الاخ يوسف ابو يوسف المحترم
بعد التحية
ابتداءً اود ان اشير الى انه ما يرد في ردي هذا يمثل وجهة نظري الخاصة والمستقلة - بكل تواضع -
لكوني غير مرتبط ومنتمي لاية جهة سياسية...وربما يكون ردي هذا مثيراً لوجهات نظر مختلفة ، لكن المهم ان
يحترم كل منا الاخر ولا يتجاوز الخطوط الحمراء في ذلك الاحترام اثناء التخاطب المتبادل والحوار...ونأمل ان لايفسد اختلاف الراي في الود قضية ...
عزيزي ابا يوسف... كان ردي # 87 موجهاً للسيد مازن شبلا لابتدائه الحوار في رده # 2 دون ان يسبقه احد
ويخاطبه بمثل اسلوبه ويستفزه !! .. ولم اتطرق في ردي ذاك الى ما ورد في مقالك ، لكنك مع ذلك تطوعت للرد
عوضاً عن السيد مازن بشكل غير محايد ( اي ، لا كما يتوجب على كاتب الموضوع الذي يلعب دور المسؤول عن
إدارة الحوار فينبه المخطئ ويعاتب المتجاوز .....) إذ كان عليك على الاقل ان تشير الى اسلوبه المرفوض الذي
إفتتح به الحوار مطالباً إياه بتهذيبه مستقبلاً...لكنك ، بعكس ذلك اتهمتني بشكل غير مباشر باني منفعل كما جاء
في ردك # 98 ، وكما يعلم الجميع ان المنفعل ( كرد فعل لاستفزاز احدهم ) كثيراً ما يندفع - وبدون وعي منه –
متجاوزاً على من استفزه ... فهل وجدت في ردي شيئاً من ذلك يمس شخص السيد مازن ؟؟
والان دعني ابدا حواري معك فاقول :
لقد طالبتني بقولك " إصفا لك على رأي ، هل كان هناك كلدان ام لا؟ وإن كنت لا تعترف بالكلدان فلماذا تقول :
نام إخواننا الكلدان ..... ؟ "...وللاجابة اقول :–
سأجيبك بكل صراحة ، وارجو ان يتسع صدرك لما اقوله ،لانك سألتني عن رأيي ،فاخبرك باني اعترف بوجود نوعين من الكلدان – يا عزيزي –وكما يلي :
١ – كلدان قومياً : وهم اولئك الذين ورثوا اسمهم القومي من اجدادهم كلدان بابل ولا زالوا يعيشون على ارضهم ، ارض الجنوب ، جيلاً بعد جيل ... اما الحديث عن هجرة بعضهم نحو الشمال بفرارهم نتيجة الحروب والفتوحات ، فإن ذلك مجرد اسطورة لا يصدقها عاقل !! إذ كيف يستطيع شعب الفرار من معارك خاسرة والعدو
يلاحقه ولم يترك له منفذاً للهروب الى الخارج إلا وأغلقه ؟؟!! غير انه استطاع الكثيرون من اولئك الكلدان الحقيقيين التشتت وإنقاذ انفسهم وعوائلهم والاختفاء هنا وهناك في اراضي الجنوب حيث الطرق الداخلية مفتوحة وسالكة...لذلك فالادعاء بانتقال الشعب الكلداني الى نينوى انما هو وهم وضرب من الخيال عدا وجود بعض الاسرى والسجناء القدامى لدى الامبراطورية الاشورية قبل سقوطها ولاحقاً بعض العسكريين والاداريين بعد سقوطها .
واذا قال قائل انهم انتقلوا بعد سقوط الامبراطورية الاشورية وتاسيس الامبراطورية البابلية ،فهل يعقل ان شعباً بعد انتصاره على اعدائه وتأسيس إمبراطوريته الخاصة به يترك وطنه ويهجره ليعيش بين خرائب واطلال
دولة مدمرة ؟ فهل يصدق عاقل ان كلدان بابل تركوا وطن ابائهم واجدادهم وهجروه بعد انتصارهم وتحقيق هدفهم ليرحلوا الى ارض اعدائهم الغريبة عنهم ويبداوا حياتهم من الصفر ؟؟!!!
