تعقيب على ندائي: " يامهاجرين ارجعوا"
الى الاخوة الغائبين الحاضرين
تحية طيّبة
اود ان اعرّب عن شكري لكل من ردّ او عقّب أو علّق على ندائي، ولا ضيرّ ان تجاوز أحدٌ في ما كتب.. اني اب و اخ ولا يمكن ان احقد على احد.
في كلمتي يوم تنصيبي بطريركا قلت:
"اني لست من السذاجة بحيث لا أرى اين نحن نقف وما هي التحديات والمخاطر، ولا اقبل ان اضع عُصبًا سوداء على عينيَّ لحجب رؤيتها. مسؤوليّتي جسيمة والتركة ثقيلة، لكن آملي بكم كبير لمواجهة الواقع بجرأة وموضوعية ووضوح".
انني لست حالماً ولا واهماً ولا سياسيًّا ولا قوميًّا متطرفًا ولا مسيحيًّا منغلقاً ولا أمسك بعصا سحرية، انا ابٌ وراعٍ وخادم ٌ قدر المستطاع على مثال يسوع للانجيل والناس. اني جذريٌ لا اقبل ان اعيش على الحدود ولا ان اسير في حبل معلق على الهواء. ندائي " يا مهاجرين ارجعوا" صدر عن رؤيتي للواقع في الداخل والخارج وعن تحليلي للتطورات الحاصلة في العراق والمنطقة وعن خطورة عدم تمكننا من تواصلنا في الساحة ان استمرت هجرتنا، أ ليست مسألة البقاء والتواصل مصيرية؟.
لم يكن في نيتي بأي شكلٍ من الاشكال احراج احد او اهانة احد او تجريح احد، لكنني من منطلق مسؤوليتي وحرصي شددتُ على التعلق بالوطن والارض والاهل والجيران وعلى لعب دورنا كمسيحيين " ساعين للسلام".. هذه تقاليدنا وقيمنا، يقينا ان الارض ليست ملكوتا – فردوسا ولا منفى ولا صحراء ولا ذاكرة محنطة لشكل الوطن والناس!
دعوتي كانت للجميع، لمن يريد ان يسمع ومن لا يريد. دعوة قد تكون صرخة في البريّة بالرغم من ان البعض وعد بالعودة، فاهلا وسهلا بهم فسوف نُعيّد لهم ونحتفل بهم..
اني في عائلتي عشت مأساة الهجرة: اخي الاصغر توفي في اسطنبول واخي الاكبر في عمان وكنت دوما معترضاَ على الهجرة ولم اشجع او اساعد ايا من عائلتي عليها لكنني احترمت اختيار كل واحد. في وقت الحصار كنت كاهنا وكتبت مقالتين عن الهجرة وويلاتها وافرازاتها، في حين لم يصدر عن الكنيسة الرسمية رسالة رعوية او تصريح بهذا الخصوص، وهذا باعتقادي خلل جسيم.
أخواتي،
الفسحة امامنا واسعة، وبمقدورنا الان وليس غداً عمل شيء كبير ان تكاتفنا و تعاونا بمحبة وسخاء. عندها يقوم البناء رويدا رويدا باختلاط عملنا ومهاراتا واسمائنا وباختلاف وجوهنا، وستتدفق الحياة وما أجملها!
ليتحول كل واحد من الكلام الى الفعل!
البطريرك لويس روفائيل ساكو
بغداد 19/10/2013