مار لويس روفائيل ساكو قصيدة بالسريانية مع شرح وتعقيب
منذ تسنم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو قيادة دفة الكنيسة الكلدانية وانا اتابع اعماله، نشطاته ،تصريحاته ، ومقابلاته ، وعليه كتبتُ هذه القصيدة المرفقة عن شخصه الوقور لمناسبة زيارته لمدينة شيكاغو وتمنيت لو اُعطيتْ لي الفرصة كي اُسمعها له لكن للأسف هذا لم يحدث. حضرة البطريرك مار لويس هو رجل ايمان مسيحي فهو لذلك رجل محبة وسلام. كنت اريد ان يعرف غبطته ماذا يقول الناس عنه وخاصة انه في زيارة لا تتكرركثيراً لرعيته البعيدة ولا يعرف الكثير عنهم. الم يسأل يسوع له المجد تلاميذه مذا يقول الناس عنه، فلماذا نظن ان غبطة البطريرك لا يريد ان يسمع الأراء والقصائد عنه، ولقد عبر عن فرحته بالأستقبال والتقدير الذي أظهره ابناءه له . اقول حقاً انه من فرحته ومحبته لأبناء نسيّ كل تعبه خلال الأربعة ايام المرهقة جداً جداً التي منها سفرة ما لا يقل 15 ساعة بالطائرة، ومباشرة زيارة لتورنتو وثم مباشرة زيارة شيكاغو وأستغلال الفرصة لزيارة قداسة مار دنخا الرابع مع مباحثات كنسية ثم زيارة الكنيستين الكلدانتين في شيكاغو واقامة القداس ثم جاء مستعجلاً لحضور العشاء الذي كان يعوزه مزيد من التنسيق الذي يليق برتب المحتفى بهم والضيوف الكرام، وغبطته لم يتأثر بذلك بل كان فرحاً مثلما كان الحضور فرحين وهو يستمعون اليه وهو يشكرهم للحضور لأنهم جزء غالي من رعيته البالغة مليون ونصف، كما اعلن في كلمته القصيرة اثناء العشاء.
القصيدة المرفقة هي ثمرة تعب أصريتُ على تكملته كي اُظهر محبتي لكنيستي وفرحتي بزيارة رئيسها غبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو الى مدينة شيكاغو، وفي الفقرات القادمة سوف اقف حسب ترتيب الأبيات قليلاً على كل بيت نظمته على الوزن الثماني ودليلي كان لحن " تودي لطاوا/ الشكر للصالح " من تأليف مارنرساي احدى ذهبيات تراثنا الكنسي ومن القرن الخامس الميلادي.
لقد سبق وأن قرأت وأستسشعرتُ تواضع غبطته، الذي رسالته هي ان يَخدم ولا يُخدم ؛ وذلك عبر خطابته ولقآته السابقة . هذا التواضع المسيحي الذي مكافأته هي الرفعة والعلو هو الذي دعاني ان ابتدي قصيدتي لأن اقول بمجرد وصول رئيس كنيسة بابل للكلدان الى مدينة شيكاغو انحنى له برج " سيرس تاور" وهو المعروف عنه انه كان الأعلى في العالم مدركاً الضعف امام مليك مدينة بابل صاحبة البرج الأقدم والأشهر في العالم ، ان في ذلك الرفعة التي يستحقها المتواضعون ووديعو القلوب ومثَل ذلك هو سجود المجوس امام الرضيع في مغارة بيت لحم، الذي كا ن يبدوا وضيعاً ولكن ابهته كان تصل عنان السماء.
هكذا استقبل ابناء الكنيسة الكلدانية في شيكاغو بطريركهم المبجل بفرح عظيم لا يوصف ، وهذا وان دل على شئ فهو يدل على علاقة هؤلاء الأبناء بكنيستهم المشرقية وهي بلا شك علاقة قوية لأ تتأثر ببعد المسافة وحتى ان وجدت كنائس كاثوليكية قربهم فأنهم يصرون على الأنتماء والتسجيل كأعضاء في الكنائس الكلدانية وسماع القداس حسب الطقس الكلداني الرائع الذي هو اصلاً طقس الكنيسة الشرقية.
