كاردينال لاتيني يحرق اعصاب الكلدان وكنيستهم ويلحق بهم هزيمة مدوية
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
لقد خرج الصراع الكلداني-الكلداني من قمقمه وصار على لسان الكل ودخل على الخط الإعلام خارج نطاق مواقع شعبنا الإلكترونية.
ومع الأسف أنني ارى ان مأساة كبيرة ستقع على الكلدان وكنيستهم هذه المرة لأن النقاش الجاري والكم الهائل من الكتابات بالإنكليزية والعربية وربما لغات اخرى كلها تشير الى صدع وإنقسام لم يشهده الكلدان وكنيستهم منذ وأد الانتفاضة الكلدانية بقيادة البطريرك الكلداني يوسف اودو في نهاية القرن التاسع عشر.
ولا يجوز في رأي ولا يمكن لنا ان نفهم ما حدث ويحدث للكلدان وكنيستهم من إنتكاسة بعد اخرى إن لم نضع كل ما وقع من احداث اليمة وفواجع ضمن سياق العلاقة مع المؤسسة الفاتيكانية المتمثلة بالمجمع الشرقي وسلفه مجمع البروبغندا.
ولا يجوز صب جام غضبنا على الكهنة او الرهبان الذين يتحدّون البطريركية والسنودس الكلداني لأن هؤلاء مثلهم مثل العبد المأمور وكذلك لا يجوز إلقاء اللوم كل اللوم على المطران جمو او المطران الأخر الذي في معيته لأنهم ايضا يتكئون اليوم على مجمع لم يحصل الكلدان منه غير الشقاء والبهدلة والإضطهاد بكافة اشكاله. كل هؤلاء وغيرهم لا حول ولا قوة لهم لأن كل الخيوط لتحريك المؤسسة الكنسية والسيطرة عليها إداريا وتنظيميا ليست بيد الكلدان وكنيستهم.
قد لا يعلم البعض فإن الكنيسة الكلدانية كانت اكبر الكنائس المشرقية عددا وإنتشارا وثروة واملاكا واتباعا وغيره الى اللحظة التي أُجبر فيها البطريرك اودو على الإستسلام والتنازل لمجمع البروبغندا في حينه (المجمع الشرقي حاليا) عن كل المقادير الإدراية والتنظيمية والتصرف بالأملاك والمناطق البطريركية وحق رسامة الأساقفة وغيرها من الحقوق الأساسية التي لا يمكن بدونها لأي مؤسسة مهما كان حجمها تمشية امورها الذاتية.
هذا يعني اننا دخلنا القرن العشرين والكنيسة الكلدانية كان لها اتباع يقدرون بمئات لالاف بل ربما بالملايين وكان لها سلطة مؤسساتية وإدارية تمتد حول العالم، اي في أي بقعة يتواجد فيها شخص يمارس طقوسها وصلواتها وثقافتها ولغتها وكانت اكبر في كل شيء حتى من الكنيسة المارونية والكنيسة القبطية والكنيسة السريانية الأرثذوكسية.
ماذا حدث؟ المجمع الشرقي قضم هذه المؤسسة مثلما يقضم الفأر قطعة الجبن. فهو لم يستقطع منها المناطق بل غيّر الثقافة واللغة والطقس وفرض ثقافة اجنبية دخيلة كما يصفها المطران سرهد جمو ذاته (رابط 1). ليس هذا فقط بل سلب هذا المجمع منها كل الصلاحيات وصارت هذه المؤسسة اليوم لا تستطيع ليس إصدار قرار لإيقاف شماس او كاهن او حتى واحد من اتباعها في امريكا او غيرها دون موافقته بل لا تستيطع ان تطبع منشورا طقسيا من عدة صفحات دون موافقة المجمع الشرقي وكارديناله اللاتيني وسكرتيره الخطية الى درجة ان الكل يتهافت اليوم الى تلبية رغباتهم وارضائهم وان كان على حساب الهوية والعقارات والمناطق والأتباع وفقدان ابسط معايير الإستقلال الذاتي من حيث الإدارة والتنظيم وغيرها من الشؤون.
وإن طُبع المنشور يجب وضع موافقة هذا الكردينال وسكرتيره في الواجهة قبل مقدمة البطريرك ذاته. وهذا ما يشتكي منه المطران جمو ذاته عندما يتعلق الأمر بتوجهاته السياسية ولكنه يحبذه ويبصم عليه بالعشرة رغم انه مدرك لخطره الوجودي على الكلدان كهوية ومؤسسة كنسية عندما لا يتوافق معها ومن هنا تحديه للبطريركية مستندا الى المجمع ذاته الذي يدينه (رابط 1). كيف يكون وكيف يجوز وكيف يقبل الكلدان واخص هنا بالذكر النشطاء القوميون منهم ان يقرر مصيرهم ومصير لغتهم وهويتهم وقوميتهم كاردينال وسكرتير اجنبي؟
السؤال في محله لأن الناشطين الكلدان يعتمدون بالدرجة الأساس في التشبث بما يرونه انه قومية او هوية منفصلة على المؤسسة الكنسية بينما المؤسسة الكنسية يحكمها بكل تفاصيلها اناس غرباء عن ثقافتنا ولغتنا وهويتنا.
