المحرر موضوع: تشجيع العامة على القراءة العلميّة !  (زيارة 757 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
تشجيع العامة على القراءة العلميّة !

مقدمة :
قادني مقال (مَن هو المثقف ؟) نُشِرَ مؤخراً  للدكتور خالد منتصر ,الى قائمة بعشرين كتاباً ,ينصحُ بها العامة ب (( الثقافةِ العلمية )) !
وهذا حسب ظنّي لأجل تحسين طرق تفكيرهم بالإبتعاد عن (القراءة الصفراء) والإقتراب قدر الإمكان من الطرق العلمية المنطقية العقلانية .
أوّل هذه الكتب التي أنزلتها على جهازي ربّما تأثراً بإسم المؤلف الذي أعتبره معلّمي الثاني في الحياة (الأوّل هو د.علي الوردي بالطبع ) .
هو التالي :
[ مقتطفات من كتاب فصول من الكتابة العلمية : د. ريتشارد داوكنز]
في الواقع كنتُ قد كتبتُ ( وتناوبتُ على ذلك مع صديقي الكاتب / شامل عبد العزيز) في الأعوام الماضية العديد من المقالات عن هذا العالم البايولوجي الفذّ (د. ريتشارد داوكنز) وتأثرّه بداروين وعلومه وأفكارهِ .
وأفرغنا بعض أفلامهِ وشرائطهِ على النت بشكل مقالات أثارت الإهتمام والحوار والجدل في حينها !
وحسب ظنّي فإنّ داوكنز يهّمهُ كثيراً وصول أفكاره العلمية الى عامة الناس . لذا هو سار على ذلك النهج الذي إتبعهُ بعض العلماء بالكتابة العلمية ,لكن بطريقة أدبية مشوّقة ,وأحياناً شاعرية أو رومانسية !
***
في الواقع ,شعوبنا البائسة إستطيبت أو (إستظرفت) النوم في العسل !
وتُجّار الدين يستسهلون العمل في الدين ,كونهم يعرفون أنّ هذا الطريق لا يحتاج الى جهد عضلي ولا حتى عقلي ويكسبون به أيضاً لقب عالم دين .
وفي نفس الوقت يدّر عليهم ((الملايين)) من السلاطين والأتباع على حدٍ سواء .لمجرد إصدارهم فتاوي حقيرة لقتل الناس ,والأمثلة حولنا أكثر من الهّم على القلب !
إنّ قراءة الكتب الصفراء (التي يسمونها تراثيّة) ,هي أحد أهمّ أسباب تخلّفنا لما تحويه من  أكاذيب , تقود الى تناقضات خطيرة في شخصية القاريء .لكن العامة تُقدم عليها لسهولتها حيث لا تحتاج دماغ صاحٍ .
يخدعون أنفسهم والناس بظنّهم أنّهم يتثقفون بتلك الكتب لتنفعهم في الدنيا والآخرة .
بينما الكتب العلمية , مكروهة ودمّها ثقيل عند العامة , فيهجروها رغم أنّ فيها تجارب وحقائق ونظريات وفرضيات تخاطب العقل السليم والمنطق القويم وحتى الفطرة الإنسانية السليمة .
والآن سأختصر لكم بعض السطور المُتفرقة من فصول الكتاب المذكور أعلاه ,والتي أعجبتني شخصياً .وهي من عرض وترجمة (شفيق السيّد صالح) .وتدّخلي لا يتعدى الحركات والفواصل وبعض الأمثلة لتقريب الفكرة .وسأجعل المقال بشكل أجزاء , للتسهيل على القاريء الكريم .
******
الجزء الأول / لماذا تتغيّر الأشياء ؟
العالم الكيميائي (بيتر أتكنز ) مواليد 1940 في بريطانيا ,و اُستاذ في جامعة إكسفورد , يقول عنه د. ريتشارد داوكنز ما يلي :
[أنّهُ أرقى كُتّاب الأدب العلمي ورائد في خفة الدم العلمية  .
واُستاذ في الكتابة الشاعرية التي تتغنى بعجائب العلم !]
***
ويحدّثنا (بيتر أتكنز) في كتابه (التفكير في الخَلق) عن نوعيّة الطاقة المُنتجة للحضارة مقارنةً بتلك التي تهدم ولا تبني .
فيقول في فصل : لماذا تتغيّر الأشياء ؟
التغيير يتخّذ أشكالاً عديدة منها بسيط مثل /إستقرار الكرة بعد أن تتقافز على الأرض ,أو ذوبان الثلج .
وهناك تغيير أكثر تعقيداً مثل / الهضم والنمو والتكاثر والموت !
