المحرر موضوع: ما الذي يجري في الكنيسة السريانية؟  (زيارة 1479 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعيد لحدو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 89
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                ما الذي يجري في الكنيسة السريانية؟

10-3-2007
سعيد لحدو- هولندا

كأني لا أعرفك يا قداسة البطريرك
بالأمس القريب كان احتفال كنيستنا السريانية الأرثوذكسية لجلوسكم بطريركاً ورئيساً أعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم, وما زلت أذكر كلمات  موعظتكم الأولى التي ظلت عالقة في ذهني, وربما في ذهن الكثيرين من أمثالي عن عزمكم وإصراركم على إعادة الديمقراطية إلى الكنيسة, وإعادة مجد لغتنا السريانية إليها. فأعادت تلك الكلمات إلينا الروح السريانية التي افتقدناها لسنوات طويلة.
لقد كنت حينها شاباً متحمساً ككل الشباب الآخرين من أبناء الكنيسة المعتزين بالانتماء إليها والمندفعين لخدمتها ورفع شأنها. ولقد كانت لقداستكم جهود لا يمكن تجاهلها, وخطوات جريئة في محاولة إصلاح الكنيسة والإكليروس عموماً. وإذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار وتأملنا واقع اليوم, وتحديداً السنوات القليلة الماضية, فإن تساؤلاً ملحاً يطرح نفسه في مواجهة كل سرياني غيور وهو:
ما الذي يجري في هذه الكنيسة؟
كنت على الدوام متردداً في انتقاد بعض أشكال السلوك الفردي للإكليروس السرياني التي لا تنسجم والمهمة الروحية التي نذروا أنفسهم لها, لأنني كنت مقتنعاً بأن التركيز يجب أن يكون على الظواهر الإيجابية في تصرفات أولئك. ولكن حين تصبح أشكال السلوك تلك ظاهرة بارزة في الكنيسة التي نحبها ونغار عليها ونعتز بالانتماء إليها, يغدو من الضروري والملح كشفها ووضع الحقائق أمام  الناس خدمة للكنيسة ذاتها, وتحصيناً لها من أية آثار سلبية قد تنجم عن ذلك السلوك السلبي. وسأتحاشى ذكر الأسماء ترفعاً عن المهاترات من جهة, ومن جهة أخرى لأن الجميع يعرفهم وهم لا يخجلون من إعلان مواقفهم تلك بمناسبة وبدون مناسبة وعلى الملأ. وهذه بعض الأمثلة:
منذ سنوات خلت كان أحد المطارنة المرتسم حديثاً جالساً في مجلس عزاء لأحد أبناء شعبنا. وقد كنت حاضراً كغيري, فجاء أحد رجال المخابرات ممن لم يتيسر لهم نيل الشهادة الإعدادية, فرحب به نيافة المطران وأكرمه بأن أجلسه إلى جانبه ونسي مرتبته كمطران  وكل الحاضرين في المجلس وشرع في منادمته وتسليته بشكل حط كثيراً من هيبة المطران إلى درجة أن حضور ضابط كبير في الشرطة بعد قليل لم يثر لدى المطران أي انتباه أو فضول وجلس هذا الضابط كأي إنسان عادي بين الحاضرين, كما كان حال كهنة الكنيسة الآخرين الذين ظلوا بعيدين عن مجلس المطران في حين ظل هو منهمكاً في منادمة رجل المخابرات.
هذا يوضح لنا بلا شك إلى أي حد بات لكلمة مخابرات تأثير سحري في نفوس الإكليروس.  وهذا بالتأكيد ينعكس سلباً على الكنيسة وأبنائها ويقلل من احترام الآخرين لرجل الدين مهما علت رتبته إذا كان هذا هو سلوكه.
