في تقرير متسلسل .. عنكاوا كوم يستطلع آراء مسؤوليين و مثقفين و اعلاميين عراقيين حول تسهيلات هجرة المسيحيين والدعوات للبقاء
(الجزء الثاني)
عنكاوا كوم- بغداد- نوري حمدانيتناول "عنكاوا كوم" في هذا التقرير المتسلسل والمطول آراء عينة كبيرة من مثقفين ومسوؤلين وإعلاميين ونشطاء مدنيين حول هجرة المواطنين المسيحيين إلى خارج البلاد بعد أن تصاعدت الأصوات التي تستنكر هجرة أحد أعرق المكونات العراقية وتدعوهم للبقاء في وطنهم.
ومن أكثر من مليون قبل الغزو الأمريكي للعراق إلى نحو 300 ألف مواطن حالياً، وفي ظل التقارير التي تشير إلى أن ثلاث عائلات مسيحية تهاجر العراق يومياً، اتفق الجميع على انتقاد تسهيل هجرة المسيحيين ورفضها والرغبة بالبقاء في الوطن وسط مخاوف وتحذيرات مما يتعرض له أبناء شعبنا المسحيين، كذلك طالب بعض التقاهم "عنكاوا كوم" بضرورة عدم تهميش المسيحيين ومنحهم حقهم سياسيين وفرصهم في العمل.
ومن خلال رفضهم لنشر صورهم أو حتى ذكر أسمائهم، تتلمس الخوف والحذر الذي يعيش به أبناء شعبنا من المسيحيين في العراق، ولكن جميع من قابلهم "عنكاوا كوم" أكدوا رغبتهم في البقاء في أرض أجدادهم العراق وعدم الهجرة في حال وجود الأمن والاستقرار وتوافر فرص العمل والعيش وتمتعهم بحقوقهم الدستورية والمدنية والدينية كما دعوا الذين يطالبونهم البقاء في الوطن أن يسعوا لهم في تحقيق هذه الشروط.
الجزء الثاني
"المسيحيون.. عانوا الكثير من المضايقات في مدن عدة في الشمال والجنوب" يقول الكاتب والإعلامي
موفق الرفاعي "تتعرض العديد من مكونات المجتمع العراقي في مدن يشكلون فيها أقليات دينية أو مذهبية أو عرقية إلى الاضطهاد والى المضايقات بهدف تهجيرهم من أماكن سكناهم. المسيحيون على وجه التحديد عانوا الكثير من هذه المضايقات في مدن عدة في الشمال وفي الجنوب وحتى في العاصمة بغداد. المضايقات التي تعرض لها المسيحيون تنوعت فتدرجت بدءا من سد سبل العيش أمامهم ومحاربتهم في أرزاقهم والتضييق على حرياتهم الشخصية والدينية حتى بلغت حد استهداف أرواحهم فردياً بالاغتيالات وأحياناً عن طريق (الإعدامات الميدانية) وجماعياً عن طريق التفجيرات، وما جرى لكنيسة سيدة النجاة هو دليل فاقع على ما ذهبتُ إليه".
ويعتقد الرفاعي أن "منظمات إرهابية ومليشيات هي الأخرى إرهابية تقوم بمثل هذه الأعمال الإجرامية لإفراغ العراق من أقلياته وبخاصة المسيحيين تنفيذاً لمخططات تعتمدها أحزاب سياسية طائفية تمهيداً لرسم خارطة جيوسياسية جديدة تتفق وأهدافهم خدمة لمخططات تقسيم العراق أو من اجل إخضاع جميع المكونات لتصورات ورؤى تلك الأحزاب ضيقة الأفق والنظر".
أما الحل، فيرى الرفاعي "بالضغط على الحكومة المركزية والحكومات المحلية لمواجهة مثل هذه الأعمال بحزم وبتأمين الحماية اللازمة والكافية للأقليات. اعرف أن هناك دعوات من قبل بعض الأقليات الدينية والعرقية تشكيل حمايات من أبناء المناطق لكن هذا برأيي لن يحل المشكلة وربما زاد من تعقيدها وسوف يصب مثل هذا الإجراء في النهاية في مصلحة من هم وراء مخطط التقسيم ما يهدد وحدة المجتمع العراقي".
"الهجرة هي نتاج سطوة العولمة الرأسمالية" ويقول الطبيب والإعلامي
الدكتور مزاحم مبارك إن "ما يحصل وما يجري من تلاعب بتصميم خارطة جديدة للعالم وفق المنظور والنهج الطائفيين ما هو إلا نتاج سطوة العولمة الرأسمالية للسيطرة على العالم من خلال التدخل المباشر وغير المباشر في أمن الشعوب بواسطة الاصطفافات الطائفية والإثنية، فنتج عنها انفلات حقيقي للإرهاب والذي أخذ يضرب بكل الاتجاهات مستهدفاً الأنسجة الاجتماعية المتنوعة كي تبقى الأراضي رخوة والأواصر مفككة من أجل سهولة الاستيلاء على الثروات وبقاء تلك الشعوب في قلق دائم إضافة إلى التشغيل المستمر للماكينة الحربية والمسيحيون هم جزء من هذا الاستهداف حالهم حال كل شرائح المجتمع الأخرى بحجة إقامة الدولة الإسلامية بعيداً عن الأعراف الإنسانية والدستورية وحقوق الإنسان لذلك لجأ المواطنون المسيحيون وكل مواطن يبحث عن ملاذ آمن إلى أسلوب الهجرة فأصبح البلد شئنا أم أبينا خالياً من الكثير من العقول والمهارات والخبرات، والحل الوحيد يرتكز على تشكيل الدولة وفق المبادئ الدستورية الإنسانية، تشكيل دولة مؤسسات، دولة المواطنة، وليس وفق المحاصصة الطائفية الأثنية".
