جهد ثمين وغير مسبوق للمونسنيور صبري عزيز قجبو
ترجمة أسفار العهد الجديد من اللغة الكلدانية الى اللهجة الكلدانية الدارجة
بقلم الأب نويل فرمان السناطيفي زيارة عائلية قصيرة إلى بلدة الكاهون بمدينة سان دييغو، مؤخرًا، وذلك للاطمئنان على صحة والدي، لم تفتني الفرصة لمراجعة مكتبة كنيسة مار ميخا، والتحية الى مونسنيور صبري، راعي الخورنة، فحظيت بوجوده بدون موعد مسبق، فكان لقاءا أخويا وديا.
وكنت قد اخترت مجموعة من الكتب لرعيتي الكلدانية في كالكري ولاستخدامي الشخصي؛ فسألناه عن كتاب من الكتب، لم تكن السكرتيرة تعرف سعره. قال أبونا صبري: هذا الكتاب طبعناه بكمية محدودة، وأقدمه لك مجانا.
مع التقييم العالي لهدية "أبونا صبري"، أمنّي النفس بأن ينتشر هذا السفر المقدس المهم، على نطاق واسع، والذي من وحيه كانت هذه الصفحة.
مواصفات الكتاب
يشتمل الكتاب على 385 صفحة من قياس 8 ونصف انج طول و11 انج عرض بالخط المتوسط. النصوص مطبوعة بالحبر الاسود، والعناوين الفرعية والرئيسة هي بالحبر الاحمر.
تقسيم الأسفار على شكل فصول، بالشكل المعتاد. أما العنصر الخاص بالكتاب، وبسبب محتمل عن محدودية التناوب الطباعي بين الحرف الارامي الكلداني، والحرف اللاتيني الانكليزي، فقد وضع تسلسل الآيات بشكل شمولي لكل مقطع أو قصة رئيسة.
بين اللغة الام القديمة واللغة الحديثة بلهجتها الشعبية:
من الواضح ايضا ان اللهجة المستخدمة في الكتاب، المطبوع عام 2012، هي ثمرة الخبرة المتراكمة للحياة الكهنوتية للمترجم، بممارسة القراءة الانجيلية والكرازة والتفاعل مع الصيغة المألوفة لأذن المؤمنين الكلدان. فهي لهجة بليغة من السهل الممتنع، لدى عموم القراء الكلدان، سعت على ما يبدو إلى الموازنة بين الأصالة، وبين اللغة المحكية كل يوم. وقد استخدمت في هذا المقال عبارة اللهجة الكلدانية الدارجة، لسبب بسيط، أن لغة كنيسة المشرق الكلدانية، حصلت على تراكم نوعي خاص بشعبها سواء الذين في القرى الجبلية أو من أبناء سهل نينوى المغتصب من قبل دولة الاسلام الإرهابية (داعش). وهكذا يمكن تخصيصها كلهجة كلدانية دارجة، اكثر من كونها مجرد سورث، فمفردة السورث تحمل صفة عمومية، تطلق على لغة كل من ابناء كنيسة المشرق الاشورية، أو الكنيسة الكلدانية بشعبها الكلداني، أو لدى أبناء كنيسة انطاكيا للسريان. وقد سماها المترجم الفاضل بالمصطلح المألوف طباعيا: سوادايا، أي ما يخص الحديث لدى سواد الشعب.
علاوة على ذلك فالحرف المألوف في الكتب الطقسية لمؤمني الكنيسة الكلدانية، يعرف باسم الحرف الكلداني، إذا قورن بالكتب الطقسية لكنيسة انطاكيا السريانية او المارونية، ويسمى بالحرف السرياني، مع اختلافات طفيفة في
القواعد اللغوية واللفظية.
أما مؤمني كنيسة المشرق الاشورية، فطالما كانوا من أبناء كنيسة المشرق الاشورية، فإنهم من جهتهم يسمون الحرف المستخدم في الكتب الطقسية المشتركة عموما مع كنيسة المشرق الكلدانية، يسمونه بالحرف الاشوري، وفيه استخدامات صوتية وموسيقية تتفرد عن الاستخدامات الصوتية والموسيقى اللفظية في الكنيسة الكلدانية، نتيجة للتراكم النوعي في استخدام اي منهما، بصرف النظر عن قواعدهما المشتركة. وهكذا تتنوع التسمية بين المؤمنين الآشوريين في كنيسة المشرق الاشورية، بتسمية لغتهم الطقسية باللغة آشورية، وبين أبناء الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية من ابناء الشعب الكلداني المؤمن، فهي كلدانية. وقد شكل كل هذا تراثا لغويا ثرّا ومتنوعا، تستسيغه الاذن أينما سمعته وكيفما سمعته وحيثما استخدم في بلاد ما بين النهرين، أو اخرجها، في بلدان الانتشار.