بينما هناك تغيّرات غاية في الرهافة مثل/ تكوين الآراء أو خلق ورفض الافكار .كل تلك الأمثلة إنّما هي مظاهر للتغيير منبعها واحد !
***
يضيف أتكنز :إنّ التغيير المُنظّم , والتحايل للوصول الى نهاية ما
(مثل محصول الزرع أو تكوين الرأي)
تدفعهُ نفس الأشياء التي تجعل قفز الكرة يتوقف والجليد يذوب .
كلّ التغيّرات (كما سأبيّن) تنبع من الإنحدار نحو الفوضى !
إنّ البُنية العميقة للتغيير ... هو التحلّل !
وما يتحلّل هو ليس كميّة الطاقة , بل نوعيّة الطاقة !
خلال مسارها نحو التغيير , تتبعثر الطاقة أو تتوزع بشكل فوضوي !
(مثل إنهيار بيت مبني من ورق اللعب)
وبالطبع عندما تتبعثر الطاقة فإنّها تفقد قوتها الأصلية في التأثير!
إذن نوعية الطاقة وليس كميّتها هي التي تنتشر في الفوضى .
***
إنّ التحكّم في التحلّل , هو ما يُنتِج الحضارات وكلّ أحداث العالم والكون بأسره !
إنّهُ مسؤول عن كلّ التغيّرات الملموسة التي تحدث للأحياء والجماد !
وما نعنيه بنوعيّة الطاقة هو مدى تشتّتها !
فالطاقة العالية النوعية /هي طاقة متمركزة في المكان Localized
لكن الطاقة المنخفضة النوعية(المهدرة) فهي طاقة منتشرة بشكل فوضوي
ويتّم حدوث الأشياء عندما (( تتركز)) الطاقة .
لكن عندما ((تتشتت)) الطاقة فإنّها تفقد قدرتها على إحداث التغيير .
***
مثال للتوضيح من كاتب السطور :
الإنسان الغربي (عموماً) يعمل بنوعيّة أفضل وينتج أكثر , كونه يركز تفكيره وجهده وطاقته في عملهِ .
لكن في حالة إنشغال عقلهِ (أوبالأحرى خلايا دماغهِ) بأشياء اُخرى كالموت وعذاب القبر والحياة الأخرى والجنّة (وحورياتها وغلمانها) .
أو بظلم الحاكم وفساد الحكومة وفقر الحال ..وما شابه .
فإنّ طاقتهِ تتشتت (تنتشر بشكل فوضوي) .. فلا ينتج إلاّ قليلا !
وكلّنا يعلم تأثير الحُكام الطُغاة وتُجار الدين البُغاة ,على حياتنا !
***
خلاصة فكرة أتكنز , بصيغة اُخرى :
كلّ الأفعال هي سلسلة من التفاعلات .
كلّ الآليات موجودة في التفاعلات الكيميائية من الفكرة الى الفعل .
التفاعل الكيميائي في أبسط صورهِ / هو إعادة ترتيب للذرات !
الذرّات في ترتيب معين تُشكل نوعاً من الجزيئات .
لكن في ترتيب آخر ,ربّما بالحذف أو الإضافة تشكل نوعاً مختلفاً .
هذا ينطبق على سلوك البشر الذي هو أيضاً سلسلة من التفاعلات .
قد تُنتج أفعاله حضارة متقدمة .
أو قد تقود أفعاله (في ترتيب آخر للذرات والتفاعلات) الى هدم الحضارة الموجودة أصلاً !
مثال آخر :
لاحظوا هذه المقاربة بين التفاعلات الكيميائية و حضارات الشعوب !
في بعض التفاعلات يتغيّر الجزيء في الشكل فقط .
مثال :النهضة العمرانية في بلاد (البترو أوالبدو دولار لو شئتم) .
هذه نهضة شكليّة ظاهرية وليست جوهرية تمتد الى جوهر الإنسان .
لكن في تفاعلات اُخرى يتبنى الجُزيء بعض الذرات المُهداة إليه من جُزيء آخر ,فيحتويها ويصبح مركب أكثر تعقيداً .
مثال : الولايات المتحدة الأمريكية التي تقبّلت هجرات البشر من مختلف الأنواع  والأعراق ,وإحتوتهم بطريقة معقولة ( كانت ظالمة للبعض في البداية ) فتشكلّت حضارة هي الأقوى المعروفة الى يومنا !
***
الجزء الثاني :
داوكنز يتحدّث عن معلمهِ داروين !
