أين تقف أحزابنا ومؤسساتنا القومية الاشورية من التغيير القادم في الوطن ؟
آشور قرياقوس ديشو
تورنتو – كنداashourdisho@yahoo.com
أصبحت الساحة السياسية العراقية خلال 12 سنة الاخيرة ميداناً كبيراً للصراعات والمنافسات بين الكيانات والاحزاب الدينية والتيارات الفئوية المختلفة مما خلف أثاره العميقة والحزينة على الوطن والشعب العراقي قاطبة فبجانب الخسائرالبشرية التي خلفتها الصراعات السياسية والمذهبية التي قادتها الاحزاب والمليشيات والعصابات التابعة لهذه التيارات والتي بلغت مئات الالاف من الارواح البريئة وبالاضافة الى الخسائر المادية والسرقة التي طالت أقتصاد الوطن وأهمال البنية التحتية والبطالة والاحتيال والجوع والتهجير وأنعدام العدالة. جاء أنتشار المحسوبية والمنسوبية والفساد ليعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية والمذهبية بين أبناء الشعب وأمام كل هذا الاهمال والخلل والفساد بقيت وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة تحاول التغطية على مسيرة الحكومة والسياسيين فيها من خلال أضفاء صورة مذهبية على الحكم القائم حتى يجانبها البسطاء من أصحاب المذهب . ومن جانب آخر حاولت المرجعيات الدينية كل هذه الفترة التستر أوالتغاضي عن انتشار الفساد والصراع المذهبي المقيت حتى لا تلام لأنها كانت من جاء بهؤلاء الحكام وساندتهم أثناء الانتخابات ووقفت الى جانب الفاسدين والجهلة الموجودين في الحكم منذ البداية وتحت راية المذهب أيضاً.
أن الاثار التي خلفتها الحكومات الفاسدة والصراعات السياسية والدينية المذهبية والسعي من اجل المصالح الفئوية والشخصية لم تترك اثرها على الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعية فقط بل أضعفت مؤسسات الدولة ( الديمقراطية )؟؟؟؟؟؟ والتي فشلت في الالتزام في واجباتها المهنية والخدمية بعد أن قام السياسيين بأستخدام المؤسسات القائمة في الدولة لمنافعهم الشخصية بعد أن توزعت هذه المؤسسات في حصص على الفئات الكبيرة والمهيمنة على العملية السياسية ومن جانبهم قام هؤلاء السياسيين المسؤولين في هذه الوزارات والموسسات بتوزيع مناصبها المحيطين بهم من الاقرباء والاصدقاء والمؤيدين لهم. والاهم من كل ذلك فأن الخطر أخذ يطال ويحدق في العدالة والمساواة وحقوق المواطن وحريته والتي هي أساس العملية الديمقراطية وذلك بسبب القضاء الفاسد الذي أنحاز نحو السياسيين النافذين والمذاهب والفئات السياسية المتناحرة .
أن هذه الاوضاع والظروف والعنف والفساد الذي ساد البلاد منذ سقوط النظام السابق جلبت الغضب والاستنكار والعديد من التسائلات وأدت هذه الازمات المستمرة الى تعبئة مؤسسات المجتمع المدني ونشطت المعارضة في جعل الغضب والسخط يملأ الشارع العراقي وأشعلت تظاهرات وأعتصامات لتبدأ حركة أحتجاج كبيرة ضد الحكومة بعد أن طفح كيل الشعب فخرج مئات الالاف من العراقيين الغاضبين في كل المحافظات العراقية وفي كل يوم جمعة منذ خمسة أسابيع في تظاهرات كبيرة احتجاجاً على فضائح الفساد والوقوف في وجه السياسيين الكذابين واللصوص وصانعي الصفقات وقد رفع الجميع الاعلام العراقية دلالة على وحدة الهدف والشعار والتبعية للوطن فقط . مرددين شعارات غاضبة لتغيير صورة الحكم وحتى يعمل الصدق والعدالة والنزاهة دورها في حياة المواطن والوطن من جديد .
