المحرر موضوع: القومية بين التعريف والتطبيق.  (زيارة 1661 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
القومية بين التعريف والتطبيق.
[/color]

قبل ان ابدأ بالكتابة عن موضوع طالما شغل بال الكثيرين من المهتمين بالشان العراقي بشكل عام والشان الكلداني الاشوري السرياني بشكل خاص. سوف ابدا مقالتي باعطاء نبذة مختصرة عن القومية:
القومية بين التعريف والتطبيق:
 كل فرد منا عندما يسال عن قوميته سوف يجيب مباشرة كما السؤال عن الاسم والهوية ومكان الولادة فهي اذا واحدة من مقومات ابراز الهوية والانتماء وقد نشترك في قومية واحدة ونختلف في امور اخرى كالدين واللغة والوطن والعكس صحيح ايضا . قبل ان ندخل في تفاصيل القومية وهل هي ضرورة نبحث عنها ام هي مجرد كلمة تطلق على مجموعة من البشريشتركون في مجموعة من القواسم   فنرى مفهوم القومية عند ادم سمث عرف القومية على انها مكونة من شعب يعيش على ارض الدولة وربط نجاح هذه الامة بعوامل ثقافية تتجسد في قيم العمل الاخلاقية والانتماء والمشاركة.
اما المؤرخ اريك هوبسباوم فيربط نجاح اية امة الى عوامل تتجاوز روابط اللغة والدين والجغرافية والاثنية الى عوامل الاقتصاد والتجارة والسياسة والحرب وهي المرتكزات التي تسستند عليها نشوء القومية.
وان مفهوم القومبة قبل عام 1884 عرف على انه مجموعة من السكان داخل مقاطعة او مملكة  او اقليم وليس للدولة علاقة بهذا التعريف لغاية عام 1884 , اما كلمة وطن التي جاءت بعدهما وارتبطت بالدولة فيما بعد كان لها معنى اخر قبل ذلك العام الا وهو المكان (محل الولادة ) او البلد.
ونرى هاتس كوهن يعرف القومية انها ايدلوجية وعقيدة منزلة من جهة ومن جهة اخرى ظاهرة علمية.اما البروفسور هيوفيستون فيقول ان الامة تختلف عن الدولة وان الدولة عبارة عن كيان قانوني وسياسي وتسعى لكسب الطاعة والولاء من قبل الافراد, اما الامة فعبارة عن مجتمع من الافراد يرتبطون بروابط الاحساس بالتكامل والتضامن والاحساس الحضاري والثقافي والشعور والوعي القومي وخير مثال على ذلك الولايات المتحدة الامريكية.
وهنا كي نسلط الضوء على مسالة كون القومية ظاهرة طبيعية اي بايولوجية او انها ظاهرة اجتماعية تكونت مع تكون المجتمعات. التعريف الاول يقودنا الى التطرف القومي والعرقي والعنصري وهذا ما نجده في بعض القوميات التي لجأت الى مرجعية عرقية مرجعية الاسلاف والدم وخير مثال على ذلك الاجرام النازي , عندما اعتبر القومية الالمانية فوق الجميع. اما لو اعتبرنا القومية كظاهرة اجتماعية وخير دليل على ذلك هو الثورة الفرنسية فالامة الفزنسية احتوت كل المواطنين اللذين يعيشون داخل فرنسا تحت ظل القانون على الرغم من الانتماء الذي يتبع له المواطنين ذوي الاصول والاديان واللغات المختلفة.
وان ظهور الديانات والفلسفات التي وضعت الانسان كقيمة عليا بعيدا عن اية خصوصيات ومنها البوذية والمسيحية والهندوكية والاسلام والكونفوشيوسية والهلينية والتي  ساعدت على نشر المفهوم الشمولي الواسع على حساب المفهوم المحلي الضيق.  ونستطيع ان نضع اربعة تعاريف للامة وهي :

1- الامة الدولة: مثال ذلك الامة الفرنسية والهولندية.وهي الامة التي حققت نفسها سياسيا ضمن حدودها الوطنية حيت تنطبق حدودها السياسية مع حدودها القومية.
