المحرر موضوع: داعش أيقظ ضمير العالم الاسلامي!!  (زيارة 1326 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


أوشـــانا نيســـان

أثبت تنظيم داعش الارهابي أنه من أكثر التنظيمات الاسلامية عنفا في تاريخ الحركات الاسلامية المعاصرة، باعتباره أحد نتاج الفكر السلفي الجهادي الذي أستمد شرعيته من أعمال سيد قطب الذي أعدمه الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر. فالداعية الاسلامي سيد قطب هو الذي صاغ صفة جاهلية القرن العشرين على المجتمعات الاسلامية المعاصرة بهدف تطبيق الشريعة الاسلامية. في الوقت الذي يعرف المراقب، أن النهج التدميري ل"داعش" ولد بالاتفاق مع بنود أجندة الولايات المتحدة الامريكية في العالم العربي والتي أعلنتها وزيرة الخارجية الامريكية كونداليسا رايس مطلع عام 2005، واستراتيجيتها الواضحة في نشر "الفوضى الخلاقة"، تلك التي نعتت زورا بالربيع العربي، كمرحلة تمهيدية لتحقيق حلم منظري التيار السلفي الجهادي  وتنبوءات سيد قطب نحو اقامة الخلافة الاسلامية.

ومن الواقع هذا يمكن القول، ان المتابع لا يحتاج إلى جهد كبير للربط بين ما اقترحه مؤلف كتاب «ادارة التوحش» للكاتب المصري «ابو بكر ناجي»، حيث يعتقد انه اسم مستعار لاحد منظري التيار السلفـي الجهادي المصري، وهو محمد حسن خليل الحكايمة، احد القادة المؤسسين فـي تنظيم «الجماعة الإسلامية» التي اشتهرت بعملياتها الإرهابية فـي مصر خلال تسعينيات القرن الماضي، وبين ما يمارسه تنظيم «داعش» بانتظام خلال السنتين الاخيرتين ضمن المدن والقرى العراقية التي باتت تحت قبضة ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش". لاسيما بعد أصرار ضمير العالم الاسلامي على الصمت والسكوت حيال ما جرى ويجري من التجاوزات والاعتداءات المنتظمة بما فيها سياسات الابادة الجماعية ضد الملايين من المواطنين المسيحين في بلدان الشرق الاوسط أبتداء من تركيا، ومرورا بالعراق والشام خلال مئات السنين.


الجذور التاريخية لتنظيم داعش
أنطلاقا من الادبيات المنشورة عبر المواقع والمنتديات الجهادية  " أن أيديولوجيا «داعش» هي تطوير لبنية أفكار ابن حنبل وابن تيمية وابن قيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب وجهيمان العتيبي وعبد الله عزام والوهابيين الجدد باتجاه يفوق فـي خطورته كل ما ورد فـي افكار المشايخ المذكورين" يكتب نبيل هيثم في صدى الوطن بتاريخ 21  سبتمبر 2014. علما ان المرحلة هذه ليست مرحلة طارئة في التاريخ الاسلامي وفقا لكتاب " ادارة التوحش" باعتبارها ظاهرة مماثلة للنظام القبلي الذي حكم المدينة المنورة قبل وصول الرسول محمد، والخلافات الصغيرة التي تشكلت بعد هجمات المغول والصليبين وصولا الى التجربة الافغانية، يكتب أبي بكر ناجي. بمعنى أخر ، أن جماعات العنف والارهاب والتشدد خرجت جميعها من رحم جماعة الاخوان المسلمين في مصر خلال المائة سنة الاخيرة.

أذ انطلاقا مما سبق يمكن لنا الاعتماد على المعرفة التاريخية كشرط لفهم ردود افعال الحضور ضمن المحاضرة التي قدمها المستشار القانوني هفال وهاب رشيد تحت عنوان" جرائم داعش والقانون الدولي" بالتنسيق مع السيد حميد مراد رئيس الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة الامريكية بتاريخ 11 حزيران 2016، ولا سيما بعد اصرار عدد من المتسائلين على رفض فصل المسلسل الدموي لداعش عن سياقه التاريخي الموغل في القدم.