يقول د. ريتشارد داوكنز عن العالم الشهير( جارلس داروين ) وكتابه الأخير عن الديدان ,الذي كان بعنوان (( تشكيل التربة بواسطة الديدان عن طريق ملاحظة عاداتهم )) وكتبه عام 1881 ... يقول داوكنز ما يلي :
كنتُ مُحتاراً حول حُبّ داروين  للطبيعة في عملها الصغير الدؤوب (يقصد دراسته لعمل الديدان في التربة) , ورغبته الجامحة في إرساء المباديء التي تحكم التطوّر و التأريخ الطبيعي العلمي .
ظللتُ محتاراً حول هذه النقطة , وتسائلتُ هل كان داروين واعياً لما أنجزهُ عندما كتب سطورهِ الأخيرة ؟
أم أنّهُ كان ينطق من حدس داخلي كما يفعل العباقرة أمثاله ؟
ثم قرأتُ الفقرة الأخيرة من كتابه .. فهزّتني فرحة الإكتشاف !
لقد كان ذلك العجوز البارع  ... يعرف تماماً  ما يفعل !
في كلماته الأخيرة عاد الى بداياتهِ .
قارنَ أعمال تلك الديدان بأعمال شُعَبِهِ المرجانية الأولى ( في المحيط قرب أفريقيا)
ثمّ أتمّ مُنجَز حياتهِ بالحديث عن الكبير والضئيل ( الشُعَبْ المرجانية , والديدان ) ,فكتب داروين :
(( إنّ المحراث هو من أقدم وأغلى إختراعات الإنسان . لكن قديماً جداً وقبل إختراع المحراث كانت الأرض وما زالت يتمّ حرثها بإنتظام بواسطة ديدان الأرض .
أشّك أنّ تكون هناك الكثير من الحيوانات التي لعبت دوراً هاماً في تأريخ العالم مثلما فعلت تلك المخلوقات الدُنيا !
مع ذلك هناك حيوانات أكثر ضآلة منها في التنظيم إسمها .. الشُعَبْ المرجانية
قد قامت بعمل أكثر وضوحاً عندما أقامت أعداداً لا حصرَ لها من الجُزر والصخور المرجانية في المحيطات العظيمة . لكن عملها ينحصر تقريباً في المناطق الإستوائية ! ))
***
الجزء الثالث :
فصل من كتابة العالم هالدين !
J.B.S.Haldane  ...  جَي بي إس هالدين
عملاقٌ آخر من عمالقةِ علم الجينات والبايولوجي والتطوّر الطبيعي .
إشتهر بدراساته حول حجم الحيوان المناسب .
ويُسمى ذلك الآن : مبدأ هالدين !
إستعار العلماء هذا المبدأ في فروع علمية اُخرى كالإقتصاد والسياسة والإجتماع .
***
ملخص مبدأ هالدين :كلّ كائن لهُ حجم يتناسب مع طبيعتهِ !
وكلّما زاد الحجم , زادت إحتياجات الكائن وصعوبات حياتهِ .
ولو حدث تغيير كبير في الحجم , فإنّ هذا التغيير يحمل معهُ لا محالة تغيراً في تركيب الكائن!
(ربّما يقصد أنّ السمنة المُفرطة مثلاً تؤثر على الجينات وتغيّر الصفات الوراثية ) ,لأنّهُ يضرب المثل التالي :
الغزال ذلك المخلوق الرشيق ذو الأرجل النحيفة الطويلة .
لو أصبح أكبر حجماً , لتكسّرت عظام سيقانه .
ما لم يحدث شيئاً من إثنين :
الأول : أن تصبح أرجُل الغزال أقصر وأسمك ..وحيد القرن مثلاً !
 بحيث يجد كلّ جزء من الجسم مايوازيه من عظام تقوى على حملهِ
الثاني : يمكن للغزال أن يضغط جسدهِ ثمّ يمّد أرجلهِ الى الخارج كما تفعل الزرافة كي تحافظ على توازنها .
***
إستعار المفكر كريستوفر ألكسندر مبدأ هالدين هذا فقال عن أثينا القديمة :
[ إنّ المدينة الصغيرة , هي أكبر دولة ديمقراطية مُمكنة ]
***
الجزء الرابع :
كيف غيّرت الأزهار العالم ؟ .. لورين أيزلي !
How Flowers Changed the World ? Loren Eiseley
عندما نتحدّث عن الحياة على سطح الأرض فأوّل ما يتبادر الى أذهاننا مملكة الحيوان .
ناسين أنّ هناك مملكة اُخرى أضخم وأكثر تنوعاً وأقدم عمراً هي مملكة النباتات !