 2- الدولة متعددة القوميات : مثال ذلك الامة اليوعسلافية (سابقا) والامة الامريكية والاسترالية فالتاريخ يشير الكثير من هذه الامم انتهت بالانقسام والتفتت كالامة اليوغسلافية او ان تنصهر جميع القوميات في قومية واحدة وشعب واحد كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية.
3- الامة المجزئة:ومتال ذلك الامة العربية وهنا الشعور القومي يكون اوسع من الشعور الوطني وذلك لكون الحدود القومية اوسع من الحدود السياسية.
4- الامة الممزقة او المغيبة. وهي الامة التي تقاسمتها الامم الاخرى ومثال ذلك امة الباسك التي تتواجد شمال اسبانيا وجنوب فرنسا  والامة المغيبة هي الامة التي كانت لها كل المقومات التي تؤهلها لتكون امة ولكن التعاقب الذي حصل على الارض القومية ليؤول الحق في اخر المطاف الى شعوب وقوميات اخرى لاتمت باية رابط مع الشعوب الاصلية التي عاشت على الارض القومية.وخير متال على ذلك امتنا الكلدانية الاشورية السريانية.         
بعد ه هذه المقدمة الموجزة عن مفهوم القومية والامة والوطن, السؤال الذي يطرح نفسه اين نحن من هذه المفاهيم . انا هنا سوف اتكلم عن الامة الكلدانية الاشورية السريانية وكلما وردت كلمة قومية او امة سوف يكون المقصود التعريف اعلاه.
من التعاريف التي وردت اعلاه اعتقد ان امتنا تصنف ضمن الامم الممزقة او الامم المغيبة. فبعد مرور الاف السنين على هذه الامة العريقة التي وصفت بانها وعاء النتاج الانساني المبدع وان عظمة هذه الامة جعلت الشعوب والامم التي توالت على الارض القومية وعبر كل الحفب ولحد يومنا هذا متمسكة بانجازات تلك الامة والمكاسب التي حققتها   للانسانية جمعاء , فاذا كان ماضي هذه الامة وتاريخها ملئ بكل ماهو عظيم ويدعو الى الاعتزاز والتباهي والجدير بالذكر ان هذه الامة حافظت على الكثير من معالمها واهمها اللغة والقومية , رغم كل هذه القرون الطويلة من التغييب والطمر القومي والاظطهاد الديني والابادة الجماعية والعرقية وخاصة عند انتماء هذه الامة للمسيحية والتاريخ ملئ بالشواهد والادلة التي تسجل قي الصفحات السوداء من التاريخ وبالرغم من كل هذا لازالت امتنا تتحدث بنفس تلك اللغة التي تكلم بها اجدادنا العظماء واستمر هذا التغييب القسري لغاية عام 2003  (عام سقوط الصنم وزوال الدكتاتورية) من العراق فحصل وعي قومي غير مسبوق واسمحوا لي ان ادعوه  بالوعي القومي الانفجاري  كالهواء المضغوط في حيز صغير الحجم وان هذا الضغط قد استمر بالتزايد عبر كل هذه الحقب الزمنية الطويلة , فماذا نتوقع عند حصول منفذ لهذا الهواء المضغوط الذي حصل ان جزيئات هذا الهواء وهي الممثلة لمكونات هذه الامة قد وجدت فرصة تاريخية لها بالانطلاق  فهناك من الجزيئات التي ذهبت بعيدا بعيدا في الهواء الطلق لتغرد خارج السرب وهناك من الجزيئات من ذهبت الى مسافات اقصر خوفا من التوهان وهناك من الجزيئات من خرجت وبقت  قريبة من السطح خوفا من رجوع الضغط مرة اخرى وهناك من الجزيئات من بقت داخل الوعاء خوفا من الدخول في تجربة الحرية والهواء الطلق بعد ان تعودت العيش تحت الضغط لعصور طويلة . فالسؤال هنا هل هذه الظواهر التي حصلت لمكونات امتنا ايجابية ام سلبية فانا شخصيا اجيب بانها ظواهر ايجابية وخاصة انها تجارب جديدة وممارسات اجتماعية حضارية لم يالفها شعبنا سابقا وخاصة الديمقراطية(حكم الشعب) وتحضرني الان طرفة عن عراقي وسويدي وهندي وجه لهم سؤال ما هو رايك باللحم ؟
 فاجاب السويدي بروتين حيواني يستخدم للاكل
اما الهندي فاجاب لم اسمع عنه من قبل( مع الاعتذار لاصدقاءنا الهنود)
والعراقي اجاب لم افهم ما المقصود بما هو رايك (لانه لم يسال عن رايه ابدا).