اما بعدسقوط امبراطوريتهم فقد بقي شعبها محاصراً داخل الاراضي الجنوبية ليعيشوا فيهاجيلاً بعد جيل
(ولماذا لا وهي ارض ابائهم ؟؟ ) كما يؤكد ذلك السيد علي الكلداني والشيخ ريان الكلداني وغيرهما من ابناء الجنوب الذين رايناهم (بالصورة والصوت )وهم يحتفلون باعياد اكيتو. ....اليسوا هم احفاد الذين يقول عنهم
كاتبكم عامر فتوحي في كراسه ( الكلدان شمس لا تنطفئ ) في الصفحة ٢٩ (( ....مما حدا بالكثيرين منهم الدخول في حضرة الاسلام ......)) الى ان ياتي في السطرالاخير من ذات الصفحة ليقول : ((..للنجاة بانفسهم وارواح اهليهم وعيالهم .....)) ؟؟
٢ –كلدان طائفياً ، ( ويسميهم بعضكم – كلدان الجبال – على غرار تسمية تركيا لأكرادها– اتراك الجبال – )
اما في حقيقتهم فهم ( كلدان ما بعد الكثلكة ) لكونهم انشقوا عن كنيستهم المشرقية الاصلية وانضموا الى كنيسة روما الغربية فقامت بتغيير حتى تسميتهم القومية ايضاً( وسنوضح السبب لاحقاً في مجريات الحديث ) ،
لذا فان هؤلاء الكلدان لا علاقة لهم بكلدان بابل – كما شهد شاهد من اهلها ، وهوالمطران سرهد جمو في محاضرته الشهيرة في التسعينات من القرن الماضي (قبل ان يستدير ١٨٠ درجة نحو الاتجاه المعاكس ) معاتباً بشدة اولئك الذين يظنون واهمين انهم احفاد كلدان بابل بلاءاته الثلاث no no no !!! كذلك نقرأ في احدى كتابات غبطة البطريرك ساكو ((....لقد استخدمت عبارة– الكنيسة الكلدانية – حتى للذين انتموا الى كنيسة قبرص ، وسرت رويداً رويداً حتى تغلبت على التسميات الاخرى ... )). ويمكننا ان نضيف هنا((كما اطلقت تسمية الكلدان حتى على الهنود الذين انتموا الى هذه الكنيسة ، فهل هؤلاء الهنود كلدان القومية؟؟!!))
إذن هكذا....كانت هناك تسميات عديدة مرشحة لتسميتهم ، قبل ان تتغلب تسمية الكلدان !!!!!! ويبدو انهم بحثوا عن اسم ( غير اسمهم الاصلي ) كما نفهم من قول المطران سرهد (( باباواثن جلا خا شما دكشامل )) من هنا يبدو ايضاً انهم مروا بما يشبه ((ازمة البحث عن اسم )) بعد ان ضمتهم روما اليها ، ثم اختارت لهم اسم الكلدان استنتاجاً من القولين(( اباؤنا بحثوا عن اسم يشمل... و...رويداً رويداً تغلبت التسمية الكلدانية))....كل هذا حدث لكلدان الكثلكة بذريعة انه يجب عليهم ( بعد ايمانهم الجديد بالمسيحية ) ان يبتعدوا عن اسمهم الاصلي لكونه وريث الهرطقة النسطورية والوثنية وعبادة اشور وكل تاريخهم الدموي...!!! وبالتالي عليهم ان ينبذوا اسمهم الاصلي ،ويستبدلوه بالجديد كي تطمئن روما على عدم عودتهم يوماً الى كنيستهم الاصلية ولا الى حضن شعبهم وامتهم ..!!!
اما قولي ( ...... الفرس بقيادة كورش اسقطوا امبراطوريتهم البابلية ... ودمروا مدنهم وساووها بالارض ..)
فانك علقت عليه قائلاً
( كلامك عجيب غريب خصوصاً قولك ساووها بالارض )) ثم تستمر ساخراً:
(( ...لأن بوابة عشتار بناها القائد العظيم خالد بن الوليد ....وجلب معه تمثال اسد بابل ..))اما. أنا..فأقول :–
كلا ...إن العجيب الغريب هو في محاولتك – بهذا المنطق تكذيب ما قاله المؤرخون والباحثون كلهم عن تدمير بابل لمجرد بقاء بعض الاطلال والخرائب هناك ، والتي كثيراً ما قامت وتقوم بترميمها الحكومات المتعاقبة بين فترة واخرى لاغراض سياحية لقيمتها الفنية والتاريخية .... وهناك ما يؤكده السيد عامر فتوحي بهذا الشأن ايضاً في كراسه (الكلدان شمس لا تنطفئ )والذي كان عليه ان يسميه ( الكلدان شمس لا تغيب ) لان المعروف
عن الشمس انها (تشرق وتغيب ) وليس (تشرق وتنطفي ) على كل حال ، يقول في صفحة ٢٠ منه :
((....على عهد خليفة كورش الممسوس (ابنه) قمبير تم حرق بابل وعمل السيف فيها...)) فما رأيك ، هل ان كاتبكم مخطئ في ذلك ؟؟؟..طبعاً ليس مخطئاً لأن كل المصادرالتاريخية تقول ان بابل وغيرها من المدن دمرت بعد سقوط امبراطوريتها ....فما الغريب العجيب في ذلك ؟
وجاء في ردك لي ايضاً قولك مندهشاً
( وتعترف ان من اسقط الامبراطورية الاشورية هم الكلدان ؟؟ )) فاقول لك (وما العجب في ذلك ؟ هل تريدني ان انكر الواقع والحقيقة ، كما حاولت ان تفعل انت بالنسبة لتدمير بابل ؟ ...لكن مهلا سيدي ....عليك ان تعلم ان من اسقط الامبراطورية الاشورية كانوا كلدان الجنوب ، كلدان بابل ولم يكونوا كلدان ما بعد الكثلكة ...!!)
