المحرر موضوع: الكنيسة الكلدانية راسخة كالقلعة الشامخة  (زيارة 1075 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

                                   الكنيسة الكلدانية راسخة كالقلعة الشامخة

       تتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال، ويبدأ بوزن الامور برؤية تشاؤمية انتقامية حاقدة متمنيا أن تسير كما يريد لها المسير، وهذا  عندما تتحكّم بالإنسان نوازع الشر الكامنة و تصل به حالة اليأس الى مرحلة متقدّمة، تنتابه هواجس فكرية مظلمة ما نراه يحدث لبعض الأفراد المتجلببين بالرداء الكلداني ظاهراً لينظر إليهم بأنهم خِراف هادئة في قطيع الكنيسة ولكنهم في الحقيقة ذئاب خاطفة يتحينون كل فرصة لينهشوا من جسد الكنيسة.
           يقول بعض هؤلاء المخاتلين ذارفي دموع التماسيح على مصير الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، بأنهم يخشون من انشقاق قد يحدث في الكنيسة، ويعزون ذلك الى تدخّل الكنيسة التوجيهي في سلوك أبناء شعبها روحياً وإنسانياً وقومياً ويدخلوه بتعمّدٍ في قالب
( السياسة) وهو أبعد ما يكون عنها، وإليكم بعض الأمثلة على ذلك:- ترى، ما هو الوجه السياسي عندما اجتمع سينودس المطارنة الكلدان لانتخاب بطريرك جديد للكنيسة في النصف الثاني من عام 2003 ؟ وهل يدخل عدم حصول أيّ مرشّح منهم على العدد الكافي من الأصوات وإن تعدّدت المحاولات للفوز بالمنصب البطريركي في عداد المنافسة السياسية كما فسّره أحدهم؟ أليس هذا هراء وافتراء؟
وهل عندما قام مطرانان كلدانيان بمباركة جهود المساهمين في المؤتمر القومي بكل صفاء نية للإتفاق على التسمية المركبة التي تطلبتها الظروف السياسية الآنية رغم عدم اقتناعهما بها كان عملاً سياسياً؟ وماذا عن تحريفهم لأقوال غبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي أيام كان مطرانا وحتي بعد أن انتخب بطريركاً حيث قال منذ البداية بأن التسمية المركبة ليست تسميةً قومية لشعبنا، نقبلها مؤقتاً لظروف فرضتها السياسة ولكننا في الحقيقة والواقع غصنان من شجرة واحدة يتميزان عن بعضهما فنحن كلدان وهم آثوريون، هذا ما قاله غبطته ولا زال ثابتاً عليه باقتناع كامل، أما المطران سرهد جمو فلم ينطق إلا بما يؤكده التاريخ بأن الكلدان قومية ذات جذور أرسخ من أية قومية ظهرت على أرض بلاد ما بين النهرين، وهو تأكيد لقول البطريرك بأننا كلدان وهم آثوريون، فهل إن الإقرار بما أفرزه التاريخ يدخل في نطاق السياسة؟ إن تصريحات آباء الكنيسة الكلدانية بعيدة عن السياسة ، إنها توجيهات وإرشادات لأبناء امتهم وكنيستهم لتقوية ايمانهم روحياً وانتمائهم قومياً، وعبثاً يحاول المنافقون السياسيون المتمرّدون من أبناء الكلدان المغرّر بهم جهلاً أو إغراءً لقيادة حملة عدائية شرسة ضد الكلدان ورعاة كنيستهم ، فيا لبؤسهم وخيبة فألهم، إن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية هي جزء حي من أجزاء الكنيسة الكاثوليكية الجامعة الاعجوبة الحية المبنية على الصخرة البطرسية التي قال عنها مؤسسها المسيح الرب له المجد أن أساطين الجحيم لن تقوى عليها.
        إن ما ينشده من يسمّون أنفسهم بالوحدويين وهم في الواقع مخرّبون من وعيدهم وتهديدهم للكنيسة من خلال مقالاتهم الهزيلة لغةً وفكراً وهدفاً وهذا ليس تهكماً بهم بل واقعاً ملموساً، هو ثني الكنيسة الكلدانية عن إغناء أبنائها بالتوجيهات والإرشادات السديدة في المحافظة على ثرائهم الروحي وصلابة انتمائهم القومي الكلداني، ولكن هيهات، إن الكنيسة مطمئنة على رسوخها في قلوب وضمائر أبنائها المؤمنين، ولن يؤثر فيهم خداع ونفاق المارقين، والمؤامرات التي تدبّر ضدّها تحت ذرائع تضليلية غدت مفضوحة ولن يكون نصيب القائمين بها إلا المهانة والخذلان ، لماذا تتهمون أبناء الكلدان المدافعين عن قوميتهم بالشوعيين الامميين، إنني وإن كنت في ضد من إنكار الشيوعية للدين، لكنني اقر واؤيد كل مبادئها المبنية على خدمة الإنسان وأعتبرها الأقرب الى المباديء التي نادى بها المسيح الرب له المجد ، لماذا تنكرون على المؤمن  بالأفكار العلمية للشيوعية المجاهرة بقوميته الكلدانية؟ وهل بالإمكان الإنكار أن الشوعيين كانوا أبرز المدافعين عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وها هم الكلدان الذين تتهمونهم بالشوعية مثل صارخ في دفاعهم عن قومية شعبهم الكلداني وحقوقه.
