مأساة الهوية في تسمية الكنائس الآشورية
كثيرا ما أخذت مسألة تسميات كنائسنا وقتا طويلا من النقاشات والمهاترات الغير مبينة سوى على الطائفية، وكلنا علم بأن هناك الكثيرون من الآشوريين الأوثوذوكس يؤمنون بأنهم "سريان" قوميا، وكذلك آشوريون كاثوليك يؤمنون بأنهم "كلدان" قوميا، كما هناك قلة قليلة جاهلة من أبناء كنيسة المشرق تؤمن بأن القومية الآشورية محصورة في كنيستهم.
كل هذه السموم تبثــّـها كنائسنا جميعا وبدون استثناء وبطرق خبيثة مقنـــّــعة بكلمات جميلة في مواعظ يوم الأحد الذي تحوّل في بعض "الإمارات" الكنسية (الأبرشيات) إلى يوم فتنة بسبب تدخل رجال الدين فيما لا يفهمونه، أو ما لا يريدون أن يفهموه.
لو تطرقنا قليلا ومنطقيا إلى أسماء كنائسنا فلا نجد أي منها يستحقّ مجرّد الذكر، وذلك كما يلي :
1- "كنيسة المشرق للآشوريين" - عيتا دمدنخا دآثورايي، إسم عنصري يحصر كنيسة المشرق الجامعة بقومية معينة علما أن هذا يغالط مفهوم المسيحية، وحتى مفهوم كنيسة المشرق وتاريخها المجيد، كونه كل من انتمى إلى هذه الكنيسة فهي له، وليست لـ"الآشوريين" تحديدا. ولكن يمكن تسميتها "كنيسة المشرق الآشورية" ولا داعي للفوضى في ترجمتها إلى عدة لغات بحيث يتم استعمال إسم مختلف في كل لغة. (بالعربية والإنكليزية : "كنيسة المشرق الآشورية"، بالآشورية : "كنيسة المشرق للآشوريين").
2- "الكنيسة الكلدانية" : عيتا دكلدايي ، بطريرك الكلدان (باطريركا دكلدايي) ترجمتها "الحرفية" في العربية : "كنيسة العرّافين" ، "بطريرك العرّافين" وهذا ليس رأينا بل رأي اللغويين وخصوصا كبار رجال الدين الآشوريين الكاثوليك (الكلدان) ومنهم المطران أوجين منــّـا في قاموسه الذي يفسّر "كلدايا" بالعربية إلى "عرّاف" ولا يتطرّق بتاتا إلى الإنتماء الكنسي الدارج اليوم تحت هذه التسمية، التي تناقض الكتاب المقدّس والمسيحية. أما في تعريفة للكلدانية (كلدايوثا) قيذكرها كعلم السحر والعرافة وليس أمة. بينما في تعريفة لكلمة "كلدايا" حشـَـر نفسه في علم الإنتروبولوجيا زاعما أن أن هذا الإسم يطلق على كلدان اليوم بكل صواب، أي أن أبناء الكنيسة الكلدانية هم منجـّـمون بحسب تعريفه الآخر.
3- "الكنيسة الســُـريانية" (السوريانية) : تاريخيا هي "كنيسة سوريا" (سوريا بالتعريف اليوناني وليس تعريف اليوم)، أي أن كل من انتمى إليها سمّي "سورياني" بغض النظر عن انتمائه القومي (آشوري، عربي، آرامي، هندي ...) وليس لهذه العبارة أي معنى باللغة اليونانية سوى "سوري"، أما بالإنكليزية فكانت "آسيريان" (آشوري)، لذلك قام قادتها بتغيير الإسم إلى الترجمة الإنجليزية إلى عبارة مضحكة وهي
Syriac Church علما أن "سيرياك" بالإنكليزية تعني "لغة سوريا" بحسب قاموس "ويبستر" (
*) ، وبذلك يصبح إسم الكنيسة السوريانية بالإنكليزية : "كنيسة لغة سوريا"، حتى ذهب البعض من أبنائها بتعريف نفسه بالإنكليزية على أنه "سيرياك" إي أنه "لغة سوريا" كشخص. وتوضح لنا الوثائق الصادرة عن الكنيسة "السوريانية" بأنها كان "آسيريان" بالإنكليزية قبل نشوء الفكر الإنفصالي فيها (إنظر الوثائق أدناه).
للأسف إن سبب مشكلة التسمية لدى الشعب الآشوري هو بالدرجة الرئيسية هو مواعظ رجال الدين لشعبنا الشرقي العاطفي الطائفي، ولو استعملنا كل إسم في مكانه لتوحّدنا بالإسم الآشوري بدون منازع كون الآشورية ليست محصورة بكنيسة معينة ولا كنائسنا جميعا محصورة بقومية معينة، وهذا ما يجب أن ننطلق به كآشوريي القرن الواحد والعشرين/ واسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم ..
الهوامش : (
*) : قاموس ويبستر (Webster’s Dictionnary) هو من أهمّ المراجع العالمية، والذي يجتمع لإنجازه عشرات علماء الجغرافيا والتاريخ واللغات ويتطلب إنجازه سنوات.
الصورة رقم 1 : تعريف العلامة اللغوي (وليس المؤرّخ) أوجين منــّــا لعبارة "كلدايا" – "كلدايوثا" – "إتكلـِّـد" ...
الصورة رقم 2 : آب/1952 - رسالة من مطران الولايات المتحدة وكندا للسوريان الأوثوذوكس، مار أثناثيوس يشوع صموئيل (لاحظ الثقافة اليونانية) لأبناء رعيته حين يبرز إسم الكنيسة كـ" الكنيسة الآشورية الأورثوذوكسية"، وفيها ينادي كل "آشوري" من كنيسته للتقرّب من الكنيسة والمساهمة في تربية الأجيال القادمة.
الصورة رقم 3 : تموز/1979 – صورة عن وثيقة زواج صادرة من "الكنيسة الآشورية القديمة" (إقرأ الإسم الإنجليزي)، تركيا ، إسطنبول
آشور كيواركيس بيروت