بدون النباتات لا يُمكن إستغلال طاقة الشمس .ولا إفراز الأوكسجين في الهواء الذي نتنفسه . ولا غذاء للحيوانات آكلة النباتات .. وبالتالي لا غذاء للحيوانات آكلة اللحوم .
عندما ظهرت الزهرة لأوّل مرّة  قبل 140 مليون سنة كان هذا فتحاً كبيراً للحياة على الأرض !
حيث تنوّعت الحياة النباتيّة وظهرت الفواكه والخضراوات , وإزدهرت الحشرات والطيور نتيجة المنفعة المتبادلة بين الحشرات حاملة حبوب اللقاح لتخصيب الزهرة , والرحيق والغذاء الذي تهديهِ الزهرة للحشرات .
ومن المصادفات أو المتلازمات أن تزدهر الثدييات في نفس الوقت تقريباً الذي صاحب ظهور النباتات الزهرية .ثم سادت الأرض بعد إنقراض الديناصورات .
يقول د, ريتشارد داوكنز عن العالم لورين إيزلي صاحب الفقرة السابقة :
[ كان عالماً أمريكياً آخر من ذوي المواهب في الكتابة الغنائية . إسلوبه يستمد شاعريته من العلم نفسه . ومن مُخيلة الكاتب العلمية الإبداعية ] .
***
هذه الفقرة من بحث أعدّه بعنوان (الرحلة الكبيرة ) :
كلّ الشعراء يعرفون أنّ الزهور جميلة ,لكن قليل مُنهم مَنْ يُدرك أهميتّها . وهذا ما عبّر عنه الفيزيائي ريتشارد فيمان :
[ الجمال هناك متاح لي ولك َ.لكنّي أرى جمالاً أعمق غير متوّفر للآخرين
أرى التفاعلات المُعقدة للزهرة .. لونها الأحمر .
تُرى هل تلوّنَ النبات أثناء تطوّرهِ كي يجتذب الحشرات ؟
لكن هل تستطيع الحشرات رؤية هذا اللون ؟
هل لهم إحساس بالجَمال ؟]
***
ثم يُكمل د. ريتشارد داوكنز تعليقه على قول فيمان :
لقد تكلّم ريتشارد فيمان هنا بإسم كلّ العلماء
( رغم أنّ مُعظم الحشرات لا ترى اللون الأحمر )
لكن لورين إيزلي عبّر عن جمال الزهرة بشكلٍ أفضل !
***
ولاحظوا مرّة اُخرى  من القطعة التالية كيف أنّ الكتابة العلمية بطريقة أدبية , ممتعة بل ساحرة .
الزهرة التي غيّرت العالم !
عندما تفتّحت الزهرة الأولى على تلٍ مرتفع في أواخر عصر الديناصورات ,كانت الرياح هي التي لقحتها !
مثلها مثل أقاربها الأوائل من أشجار الصنوبر مخروطية الشكل .
كانت وردة لا تلحظها العين ,لأنّها لم تكن قد طوّرت بعد الفكرة
التي تجتذب بها الطيور والحشرات , لتحمل إليها حبوب اللقاح .
كانت مازالت تخضع لهوى الرياح !
***
كثير من النباتات في المناطق التي يندر فيها وجود الحشرات
مازالت تتبع هذه الطريقة ( اللقاح بالرياح ) .. حتى اليوم !
لقد كانت الزهرة ( وبذورها الناتجة عنها ) حدثاً جديداً وعميقاً في عالم الأحياء !
كان هذا الحدث يساوي الفارق في عالَم الحيوان بين السمكة التي تضع بيضها في الماء ,والثدييات التي تحتفظ بصغارها داخل جسمها حتى يكتمل نموّ الأجنة فتصبح قادرة على البقاء !
مع الثدييات أصبح الهدر البايولوجي أقلّ .
وهو نفس ما يحدث مع النباتات المُزهِرة ( ذوات الزهرة )  !
***
الجزء الخامس :
عجائب الدنيا السبع   The seven wonders  ..العالم لويس توماس !
إذا تكلمنّا عن جنسنا البشري , فإنّنا ما نزال جنساً حديثاً بل شديد الحداثة .
وبالتالي لا يُمكن الثقة فيه !
لقد إنتشرنا في كلّ أرجاء الأرض منذ بضعة آلاف من السنين فقط .
وهو لاشيء بالقياس لساعة التطوّر البايولوجي .
وفي هذا الإنتشار هدّدنا بإنقراض أنواعاً اُخرى من الحياة .
والآن نُهدّد أنفسنا !
مازال أمامنا الكثير لنتعلّمهُ عن الحياة .لكن ربّما ينفذ منّا الوقت قبل أن نتعلّم .إنّما مؤقتّاً نظّل إعجوبة من العجائب !
