المحرر موضوع: اللعب على حبال المرحلة ...  (زيارة 539 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسن حاتم المذكور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 562
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اللعب على حبال المرحلة ...
« في: 01:16 19/01/2014 »
اللعب على حبال المرحلة ...

حسن حاتم المذكور
مرحلة سوداء , امتداد لمرحلة بعثية اكثر سواداً , يلعب على حبالها
المتدربون حديثاً من بهلوانيي العملية السياسية , محكومين بشروط مهماتهم , لهذا
يفضلون ان يبقى المتفرج مكبوساً داخل قاعات العرض المشترك , تقدم له عبر فضائيات
ووسائل اعلام اخرى ما هو جاهز او مكتشف من احدث ما تنتجه مخيلة السماحات والفخامات
والسعادات من مستحضرات التخدير الشامل , حتى لا يستيقظ الجمهور العراقي ليجد نفسه
وحده الملعوب فيه وعليه , ويدرك ابعاد اللعبة واللاعبين وهم ذاتهم لملوم حكومة
الشراكة , الذين اجتمعوا حول طاولات الوقيعة المستديره والمستطيلة ووقعوا على
مواثيق شرف خيانات بعضهم , وهم ذاتهم اللذين شاخت سمعتهم من داخل حكومات التصالح
والتوافق والتحاصص , ثم يغادر بهلوانيات العرض , مما يضطر اصحاب السيرك ومموليه الى
تغيير الوجوه والغاء الأدوار ثم تعويضها بما هو تحت الطلب في مشاجب السفالة .
اللعب على حبال المرحلة وتبادل الأدوار وخلط الأوراق , اكتسبت قدر
كبير من السرية والغموض ومهنية الأغراء , جعلت الجمهور مجذوباً بمغناطيسية الرعب
والخوف على نفسه والأنشطار عن ذاته مشحوناً برغبة التنكيل بالشقيق الآخر , وبحبر
دمائه مرسوم له حدود جغرافية الأحقاد والكراهية وشهوات الألغاء والأجتثاث , هذا
الموعد البائس مع القدر يتم من خارج حدود الأنتماء الوطني وبالضد من هوية
المشتركات , هنا تكون الأنشطارات فاجعة والأنقسامات اكثر فضاعة , واصبح استذكار
هوية المواطنة وعراقية الأنتماء , خطوط حمراء مكهربة بالمشرعنات وفرية الهذيان من
خارج مربط القطيع المدجن .
زمر اللاعبين على الحبال , تميزهم روائح التبعية ومفردات التخلف وادلجات
عابرة التاريخ وتراكمات احقاد وكراهية منغلقة , افرغت ضمائرهم من جينات التراث
الوطني وتقاليد العلاقات الأجتماعية الحميدة والقيم الأنسانية لثقافة المحبة
والتآخي ورغبة التعايش السلمي .
العراق ومثلما هو غني بثرواته وحضاراته وعراقة تاريخه , غني ايضاً
بزمر الفساد والمغامرات الدموية , هناك دائماً جيوش ومليشيات وتيارات نصف نائمة , هناك
القاعدة وداعش وشبكات استخباراتية لدول مجاورة , هناك احزاب اسلامية تقاتل العقل
وتطارد الوعي بأقدم واحدث مستحضرات الأستخراف الشامل , رموز ومؤسسات فساد تبتلع
الدولة وتذل المجتمع , تستطيع ان تسقط حكومة او تشعل فتنة , الآن وحتى المواجهات
بين فصائل الأرهاب والقوات المسلحة العراقية , ورغم دعمنا المطلق للحق العراقي
الذي يمثله الجيش وابناء الأنبار في الموجهات الراهنة , تبقى المخاوف مشروعة , مصحوبة
بالدعاء لتجنب العراقيين شرور الأحتمالات غير السارة , عندما يكشف الواقع عاجلاً ,
على ان الأمر لا يتعدى كونه فصول اضافية لسيرك ( وطني !!! )  يلعب على حبال المرحلة , تم توقيت ادواره قبل
الأنتخابات بأشهر قليلة , لتكون سبباً مقنعاً لضرورة استمرار اطراف حكومة الفساد
الراهنة تمارس بهلوانياتها لأربعة سنوات قادمة , فرصة اضافية لأكمال مشروع اقلمة
العراق ثم تقسيمه جغرافيات سهلة الأبتلاع اقليمياً ودولياً, هذا اذا سمحت امريكا
في ان يتجاوز مشروع التقسيم القائم على الأرض فعلاً  حدود الأعلان عنه رسمياً , حيث يناسبها ان يبقى
العراق معلقاً بحبل مهالكه .
امريكا , التي سمح مشروعها بأقامة حدود المواجهات المؤجلة حول
المتنازع عليها بين المكونات العراقية , نقاط احتكاك معلقة لا يمكن تجاوز خطوطها
الحمراء , وضبط ايقاع المفتعل من الصراعات حتى لا تخرج عن اطار الفوضى الخلاقة
التي اعتمدتها وصنعت رموزها الطائفية والقومية منذ 2003 .
افتتاح السيرك يسبق دائماً مشاريع حان قطافها , بتوقيت غريب وادوار
اغرب  يمثل اللاعبون ادوارهم بأنفعالية
ومفاجئات مباغتة , من كتب السيناريو ومن جمع ودرب كل تلك المجاميع المتحركة ؟؟؟,
القاعدة وداعش والبعث الصدامي , ترتدي كل الوان الطائفية , اعتصامات سلمية
المفخخات ذات مطاليب مشروعة الراجمات والمضادات , مجالس عسكرية لتصدير الموت
العراقي , يقابلها استنفار استفزازي لا يقل طائفية عن الشقيق الآخر لوجه العملة , حكومة
شراكة تتراشق بأتهامات التسقيط ثم تتوافق وتتحاصص من داخل المنطقة الخضراء, ومن
خارجها يتواصل نزيف ومعاناة الأبرياء .
الأغرب والأكثر فاجعية , وعلى ذات حبال الوجع العراقي , فرق عريقة
باللعب على الحبال , تعيد الآن تمثيل ادوارها التاريخية بكل زخم بداوة وجاهلية
وتخلف بهلوانيات الأرتزاق والغدر الجهادي, ادوار مؤجلة الكوارث , مرة بأسم الصحوات
واخرى مجالس الأسناد, ومؤتمرات برعاية ودعم جنرالات الأيمان, وبأسم عشائر الدولة او
دولة العشائر, يتم اجتثاث آخـر مظاهر الحياة المدنية للمجتمع العراقي , انه
الكارثة تعلن عن نفسها عبر التحالف المصيري بين النظام العشائري والأنغلاق
الأيديولوجي للمؤسسة الدينية .
اللعب على حبال المرحلة, اتسعت رقعته , مخدرات لمسخ الشخصية العراقية  جعلت المواطن متعطشاً لرؤية حالته المثيرة للضحك
والسخرية , ليأخذ قسطه الطائفي كضحية ادمنت الأيمان بالعلاقة الروحية والمادية بين
رقبة وعيه وسكين شعودة الأستئصال  .
18 / 01 / 2014
 mathcor_@yahoo.de