غبطته اُختيرَ ليكون بطريركا في اجتماع للأساقفة ألأحباء في روما وذلك في الأول من شباط عام 2013 ، في الجولة الثانية بعد جولة عاصفة بعثتت الأحباط في في نفوس المؤمنين عبر ما اوردته الأنباء عن عدم اتفاق ألأساقفة الكلدان الأجلاء لاختيار رئيس لهم وفي هذه الجولة حلّ الروح القدس في عُلّية روما وتم اختيار اسقف كركوك ليكون البطريرك الجديد، وكما قال في مقابلة له بعد ذلك ان لم يكن متوقعاً اختياره حيث كان هناك من كانوا اقدم منه ولذا يم يكن حاضراً للحمل الثقيل الذي وقع على عاتقه لكن الروح القدس كان معه وقَبِلَ المهمة الصعبة الملقاة على عاتقه مقتفياً مقوله سيدهُ " ليست مشيئتي بل مشئتك ". وهكذا شمر البطريرك الجديد عن ساعديه وحقق في اقل من سنة ونصف ما لم يكن في الحسبان . نقل البطريكية الى بغداد وكسب سمعة طيبة لدى كافة الفرقاء السياسيين في العراق، عقد سنهادوس مع مطارنته الموقرين، ورسم اربعة اساقفة جدد، وفي اول حطة رِجل له في تورنتو الكندية ذابت مشكلة عويصة كادت الأنترنت ان تجعل منها معضلة لا تنتهي التعليقات عليها بغاية سلبية او ايجابية. ونال غبطته ثقة أبناء كنيسته وكثير من الصعاب تجاوزها كالمثابر الذي لا يخشى الصعاب فهو عارف أن الروح القدس يرافق كالظل المؤمن به.
ومنذ اليوم الأول لأستلامه مهام البطريركية رفع شعار الثالوث الأصلاحي الكنسي وهي أصالة، وحدة، وتجديد، وهذه لم تكن وليدة الساعة بل كانت شعارات قد درسها وأستوعبها هو وكهنة آخرين وعبروا عنها مراراً في الدوريات الكنسية الصادرة في العراق ومنها مجلة الفكر المسيحي الشهيرة. ان هذه الشعارات هي خطة الطريق لأعادة مجد الكنيسة الشرقية التي فيها عمق المسيحية كما بشر بها الرسل الأوائل وعزز مسيرتها جهابذة السريان امثال مار افرام ومار نرساي ومار طيماثوس الكبير وغيرهم كثيرين.
اول هذه الشعارات هو الأصالة التي تتمثل بأصالة طقس كنيسة المشرق الذي تتداوله حا ليا كنائس المشرق بكافة تسمياتها الطائفية والقومية، الحفاظ على هذا الطقس كان من شروط انضمام مار يوحنا سولاقا الى كنيسة روما اذ طلب من بابا الفاتيكان ان لا يمس ولا يغير اي جزء منه. الحان طقسية مثل لاخو مارن، تودي لطاوا، قوم شبير، مارن ايشوع ملكا سخيذا، كولن بذحلثا وايقارا، وغيرها كثيرة حقاً انها كنوز لا تقدر بثمن. لحنها وصياغتها ومحتواها هي اعجاز لغوي وايماني يجب الحفاظ على أصالته ولا بأس من ترجمة هذا الطقس الى اللغات العصرية كي نفهمه ونغرف من ينبوعه الروحي الصافي.
الشعار الثاني وهو الوحدة فانها مشيئة المسيح التي اوصانا بها في الكتاب المقدس، والحقيقة ان الكنائس الحالية وهي كنيسة بابل للكلدان وكنيسة المشرق الآشورية وثالثتهما الكنيسةالشرقية القديمة، وكما اوضح غبطته مرارا وتكراراً ان هذه الكنائس أصلها واحد والفرق بينهم هو شكلي وبشري اما الجوهر المتمثل ب "الطقسا " فهو واحد. وفي لقائه مع قداسة البطريرك مار دنخا الرابع فقد كان غبطته جريئاً لأن يستعرض مبدئياً مشروعه في ان نوحد كنيستنا اولاً ومن ثم الشعب يتوحد قومياً اوسياسياً وهذا مهم لكنه ليس من مهمات الكنيسة. في الحقيقة هذا هو التزام مبدئي لدى غبطته وقد اوضح ذلك في ديترويت اذ قال في اجتماع خاص نظمته مطرانية مار توما الرسول واذاعة صوت الكلدان اذ قال: " لا احد يستطيع تغيير هويتنا الكلدانية، لكننا لا نقبل ان يُطلب من عندنا كرجال دين ان نخرج ونقول بأننا كلدان كلدان كلدان...العمل القومي ليس عملنا بل عملكم كعلمانيين." برأي الشخصي ان مثل هذا الأصرار المبدئي يضع كنيستنا الكلدانية في المسار الصحيح لتكون حقاً كنيسة جامعة رسولية، نفتخر بمنجزاتها حين كانت موحدة وتبعث فينا الضعف حين انقسمت الى ثلاث بصيغ قومية وعشائرية.