حادثة مشابهة كانت هذه المرة من قداسة البطريرك نفسه. ففي احتفال تأبين المرحوم المطران عيسى جيجك في هولندا السنة الماضية, أُجلسَ إلى جانب قداسته ممثل السفارة السورية في بروكسل, وأشير إليه بالشكر عدة مرات في الكلمات التي ألقيت, في حين أن كاردينال الكنيسة الكاثوليكية, وهو ثاني أهم شخصية في هولندا بعد العائلة المالكة, ظل بعيداً كأي ضيف عادي رغم رتبته الكهنوتية الرفيعة!!! وفوق كل هذا ألقى قداسته كلمته التأبينية باللغة العربية  في جموع تعد بعشرات الآلاف وأمام نقل حي ومباشر لقنوات تلفزيونية هولندية وسريانية, في الوقت الذي كان أكثر من 90% من المستمعين لا يفهمون العربية, مما دفع إلى ترجمتها إلى السريانية!! فإذا كان ولا بد فلماذا لا تتحدث بالسريانية لغة كنيستنا وشعبنا… ولغة السيد المسيح ربنا وإلهنا, التي وعدت في موعظتك الأولى بأنك ستعيد لها مجدها؟؟ أو على الأقل أن تتحدث بالإنكليزية احتراماً للضيوف وأنت في دولة أوربية. أم أنك ترى أن تقرير مخابرات السفارة السورية  وفتح صالة الشرف لك في مطار دمشق عند عودتك أهم من ذلك كله؟؟؟
وما يدعو للأسف الشديد أن هذا الأمر بات عرفاً ثابتاً لدى قداسته أثناء زياراته للخارج, حيث يفضل قداسته في كل مرة استخدام مترجم للتخاطب مع أبناء كنيسته. فهل نحن أمام بطريرك كنيستنا السريانية .. أم أن أموراً تجري خلف الأستار لا نفهمها؟؟؟
وإذا أضفنا إلى كل هذا تلك الخطبة العصماء التي ارتجلها قداسته  في مقابلته السنة الماضية مع صحيفة النهار متفاخراً بأن الدماء العربية النقية تجري في عروقه, دون أن يعلمنا في أي مختبر أجرى ذلك التحليل ليكتشف تلك الحقيقة التي غابت عن الخليقة جمعاء وروعت السريان قاطبة, وخالفت مشيئة الخالق الذي هكذا خلقنا وأراد لنا أن نكون سرياناً لغة وجنساً دون أن يكون لنا يد في ذلك!!! ولا ندري لماذا كان هذا التصريح الخطير الذي أقض مضاجع السريان في العالم أجمع, ولا لقاء ماذا.
أما الديمقراطية التي وعد بها قداسته بإعادتها إلى الكنيسة فقد فهمت ومورست على أنها حرية المطارنة في إساءة استعمال سلطتهم الروحية لأغراض دنيوية والتفرد في اتخاذ القرارات التي تعود بالنتيجة بالضرر على الكنيسة والشعب كما حصل في فضيحة الاحتيال والنصب بملايين الدولارات التي حصلت في أبرشيتي هولندا وأمريكا وما زال المؤمنون حتى اليوم يعانون من آثارها, وذلك دون أية استشارة قانونية أو حتى غير قانونية لأي كان من السريان. ولعل هذه الفضيحة خير دليل على هذا النمط من السلوك.
وما يلفت النظر أكثر هذا التسارع غير الطبيعي والمثير للحيرة والتعجب, تصنيع وابتكار أبرشيات جديدة لا تتكون بعضها أكثر من  كنيسة واحدة أو كنيستين, ورسامة مطارنة لهذه الأبرشيات بعضهم لا يستحق حتى رتبة شماس ممن لا يعرف بعد حتى كيف يحتفل بالقداس الإلهي الذي يفترض بأصغر شماس في الكنيسة القدرة على القيام به. وهنا لا بد أن نشكر العناية الإلهية التي أوجدتنا في عصر القنوات الفضائية التي تنقل لنا ونحن في بيوتنا ببث حي ومباشر كل ما يحصل لنراه ونعاينه ونكون شهوداً للمستوى الذي انحدرت إليه كنيستنا السريانية العريقة والحبيبة على قلوبنا جميعاً.
ومما يبعث على الأسى والحزن والتساؤل المثير لألف علامة استفهام أن الشعب حين يجمع (وهذا نادراً ما يحصل في كنيستنا) على ترشيح راهب معين لرسامته مطراناً لأبرشية ما, كما حصل في هولندا مؤخراً, فإن قداسته يتثاقل في قبول اختيار الشعب هذا دون أية مبررات. فيتم تشكيل اللجنة بعد الأخرى بهدف المماطلة بذريعة الوقوف على حقيقة موقف الرعية رغم أن هذا الموقف كان منذ البداية واضحاً ومحدداً وبإصرار من جميع الكنائس والمجالس والمؤسسات في هولندا خطياً وشخصياً أمام قداسته وكذلك أمام كل لجنة شكلت بهذه الذريعة. وكأن الرسامات السريعة الأخرى حصلت برغبة الشعب ومطالبته التي لم تحصل قط في بعض الأبرشيات المستحدثة. ولا يمكن تفسير كل هذا التسويف والمماطلة إلا بهدف فتح ثغرة في إجماع الناس على اختيارهم, وترشيح أسماء أخرى بغية شق الصف وتمييع القضية وتأجيل الرسامة المرتقبة ما أمكن. في حين أن الضرورة كانت تحتم ملء كرسي الأبرشية الشاغر والأهم والأقدم في أوربا بأسرع ما يمكن, وتأجيل الرسامات الأخرى التي لم تكن بأي حال تتطلب السرعة ناهيك عن الفائدة المرجوة.