وقد أخذت لغة كتبنا الطقسية خصوصيتها المتميزة، لتحمل الكنيسة الكلدانية وشعبها المؤمن، بطبيعة الحال وبجدارة، اسم اللغة الكلدانية. إنها لعمري لغة معمدة باللغة الطقسية الأصيلة وتداولها المألوف لدى الشعب، مما حافظ على أصالتها بحيث يمكننا أن نسميها لغة إيمانية للمسيحيين الذين من الطبيعي أنهم يفتخرون بحملها امتدادًا للغة الرب يسوع المسيح.
أكتب هذا وتحضرني ذكرى من سنوات الصبا اليافع، عندما كنا في زيارة عائلية الى بيت أقاربنا بالنسابة، بيت العم الراحل الشماس كوركيس من كنيسة تلكيف الكلدانية، وهو من قرية إشي، وأبو الشماس عبد الاحد - دومنيك. وكانت زوجته المرحومة الخالة رفقة عائدة لتوها من صلاة الوردية والرمش، فاستقبلتنا بترحابها الحميم المألوف، وآنذاك لفتت أذني الطفولية لغتها الخاصة المعجونة بما أعدّه الان لغتنا الطقسية، وكنت أقول مع نفسي الطفولية، كأنها تتكلم مثل كاهن في كرازة القداس.
نسخة مرشحة لمديات أوسع
نفهم ايضا مسألة الكمية المحدودة للنسخ المطبوعة، لا بد وأن ذلك يعود الى الامكانية المادية المطلوب توظيفها لمثل هذا الجهد. ولما كنا بدأنا بالتمني أن ينشر الكتاب على نطاق أوسع. فالتمني أن يجد هذا الجهد الجبار، المتبرع المحسن الذي يسهم في هذا المشروع الذي يخدم الكنيسة الكلدانية وسائر الكنائس الأخرى. وأن يتوفر للاقتناء من خلال البيع بالانترنيت، فيفيد منه جماهير شمامستنا في مختلف بلدان الانتشار، ومن خلالهم يتوفر الى قاعدة اوسع من القراء المؤمنين..
إلا أن الفكرة الأخرى، التي يمكن ان يسعى نحوها المعنيون من القرّاء الكرام، هي اقتراح الطباعة على نفقة جمعية الكتاب المقدس، على نطاق عالمي. إذ أصدرت هذه الجمعية طبعات للكتاب المقدس، من الطبعات المتكاملة التي أجمعت على الموافقة على صيغتها، مختلف الكنائس من العائلات المذهبية الكاثوليكية والارثوذكسية، أو الجماعات الكنسية المتناسلة من حركة الاصلاح. ونشير بهذا الصدد أيضًا الى خبرة هذه الجميعة في الكتاب المقدس المصور، والمسجل صوتيا، بأصوات مهنية مخضرمة. وعسى ان تتوفر، من الآن وميدانيـًا طريقة لتسجيله صوتيا، فتكون منه اقراص تتصدر مكتباتنا الطقسية الصوتية.
تطلعات ومقترحات مستقبلية عملية
في حالة تبني المشروع على المدى المستقبلي البعيد، هذه جملة من التطلعات والمقترحات:
الابقاء على حجم الصفحات، مع اسثمار لإمكانية تقليص التباعد بين الاسطر، بدل ان يكون بقياس سنتمتر واحد انفرادي كما هو الحال؛ أن يكون بقياس تسعة الى ثمانية ونصف ملمتر، مع استخدام ورق رقيق مخصص لطبعات الكتاب المقدس. والعنصران المذكوران من شأنهما تكبير الحرف، إلى الاحجام المألوفة في قراءة الكتب الطقسية.
أمنية أخيرة
ونحن نتمنى العمر المديد للمونسنيور صبري قجبو وهو لمـّا يزل في عنفوان العطاء، نرجو أن تتاح لأحد الشمامسة الاعزة، في أبرشية مار بطرس الموقرة في كاليفورنيا، لكيما يخرجوا لنا بتحقيق مفصل عن مجمل نتاجات الأب صبري، كتكريم معاصر لجهوده، مما سيلهم ايضا ان يكون ثمة تحقيق او كراس من الطراز إياه لمطبوعات الأبرشية، ومركزها الاعلامي، وفي مقدمتها النتاجات الابداعية، لراعيها الدكتور مار سرهد يوسب جمو الموقر.