علاج ظاهرة الغياب بدلا من أسلوب التهديد والإكراه ويستنهض في موظفيه الشعور بالمسؤولية من خلال عقد لقاءات دورية لمعرفة المشاكل التي تعترض الموظفين وظرفهم النفسية والاجتماعية ، ليضمن بذلك موظفا منتجا ومحبا للعمل .
6-   اعتماد النظام الالكتروني في تسجيل الحضور والانصراف ( البصمة ) .
العلاج الخاص:
وهذا العلاج للأشخاص الذين أستأصل فيهم هذا المرض.
1-   تهذيب النفس وتجاوز حالة الإحباط والثقة بالنفس وحب العمل.
2-    احترام القانون والتعليمات الخاصة بسلوك الموظف أثناء وجوده في العمل .
3-   التماسك وتذليل الصعوبات التي يمر بها الفرد.

هذا بالإضافة إلى إن هناك أسباب كثيرة بحاجة إلى دراسة مستفيضة لا تسع بحثنا المتواضع هذا .