هذا يدفع بنا مرة أخرى إلى التساؤل الملح: ما الذي يجري في كنيستنا السريانية؟
ولقد تفتقت عبقرية أحد هؤلاء المطارنة الجدد (المثقفين جداً) ليكتشف أن قضية المذابح ضد شعبنا والتي كان ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء من أبناء هذا الشعب, وما زال الكثيرون يعانون من آثارها ومنهم عائلة المطران المعني ذاته, وهو أعلم بما حصل لها, هذه القضية التي باتت مسألة شائكة ومحرجة جداً للحكومات التركية المتعاقبة لإجبارها بالاعتراف بالجريمة البشعة بحق الإنسانية جمعاء التي ارتكبتها, وبعد الخطوات المتقدمة التي باتت تخطوها القضية في المحافل الأوربية بجهود المخلصين من أبناء هذا الشعب, اكتشف هذا (المثقف الكبير) وللتو وفقط بعد أن أصبح مطراناً وحلول الروح القدس عليه مباشرة بعد وليمة معتبرة أقيمت على شرفه في السفارة التركية ببروكسل, أن الأتراك المساكين لم يكن لهم يد ولا ذنب في المذابح, وربما أنها لم تحصل قط. وليعلن براءتهم منها براءة الذئب من دم يوسف!!!  ولا يخجل هذا (المتمطرن) أن يعلن هذا في محاضرة دعا إليها أحد البحاثة ممن كرس نفسه لقضية المذابح دون أن يعطيه الفرصة ليقول ما دعي من أجله. وكأنه استخدم اسم هذا الباحث والاحترام الذي يكنه له الناس ليجمع أكبر عدد ممكن من الناس مع دعوة خاصة للسفارة التركية في بروكسل ليكونوا شهوداً على إخلاصه لهم وتنفيذه تعليماتهم ونصائحهم التي تلقاها منهم بعد الوليمة مباشرة بالتزامن مع حلول الروح القدس, وليطلق أمامهم رصاصة الرحمة على ما بقي من روح حية يقظة بهذه الكنيسة وأبنائها. وهو بذلك يخون دماء مئات الآلاف من الشهداء التي بيعت بثمن بخس رخيص ليس أرخص منه إلا تلك النفوس الوضيعة التي شاءت لها الأقدار أن يقترن أصحابها باسم السيد المسيح لتتاجر بكل ما قدمه من أجل البشرية متجاوزة ما فعله يهوذا الإسخريوطي حين باعوا شعبهم وكنيستهم بأقل وأبخس الأثمان. وعلى بعد خطوات من مكان المحاضرة كان قداسة البطريرك يسترخي مستريحاً من عناء رحلته الجديدة إلى أوربا التي لم يعلن عن سببها رغم صحته التي لن تساعد (بعد شهر؟) على السفر لرسامة راعي الأبرشية الجديد في هولندا.  مما يكلف سفر مئات الأشخاص وصرف عشرات آلاف الدولارات بهدف حضور الرسامة المرتقبة في دمشق.
لعل التفسير الوحيد لهذه الرحلة الأوربية المفاجئة والملحة لقداسته هو ضرورة الاطمئنان على أحوال مطارنته الجدد وليتأكد فيما إذا كانت الدماء التركية النقية مازالت تجري في عروقهم كما هي حال عروق قداسته مع الدماء العربية. أما السريانية وكل ما حملته من إرث ورغم وعوده السابقة بإعادة مجدها فيبدو أنها أصبحت بضاعة قديمة لم تعد تصلح لهذا العصر….. والسياسة المخابراتية التي بدت سمته الأبرز, على الأقل لدى البعض من إكليروسنا الذي أصبح بضاعة رخيصة جداً على ما يبدو.
فهل هذا حقاً ما يجري في كنيستنا السريانية الأرثوذكسية العريقة؟؟؟