***
الجزء السادس :
من كتاب الجدول الدوري / بريمو ليفي !
يحاول هذا العالم جلب إنتباهنا الى أهميّة العناصر المكونة للجدول الدوري إذ لا يكفي ان نعلم عددها وأسمائها ونسبتها في الغلاف الجوي .علينا أن نعلم بعض صفاتها ووظائفها و((أهميتها)) في حياتنا على هذا الكوكب .
لأنّ ذلك سيّوجهنا نحو التصرف الأفضل مع البيئة وعناصرها .
يتسائل مثلاً عن الهيدروجين ومعرفتنا به فيقول :
هل تُدرك الدور الذي لعبه ومازال , الهيدروجين في تكوين النجوم ونشوئها .. ثمّ إضمحلالها وإختفائها ؟
بدون هيدروجين .. لا شمس .
وبدون شمس .. لا نبات .
وبدون نبات .. لا حيوان  !
ثمّ يتابع العالم (( بريمو ليفي )) حكاية ذرة الكربون  .. ظهورها وإنتقالها عبر الرياح والبحار .
وأخيراً إستقرارها على ورقة الشجرة لتساهم في عملية التركيب الضوئي
***
تنفذُ ذرّة الكربون الى داخل الورقة الخضراء ,فتصطدم بعدد لا حصرَ لهُ من ذرات النتروجين والأوكسجين .
و عندما تتلقى الرسالة الحاسمة من السماء .. ( حزمة من أشعة الشمس )
فإنّها تتخلص من أوكسجينها ( كانت بشكل CO2 ) .
ثمّ تتحّد مع الهيدروجين والفوسفور ,مكونةً سلسلة عضوية هي عنصر الحياة (والطاقة) .
كلّ ذلك يحدث في صمت  .. وفي لمح البصر .
وفي درجة حرارة وضغط الغلاف الجوي المُحيط .. ومجاناً  !
ثمّ يقول ليفي ما يلي :
زملائي الأعزّاء .. لو تعلّمنا أن نفعل مثلما تفعل النباتات ,لأصبحنا أنصافَ آلهة ! ولكُنّا حللنا مشكلة الجوع في هذا العالم  !
****
ثمّ يكمل العالم (( بريمو ليفي )) قصته عن غاز ثاني أوكسيد الكاربون CO2 هذا الغاز الذي يُشكّل المادة الأولية للحياة والذي يعتمد عليه كلّ كائن حيّ .ويكون المآل النهائي لكلّ ذي لحم .
هذا الغاز يُشكّل كمية ضئيلة جداً (قد نعتبرها تلوثاً) من الغلاف الجوي .. فقط 0,031
لكن من ذلك الغاز (المُلّوِث ) المتجدّد في الهواء ,ننحدرُ نحنُ الحيوانات والنباتات وبني الإنسان .
بكلّ ملياراتنا العديدة المُتصارعة , وتأريخنا الذي يعود لآلاف السنين
بكلّ حروبنا وعارنا ونُبلنا وكبريائنا  !
ذرّتنا الآن مزروعة في بناء معماري بكلّ معنى الكلمة
إنّهُ مركّب جميل سُداسي الشكل ذائب في ماء العنب .. إنّهُ جُزيء الكلوكوز  !
وهذهِ مرحلة تؤهلّها لاحقاً للإتصال بعالم الحيوان .
قَدَرُ النبيذِ أن يُشرَب ... وقَدَرُ الكلوكوز أن يتّم أكسدتهِ  !
***
كيف تتحوّل ذرة الكربون التي دخلت الى أجسامنا عن طريق النبات مثلاً الى طاقة ؟
يُكمل العالم ( بريمو ليفي ) شرح ذلك :
شاربُ النبيذ , أو آكلُ العنب يحتفظ بالكلوكوز في جسمهِ ,لوقتٍ قد يحتاجُ فيه إنتاج الطاقة ( الجريّ مثلاً ) .
عندها نقول وداعاً للشكل السُداسي !
فجزيء الكلوكوز يجري في الدم في أصغر الألياف العضلية (في الفخذِ مثلاً)
حيث سينقسم فجأةً الى جُزيئين مُتماثلين من حامض اللاكتيك !
هذا الحامض سيتّم أكسدته بالأوكسجين القادم من الرئة عبر الدم .
ونتيجةً لهذه الأكسدة ينتج جُزيء جديد من ثاني أوكسيد الكاربون CO2
تتولى الرئة دفعهُ مرةً اُخرى الى الهواء .مُخلفاً وراءه الطاقة التي ساعدت العدّاء على الجري ... تلك هي الحياة !