لنعد الان الى مايقوله اكثر الباحثين والمؤرخين المنصفين من ان الناطقين ب( السورث )في شمال العراق اليوم هم سليلو الاشوريين الذين استطاع بعض اجدادهم بعد سقوط امبراطوريتهم اللجوء الى الجبال القريبة من نينوى شمالا حيث كان يعيش بعض ابناء امتهم ( بالضبط كما استطاع بعض كلدان بابل اللجوء داخل اراضي امبراطوريتهم الجنوبية ) ثم استطاعوا لاحقاً العودة الى مناطق سكناهم الاصلية واستمرت حياة الطرفين كلداناً
في الجنوب واشوريين في الشمال ....وإلا فهل يعقل ويصدق منطقياً فرار الكلدان من بابل وجنوبها عند سقوط امبراطوريتهم قاصدين نينوى — موطن اعدائهم — من دون كل الارض بينهما !! قاطعين كل تلك الصحراء القاحلة سيراً على الاقدام اطفالاً ونساءً وشيوخاً ومرضى وجرحى والعدو من كل جانب وقد اغلق عليهم كل السبل فهل يفلت منهم احد ليستطيع بالتالي الوصول الى نينوى؟؟؟!!! ام هل تظنون ذلك العدو غبياً ؟؟ مع هذا فلكم ان تصدقوا او لا تصدقوا ولكم ان تؤمنوا بما تشاؤون ...اما انا فمقتنع بان كلدان الشمال هم احفاد الشعب الاشوري ولا علاقة لهم بكلدان الجنوب سلختهم روما بالتعاون مع فرنسا والسلطات العثمانية من كنيستهم ومن شعبهم وامتهم ومنحتهم الاسم الجديد كي تضمن عدم عودتهم يوماً لا الى كنيستهم ولا الى حضن امتهم !! والجدل الذي بيننا اليوم هو ما خططت له روما منذ ذلك اليوم !!
واخيراً ، ولكي لا تلمني لقولي (( ان الكلدان ناموا نوم اهل الكهف.......واستيقظوا بعد ٢٠٠٣ ، )) اضع بين يديك هذه الشهادة وهي من شاهد عيان مع شهادة كل الاحياء من عدادي ذلك التعداد في تلك المدينة مع شهادة ابنائها ومسؤولي كنيستها يوم ذاك ... كما يلي :-
بحكم كوني معلماً في تلك المدينة الكلدانية االكبيرة كلفت كعدادفيها في سبعينات القرن الماضي .....واثناء
تثبيتي المعلومات المطلوبة في استمارة التعداد كنت احثهم ( المثقفين منهم والبسطاء على حد سواء ) لتثبيت
قوميتهم كلدانية — وللعلم لم اكن في حينه من الاطلاع لمعرفة وجود نوعين من الكلدان — وبالرغم من كون طلبي هذا مغامرة ربما كان " يوديني بداهية " لو كان قد وشى احدهم لدى الجهات الامنية !.. ولكن والحمد لله لم يحدث ذلك ،فقط كان جوابهم واحداً وهو (( نحن نتبع تعليمات كنيستنا التي طلبت منا ان نثبت قوميتنا
(عربية) في المناطق العربية و(كردية) في المناطق الكردية !!!
