النسبية في الكنيسة الكلدانية...اللغة غير مهمة...المسيح قال اذهبوا وبشروا الامم...
في شريط اخر اليوم طرح الاخ جلال برنو سؤال لي حول اللغة والكنيسة الكلدانية ووعدته باجابة في شريط مستقل وها انا اقدم جواب بشكل سريع.
في البداية انا ساشرح النسبية وماذا تعني والى اين تؤدي...وساشرح هل هناك نسبية اصلا.
النسبية من يستعملها يقع في موقع مضحك للغاية, ولكن ايضا في موقع خطير جدا.
في الغرب من يدافع عن القيم الغربية ويرفض الثقافات الاخرى بالاخص التي تاتي من الشرق الاوسط وشمال افريقيا فان هناك من يعارضه ايضا , وهؤلاء المعارضين هم نسبيين في الضرورة, فهم يقولون بان من حق كل مجموعة ثقافية بان تعيش وفق ثقافتها ومعاييرها, اذ ليس هناك مجموعة تملك حقوق افضل من مجموعة اخرى. وهذا الشئ يقولونه ويزينونه بمصطلحات مثل "تحقيقا للحيادية والمساواة".
طيب هذا ما يقولونه انا ايضا لا امتلك خلاف معه واتبناه ايضا. واقول مثلهم بان النسبية لا تفضل مجموعة على اخرى لان كل شئ نسبي. فالنسبية لا تستطيع ان تقول من هو على صح ومن هو على باطل, لماذا؟ لان كل شئ نسبي. وهذا سيعني بان من حق شخص غربي ان يتصرف ايضا وفق معاييره الثقافية الغربية ويقوم بالدفاع عنها لكي لا تختفي مثل قيم الحقوق الفردية وحقوق الانسان حسب الرؤية الغربية. ودفاعه عنها يتطلب ايضا بان يرفض كل الثقافات الاخرى التي تعارض هذه القيم.
كما نلاحظ فان هكذا تصرف يقوم به غربي هو لا يتعارض اطلاقا مع النسبية, بل هو يحققها, لان النسبية لا تستطيع ان تقول من هو على صح ومن هو على باطل, والكل يستطيع ان يتصرف حسب معاييره الخاصة, وهكذا تصرف كل حسب معاييره تشمل الشخص الغربي اللذي يدافع عن القيم الغربية ايضا.
السؤال هنا هو: هل سيقبل هؤلاء النسبين المدافعين عن الثقافات الاخرى الغير الغربية بهكذا حق لشخص غربي يدافع عن القيم الغربية بطريقته بما ان كل شئ نسبي؟ الجواب كلا. هم لن يقبلوا. لماذا؟ لان النسبية عبارة عن اكبر نكتة سخيفة. فهل انا اعارض النسبية هنا في شرحي لحد الان؟ الجواب كلا, فالنسبيون الثقافيين يعارضونها بانفسهم, هم لا يقبلون بان يقوم اشخاص غربيين بان يدافعوا عن قيمهم وبان يتصرفوا حسب معاييرهم الغربية. وهنا تماما في هذه النقطة تنهار النسبية.
من يلاحظ الشرح اعلاه سيجد حتما ازدواجية في تعامل النسبيين, هكذا قارئ سيتسال, اذن كيف يتم تنفيذ شعارات "الحيادية والمساواة" من قبل النسبيين الثقافيين ضمن هكذا ازدواجية حتمية كما في الشرح اعلاه؟ والى ماذا تؤدي؟
الى ماذا تؤدي النسبية؟
النسبية لا تستطيع ان تؤدي سوى الى امبريالية ثقافية. وهذا الطريق هو حتمي جدا. هو حتمي لدرجة انه لا يحتاج اصلا الى مناقشة.
