المحرر موضوع: التعليم المدني الاجتماعي القانوني في مكافحة الارهاب  (زيارة 717 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. تارا أبراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 171
  • أستاذة في هندسة الاتصالات والشبكات
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
التعليم المدني الاجتماعي القانوني في مكافحة الارهاب
د. تارا إبراهيم - باريس  
لفت نظري في احدى الصباحات وعلى التلفزيون الفرنسي الذي يبث برامجه الموجهة للاطفال من السابعة الى التاسعة ان فاصلا اعلانيا غريبا تم بثه مابين البرامج وافلام الكارتون، فاصل يتكلم عن الجهاديين الداعشيين او بالاحرى عن الارهابيين، تم فيه تعريفهم بانهم اناس يرفضون ان يخالفهم أي شخص في الرأي. الامر بدا لي غريبا لوهلة كونها المرة الاولى التي تتحدث فيها فرنسا علانية مع الاطفال عن الارهاب.
السبب الاول الذي دعا فرنسا الى ذلك هواحداث شارلي التي اثارت الكثير من الاسئلة لدى الاطفال وحتى أصغرهم سنا، بل ان الكثيرين من الاطفال شاركوا في المسيرة الجماهيرية التي نظمت للتنديد بالارهاب والاعراب عن مساندتهم لحرية الصحافة والصحفيين، والسبب الثاني يعود الى الصدمة التي شعر بها المعلمون والمدرسون في فرنسا بل واحسوا بالذنب كونهم لم يصدقوا ان من قام باحداث العمليات الارهابية  الاخيرة هم طلاب كانوا من خريجي المدارس العلمانية التي هي مركز فخر فرنسا واعتزازها.
الموقف كان محرجا جدا، حيث اثارجدلا واسعا بين الاساتذة والطلاب وخصوصا في االمدارس التي تتواجد في اماكن تعيش فيهاغالبية   مسلمة، وبين الاجيال المختلفة في العائلة الواحدة وكذلك بين شرائح وطوائف المجتمع ، فعلى سبيل المثال تم رمي آذان الخنازير في بيوت المسلمين وتسميتهم في البلاد باسماء الارهابيين الثلاثة المسؤولين عن احداث شارلي.. وكذلك العبث وتدنيس قبور اليهود..الخ من الامور التي لاتنم الا عن حقد وتعصب ديني وعن بداية فقدان التسامح بين فئات المجتمع متعدد الاديان والطوائف.
لذا ففرنسا تحاول اليوم إعادة النظر في درس من الدروس التي تعتبرها مهمة جدا في تعميق مفهموم العلمانية ومبادىء الجمهورية في نفوس الطلاب منذ نعومة اظفارهم، وهو درس يسمى "التعليم المدني القانوني الاجتماعي"، من خلاله تحرص المدارس على تعليم الطلاب كيفية التعايش المشترك على اسس وقيم واهداف الجمهورية من الحرية والمساواة والاخوة. هذا الدرس يشرح واجبات وحقوق المواطن الفرنسي والاجنبي على الارض الفرنسية ويشرح للطلاب مفهوم المواطنة والقانون المدني العام والاداري ودور العدالة في المجتمع الديمقراطي ويتم شرح امثلة حية عليها من خلال الاحداث التي تقع في البلاد ، وهو درس يعتمد في الوقت نفسه على الحوار والمناقشة والتعبير عن وجهة النظربكل حرية من قبل الطلاب والاساتذة .
يختلف محتوى الدرس من مرحلة الى اخرى من مراحل الدراسة، اعتمادا على عمر الطالب واستيعابه، حيث تتم مناقشة الطلاب حول مواضيع تتعلق بالمجتمع من التقدم العلمي والتقني والاجتماعي والثقافي وكل القضايا التي  تمس حياة كل انسان من بداية حياته الى نهايتها مثل قانون العائلة والتعصب العرقي والديني والاخلاقيات والقضايا السياسية، ومن بين القضايا السائدة هذه الايام والتي تناقش في الصف مع الطلاب هي "هل يستطيع الشخص ان يقرر نهاية حياته فيما اذا عرف انه مريض ومرضه ليس له علاج ؟"
هذه الدروس في القضايا آنفة الذكرلا تعلم الطلاب حرية التعبير عن الرأي بطريقة مدنية ودون المساس بكرامة المقابل وحسب، بل هو درس يمنحه معلومات مفيدة تنظم حياته في المجتمع وجعله يتأقلم مع الرأي الآخر على اختلاف الافكار والاعراق والاديان، بل ويعلمه تقبل واحترام الآخرين ضمن مفاهيم الحياة  وقوانين المجتمع المدني. ولكن الغريب، رغم  جهود فرنسا المضنية لتهيئة جيل مدني متفتح الذهن والعقل الا انها فشلت في تهيئة البعض منهم ، وعليها منذ الان ان تعيد النظر في برامجها التربوية. فبعد احداث شارلي تم رصد 200 حالة في مدارس فرنسا لطلاب امتنعوا عن الوقوف في لحظة صمت حدادا على ارواح ضحايا الحادثة ، بل اعلن هؤلاء الطلاب تأييدهم وبكل وضوح للارهابيين الذين قتلوا صحفيي شارلي ايبدو.لذا فالمسؤولية اليوم اصبحت كبيرة على عاتق المدرسين بل وعلى وزارة التعليم نفسها ضمان برنامج تربوي هادف، يساهم في معالجة الوضع الجديد الذي لاتعيشه فرنسا فقط بل العالم باجمعه.







غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى العزيزة الغالية صاحبة القلم الأنيق والكلمة الجميلة الأستاذة الدكتورة تارا إبراهيم المحترمة
تقبلي خالص تحياتنا المعطرة ومحبتنا الصادقة وتهانينا بعيد القيامة المجيدة مع باقة ورد.
قبل كل شيء أسعدتنا عودتك الميمونة الى الكتابة من جديد بعد أنقطاع عسى أن تكون الأسباب خيراً ... المقال في الحقيقة من حيث العنوان والمضمون بالنسبة لنا ومن دون مجاملة لشخصكِ الكريم رائع وفي غاية الأهمية لبناء ثقافة المحبة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر وهو ما تشتد إليه الحاجة الملحة في أيامنا هذه ، أيام انتشار الكراهية والأحقاد والتمييز بكل أشكاله القبيحة بين البشر ، وهيمنة الأرهاب على العالم الذي باتَ يقض مضاجع الجميع في جميع أنهاء العالم ، وبدأت على أثر هذا الوباء الدول التي تحب الحياة الحرة والكريمة لشعوبها كفرنسا وكافة دول أوروبا وأميريكا تتخذ من الأجراءات الرادعة لردع وإيقاف تمدد وانتشار هذا الوباء الفيروسي ، ومن جملة هذه الأجراءات هو إعادة النظر بتربية وثقافة الأطفال لأعادة بناء أجيال جديدة محصنة ضد هكذا أوبئة قاتلة للحياة والثقافة والقيم النبيلة والتحضر الانساني وكما ورد في متن مقالكِ ، ولكن مع الأسف الشديد أن مثل هكذا أجراءات جاءت متأخرة جداً ، حيث كان من المفروض أن توضع ضوابط صارمة للحد من انتقال حاملي هذه الفايروسات الى تلك البلدان من جهة وأن تقوم الأمم المتحدة بتشريع أنظمة صارمة تحت الفصل السابع لإجبار حكومات الدول الأعضاء في هذه المنظمة العالمية على منع انتشار الأفكار التي من شأنها تؤدي الى ظهور واستفحال فكر الأرهاب الذي يتغذى من مورثات الثقافات القديمة المتطرفة والمتشددة القومية منها والدينية والمذهبية من جهة ثانية . وخير مثالاً على ضرورة مثل هذه الأجراءات هو موقف الـ ( 200 ) طالب الذين أمتنعوا وقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الأرهاب في حادثة شارلي أيبدو هذا مثال صارخ يتطلب التوقف عنده وتأمله بإمعان !!! . 
عزيزتنا الغالية يؤسفنا جداً أن نقول إن قراءنا في هذا الموقع يبدو لنا مع احترامنا الكبير لرغباتهم وخياراتهم واهتماماتهم فيما يعجبهم قراءته من عدمه ، لأنه ليس من حقنا أن نفرض على الآخرين قناعاتنا ، ولكن من حقنا أن نسجل ملاحظاتنا كمؤشرات لمناقشة الظاهرة المعينة وتناولها من كافة جوانبها بعلمية ، إن مثل هذا المقال وغيره من المقالات الفكرية والثقافية التي تنشر في هذا الموقع كأنها لا يعنيهم أمرها وكأن ما يتم طرحه  للمناقشة والمعالجة لا يعني أبناء أمتنا ، بشيء ، وكأن كل ما يحصل لنا من معاناة ومظالم في هذا العالم الفسيح لا علاقة له بما يطرح في تلك المقالات ، وعلى العكس من ذلك نجد حالة ما يكتب من مقالات بشأن التاريخ والدين والمذهب وما فيها من خلافات واختلافات وما يكتب عن ما يزيد من خلافاتنا واختلافاتنا ، حقيقة هذا شيء مؤسف ويبعث لليأس والقنوط لأنه يؤشر لدى الآخرين ما لا نقبله على أنفسنا مما يعطى لنا من الأوصاف غير المتحضرة ، دائماً كل الدراسات العلمية أثبتت أن النوعية والجودة تتركز لدى الأقلية لأنها أكثر وعياً وادراكاً لحقيقة متطلبات تجدد الحياة وتجاوز ومعالجة مشاكلها القائمة ، ودمتي والعائلة الكريمة بخير وسلام .

               محبكِ من القلب أخيكِ وصديقكِ : خوشابا سولاقا - بغداد