حيث ذكر المحاضر من خلال سرده للمراحل التاريخية التي سبقت ولادة هذا التنظيم الارهابي، ان دولة العراق ومنذ تشكيلها عام 1921 ولحد الان لم توقع على الاتفاقية المتعلقة بجرائم الابادة الجماعية لعام 1953. الامرالذي يدل على أن النظام السياسي العراقي "السني"  ولد معاقا منذ اليوم الاول من ولادته، بعدما فشل في ترسيخ دعائم البنيّة الاساسية لنظام سياسي قابل للتوجه نحو الديمقراطية والعدالة والتسامح.

لآن النظام صمم أساسا وفق رغبة أستعمارية لتتفق أجندته اللاوطنية مع الاقلية "السنية" الحاكمة بالضد من المصالح الوطنية للاكثرية العربية "الشيعية" والحقوق الوطنية المشروعة لبقية الشعوب والمكونات العرقية العراقية الاصيلة وعلى راسها شعبنا الكلدواشوري "المسيحي".

فاصرار قيادة داعش السلفية على تبني خطاب الكراهية والقتل والدم والحرق، لا يختلف كثيرا عن مفردات الخطاب "الوطني" الذي صاغه رئيس جمهورية الخوف وزعيمها الطاغية صدام حسين ومن سبقه من الملوك ورؤساء جمهوريات العراق..
حيث التاريخ يذكرنا كيف رسخت دعائم الدولة العراقية "الفتية" على جماجم الالاف من ضحايا أبناء شعبنا "المسيحي" في مجزرة سميل عام 1933 اي بعد أقل من عشرة شهور من استقلال العراق ودخوله عصبة الامم. هذا الشعب المسيحي الذي نجا بأعجوبة من نيران المحارق التي اشعلتها الخلافة العثمانية أبان الحرب العالمية الاولى بهدف الابادة الجماعية لجميع مسيحي الامبراطورية. حيث راح ضحية محرقة الخلافة تلك ما يقارب من مليوني أرمني، كلدواشوري، يوناني وغيره من مسيحي الامبراطورية. تماما كما تتدعي اليوم الخلافة الاسلامية في العراق والشام "داعش" ان العراق وثرى العراق أسلامية مطهرة لا يجب على غير المسلم أو بالاحرى المسيحي الكافر أن يدنسها، فاما ان يدفع الجزية وهو صاغرا والا جزّ السيف رقبته!! هذه السياسة اللانسانية التي دفعت بأكثرمن مليون مسيحي وايزيدي أمن ان يتشردوا ويتركوا قراهم ومدنهم التاريخية في سهل نينوى وسنجار ويتوجهوا كنازحين نحو القرى والمدن الرئيسية في الاقليم الكوردستاني أوالوقوع في قبضة داعش كما حدث للالاف من الايزيديات اللواتي اتخذ منهن داعش سبايا خلف الحدود العراقية في سوريا والمناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي.

اليوم وبعد مرور أكثر من مائة عام على محارق الابادة الجماعية لمسيحي الخلافة العثمانية، تعترف أكثر من 30 دولة غربية وأخرها الحكومة الالمانية التي شاركت الحرب العالمية الاولى الى جانب الخلافة العثمانية في تركيا، أعلنت أعترافها بالابادة الجماعية التي مارستها الخلافة العثمانية ضد المسيحين وتحديدا ضد الشعب الارمني والشعب الكلدواشوري السرياني. في حين وللاسف الشديد لم تتجرأ دولة اسلامية واحدة أن تعلن أعترافها بهذه المحرقة أو تداعيات الابادة الجماعية. وما نشاهده أو نقرأه هذه الايام من عبارات التنديد والشجب والادانة التي يطلقها بعض حكام ورؤساء الدول الاسلامية ضد نهج داعش وأتباعه في ذبح المواطنين المسيحين العزل أوأغتصاب وحرق النساء الايزيديات، لا يعني بداية نضوج الوعي الحضاري والفكري للانسان الشرقي أو محاولات جادة من الحاكم الشرقي لتجديد الفكر الاسلامي المعاصر في بلدان الشرق الاوسط، وانما هي باعتقادي مجرد أعتراض على تجاوز جرائم داعش للحدود المسموحة له وتحول المسلمين هذه المرة الى الهدف الجديد لداعش بعد المسيحيين والايزيدين.