كيف يتم اذن تنفيذ شعارات "الحيادية والمساواة" التي ينادي بها النسبيين الثقافيين؟
هذه عليها عدة امثلة. لناخذ مثلا مثالي عن الغرب. كان هناك تقليد في الغرب استمر لقرون حيث يضعون الصليب في المدارس. النسبييين الثقافيين قالوا نحن نمتلك اليوم عدة مجموعات ثقافية متعددة, ولكي نحقق "الحيادية" فعلينا ازالة الصليب من المدارس, وفعلا قاموا بازالته.
طيب الحيادية فهمناها, السؤال الان كيف تبدوا المساواة؟
ولكن نفس هذه المدارس تم فيها فتح غرف خاصة للطلاب المسلمين ليقيموا فيها صلاتهم, وهذه سماها النسبيين الثقافيين بانها ضرورية ليشعروا هذه المجموعات الثقافية باننا نمتلك "مساواة" في مجتمعاتنا.
هذه النسبية الثقافية لو استمروا بها بهذه الطريقة فانها ستؤدي في النهاية حتما الى نتيجة تاريخية وهي تحقيق امبريالية ثقافية اسلامية في الغرب.
هل هناك قارئ واحد يمتلك شك في شرحي بمثالي هذا بان النسبية تؤدي دائما الى امبريالية؟
انا بالنسبة لي متاكد بدرجة 100% بانه لا يوجد احد يستطيع ان يكتب سطر واحد كمحاولة لينتقد ما قلته.
الى ماذا يلتجئ اذن النسبين الثقافيين لحل ازدواجيتهم الواضحة جدا؟ الجواب: هم لا يستطيعون ان يمتلكوا سوى ادوات سياسية استغلالية, فهم يعتبرون كل شخص غربي يدافع عن القيم الغربية بانه متطرف ونازي, وكل شخص يدافع عن الثقافات الاخرى يسمونه بانه "خوش انسان"
ما قلته اعلاه ينطبق بحذافيره وتفاصيله على الكنيسة الكلدانية فيما يتعلق باللغة, وانا ساشرح التشابه.
لنقسم المنتمين الى الكنيسة الكلدانية الى قسمين, قسم يركز على لغة الام وقسم يرى بان اللغة غير مهمة ويرى لا باس باللغة العربية. لنرى كيف يتم التعامل مع الطرفين.
الكنيسة الكلدانية تقول باننا واجبنا هو التبشير بالمسيحية, اللغة هنا غير مهمة, ولكي نحقق "الحيادية" فاننا لن نقبل بالتركيز على اية لغة. ومن ثم تقوم الكنيسة بوصف كل من يريد التركيز على اللغة الام بانهم متعصبين , منغلقين على انفسهم ومتطرفين الخ.
طيب لقد فهمنا الحيادية التي تطالب بها الكنيسة , السؤال هنا كيف تحقق المساواة؟
الكنيسة تقول لكي نحقق المساواة فان افضل طريقة هي استعمال اللغة العربية بدعوى ان هناك من لا يجيد اللغة الام ولان البقية من يجيد لغة الام يجيد العربية ايضا. واي شخص يتبنى هذه الفكرة فان الكنيسة تسميه بالمنفتح على الاخرين, الشخص الجيد الحسن الاخلاق, شخص "خوش انسان".
اي ان ما تقوله الكنيسة في ان من حق كل شخص ان يمتلك خصوصيته باعتماد الكنيسة ايضا على النسبية هو شئ مستحيل, فنحن نرى ان الكنيسة لا تستطيع ان تمنح هذا الحق لكل شخص. فمن يقوم بالمطالبة بالتركيز على اللغة الام يتم تسميته بالمتطرف والمنغلق على نفسه الخ من صفات. ومن يدافع عن العربية وعدم اهمية التركيز على لغة الام تسميه الكنيسة بالمنفتح وبانه خوش ولد.