***
الجزء السابع :
من كتاب البحر من حولنا / راتشيل كارلسون ( 1901 حتى 1964 )
The sea around us  / Rachel Carson   
***
عندما يُفتّش العلماء عن الحياة في كواكب اُخرى غير الأرض ,
فأوّل ما يبحثون عنه هو وجود البحار والمحيطات !
لماذا ؟
لأنّهُ بدون بحار ... لا توجد حياة  !
البحار هي مصدر الأمطار والماء العذب الضروري للكائنات الحيّة .
وهي تتحكم أيضاً في مناخ الأرض .
كما أنّها أكبر مستثمر لطاقة الشمس عبرَ التمثيل الغذائي .
إنّها تمتص معظم ثاني أوكسيد الكربون و تفرز ما بين ثلث الى نصف الأوكسجين في غلافنا الجوي .ناهيك عن التنوّع الغذائي الضخم الموجود في الماء .
***
الجزء الثامن :
لا يوجد بين العلماء مَنْ هو أكثر إثارة للجدل في العالم مثل
العالم الفيزيائي روبرت أوبنهايمر الملقّب (( أبو القنبلة الذريّة ))
وهو صاحب كتاب الحرب والأمم !
War and the Nations / J.Robert Andres Oppenheimer
وهذا مقتطف منه :
في 16 يونيو 1945 حدث أوّل إنفجار نووي ناجح إيذاناً بمولد القنبلة النووية .ثمّ جاء اليوم المشهود في 6 أغسطس 1945
عندما أسقطت القوات الأمريكية أوّل قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية ,وكان إسم القنبلة الحركي هو الولد الصغير  Littel boy
بعدها بثلاثة أيام اُسقطت القنبلة الثانية على ناكازاكي
وكان إسمها الحركي : الرجل البدين   Fat man
لقد تسبب الولد الصغير والرجل البدين في قتل  120 ألف إنسان على الفور .وأكثر من هذا العدد بتأثير الإشعاع النووي فيما بعد !
***
المكارثية وإوبنهايمر !
بعد الحرب تمّ الإشتباه ب أوبنهايمر (كونه صاحب ميول شيوعية أصلاً) بتسريبه معلومات عن القنبلة الذرية الى الإتحاد السوفيتي وخضع لإستجواب (لجنة مكارثي) ,وتمّ إتهامه بأنّهُ خطر على الأمن القومي .
وطلب منه الرئيس إيزنهاور تقديم إستقالتهِ !
سنواته الأخيرة :
بالرغم ممّا حدث له إستمر أوبنهايمر يُحاضر في العديد من بلدان العالم
ضدّ إنتشار الأسلحة النووية ومخاطرها .
وكان معارض عنيد لإنتاج القنبلة الهيدروجينية القادرة على الفتك بملايين المدنيين !
تمّ إعادة الإعتبار لأوبنهايمر عندما منحه الرئيس كندي ميدالية الشرف
وسلّمها له الرئيس جونسون بعد مقتل كيندي بإسبوع  !
***
العالم روبرت أوبنهايمر ( أبو القنبلة الذرية ) كان مغرماً بالعلوم الإنسانية والنفسيّة أيضاً .
و من بين ما تعلّمه كانت اللغة السنسكريتية وقرأ بها (بها جافاد جيتا)
التي تعني اُغنية الربّ / وهي تعتبر الكتاب المقدّس للهندوسية !
***
إنّ حياة (( أوبنهايمر )) و نبوغهِ العلمي وسيرته المضطربة
تُعيد التساؤلات حول الإشكالية / بين العلوم كقيمة في حدّ ذاتها
وتطبيقاتها العملية , التي تصل أحياناً الى حدّ تدمير الحضارات  !
يقول د. ريتشارد داوكنز عنه :
روبرت أوبنهايمر / قائد فريق الفيزيائيين في لوس ألاموس
الذين صنعوا أوّل قنبلة ذرية .
قدّم إعترافاً جماعياً وهو على فراش الموت , عنما قال :
لقد إقترف الفيزيائيون بعض الخطايا  !
ثمّ إقتبس التالي من ( كتاب بهاجافادجيتا ) :
أصبحتُ أنا الموت ... مُدمّر العالم  !
***
الجزء التاسع :
كتاب الطبيعة غير الطبيعية للعلم / العالم لويس وولبرت
The unnatural nature of science / Lewis Wolpert
لويس ولبرت من علماء الأجنّة المُميّزين .له رؤية عن العلوم تختلف عن السائد القائل :(( بأنّ العلم ينبع من بديهيات الحياة كما يراها الإنسان ))
فهو يقول :
(( إنّ العلم غالباً ما تتأتى نظرياتهِ مُخالفة للحدس الإنساني وعكس البديهيات المُسلّم بها )) !