"المسيحيون انتمائهم للوطن العراق ولا يمكن لأي احد محاولة التشكيك" ويقول الكاتب والإعلامي
محمد الساعدي إنه "في البدء علينا أن نعطي مقدمة صغيرة، عن الواقع الاجتماعي للعراق أرضاً وشعباً، فقد عاش الشعب العراقي بمكوناته عشرات من السنين، في وطن واحد اسمه العراق، ومن هذه المكونات هم الإخوة المسيح الذين هم جزء لا يتجزأ من هذا النسيج، فتاريخهم ووجودهم في ارض الرافدين حاضر، ولا يمكن لأي احد محاولة التشكيك أو زعزعة هذا الانتماء. إن تهجير الأخوة المسيح هي ظاهرة جديدة قديمة، وبرزت في محافظات محدد وهي الموصل، والتي يتعرض فيها المسيح إلى التهجير والإقصاء، وهو مخطط كبير تقوده الأجندات السياسية بمعاونة قوى الظلام، لتعيير الديمغرافية السكانية للموصل، في محاولة لفرض الهيمنة على الموصل، وتحوليها إلى مرتع للإرهاب في مرأى ومسمع من الحكومة المحلية.
ويوضح الساعدي أنه "في العام 2006، تصاعدت وتيرة العنف الطائفي والقتل على الهوية، فأصبح السني يُدفع إلى مناطقه، والشيعي يهجّر إلى الأماكن الشيعية، والسبب رغبة البعض في إحداث تغيير ديموغرافي في العراق، فهناك من يريد تقسيم العراق إلى مناطق سنية وأخرى شيعية، وعندما وجد هؤلاء أن المسيحيين العراقيين ظلوا متمسكين بموطنهم في مختلف مدن ومناطق العراق انطلاقاً من عراقتهم وعراقيتهم، أدركوا أن المسيحيين لم يفهموا الرسالة، لذا عمدوا لاستخدام الأسلوب الجبري والقسري حيث استخدموا القتل والتهجير والإرهاب لإجبار المسيحيين على هجر وترك مناطقهم التي يعيشون بها منذ عقود، فالهدف واضحاً تغيير ديمغرافية العراق، وتفريع العراق من مكوناته، ليحل محله الأقنعة السوداء، والإرهاب الأسود".
"هناك استهداف واضح للمسيحيين" ويؤكد الإعلامي
هشام الفاخر أن "هناك استهداف واضح للأخوة المسيحيين كون الوضع الأمني غير مستقر لذلك، فهم كغيرهم من العراقيين يتعرضون إلى القتل والتهجير والإبادة الجماعية". ويعتقد أن الحل "يكمن بتوفير أجواء آمنة لهم فضلاً عن دعم حكومي ومعاملة خاصة من قبل الدولة حتى يجدوا سببا للبقاء".
"ما يحدث من تهجير قسري هو برنامج قد تكون الحكومة ضعيفة في السيطرة عليه" ويشير الإعلامي
مهدي محمد كريم إلى أن "ما يحدث من تهجير قسري هو برنامج قد تكون الحكومة ضعيفة في السيطرة عليه كونها مخترقة من كافة الجهات الاستخبارية والمخابراتية الإقليمية والعالمية وهناك مشروع لإفراغ البلد من طائفتين مهمتين وهم التركمان والمسيح واستبدالهم باستقدام طوائف أخرى كانت في فترة من الفترات قد سكنت العراق".
ويوضح أن "المخطط أكبر من السيطرة علية كون هناك جهات سياسية مشتركة في الحكومة هي من تسعى إلى فرض هذا الواقع فما أن يتحرر البلد من تلك الجهات عندما يصبح القرار جماهيري قد لا تكون هناك حلول لطالما بقاء الطائفيين والإثنيين على دفة الحكم قد تعانى تلك الطوائف من حرب قد لا تنتهي أو الهدف هو أفراغ البلد من هذين المكونين أن الحل هو البحث عن تيار مدني جامع لجميع طوائف الشعب العراقي بقائمة واحدة من اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية بعيدة عن الطائفية والحزبية والاثنية الضيفة وهذا ما تسعى وسعت إليه القوى المدنية بدخولها الانتخابات البرلمانية القادمة بتلك القائمة واعتقد بأنه الخلاص بإنقاذ البلد والمواطن من تلك المخططات الأجنبية والتي تدار من قبل بعض الأحزاب السياسية والمتنفذة في البلد".
"الإحساس بالغربة داخل الوطن.. أحد أسباب هجرة المسيحيين العراقيين" وقالت الشاعرة والإعلامية
سلوى البدري إن أحد "أهم أسباب الهجرة بل في مقدمتها، هو الإرهاب الذي طال الجميع، وثانياً إحساسهم بالغربة داخل وطن، ربما لكونهم أقلية، وثالثاً التهميش والإقصاء، والأفظع من هذا محاولات طمس الهوية التي بات الكثيرون يخشون منها، فكلنا نعرف الأصول التي ينحدر منها إخوتنا المسيحيون، من سكان أصليين لهذا البلد، ومحاولة الطرف الآخر جعلهم تابعين لهم وادعاء الحماية.
واضافت أن "الكل يعرف أنهم طرف في المعادلة التي يراد لها الإقصاء والتهميش لقد باتوا هؤلاء يشعرون بالخطر يحيق بهم ، وهذا ما دفعهم إلى الهجرة إلى الخارج".
يتبع... "عنكاوا كوم"