المحرر موضوع: الأصنام المعاصرة النرجسيات الدينية والقومية نموذجا  (زيارة 601 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأصنام المعاصرة 
النرجسيات الدينية والقومية نموذجا
بقلم عمانوئيل يونان الريكاني/العراق/استراليا
رافقت عبادة الأصنام "بالمعنى الواسع للكلمة" الانسان وما زالت منذ فجر التاريخ ومنذ طفولة العقل البشري وفي كل العصور من المهد الى اللحد بأشكال مختلفة وطرق متباينة فقد أسقط ما يتمناه او ينقصه من القدرة الخارقة على صنم من حجر كان أو خشب من صنع يديه ومن بنات خياله هذا كان سيناريو الديانات سابقا .لكن ما هو اخطر من هذا هو تقديس البشر الى درجة التأليه كالملوك والكهنة والذي كان هو أولى ضحاياهم وتصنيم الأهواء والشهوات وتقديم بخور العبادة لها وجعلها من الاولويات في الحياة كالجنس والمجد الذاتي والكبرياء والأنانية والتسلط والسيطرة التي يرزح تحت نيرها الثقيل خانقة صورة الله الحقيقية في داخله. مما جعله يدفع فاتورة حياته الذل والهوان والعبودية نتيجة الأيمان الأعمى والتسليم المطلق لهذه المعتقدات التي شربها مع حليب الأم دون فحص أوتمحيص أومحاكمة عقلية .
وفي عصرنا الراهن تغير الشكل لكنه بقى المضمون نفسه تبدل الإطار لكن ظلت الصورة ذاتها وبرزت على السطح وبحلة جديدة أصنام لا تقل خطورة عن ما قبلها لا بل أكثر فتكا وتدميرا وهي الدين والقومية عندما تحاط بهالة من النرجسية المتطرفة وتعاني من أورام سرطانية خبيثة عند كثير من الناس تتحول الى صنمين معاصرين يهددان الفرد والمجتمع والأنسانية جمعاء.
كل أنسان له دين وقومية يعتز بهما ويفتخر بالأنتماء أليهما وهذا شئ بحد ذاته جيد وأمر مقبول لا غبار عليه إذا كان في خانة الأعتدال والمعقولية.إن التعددية والتنوع هو الحجر الأساس في فلسفة العصر بدونها لا يوجد أي نهضة أجتماعية أو حضارية وإن قبول الأخر وأحترام عقيدته وحريته ورأيه هو دليل على سلامة الفكر وصحة الذهن وعافية المجتمع.الأنسان أعلى قيمة في الحياة وأنه المقدس الوحيد الذي ليس له نظير في الوجود .إذا طغت أحدى هذه الهويات دينية كانت أم قومية على أنسانيته وأخترقت مخدعه ودنست مقدسه تنزل درجة حرارة مكانته  تحت الصفر  كما رأينا في النزعة القومية المتطرفة لدى هتلر التي راح ضحيتها ملايين من البشر والجماعات الأسلامية الدموية المتشددة التي سببت الفوضى العالمية .سنحاول عرض طريقة تفكير هؤلاء المصابين بهذه النرجسيات المقيتة:
-أنهم يملكون الحقيقة المطلقة وإن غيرهم على ظلال .هذا أدعاء فارغ وتكبر أحمق لا يحتاج الى جهد فكري لتفنيده وكشف بطلانه فالحقيقة مطلقة من حيث المبدأ نسبية من حيث الواقع وأنها مرهونة بالإطار الفلسفي والعلمي والمعرفي الذي نحيا فيه تتغير بتغيره وتتقدم بتقدمه وكلما تطورت معارف الأنسان تقلصت الفجوة بين النسبي والمطلق وليس لأحد الحق في أمتلاكها لأنها ليست سيارة أو شركة ليتم تسجيلها بأسم س من الناس بل كل واحد يعيشها ويعبر عنها من زاوية نظره فتصبح الأراء المختلفة متكاملة لا متناقضة .
-تحاول كل النرجسيات الدينية والقومية عبثا تحويل التفاوت التاريخي بين الثقافات والحضارات الى تفاوت طبيعي وتضع نفسها في مواقع خيالية وتنظر الى الأخرين من فوق النجوم.وسئمت أذاننا من نغمة "شعب الله المختار"و"كنتم خير أمة أخرجت للناس..."و"المانيا فوق الجميع"أنها نظرات باطلة أستعلائية لأن العقل واحد عند الجميع لا يوجد فارق نوعي بين البشر لكن الشروط التاريخية والذهنية هي سبب التفاوت وقصة ولد الأدغال الذي تربى مع الذئاب وعاش كذئب لأنه لم يعيش مع البشر خير دليل على ما نقول.