***
الجزء العاشر :
البارون ... مارتن ريس  Martin Rees
عالم فلكي بريطاني ولد 1942
تدرّج في مناصبه العلمية حتى أصبح رئيس الجمعية الملكية لتطوير العلوم الطبيعية .
هو صاحب كتاب / ستة أرقام , القوى العميقة التي تُشكّل الكون !
Just six Numbers
يقول عنه د. ريتشارد داوكنز مايلي :
كرئيس للجمعية الملكية فإنّ مارتن ريس , ليس بغريب عن الرومانسية
الكامنة في العلوم والنجوم !
لقد قطعت الفيزياء الحديثة شوطاً بعيداً نحو تفسير الكون !
لقد أخذتنا الى الوراء بعيداً , الى الجزء الأوّل من الثانية التي تلت الإنفجار العظيم !
لكن تفسيرنا للإشكالات العميقة للوجود ,يقع في نصف دستة من الأرقام , ألا وهي القيم الثابتة في الفيزياء !
نحنُ نستطيع قياس تلك القيم الثابتة  Constants
لكنّنا لا نستطيع إستخراجها من نظريات الفيزياء الحالية .
إنّ تلك الأرقام موجودة .وكثير من الفيزيائيين ومنهم ( مارتن ريس ) نفسه يعتقدون أنّ قيمتها الدقيقة هي محورية وضرورية من أجل وجود كون قادر على إنتاج حياة بيولوجية قابلة للتطوّر !
***
مارتن ريس في كتابه ( أعلاه ) يتناول كل من تلك الأرقام  Constants على حدة .
الرقم الذي أخذتهُ هنا هو   N
وهو النسبة بين القوّة الكهربائية التي تُمسك بالذرات مع بعضها
وبين قوّة الجاذبية التي تُمسك الكون كلّهُ ببعضهِ  !
***
الأعداد الكبيرة والمقاييس المختلفة :
يقول العالم البريطاني ( مارتن ريس ) حول علاقة الإنسان وحياته بالنجوم والكون .. ما يلي :
سوف أشرح في هذا الكتاب الطرق العديدة التي تربطنا بالنجوم !
وكيف أنّنا لانستطيع فهم اُصولنا بمعزل عن المُحتوى الكوني .
هناك إتصال وثيق بين الفضاء الداخلي لعالم الذرات ,والفضاء الخارجي للكون !
إنّ حياتنا اليوميّة محكومة بالذرات وكيفية إتحادها مع بعضها لتكوين
جزيئات المعادن والخلايا الحيّة !
النجوم ولمعانها يعتمد على (النويّات) داخل تلك الذرات !
والمجرات تتماسك مع بعضها بسبب الجاذبية الناشئة عن حشد عدد هائل من الجسيمات تحت النويّة !
ذلك المدى العظيم من الأرقام هو شرط أساسي لوجود كون ذي أهمية .
إنّ كوناً لا يحتوي على تلك الأرقام الكبيرة هو كون بليد , وبالتأكيد غير قابل للعيش فيه .
إنّ الكون يحتاج لفترات طويلة من الزمن لتشكلّهِ .
بينما لا تستغرق العمليات على المستوى الذرّي سوى واحد على مليون من المليار من الثانية لتكتمل . بل أنّها تكون أسرع من ذلك داخل نواة الذرة .
إنّ العملية المُعقدة التي يتحوّل فيها الجنين الى جسد من لحم ودم وعظام
تتطلّب إنقساماً متتابعاً للخلايا , ثمّ تنوّعها .
وكلّ خطوة تتطلّب آلافاً من العمليات وتناسخاً للجزيئات .
ذلك النشاط لا يتوقف أبداً ما حيينا  !
مع ذلك فإنّ حياتنا ليست سوى جيل واحد في حياة الإنسان .
أو أنّنا لسنا أكثر من مرحلة في ظهور الحياة ككل .
إنّ الزمن المُذهل الذي يتطلبه تطوّر الكائنات يفتح آفاقاً جديدة للسؤال التالي : لماذا الكون بهذه الضخامة ؟
لقد إستغرق ظهور الحياة البشرية على الأرض 4,5 مليار سنة  !
***
الجزء الحادي عشر :
من كتاب ستيفن هوكنغ ( مختصر لتأريخ الزمن ) !
