عنكاوا كوم/ الزاوية الثقافية تمر علينا اليوم الذكرى الثانية لرحيل الاديب الدكتور سعدي المالح الذي رفل الساحة الثقافية العراقية و العربية بالعديد من الكتب والدراسات والابحاث والمقالات و الانجازات الابداعية الاخرى.
وبهذه المناسبة الاليمة نهدي هذه الكلمات لأديبنا الراحل...
أنك أبن عنكاوا ... نهلتَ من مدارسها أسس المعرفة الاولى وكبرتْ معكَ احلامك وطموحاتك لتجد نفسك غارقا في عالم الادب والثقافة لتصبح الكلمة زادك ورفيقتك في اسفارك . حققتَ حضورا لافتا وانت تتنقل بين الادب والصحافة فكنتَ الشاب المثقف الطموح والمثابر شغوفا بالنشاطات الادبية ومتسلحا بعطاء فكري لا ينضب . صقلتك تجارب الحياة وأختبرتَ الكثير فجعلتْ منك الاديب والصحفي والاستاذ والباحث وأولا الانسان ...
لم تخطفك بلاد الاغتراب ولم تطفئ فيك شعلة العمل الادبي والصحفي بل نجدك تثابر لتحصل على اعلى الشهادات وتعمل كأستاذا للادب في أكثر من جامعة عراقية وعربية ودولية وكأن نسائم الحرية أنعشت قلبك فاخذتَ تتنفس الابداع والتألق .
أغنيتَ المشهد الثقافي العراقي بالكثير من المؤلفات الادبية من مجاميع قصصية وروايات وتركتَ بصمة واضحة ايضا على المشهد الادبي العربي والدولي من خلال ترجماتك وأبحاثك الكثيرة . ستبقى خالدا في اعمالك الابداعية والتي تجازوت 25 من الكتب والمؤلفات.
لم تكتف يا سعدي بكل ما حصلتَ عليه بل سخّرتَ كل طاقاتك الأبداعية والأدبية والفكرية في خدمة شعبك وأحياء حضارته وتراثه وثقافته . لقد آمنت بقضيتك وأصبحتْ الحضارة والتاريخ شغلك الشاغل، فمن خلال دراساتك وأبحاثك كشفتَ أصالة وعراقة السريانية كلغة وثقافة . فثابرتَ على أحياء الادب السرياني وإثراء مديرية الثقافة والفنون السريانية والتي ترأستَ أدارتها منذ 2007 بالنشاطات الادبية والثقافية السريانية.
بجهد وعطاء ومثابرة ، تمضي في مشوار الحياة وتؤكد اننا كلدان أشوريين سريان اصحاب أرض وتأريخ وحضارة .
لم تتوان في الكتابة للدفاع عن الأقليات وصيانة تأريخهم وتراثهم من الاندثار واخذتْ الثقافة السريانية الجزء الكبير من أبحاثك ودراساتك لتؤكد ان الحكومات الدكتاتورية تقمع المكوّنات الصغيرة وتمحو مع مرور الزمن تاريخها وتقلع جذورها. فكنتَ تناضل لأجل ان يبقى تاريخ شعبنا الكلداني السرياني الاشوري موجودا رغم غبار السنين. فخلقتَ هذا النسيج الرائع بين الكتابة والتاريخ في علاقة تجاذبية مؤكدا ان في الكتابة الملاذ الآمن لحفظ هذا التاريخ ... وكأنك تقول أنا أكتب ... فاذن أنا موجود .
وما المخطوطات القديمة الا شواهد حيّة لتاريخ شعبنا العريق وثقافتنا السريانية ، كما هي عمكا شاهدٌ على عمق المكان وروعة الخيال واصالة التاريخ وجوهر الدين وأنسانية الانسان .
اليوم ونحن نستذكر رحيلك الفاجع الذي آلمنا كثيرا وترك لنا فراغ كبير لا نجد فيه عزاء سوى بصمتك التي ختمت بها كل أبواب التاريخ وأنت تؤطر في زمان ومكان تاريخ وثقافة ذاقتْ الكثير من اهمال وجور الحكومات الدكتاتورية المتعاقبة على العراق، وبسعي حثيث تمكنتَ من ان تجعلها حيةّ متجددة في ذاكرة أبناء شعبنا.
لقد بدأت مسيرة طويلة من العمل والعطاء من اجل ان تحفظ هذا التاريخ العريق لشعبنا من حضارة وتراث وثقافة وعلى كل منّا تقع مسؤولية ان نكمل عنك المشوار بنفس الامانة والوفاء كي يبقى تاريخنا هويتنا الاصيلة ...
أسمك سيبقى حاضرا وبكل جدارة في جميع المحافل الادبية والثقافية ..