المرأة... ابــــــــداع
تضامن عبدالمحسنلطالما كتبنا عن المرأة في عيدها، وعن معاناتها وقمعها واحزانها، وكذلك تميزها وريادتها.
اليوم طاب لي ان اكتب عن زاوية الابداع الموجودة عند كل النساء، فمن التي ولجت اليها، ومن منهن لم ترها؟
والدتي امرأة غير متعلمة، ولكنها تحفظ الشعر وتعرف كيف تغتنم فرصة القاءه على مسامعنا، بحكم تربيتها في بيت ثقافة وشعر، لم تكن من النساء اللواتي يرضخن لجبروت الرجل، فكلما ضاقت عليها الدنيا وواجبات البيت وضغوط الوالد، تركت البيت الى وجهة غير معلومة بالنسبة لوالدي تحديدا، حتى لايقتفي اثرها، فتستعيد طبيعتها وتغير مزاجها وتعود بعد يومين متجددة سعيدة والضحكة تعلو وجهها الثلجي الحبيب. كنت اعجب كيف لاتخاف من ابي، وكيف تستطيع الهرب من واقعها، وكيف تستقطع تلك اليومين لنفسها عند بيوت اهلها واقاربها الذين تحبهم لتتجدد، فتعود قوية نشطة تعاود فعاليات يومها بهمة، وتطبخ لنا اطايب الطعام، وتمارس امومتها في التوجيه والتربية والمتابعة لتربي اكثر من نصف (درزن) اطفال بشكل صحيح.
تلك زاوية امي الابداعية، انها لن تنسى نفسها، رغم البيئة التي تربت فيها، ورغم ذكورية المجتمع الذي نعيشه، ورغم فورة ابي، الا انها عرفت ماذا يجب ان تفعل في لحظة محددة. ربما ابداعها لايخص بناء المجتمع بشكل مباشر، ولكنه بالتأكيد يحافظ على توازنها لتستمر في عطاءها.
كم امرأة تستطيع ان تواصل عطاءها وتكتشف ابداعها وتنتهزه لترتقي به وتسجل بصمتها في الحياة؟.
لدى كل النساء تلك اللحظة الابداعية، وذلك الميل نحو الابداع، لكن البعض منهن، وبالتحديد اللواتي يتعرضن للقمع والتهميش والاقصاء، لايتلمسنها ولا يبحثن عنها، ربما جزعا، وربما خوفا، وربما يسيطر عليهن ظرف اللاجدوى الزماني، الذي يطول ليصل الى نهاية العمر.
اقول للمرأة في يومها، الذي انبثق من المعاناة ومن جدوى وجودها ومن اهمية بصمتها، ان لك زاوية تسكن عميقا في ذاتك اسمها الابداع، ان ولجتها وتذوقتي حلاوة الانتصار منها سوف تدفعك نحو الامام، فاختاري مجالا وابدعي فيه وسجلي بصمتك فانت امرأة والمرأة حياة.