ما اردت قوله ان كل الذي يجري على الساحة من وجهة نظري هو ضمن مرحلة النضوج وهو شئ مستحب ويستجيب لنظريات الاحصاء( شكل الناقوس او الجرس)فهناك من امتنا من يتطرف باشوريته و البعض بكلدانيته والبعض الاخر بسريانيته  وهناك من هو بالوسط وهناك اللذي يراقب وهناك من لم يؤمن بها جميعا , وحسب اعتقادي ان التطرف اعمى حتى لو كان على حق لان التطرف والمتطرف دائما يدخلان في( جدل) اي يجب عليك القبول بنظريته اما (النقاش)و الذي يناقش فالمسالة تختلف كثيرا لان المناقش هنا قد جاء حاملا نظريته او رايه ويدخل معك في حوار حضاري وقد ينتهي بقبول الفكر الاخر والعكس صحيح. وحتى الحق والعدالة تختلف مفاهيمها باختلاف الزمان والمكان وتحضرني هنا قصة الفارسين اللذان وقف كل منهما بجانب تمثال كبير لحصان وكان هذا الحصان بلونين الابيض و الاسود ,فبعد جدال طويل وحاد حول لون الحصان الاول يقول اسود لانه هذا اللون الذي يراه والثاتي يقول ابيض وهو اللون اللذي يراه ايضا .واستمر الجدال وازداد حدة مما اسفر ان يدعو كل منهم الاخر للقتال والمبارزة وبالتاكيد انتهت المنازلة بموت احد الفارسين وعندما استعد لمغادرة المكان فاذا به يرى ان للحصان لونا اخر وهو اللون الذي اشار له صديقه ولكن بعد ان خسر صديقه. 
الجميع يعمل بما يراه صحيح ولكنه ليس بالضرورة ان يكون الاصح  وكل هذه التجارب ماهي الا تجارب تصب في النهاية في الصالح العام لهذه الامة   وسوف تفرز الفترة القادمة الكثير من الظواهر الايجابية التي تتناسب طرديا مع الخط التصاعدي لتراكم الخبرة .
وان الذي يجمع هذه الامة الكثير الكثير والذي يفرقها القليل القليل وان لديها من الايجابيات ونقاط الالتقاء لايمكن مقارنته بامم وتجارب اثبتت نجاحها وتفوقها بالعصر الحديث ولاتمتلك من المقومات التي تمتلكها امتنا  وخير  دليل على ذلك الامة الاسترالية والامة الامريكية وغيرها الكثير .