      لقد تعرّضت كنيسة المشرق الكلدانية الأصل والمنشأ منذ تأسيسها الى اضطهادات قاسية من قبل الفرس الفرثيين والساسانيين وعلى مدى سبعة قرون، ولذلك آثر أبناؤها الكلدان الوقوف الى جانب العرب المسلمين في طرد الفرس من بلادهم بلاد ما بين النهرين ولأن العرب المسلمين في القياس الأعم يكنون الإحترام للدين المسيحي، ومع ذلك لم يسلم المسيحيون الكلدان من الظلم والإضطهاد على أيدي الولاة العرب المسلمين القساة ثمّ المغول الغزاة فالعثمانيين الذين تميّزوا بممارسة سياسة العنف والإستبداد والتي عانى منها الكلدان المسيحيون، ورغم كل هذه المآسي كانت الكنيسة تدافع عن أبنائها بكل ما كان لديها من القوّة، وبعد اندحار الدولة العثمانية وقيام الحكم الوطني في العراق إتسم بنوعٍ من العدالة النسبية حيث روعيت مصالح الكلدان المسيحيين بإصدار بعض القوانين بخصوصها ونظر إليهم كقوّة مؤثرة ثقافياً وسياسياً وادرجوا تحت اسم ( الطائفة الكلدانية) برز منهم رجال ساهموا في نهضة الدولة الفتية على الصعيد الثقافي والسياسي والديني واستمرّ هذا العطاء حتى زوال النظام الديكتاتوري في التاسع من نيسان عام 2003 .
     فالكلدان الذين اعتنقوا الديانة المسيحية منذ أوائل القرن الميلادي الأول وأسّسوا كنيستهم (كنيسة المشرق) التي ارتبطت بكنيسة روما الكنيسة الكاثوليكية الجامعة لمدى ما يزيد على أربعة قرون حيث اانفصلت عنها في القرن الخامس بسبب البدع المذهبية التي ظهرت آنذاك، واجبرت على تبنّي المذهب النسطوري تحت الضغط السياسي الذي لا مجال لشرح تفاصيله الآن وبقيت عليه حتى قيام الغالبية العظمى من أبنائها باستعادة مذهب آبائهم وأجدادهم المذهب الكاثوليكي وارتباطهم بكنيسة روما الكاثوليكية الجامعة ثانيةً في منتصف القرن السادس عشر، إلا أن فئة ضئيلة جداً من أبنائها أصرّت على البقاء في المذهب النسطوري وانفصلت عن إخوتها، وواصلت تسمية كنيستها بالكنيسة النسطورية، بينما إخوتهم استعادوا اسمهم القومي الكلداني وسمّوا كنيستهم( الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية) التي هي الوريثة الشرعية بحق لكنيسة المشرق، وأبناؤها الكلدان المعاصرون هم الشريحة الحيّة والحصيلة النهائية الباقية من شعوب بلاد ما بين النهرين الأصليين ولهم يعود إرث حضارة وادي الرافدين، ويقدّر عددهم اليوم بما يقارب المليون نسمة غالبيتهم موجودون في وطنهم الام العراق والبقية في بلاد المهجر المختلفة.
      وبناءً الى الدور المشرّف التي أدّته الكنيسة الكلدانية وأبناؤها في التطوّر الحضاري للعراق قديماً وحديثاً، لها كل الحق أن تدعم جهود السياسيين من أبنائها في مطالبتهم بالإعتراف بالكلدان دستورياً كقومية أثنية بين مكوّنات الشعب العراقي لضمان حقوق الكلدان السياسية والادارية والثقافية والدينية التي تشتمل على تمثيلهم العادل في مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، منحهم الحقوق الثقافية ليتسنى لهم فتح المدارس الخاصة وتدريس لغتهم القومية وإقامة جمعيات ثقافية وأندية اجتماعية، عودة المهجّرين من أبنائهم الى قراهم وبلداتهم والمساهمة في تعميرها، فهل مساندة الكنيسة لأبنائها هو تدخّل بالسياسة؟
كما يطمح الكلدان بتطبيق نظام ديمقراطي تعددي في العراق يحقّق المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات لكل أطياف الشعب العراقي .

الشماس كوركيس مردو
في 19/ 8/ 2005