من هنا نلاحظ كيف تنهار النسبية في الكنيسة, وكيف ان هذه النسبية ستؤدي تاريخيا الى امبريالية لغوية تسيطر فيها العربية على كل الكنيسة الكلدانية, هذه النتيجة هي حتمية جدا, ولا يستطيع احد من الكهنة تغييرها فقط بكتابة انشاء غير علمي. نلاحظ ايضا كيف تضطر الكنيسة بسبب هذه النسبية الى الالتجاء الى عبارات سياسية لابعاد طرف والدفاع عن طرف اخر, نلاحظ كيف تقوم الكنيسة باستعمال عبارات متطرف ومنفتح ومنغلق, وكيف تستعملها. هذه كلها الحتمية التي تؤدي اليها النسبية.
مناقشة بعض الحلول:
كيف يتم حل المشكلة؟
هناك في بلدان من العراق وحتى المغرب اكثر من 70 بالمئة لا يجيدون القراءة والكتابة , كيف يكون الحل يعني؟ الحل هو اقامة مدارس محو الامية. وفي الغرب كل من لا يجيد الانترنت يعتبرونه امي ويتم فتح دورات خاصة لهم. ما قيمة هكذا سؤال يعني. هكذا تعليم للغة تقوم بها اصلا عدة جهات اشورية في الداخل والخارج ايضا.
سؤال اخر: ولكن هناك حتى من يجيد اللغة الام ولكنه لا يجيد اللغة الام المستعملة في القداس لكونها تحوي كلمات ومصطلحات قديمة.
الجواب: كلام صحيح. هذا لان الكنيسة تستعمل نفس مصطلحات الادباء والفنانين والشعراء حول فهمهم المضحك للغة, فهم يقسمون اللغة الى لغة فصحة والمحكية. وهو تقسيم مضحك جدا لكونه غير علمي. فاللغة علميا تنقسم الى قسمين. لغة اليد-العين ولغة الفم-الاذن. وانا عندما كنت قد سمعت شخص عربي بانه يرفض ما سماها اللغة المحكية العراقية فاناوقعت على الفور ضحكا, فما يقوله قد يبدوا ممكن ادبيا ولكن غير ممكن علميا, اذ كيف سيلغي جزء من الدماغ ؟ كيف سيلغي ما يستعمله قسم الفم-الاذن؟
الحل هنا هو اخذ الطريقة التي يتحدث بها ابناء شعبنا في هذا اليوم بنظر الاعتبار وادخالها ضمن لغة اليد - العين, لتصبح لغة الكتابة واللغة المستعملة في الكنيسة ايضا.
من يفتح قواميس اللغة الانكليزية القديمة والحديثة سيفهم ما اقوله. فهكذا شخص سيجد في القواميس القديمة كلمات تم كتابة ملاحظات الى جانبها مثل "كلمة اجنبية" او "كلمة عامية" او "كلمة اكتسبت معنى جديد" الخ, وعندما يقارن نفس الكلمات في القواميس الجديدة سيجد بان هكذا ملاحظات اختفت, لماذا؟ لان الكلمة لا تستطيع ان تبقى الى الابد اجنبية او عامية, فهي تصبح جزء من اللغة. والشئ الاخر هو لا تستطيع ان تملك المجاميع اللغوية الانكليزية اية احتكار حول كيف ينبغي على الملايين استعمال اللغة واية كلمة ينبغي ان يستعملوا واية كلمة لا يستعملوا, فهذه العملية يشترك فيها المجتمع باكمله. المجاميع اللغوية تقوم فقط بالمراقبة وادخال الكلمات والمعاني الجديدة, هذا لكي تبقى اللغة حية, ولكي يتعامل الدماغ بارتياح مع لغة اليد-العين ولغة الفم-الاذن, لكي يكون هناك تطابق بينهما بقدر الامكان.
واخيرا اقول بانني متاكد ايضا بان حتى اعلام البطريركية سيقراء مقالتي هذه, ولكني متاكد بانهم لا يستطيعون كتابة جملة واحدة لينتقدوا ما قلته اعلاه مستخدمين نفس الطريقة الفلسفية والتاريخية والعلمية التي قمت بالاعتماد عليها.
شكرا للقراءة.