ذات مرّة تسائل آينشتاين : تُرى ماذا كانت الخيارات المتاحة أمام الله في خلق الكون ؟
هناك نظريات عدّة حول الكون
لكن حتى لو كانت هناك نظرية شاملة واحدة , فإنّها مجموعة من القواعد والمعادلات .
ما الذي ينفخ النار في تلك المعادلات حتى يصبح هناك كون ؟
إنّ النموذج العلمي للكون المبني على الرياضيات ,لا يستطيع الإجابة على تساؤلات من نوع :
لماذا كان يجب أن يكون هناك كون ؟
لماذا أتعب الكون نفسه هكذا حتى يأتي الى الوجود ؟
هل النظرية الموحّدة هي قوية ومُلحّة الى درجة أن يصبح وجودها نفسه ضرورة ؟ أم أنّها تحتاج الى خالق ؟
وإذا كان الأمر كذلك , فهل لهُ تأثيرات اُخرى على الكون ؟
ثمّ مَنْ خَلَقَ الخالق ؟
***
حتى الآن فإنّ معظم العلماء مشغولين بتطوير نظريّات جديدة للإجابه على سؤال: ما هو الكون ؟
ولم ينشغلوا بسؤال : لماذا وُجِدَ الكون ؟
أمّا هؤلاء الذين من صميم عملهم أن يسألوا ( لماذا ) .. فهم الفلاسفة !
لكنّ الفلاسفة لم يستطيعوا مجاراة تطوّر النظريات العلمية .
في القرن ال 18 إعتبر الفلاسفة أنّ كلّ المعارف الإنسانية بما فيها العلم هي من إختصاصهم .وناقشوا أسئلة مثل : هل للكونِ بداية ؟
لكن في القرنين ال 19 وال 20 أصبح العلم تقنيّاً جداً , ورياضياً جداً !
وأعقد من أن يفهمهُ الفلاسفة أو أيّ إنسان عدا حفنة قليلة من العلماء .
لقد تقلّص نطاق بحث الفلسفة الى الدرجة التي قال عنها ( ويتجنشتين )
وهو أشهر فلاسفة القرن : إنّ المهمّة الوحيدة الباقية للفلسفة هي التحليل اللغوي !
يا لهُ من إنحدار سيّء للتقاليد الفلسفية العظيمة من أرسطو الى كانط .
مع ذلك لو قُدّرَ لنا أن نكتشف نظرية شاملة .
فإنّها يجب ان تكون مفهومة في خطوطها العريضة لكلّ الناس وليس لحفنة من العلماء !
عندها سنكون جميعاً فلاسفة وعلماء واُناساً عاديين , قادرين على المشاركة في النقاش والتساؤل عن : لماذا نحنُ , والكون .. موجودين ؟
ولو أنّنا وجدنا الإجابة عن هذا السؤال , فسيكون ذلك أكبر إنتصار للعقل البشري . لأنّنا ساعتها فقط قد نعرف فكر الله !!!

إنتهى تلخيص
[ مقتطفات من كتاب فصول من الكتابة العلمية : د. ريتشارد داوكنز]
 أشكر كلّ من قرأ وأفاد معارفهِ بما قرأ !
في ديباجة كتابه ( هكذا تكلّم زرادشت ) , يقول فردريك نيتشه ما يلي :
[ على الحكمة أن تكون مثل الشمس تشّع على الجميع .وأن يكون بوسعها أن تقذف ولو بشعاع باهت على أكثر الأنفسِ حطّةً وإتضاعاً ! ]
***
رابط مقال د. خالد منتصر / من هو المثقف ؟ تضم قائمة ال20 كتاب المقترحة !
http://www.cairo-now.com/news-13-38099.html

تحيّاتي لكم
رعد الحافظ
5 مارس 2014







غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ رعد : ان العالم الميثولوجي هو اكثر عالم يلتهي بما هو خرافي وهو اكثر الناس يتم تسيرهم عن طريق الريموند كونترول واكثر الناس الذين يمكن وبكل سهولة إضافة خرافة وحذف اخرى وإدخال جديدة في ادمغتهم إلا ان يصبح كل جزء من دماغهم عبارة عن شريط لو سي دي لا يمكن التسجيل عليه ولهذا فبالنسبة لهم إستيعاب غير ذلك او قراءة علم هو من اصعب الامور .. ولكن الثورة الالكترونية الخليوية والاجهزة الصغيرة التي دخلت كل بيت واصبحت بيد كل طفل هو الكفيل بتغير تلك الجماجم ولكن وللأسف سيتغير نحو طريق آخر قد لا يكون انساني بل رأسمالي .. تحية طيبة