وحتى لو حدث ان اصدر الرئس الأعلى للمؤسسة الكنسية ومجلسه الأسقفي قرارا ما او اصدر مرسوما ما يقف له المجمع الشرقي هذا وكارديناله وسكرتيره بالمرصاد كي يفرغوه من محتواه او يمددوا ويمدوا ويطولوا ويستطيلوا تنفيذه حارقين بذلك اعصاب الكلدان وكنيستهم.
مضى حوالي شهر كامل على صدور المرسوم البطريركي والكلدان في مد وشد والكل بإنتظار ماذا؟ قرار من كاردينال لاتيني دخيل وغريب على ثقافتنا وشؤون حياتنا.
لماذا تصدر البطريركية مرسوما وتتبعه بالأسباب القانوينة الموجبة التي تسنتد الى ما يسمى قوانين المجمع الشرقي وبينما الحل والربط هو بيد الكاردينال؟ عن اي قانون تتحدثون؟ هل المجمع الشرقي مجمع منتخب من قبلكم ومجمع ديمقراطي تتداول فيه الرئاسة والرئاسة تم توطينها اي هي من كنيستنا وشعبنا كي تأملوا خيرا؟
عندما تكون المؤسسة غير منتخبة كما هو حال المجمع الشرقي لا يسود فيها إلا الإستبداد بالقرار.
ما يقوم به المجمع الشرقي وكارديناله من مماطلة وتميع للقرار – بالمناسبة القضية برمتها في ملعب المجمع الشرقي وليس البابا – ليس غريبا. هذا ما قام به هذا المجمع وسلفه مجمع البروبغندا في تمييع وإفراغ كل القررات والمواقف التي إتخذتها سنهودوسات الكنيسة الكلدانية منذ ان بطش هذا المجمع بالكلدان ومؤسستهم الكنسية وانتفاضتهم السلمية المباركة ضد الظلم والطغيان.
وشخصيا لست مدافعا عن البطريرك كشخص ولكن عن المؤسسة ذاتها التي بدأ الإنهيار في صفوفها وهذا كان ظاهرا للعيان ليس اليوم بل منذ سنين لا بل عقود والإنهيار كان مسألة وقت لأن كيف تكون هناك مؤسسة ولا تملك حق إصدرا قرار او مرسوم لتمشية امورها الإدارية البسيطة؟
المجمع الشرقي وكارديناله لن يقبلوا تحت اية ظروف ان تكون للبطريركية التي تحمل اسم وتاريخ وهوية الكلدان لا بل وجودهم (وذلك لغياب الوعي القومي لديهم او بالأحرى ربطهم للوعي القومي بالمؤسسة الكنسية) ان تبسط سلطتها شبرا واحدا خارج العراق.
وحتى داخل العراق القرار ليس قرار المؤسسة البطريركية لأن باي لحظة بإستطاعة المجمع الشرقي وكارديناله وسكرتيره عمل ما يشاؤون وحسب ما يشاؤون ومتما يشاؤون. والعراق اليوم في محنة والمسيحيون فيه في محنة كبيرة وقد لا يمضي وقت طويل وقد غادره كل الكلدان.
والأبرشيتان الكلدانيتان – او كما سماها بعض الزملاء بالمشيختين – تطفوان على المال وهما من ضمن عدد قليل جدا من الإبراشيات الكاثوليكية الأمريكية التي خرجت سالمة لا يشوبها اي عيب من كارثة الإعتداء الجنسي للكهنة الكاثوليك على الأطفال الصغار حيث افلست الكثير من الإبراشيات الكاثوليكية في امريكا لدفعها تعويضات فلكية للضحايا وجلهم من الكاثوليك.
فكيف سيتنازل المجمع الشرقي وهو مؤسسة همها السيطرة والمال والأملاك عن واحداتين من اغنى الإبراشيات الكاثوليكة في امريكا للبطريرك الكلداني؟
مهما كان القرار الذي سيصدره المجمع الشرقي فإنه سيمثل ضربة قاصمة اخرى او ربما الفأس الذي يقع على الرأس بالنسبة للكلدان كهوية وكنيستهم كمؤسسة.
هل نستحق هذا؟
نعم نستحق لأننا لسنا في شراكة مع الفاتيكان كما يتم تصوير الأمر لنا لأن الشراكة بين مؤسستين تعني ان أي منهما لا يجوز ان يلغي الأخر اي في اقل تقدير هي 50 – 50. والشراكة هي في قراءة الإنجيل وليس في السيطرة المطلقة والتامة على كل الأمور من إدراية وطقسية ومؤسساتية والتعين والنقل والإيقاف والأوقاف والرسامة وهلم جرا.
هذه ليست علاقة شراكة. هذا علاقة السيد بالعبد والمستعمر بالمستعمر والأمر بالمأمور وكان لا بد وان يحدث هذا.
كيف يسكت الكلدان من الغيارى على هويتهم ولغتهم وتراثهم وثقافتهم وفنونهم وقوميتهم التي حفظتها لهم كنيستهم المشرقية المجيدة على وضع كهذا حيث وصل الأمر الى مهاجمة بطريركية بابل/قطيسفون على الكلدان في العراق والعالم (ضع خط تحت العراق وعدة خطوط تحت العالم) بينما يخشون حتى انتقاد كردينال لاتيني حصل على اللقب بالتسمية ومجمعه الشرقي المستبد الذي لم يبقي لهم حبّة خردل من إستقلالية القرار؟
رابط 1
http://www.kaldaya.net/Articles/400/Article486_May29_07_BishopSYJ.html