المحرر موضوع: هل نتجه الى مأ,ق دستوري؟  (زيارة 1593 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل نتجه الى مأ,ق دستوري؟
« في: 19:48 24/08/2005 »
هل نتجه الى مأزق دستوري؟
لا يخفى على احد ان معظم الدساتير العراقية اقرت ان الدين الرسمي للعراق هو الاسلام، وبعضها اقر ان يكون الاسلام مصدرا من مصادر التشريع، الا ان الحكومات او السلطات التي وضعت هذه الدساتير لم  تقم بالعمل بايديولوجيتها الاسلامية بشكل تام الا في امور الاحوال الشخصية، فالبنوك كانت تحصل على الفوائد، والحجاب كان في انحسار، والاختلاط بين الجنسين كان في التوسع وحقوق المراة كانت تتقدم وخصوصا في العهد الجمهوري الاول.
الا ان اصرار البعض اليوم على تضمين هذه الامور والزيادة عليها بأن يكون الاسلام مصدر اساسي والبعض يقول المصدر الاساسي للتشريع والبعض يرفع المزايدة الى ان لا يتم سن قانون يتعارض مع الشريعة الاسلامية مسألة فيها وجهة نظر.
تذكر مسودات الدستور العراقي المطروحة للمناقشة ان السيادة هي للشعب العراقي، والمعنى الواضح ان الشعب هو مصدر كل السلطات، بما فيها السلطة التشريعية، والشعب يفوض هذه السلطة لهيئة منتخبة لكي تقوم بالتشريع بدلا عنه، وهذا هو المفهوم الذي يمكننا ان نخرج به من هذه الفقرة من الدستور، لان هذا هو التفسير الوحيد لها بحسب تجارب الانظمة الديمقراطية، اما اي تفسير اخر لمثل هذه الفقرة فيقود الى نظام يدعي الديمقراطية ولكنه لا يمارسها فعليا.
ان المعنى الاخر للفقرة، هو ان كل تشريع يخرج باسم الشعب، كما ان كل تنفيذ للقانون يكون بأسم الشعب، ويكون التشريع والتنفيذ خاضعان لمراقبة الشعب من خلال ممثليه ووسائل الاعلام المختلفة، وهيئات المجتمع المدني، ويمكن الطعن بها في المحكمة الدستورية.
ولكن في حالة اصرار الشارع (وهو هنا الحمعية الوطنية بمجموعها) على اضافة ان لا يتعارض اي قانون مع الشريعة الاسلامية او المتفق عليها، سنكون في مفترق الطرق، فمن هو الذي سيقول ان هذا القانون يتعارض مع الشريعة ام لا، هل هي المرجعيات الدينية او من، والمرجعيات الدينية اشخاص عاديون في نظر القانون لانهم غير منتخبون من قبل الشعب، او على الاقل ليس تشريع قانون من اختصاصهم او واجبهم، لان الدستور كفل هذه المهمة للحمعية الوطنية، ودستورية القانون تنظر به المحكمة الدستورية التي هي من صلب الدستور، اي ان المحكمة الدستورية مؤسسة يقر بها ويمنح لها الدستور الشرعية التامة ويحدد لها الصلاحيات، هذا الدستور المقر من الشعب.
في النظم والشرائع الاسلامية هناك طرق كثيرة للتشكيك في شرعية كون القانون اسلامي ام لا مثلا الحسبة، فهذا القانون او المفهوم يمكن ان يمنح لكل متضرر او اي شخص عادي من ان يقول ان القانون الفلاني غير اسلامي، او ان الممارسة الفلانية لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، تمنح لكل شخص ان يكون قاضايا للنهي عن ما يعتقده منكرا، او امرا بعدم ممارسة ما يعتقده منكرا.
من الصعوبة ان نحدد الحالات التي يمكن ان نقع فيها في مطبات واشكالات قانونية ودستورية في حالة اقرار الفقرة التي تقول بان لا يتم سن قانون يتعارض مع الشريعة او من المتفق بشأنها وخصزصا مع تعددية المذاهب الاسلامية.
يقول ابو العلاء المعري
الشافعي من الائمة واحدا
            ولديهم الشطرنج غير حرام
وابو حنيفة قال، وهو مصدق
            فيما يفسره من الاحكام
شرب المنصف والمثلث جائز
            فاشرب على أمن من الانام
واجاز مالك الفقاح تطرفا
            وهم دعائم قبة الاسلام
فافسق ولط واشرب وقامر واحتجج
            في كل مسألة بقول امام (1،2)
ومن المعلوم ان الخمرمحرم والقمار محرم وغيرها مما ذكرها الشاعر الا ان بعض المذاهب تجيز هذه المحرمات فما هو المتفق بشأنه، اذ تفاسير الاسلام وشريعته متعارضة، ولا يمكن الاتفاق بشأنها لانها مسألة اعتقادية ايمانية والقول المتفق بشأنها امر مريب وغير سليم.