والان...مارأي سيادة المطران ابراهيم ابراهيم الجزيل الاحترام ؟ هل كانت الكنيسة التي كان سيادته احد كهنتها منذ ذلك الوقت قد اصدرت مثل تلك التعليمات، ام ان سكان تلك المدينةكلهم اتفقوا — حاشاهم — على تلك الكذبة ونفذوها باسم الكنيسة ومن وراء ظهرها ؟؟ وإن كان قول ابناء تلك المدينة صحيحاً(وهو كذلك ) فهل يدل موقف الكنيسة ذلك على احترامها للاسم القومي لابنائها ، كي تعاتبنا اليوم لاننا لا نؤمن بما لم تؤمن به هي نفسها يوم ذاك ؟؟؟؟!!! واين كان شباب ذلك الزمن الذين هم شيوخ اليوم والذين اذا قال لهم الاثوري " نحن اشقاء وابناء
امة واحدة " تثور ثائرتهم رافضين ذلك بكل شجاعة ..اما في ذلك التعداد فسكتوا وهم في عز شبابهم (ويقال ان السكوت من الرضى..!!) ...نعم ، سكتوا بل وثبتوا المعلومات كما ارادتها الكنيسة كقومية "مزدوجة" كما تقتضيها المنطقة !! ..لماذا لم يقوموابتوعية شعبهم باسمهم القومي (كما فعل الاثوريون منذ عقود قبل ذلك
اليوم ؟ ! ) بينما نراهم اليوم يحاربون الاثوريين بكل شجاعة واقدام واصفين اياهم واجدادهم واصلهم باشنع الاوصاف !!!!... إذن ، الا يحق لنا ان نقول (ناموا نوم اهل الكهف ...واستيقظوا بعد ٢٠٠٣ ؟ ) وان النظام الدكتاتوري جعلهم يتنازلون عن اسمهم القومي او " يؤجلونه " لحين يسود الامان والاطمئنان حين ذاك يعلنون عنه دون "دوخة راس" ويبدو انه هذا الذي يتحقق الان في دول المهجر بعيداً عن المخاطر ، لكن نضالهم هذا هو فقط لمحاربةب الاثوريين لا غير حيث لم ولا نسمع او نقرأ لهم شيئاً عن برامجهم واهدافهم ومطاليبهم القومية التي عليهم المطالبة بها من الحكومة العراقية.... إنما نسمعهم دائماًيتحدثون عن (( التسمية القطارية والتهميش والتاشور والمتاشورين الذين سماهم الانكليز اشوريين ..! )) وصار ذلك كل همهم ونضالهم القومي الوحيد بدلاً من ان يعلنوا عن مبادئهم وبرامجهم واهدافهم القومية التي لا نعرف عنها شيئاً حتى الان ، لعل تعريفها لنا وللجميع كان يجعلنا نقتنع بها ونتعاون معاً من اجل تحقيقها...لكن مع كل الاسف يبدو انهم لا يملكون شيئاً من ذلك ليعلنوا عنه غير ما يتعلق بالتاشور والمتاشورين !!!
وبالمقابل، الم تسمعوا بمعاناة الشعب الاشوري على مر العصور من ملاحقات وتشريد واعتقالات وقتل واعدامات بسبب نضالهم القومي وعدم تنازلهم عن اسمهم ...وحتى إن لم يحققوا شيئاًمن مطاليبهم وشعاراتهم إلا انهم على الاقل بثوا الوعي القومي وعرفوا الاجيال بانتمائهم جيلاً بعد جيل ،وإذا ما حاول متطاول ان يستهين بكل ذلك التاريخ وتلك التضحيات للتقليل من شأن ذلك الواقع فانه سيكون كمن يحاول إخفاء الشمس بغربال ، او كمن يجعله الغيض والحقد يتعامى عن رؤية تلك الحقيقة الكبيرة ... فمن يظن أنه بمجرد اأن يغمض
عينيه ويمتنع عن رؤية الحقيقة يمكنه ان يمنع كل الاخرين عن رؤيتها فإنه لواهم والف واهم !!!
وهكذا اخيراً نرى ان النضال القومي والاصرارعلى الاسم لم يكونا يوماً ترفاً مزاجياً نختاره متى ما نشاء ونتركه متى مانشاء ولا حالة موسمية تاتينا وتمضي ، إنما كان ولا يزال استعداداًوإرادة دائمية لمواجهةالموت في كل الساحات القومية بكل ظروفها الصعبة الخطرة والامنة السهلة على حد سواء... وحتى إن لم نحقق شيئاً من الحقوق فان ذلك يجب ان لا يصيبنا بالياس لان الحقوق القومية لا تتحقق بين ليلة وضحاها ....
اخواني الكلدان ...بالرغم من كل ما مضى فاني احبكم والله يشهد على ذلك ، لاني اؤمن ايماناً ثابتاً باننا اشقاء وابناء لامة واحدة (سمها ما شئت ) ،ومن يؤمن بوحدانية الامة يحب الاخر بالتاكيد اكثر من ذاك الذي لا يؤمن بوحدانيتها ،لانه يعتبرنا غرباء عن بعضنا ،ومحبة الغريب تختلف عن محبة الشقيق والقريب . واخيراً وفي النهاية كل منا حر في رأيه وله اختياراته وقناعاته الخاصة .
_________________________________
قول للفائدة
خاطب الناس بالاسلوب الذي تريدهم ان يخاطبوك .
مع تحياتي للجميع...... ابن الرافدين