المحرر موضوع: ملتقى الفلم الوثائقي في كوردستان حالة إبداع مبهرة  (زيارة 600 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فوزي الاتروشي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 289
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ملتقى الفلم الوثائقي في كوردستان حالة إبداع مبهرة

فوزي الاتروشي

اذا كانت الصورة الواحدة تعادل فعلا" ألف كلمة في زمن العولمة المعلوماتية ، وإذا كانت السينما كفن سابع قد حلت منذ زمن محل الكتاب كخير جليس في الزمان .
فان هذا الفن يستحق ان تتوجه اليه الأنظار وتكرس له الإمكانات ليحتل المساحة الأبرز من المشهد الثقافي ، باعتباره فنا" يضم بين دفَتيه فنونا" اخرى فالسينما تعني الفكرة او الحكاية او القصة ومن ثم السيناريو والحوار والصورة واللون والموسيقى التصويرية والدراما بكل ماتعنيه من تقمص للحياة بما فيها من مشاعر حزن وفرح ومظاهر وظواهر تشكل في مجملها المشهد الحياتي اليومي .
في الفترة من 13 - 15/ 12 / 2013 كنا على موعد  مع ملتقى الفلم الوثائقي الكوردي الثالث في مدينة السليمانية حيث التقى السينمائيون الكورد من مختلف أجزاء كوردستان وضيوف من العراق إضافة الى خبراء أجانب في لجنة التحكيم .
وعلى مدى ثلاثة ايام استمتعنا بمشاهدة ( 39 ) فلما" وعالج كل فلم مشكلة اجتماعية او بيئية او صحية او إنسانية بشكل احترافي وبتقنيات عالية اقترنت بذكاء مفرط للكاميرا في تصوير اللقطات بخبرة ووعي . 
فلم (سياحة غير عادية ) الذي فاز بجائرة أحسن فلم يصور مغامرة شاب كوردي بالسفر من كوردستان الى لندن عبر تركيا واليونان وايطاليا وفرنسا وسويسرا وصولا" الى لندن وكل ذلك بجواز مزوَر ، واللافت ان هذا الشاب صور كل معاناة المرور بهذه الدول والمعوَقات التي واجهها في الطريق بكاميرا شخصية ، فكان بذلك فلما" ممتعا" يصور حكاية واقعية تعالج مشكلة يعانيها المئات من الشباب الهارب الى البر الأوروبي .
اما فلم ( المجزرة ) فقد ركز على قصة الصبي الهارب من ديالى حيث العمليات الإرهابية اليومية التي تحصد حياة الأبرياء الى السليمانية للعمل في ( مجزرة)لذبح الحيوانات وهناك يعايش معاناة الحيوان اليومية ما يولد لديه مشاعر خوف من نوع اخر فتبدو حياته محصورة بين مجزرتين حيوانية وإنسانية وكأن الذبح هو المشهد الوحيد الذي عليه معايشته .
وأبدع فلم ( الموبايل ) في تسليط الأضواء على حالات التحرش الجنسي والإشكاليات والمشاكل التي يولدها الاستخدام السيئ لجهاز اخترع لخدمة البشر في شتى المجالات ، وبذلك القى الضوء على ظاهرة اجتماعية بدأت تشيع في العراق . وكان لكل من فلم ( مشاريع مياه سنحاريب ) و ( التلوث في مناطق حقول بابا كور كور ) في كركوك الأثر الطيب في تركيز الأضواء على مواضيع بيئيه نحن في امس الحاجة اليها لرفع الوعي البيئي .
وبدون ان نخوض في تفاصيل حكايات كل فلم ، نقول انها اجتمعت على ربط المضمون بالشكل اي سرد الحكاية في إطار جمالي فني وتقني عالي المستوى .
ان هذا الملتقى السينمائي وغيره من الملتقيات السينمائية في مدينتي اربيل ودهوك تؤشر بوضوح الى حدوث انعطاف جميل في مجرى تطور فن السينما في الإقليم ، والذي جاء نتيجة تراكم الاهتمام به من قبل وزارة الثقافة والشباب في الإقليم وللتلاقح الحاصل بين السينمائيين في كوردستان والعالم ، وعدم فرض خطاب إيديولوجي دعائي على مواضيع الأفلام ، وأخيرا" الأسلوب اللامركزي في ادارة السينما والمسرح فهناك الان في كل محافظة في الإقليم مديرية للسينما واخرى للمسرح بميزانيات مستقلة مناسبة تعمل على الإنتاج وتمويل السيناريوهات واكتشاف ورعاية الكفاءات والمواهب ، واذا قدر لمعهد السينما ان يفتتح قريبا" بخبرات محلية وأجنبية فانه سيشكل خطوة رائدة حاسمة للتأسيس لسينما حقيقية في إقليم كوردستان .
ان ملتقى الفلم الوثائقي الكوردي الثالث في السليمانية واسمه (جرا -  قنديل ) كان بحق قنديلا" مضيئا" يفتح الباب على بيادر خير وعطاء سينمائي في كوردستان العراق .


                                                                                     17 / 12 / 2013