ان الدول التي تقول ان قوانينها يجب ان لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية ولها دستور يقر بحاكمية الشعب، تفرز ممارسات غير ديمقراطية ومنافية لحكم الشعب وممثليه الشرعيين، فمثلا مصر هذه الدولة لها دستور ولها قضاء عريق، الا ان اقرارها بوجوب عدم تعارض قوانينها مع الشريعة الاسلامية في زمن حكم السادات، افرز مثل الممارسات التي ذكرناها، وعلى سبيل المثال، مسألة الرقابة المزدوجة على الكتب والمصنفات الفنية، فبرغم ان الرقابة هي مخالفة للقانون لانه يقر بالحريات ويكفلها، فان المنفذ منح الحرية لهيئة غير دستورية وغير منتخبة (مثل الازهر) لممارسة حق الرقابة ورفض هذا الكتاب او ذاك بحجة تعارضه مع الاسلام وقوانينه، ومسألة تنفيذ قانون حماية الاسلام او تنفيذ الحد بالمرتد، كمثال قضية المفكر المصري فرج فودة، ان اقرار هذه الصيغة لا يخلق ازدواجية في من يشرع ويمنح الشرعية للقوانيين بل في تعددية المنفذين للقوانيين   وبالتالي اسقاط لفكرة الدولة الحديثة التي تقول انها تحمي  القانون المسن من قبل الشعب والذي يعلى ولا يعلى عليه، كما ان هذه العملية تسقط احد اهم اركان الدولة باسقاطها المواطنة المتساوية والتي يقرها الدستور في مواد عديدة.
ان المخاوف من تطبيق كل ما عبرنا عنه حقيقية لوجود احزاب ايديولوجية تعلن بشكل واضح مراميها واهدافها، ان القبول بمثل هذه الفرضيات مثل وجوب ان لا يتعارض اي قانون يسن مع الشريعة، يعني ان العراق سيحكم من قبل نظرية الولي الفقيه دون ان تكون ملحوظة في الدستور، بل هي عملية التفافية تم التحضير لها بشكل ذكي.
انا شخصيا لا اعترض على ايمان اي شخص ولكن ان يحاول شخص ما طمأنتي من خلال نصوص ويسلب الطمائنينة مني من خلال نصوص اخرى، ويعيشني قلقا دائما وغير مستقرا منتظرا لحظة ظهور انياب الافتراس المطمور بين سطور الدستور، فهذا امر صعب علي القبول به بعد كل التضحيات التي قدمها شعبنا العراقي من اجل تحرر ويأتي من يسلب الحلم ويحوله الى كابوس باسم الاكثرية التي يتكلم بها، في وضع لا يمكن تحكيم الاكثرية فيه مطلقا.
ان الدستور بذكره مراجع الدين وومراقد الائمو زالعتبات المقدسة، بلصورة التي تم ذكرها، لا يعلي دينا على الاديان الاخرى، بل يعلي دذهبا اسلاميا معينا على بقية المذاهب الاسلاميةن اذا ان اقرار الدستور بالمساواةهي عملية اخذ باليسار ما منح باليمين، ان الدستور بحلته الراهنة، ملئ بالمتناقضات مما سيقودنا حتما ليس الى ازمة دستورية واحدة بل ازمات، واذا كنا في زمن الطاغية نتمكن من تجاوز الازمات فسبب ذلك كون الدستور مقر من هيئة غير شرعية وتفسيره ايضا خاضع لنفس الهيئة، ولم يكم من الممكن مراقبة دستورية القوانين، لان كل هذه العمليات كانت مناطة بجهة معينة ولذالك سمينا النظام البائد بالنظام الدكتاتوري، اما في عراق الغد فسيكون هناك هيئات متعددة، وقد خرج الشعب عن الطوق، ولن يقبل القانون مطاط، بل يتطلع الشعب الى حقوق ثابتة ومصانة وغير قابلة للمصادرة، واذا كان بعض المواطميين منتشين بالحريات الحالية والشعارات الايديولوجية فغدا سيمتحنون السلطات وسيطالبوها بتنفيذ الحريات، فحينها على الدستور والهيئات المختصة الاجابة وبلا مواربة، هل يحكنا ولي الفقيه ام اليات ديمقراطية حقيقية؟ سيكون سؤالا محرجا لماذا يكون مراجع الشيعة افضل من مراجع السنة والمسيحيين والازيدية والصابئة المندائية والكاكائية، هل الشيعة بشر والبقية بقر؟ الم يتعرض الباقين مثلهم مثل مراجع الشيعة للظلم والاضطهاد، وعتباتهم مثل عتبات الشيعة  للتدمير والتخريب؟
 
1 نقلا عن كتاب الاديان والمذاهب في العراق للاستاذ رشيد الخيون
2 قيل هذا الشعر لتبيان ان المذاهب الاسلامية تحلل ما هو محرم، وكل مذهب يحلل شئ من المحرم، مثل اللواط، وشرب الخمر، والقمار بالشطرنج .[/b]
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