أن أحزابنا السياسية ومؤسساتنا القومية والتي رسمت في أبجدياتها منذ البداية شعار (عراق ديمقراطي حر) ومنح الحقوق القومية لشعبنا والتي جاءت لنصرة المواطن ومحاربة الدكتاتورية والظلم والفساد يجب أن تتفاعل مع هذه الاحتجاجات والتظاهرات وأن تتواجد في قلب الاحداث بعد أن تركت هذه الحكومات الفاسدة المتعاقبة ومنذ السقوط أثارها المترتبة على حقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية في الوطن وفشلت الدولة في تطبيق مبادئ العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأهملت حقوقنا القومية التي نادت بها أحزابنا السياسية القومية .
يجب على أحزابنا السياسية القومية أن لا تتردد أو تتوقف من مسيرة نضالها القومي والوطني من اجل العيش الكريم للشعب العراقي قاطبةً والذي سبق ان أعلنته ومارسته أبان الحكم البعثي وأن لا تكتفي في رسم احلام وردية لهذا الشعب الغارق في الظلم وتتوقف عن تجميل صورة هذه الديمقراطية الكاذبة والتي لم يحصل فيها شعبنا اية حقوق ولم تحقق فيها أحزابنا أية أنجازات بعد كل هذه السنوات الطويلة . ويجب ان تعلم أحزابنا القومية أنها تقف اليوم على المحك ويجب عليها ان ترسم لنفسها خطاً سياسيا قومياً ووطنياً جديداً ونقياً بعيداً عن السعي غير المجدي نحو المصالح الانية والمنافع السياسية . وخاصة ان هذه الاوضاع والاحداث التي سادت الوطن كان مردودها على شعبنا الاشوري أعنف وأقوى لأننا كنا الحلقة الاضعف في هذه العملية السياسية ولم نتمكن من الوقوف في وجه هذه الحيتان الثلاثة والتي مارست لعبة (ديمقراطية الاكثرية ) المقيتة لسرقة حقوق الشعوب الصغير . وان ما حصل لشعبنا من قتل وتهجير وظلم وسلب الحريات الشخصية والثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية كان كبيراً وعنيفاً لم يحصل مثله منذ قرن أو أكثر.
لقد حان الوقت لاحزابنا القومية الاشورية أن تتخلى عن هذه الحكومة الفاسدة وتنزل رسمياً بما عندها من أعضاء ومؤازرين ورصيد شعبي الى ساحة التظاهرات وتقف الى جانب الشعب العراقي المهضوم . فيكفي هذا الرفض الهادر والغضب الشعبي الواسع من قبل المواطنين المقهورين والمظلومين ليثبت لاحزابنا وسياسيينا بأنهم كانوا كل هذه السنين يجانبون الظالم والفاسد . كما أن الوقوف في مفترق الطريق وفي انتظار الفرص للارتماء في أحضان المأجورين وقتلة الشعب من أجل وزارة أو منصب لا ينفع لأن الشعب لا يرحم .انها ساعة العمل الشريف والعودة الى مربع الامانة والصدق والوفاء لهذا الشعب والعمل مع حكومة صادقة ونزيهة لا تسرق قوت الشعب . انها فرصتكم لتصلحوا مسيرة شعبنا القومية النضالية التي قادها شهدائنا الابرار يوبرت ويوسف ويوخنا وجميل وغيرهم من الشهداء الابرار بعد أن جلبتم الخراب والانحراف في مسيرتها .
ومهما كانت نتائج موقفكم في المشاركة مع هذه الحشود الثائرة والغاضبة فانكم ستخرجون مرفوعي الرأس لانها ستكون فرصة جديدة للعودة الى أحضان شعبنا وفي تطبيق وممارسة شعاراتكم القومية والوطنية الشريفة التي ناديتم بها في بداية تأسيسكم والتي خفت وبهتت صورتها خلال 12 سنة الاخيرة
أيلول -6-2015