المحرر موضوع: الحكم الذاتي لايزيدخان و لا يصح الا الصحيح  (زيارة 1371 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام جوهر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 105
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحكم الذاتي لايزيدخان و لا يصح الا الصحيح
بقلم وسام جوهر
السويد 04‏/01‏/2015

ليس خافيا على المهتمين بالشان العراقي بان مؤشر مستقبل الاقليات العراقية، العرقية و الدينية يشير و بشكل لا لبس فيه نحو المستقبل المجهول، و ذلك على احسن تقدير. لقد صار حالها من سوء الى اسوء، اذ تم سحقها بين حروب و معارك القوى العراقية السياسية الرئيسية الثلاثة، و كآن لا وجود لهذه المجموعات البشرية.

الايزيدية نموذج و شاهد حي او على الاقل "شبه حي" على ما تقدم من كلام. منذ الارهاصات الاولى لقيام عراق ما بعد حكم البعث و صدام حسين، ظهرت على السطح بوادر مخيفة فيما يخص حقوق بني ايزيدا الذي وضع قادته كل البيض في سلة القيادة الكوردية ثم ناموا و غطوا في نوم عميق نهضوا منه بين الحين و الحين لقبض حفنة من الدولارات. توالت النكسات و غابت الحقوق و الاستحقاقات،  و استمرت قيادات بني ايزيدا في تجنيد مريديهم فحولوا شعبا باكمله الى جيش من الطبالين و المصفقين الى ان حلت الكارثة في سنجار اولا و في بقية ايزيدخان ثانيا.

سكتت هذه القيادات و صمتت الابواق برهة من الزمن لهول الكارثة و بشاعتها. رويدا رويدا ظهرت الى السطح هذه الشخصيات مرة ثانية مستغلة التحرك العسكري لقوات كوردستان نحو سنجار و استعادة بعض القرى الايزيدية الى حاضنة كوردستان سعيا الى ارجاع عقارب الساعة الى الوراء نحو الامس القريب. صار البعض يصفق للمحرر الذي لم يتحرك ساكنا الا بعد كسب الحشد العالمي من ٣٢ دولة مستغلين خراب ايزيدخان.

بين هذا و ذاك هناك ما يخيف و يقلق من العودة بالايزيدي المسكين الى المربع الاول، مربع عشية الثالث من اب العام المنصرم. سنجار لا تعود الى المربع الاول و ايزيدخان لا يجب لها ان ترجع الى المربع الاول، اذا كان مقدرا لشعب ايزيدا البقاء. قد يبدوا للوهلة الاولى ان الحل عسكريا ، لكن العين الثاقبة لا تخطآ بل ترى ان الحل لن يكون الا سياسيا مثلما هو الحال للعراق بكله. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم كما في الامس: اين هو مشروع ايزيدخان السياسي للحل العادل و النهائي؟
اين هي القيادات الايزيدية السياسية و الدينية و الاجتماعية من كل هذا؟ نظرة تحليلية و بانصاف تفضح لنا حجم الماساة حيث التخبط السياسي سيد الموقف.

ما اشبه المسرح العراقي اليوم بمسرح المنطقة ابان نهاية الحرب العالمية حيث انهارت الامبراطورية العثمانية بعد هزيممتها على يد قوات الحلفاء،  اذ سارع الكل و الجميع الى تحقيق نوع من الذات و الاستقلالية فقامت دول و اخفقت امم في تحقيق المرام. كل المعطيات تشير الى لا عودة  العراق مرة اخرى الى دولة مركزية تضطهد فيه اقلية، اكثريات و اقليات اخرى بل ان بقاء العراق و على افضل تقديرسيكون كدولة تتالف من كونفيدراليات ترتبط مع بعضها بعلاقات شكلية هشة و بالمركز بعلاقات بروتوكولية هزيلة يخرج منها كل كونفيدرالية في اقرب فرصة تحين لها.

ليس من الحكمة بمكان ان يغيب هذا الامر لشريحة من شرائح النسيج العراقي و امة ايزيدا ليست استثناء. انها الفرصة الاخيرة لكي ينتهز الفرصة و بكل عقلانية لتحقيق الحد الادني من تحقيق الذات و ارساء اسس فرصة بقائه على ارض الاباء و الاجداد. انها حماقة سياسية ما بعدها حماقة، الرجوع الى الامس القريب الغادر غير مستفيدا من التجربة السابقة و التي كادت ان تعصف بالوجود كله. من يظن و يعتقد بان اربيل او بغداد ستكفل حق هذا الشعب طواعية واهم و متوهم جدا. هناك قوى سياسية تتصارع فيما بينها للاستيلاء على ايزيدخان ، فبغداد و مثلها اربيل تحاول ضم ايزيدخان بارخص ثمن ممكن و كوردستانيا او كورديا، هناك ثلاث قوى سياسية تتصارع لهذا الغرض. فاما الحزب الديمقراطي فيسعى الى العودة الى المربع الاول و كان شيء لم يكن و يفهم ان ايزيدخان تشكل جزءا طبيعيا من منطقة نفوذه، و اما الاتحاد الوطني الكوردستاني فيجد فرصته في تقوية نفوذه على حساب غريمه التقليدي، ثم يجد الحزب العمال الكوردستاني فرصته الذهبية في ارساء قدمه في ايزيدخان بشكل عام و سنجار بشكل خاص مستغلا التذمر الايزيدي الكبير من الحزب الديمقراطي بوصفه صاحب السلطة الفعلية في ايزيدخان منذ سقوط نظام البعث في بغداد. يتوجب اذن على بني ايزيدا ان يدرك كل هذا و ان يعي حجم الخطر في الانزلاق الى اقتتال داخلي لصالح كل هذه الجهات المتخاصمة. هناك و للاسف الشديد ما يشير الى "جحشنة" بني ايزيدا  بمعنى تجيشه في خدمة مصالح سياسية تهضم في نهاية المطاف حقوق و فرص بقاء هذا الشعب المسكين.
قد يظن احدا ما بان التسلح الايزيدي هو الحل و لكن لا قيمة لاي عمل عسكري لا يستند على فكر و طرح سياسي ناضج بمسوى التحدي و الطموح في احرج مرحلة تاريخية لبني ايزيدا. ان اي مشروع سياسي من هذا الطراز لا بد ان يؤسس على شعار الحكم الذاتي لايزيدخان، اذ لا يصح الا الصحيح. و الصحيح هو ان هكذا ادارة ذاتية في ظل عراق كونفيدرالي و كوردستان اكثر ديمقراطية و فيدرالية مما هي عليها الان بكثير، هو الضمانة الحقيقية لتحقيق فرصة بقائه اولا و تحقيق الامن و الامان ثانيا و تحقيق عيشا رغيدا و حياة بعز و كرامة.
  .