- أفرازات النرجسية الدينية والقومية للثنائيات المقيتة الخير /الشر والكافر/الملحد والحق/الباطل والاسود والابيض إن هذا التقسيم الحدي الذي يتجاهل المساحات الوسطية فايروس يميت العقل ويقتل الضمير لأنه يرى الصلاح كله في نفسه والشر في الأخر.
-ومن نرجسيات الدين والقومية التماهي مع سلطان الله المطلق فهم يسرقون إرادة الله  ليدينوا العالم ويفنوهم إذا لم يسيروا على نهجهم لا كما سرق بروميثيوس في الأساطير
 الأغريقية النار من الآلهة ليخدم بها بني البشر بعد الأطلاع على أسرارها.
-ومن مظاهر النرجسية الدينية والقومية تقديس اللغة العربية لغة أهل الجنة لا ادري إن كان الله اي لهجة يتكلم وهل يلبس العقال واليشماغ.ولماذا يسمح للمسلم بالزواج من الكتابية "يهود ومسيحيين"لكن لا يسمح لمسلمة بالزواج من كتابي تحت تبريرات واهية مثل افكارهم السخيفة هذا يعكس نظرتهم على علو كعبهم على الأخرين.
طالما تحكمنا ذهنية أمتلاك الحق المطلق والأخر باطل بالمطلق حياتنا ستكون في خطر ومصيرنا مجهول .إن جذور هذه الأسباب تكمن في الأنغلاق اللاهوتي وأنسداد شرايين الحداثة لدى العرب والمسلمين ويجب تحرير العقل من قيود الماضي والأنطلاق به نحو أفاق العالم المعاصر حيث العلمانية والديمقراطية وحقوق الأنسان .فالدين بشكل عام هو دعوة البشرية الى الأيمان بالله والعيش حسب مشيئته أي حب الأنسان هو جسر للعبور الى حب الله كما قال الرسول يوحنا"من قال أني أحب الله وهو لا يحب أخاه الأنسان كان كاذبا فالذي لا يحب أخاه وهو يراه لا يستطيع أن يحب الله وهو لا يراه".مهما كان كل مؤمن يرى الحقيقة في دينه هذا لا يمنعه ان يرى القيم الانسانية الرائعة والتعاليم الاخلاقية النبيلة الموجودة فيها ولتكن هذه المبادئ المشتركة قاعدة للتعاون معا في بناء عالم يسوده الخير والمحبة والسلام ونسيان الخلافات والأختلافات .
هذه بعض مقتطفات للدكتور مراد وهبة من كتاب ملاك الحقيقة المطلقة كشعلة مضيئة لتحرير العقل من أغلاله
-عمانوئيل كانط"كن جريئا في أعمال عقلك"هذا هو شعار التنوير الذي عبر عنه كانط في مقال له بعنوان واب على سؤال ما التنوير؟ نشر في مجلة شهرية في برلين 1789 .
-عمانوئيل كانط "إن التنوير ليس في حاجة إلا الى الحرية وأفضل الحريات خلوا من الضرر هي تلك التي تسمح بالأستخدام العام لعقل الأنسان في جميع القضايا.
-التفكير في النسبي بما هو مطلق فيتساوى النسبي مع المطلق أي يتمطلق النسبي فيمتنع تطوره.
-لقد مارس كل من علم الكلام وعلم اللاهوت وظيفة التكفير .فكفر غاليلو وقتل جيوردانو وكفر ابن رشد وقتل الحلاج بل ان المذاهب المسيحية كفر بعضها البعض وكذلك فعلت الفرق الاسلامية . 
-ليس في أمكان أي ثقافة أن تعيش اذا حاولت حذف الثقافات الأخرى"غاندي".
-لقد وضع كانط الفلسفة النقدية في مقابل الدوجماطيقية وكان يقصد بالفلسفة النقدية قدرة العقل على كشف جذور الوهم القائم في تصور إمكان أقتناص المطلق.
-الانسان بمجرد ان يقبض على المطلق فإن هذا المطلق يصبح نسبيا ويتوقف ان يكون مطلقا.
-إن الأصولية أيا كانت سمتها الدينية تمزج المطلق بالنسبي والحقيقة الابدية بالحقيقة العابرة وبذلك تدافع عن حقيقة لاهوتية ماضوية فتعجز عن التعامل مع الوضع الراهن ليس لأنها مجاوزة لهذا الوضع ولكن لأنها تتحدث عن وضع ماضوي فتمنح مصداقية ابدية لرؤية نسبية وفي هذا السياق تصبح الأصوليات ممهدة لما أسميه "صراع المطلقات".
www.emmanuell-alrikani.blogspot.com