الشعار الثالث وهو التجدد او التجديد فهو شعار منبثق من ان المسيحية هي نور العالم ومن يعيش في النور فأن بأستطاعته ان يكتشف الذي امامه ويسير نحوه ويتطور، هكذا تقدمت اوربا المسيحية.. اما من يعيش في الظلام فانه لا يتجرأ ان يتقدم الى الأمام ولذا يتشبث بالوراء لأنه اختبره وهذا هو حال الدول المتأخرة التي لم تتقبل المسيحية ونرى موطنيها يهجرونا هرباً من تخلفها. غبطته يعرف ان طقسنا رائع وفيه من الغنى الروحاني مالا يضاهيه من الموجود في روحانيات كنيسة روما ولذا فأن الابقاء على هذه الثروة الروحانية واجب كما هو الواجب على البقاء على الأيمان الذي ورثناه من الرسل فهو يجب ان لا يتغير مهما تغير الزمان. اما ماكان يُصليّه اباءنا في القرن الخامس مثلاً وطلباتهم لدرء اوبئة لم تعد موجودة او لابعاد اسراب الجراد من الحقول فمثل هذه الأمور لم تعد موجودة اصلاً ولكن استجدت في الحياة العصرية ويلات اخرى منها الأرهاب والجشع والفوارق الطبقية فهذه تستحق منا صلوات جديدة، قد ندخلها في القداس او التسابيح. التجديد برأينا يجب ان يشمل مسائل غير ايمانية وغير رسولية استلمناها من كنيسة روما ولم تعد مجدية اوعصرية والكلام عنها او بحثها يحتاج الى شجاعة .نأمل من غبطته وسنهادوس الكنيسة الكلدانية بحثها وتمحيصها قبل ان تصبح عادات لا معنى لها.
نعرف جيداً ويعرف غبطته ايضاً ان مهمته صعبة جداً كراعي لكنيسة قوامها مليون ونصف من البشر مشتتين في كافة انحاء العام. الهجرة والأرهاب وحالة انعدام الأمن في موطن الكنيسة الكلدانية كلها امور تزيد من صعوبة اتمام المهام البطريركية في العصر الحديث، هذا من غير ذكر تصنيفات التركة الثقيلة التي تسلمها غبطته من البطريرك السابق. انه مشوار صعب وغير مفروش بالورد كما تقول القصيدة. لكن لنكن واقعيين فأن كنسيتنا المشرقية قد اختبرتْ مثل هذه الصعوبات منذ تأسيسها في القرن الأول الميلادي وليس عبثاً ان يطلق عليها كنيسة المشرق كنيسة الشهداء. الرب هو راعي هذه الكنيسة ولذا فأنها استمرت لمدة الفين من السنين وفي مثل هذه الظروف الصعبة والا لما كان يكتب لها البقاء لولا ان الرب يرعاها وحتى مقرها تحول من بابل / ساليق قطيسفون الى بغداد الى القوش وقوجانس والموصل وثم بغداد كمحطات لفترات طويلة الأمد اضافة اخرى ومؤقتة في كرمليس ومراغا وديار بكر وأربيل وشيكاغو كلها بسب الأضطهادات والظروف الصعبة.
كل هذا وايماننا قوي بان كنيستنا الكلدانية هي باقية وصامدة، وما علينا نحن ابناءها الا ان نصلي لأجل ان يحفظ الرب غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ويقويه لتأدية مهامه وفي نفس الوقت نتذرع الى الرب لأن يوحد قلوبنا نحن المؤمنين كي نكون وحدة متماسكة للحفاظ على كنيستنا المقدسة، لا بل تقويتها لترجع كما كانت في اوج عظمتها قبل انقسامها. الرابط الصوتي للقصيدة:
http://upload.ankawa.com//files/2/ankawa3/1937141503.MP3 حنا شمعون / شيكاغو