وهنا سوف اعرج على تجربة الاتحاد الكلداني الاسترالي في فكتوريا فهنا اريد ان اشيد بهذه التحربة الرائدة ومن نظرة محايدة فبصراحة نحن مع اية جهد وعمل خير يقود الى توحيد الصفوف ولم الشمل وهذا هو المبدا اللذي اتفق عليه جميع الاخوة في الاتحاد مؤمنين بمبدا النقاش وليس الجدال وبمبدا الديمقراطية في اتخاذ ماهو مفيد ونافع ويصب في المحصلة النهائية والذي فيهاالخير لهذه الامة وبعيدا عن حرف النون بين الفين   .اما السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الاتحاد الكلداني وليس الاتحاد الكلداني الاشوري السرياني المتابع لواقع الحال في ولاية فكتوريا يعرف جيدا ان الاغلبية الساحقة لمكونات شعبنا هي من الكلدانيين والنسبة الباقية هي من مكونات امتنا الاخرى اخوتنا الاشوريين والسريان. ونتيجة الحالة التي تمر بها امتنا والتي شبهناها بجزيئات الهواء ذات الميول والاتجاهات المختلفة  مع حداثة التجربة لمعظم ابناء شعبنا وهذا تم توضيحه سابقا كان لابد من عمل شئ  من لم الشمل وتوحيد الجهود فقام جمع خير من الكلدانيين بتاسيس هذا الاتحاد الموقر اللذي يضم الان 10 جمعيات واندية كلدانية مسجلة رسميا وهذه المؤوسسات تمثل الغالبية العظمى من مكونات شعبنا الكلداني وبالتالي من الشعب المسيحي في ولاية فكتوريا منطلقين من مبدا ان كل تقارب كلداني كلداني وتقارب اشوري اشوري او تقارب سرياني سرياني فهو يصب في الصالح العام واذا تكلمنا بشكل عام  وكما نعرف جميعا ان مكونات شعبنا الكلداني  لازالت  تتبع توجهات وميول مختلفة  ونفس الشئ لشعبنا الاشوري والسرياني  فان التقارب الكلداني الكلداني مطلوب ونفس الشئ لمكونات شعبنا الاخرى  وهذا في اعتقادنا سوف يتحقق على مراحل مع عمق التجربة وزيادة الخبرة وهذا مانتامله في المستقبل المنظور بعد ان تكون جميع المكونات قد خاضت تجاربها ومارست ماتراه صحيحا .وان هذا الكم الهائل من الاحزاب والمؤوسسات  سوف يختزل الى ارقام لايتجاوز عدد الاصابع وهذا ماتعلمناه من تجارب الامم الاخرى.فلهذا فان الاتحاد الكلداني مع اية مبدا وصوت ينادي ويطلب بلم الشمل على ان يكون مستندا على ارضية صلبة تؤهله بالاستمرار وليس بحرق المراحل وسلقها دون الاخذ بنظر الاعتبار   الواقع واحكامه ومتطلبات كل مرحلة فمن المعروف للجميع اننا اضعنا مايقارب الاربع سنوات كي نتفق على تسمية موحدة ولازلنا لم نحسم هذا الموضوع ونحن الان بامس الحاجة للعمل الجاد والمثمر وليس للتنظير كما قال الرئيس اليوغسلافي الراحل تيتو في احد اجتماعات الحزب الشيوعي في موسكو نحن بحاجة للكثير من الجرارات الزراعية وليس للكثير من المصطلحات الماركسية والمراقب لواقع حال امتنا فيجد الاحزاب والمؤوسسات والمجالس والتجمعات تكفي لتمثيل امة تتجاوز الـ 100 مليون وحسب معلوماتي الاحصائية فاننا اقل من ذلك بكثير وليست لنا ارض قومية معترف بها وموزعون  على قارات العالم    فقبل ان نتكلم عن تقارب كلداني اشوري سرياني لاضير اذا كان هذا ممكنا فهذه غاية يتمناها الجميع   ولكن هذا لايمنع من ان يكون هناك تقارب كلداني كلداني واشوري اشوري وسرياني سرياني وعلينا جميعا ان نضع حجرا لنقوي البناء لا فقط ان نهاجم وننقد ونهدم مابناه الاخرون ويجب على كل المخلصين والمثقفين من ابناء امتنا تنمية الوعي التكافلي والتضامني من خلال تقوية ودعم كل ماهو نافع ويعزز لم الشمل.   و في الختام نبارك كل جهد مخلص يقدم بروح قومية نقية بعيدة عن اية تطرف محترمة كل مكونات شعبنا والذي يتقدم الخطى من يقدم المزيد المزيد من التضحية والعطاء.                       




 
د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
ملبورن/استراليا
24  Feb 07[/b][/font][/size]
[/color]