المحرر موضوع: ملف شؤون مسكونية/ مع خلاصة شاملة للمقابلة مع مار باوي سورو- بجزئيها 1 و2  (زيارة 2778 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الأب نويل فرمان السناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
ملف شؤون مسكونية مع خلاصة شاملة للمقابلة مع مار باوي سورو- 1 و2

الأب نويل فرمان السناطي


التمهيد

أفكار في الخطوات المسكونية للكنائس

اختتم يوم 25 كانون الثاني 2017 اسبوع الصلاة من أجل الوحدة المسكونية. ويطرح السؤال نفسه:
إذا كانت عقارب الساعة في مسيرة الوحدة لا تعود الى الوراء، واذا كانت خطوات الوحدة لا يمكن أن تتوجه "عكس السير"، لحين إعادة الشركة بين الكنائس الرسولية لمرحلة ما قبل الانقسام، ومع خادم خدام الرب بالمحبة، فلا بدّ من القول بأن النهج المسكوني لهذه الكنيسة أو تلك نحو الشركة ضمن كنيسة جامعة، قد يأخذ بنظر الاعتبار خطوات الجماعات والكنائس الاخرى، لكيما يتم الافادة من الخبرات السابقة، وكذلك لكي يكون الاتحاد ضمن الكنيسة الجامعة، مرتبطا بكاريزما كل كنيسة، وحرصها على استقلاليتها الادارية والطقسية والثقافية، وواقفة على مسافة واحدة مع كيانات شعبها السياسية مع الانفتاح الى خط الرسالة الانجيلية على مستوى العالم.
وتشاء العناية الربانية، أن هذا يتزامن مع الحبرية المنفتحة للبابا فرنسيس، وما قدمته الكنائس البطريركية المتحدة مع الكنيسة الجامعة، من تضحيات وما حصلت عليه عبر عهود طويلة من نتائج بمواقف متفردة، من مار يوسف السادس أودو(1793-1878) وصولا الى مار لويس روفائيل ساكو،   حتى تصبح الخطوات المسكونية خطوات ثنائية تكاد تكون متوازية، بين جانبي الكنيسة الجامعة والكنائس الرسولية البطريركية في العالم.
ويبدو ان تحدّي الوحدة للكنائس الرسولية صار يتأرجح بين الماض السحيق وبين اليوم، بين ثقل ما أدّى إليه الانشقاق تحت ظروف تاريخية مشحونة بالحروب والقهر السياسي والاجتماعي ومعوقات الاتصال، وبين تحدّ آخر مختلف في عالمنا، وهو تحدّ المقاعد الوثيرة والتأثر بالاجندات السياسية، أو كتابات بعض "ضباط ركن" المواقع الالكترونية، مع انغلاق مريب على المكتسبات الستراتيجية.
كل هذا ربما أدّى إلى ضبابية الرؤية، إزاء تحديات ليست أقل من الامس، مثل الارهاب الديني وراديكالية نظام العلمنة وتخلخل القيم الاجتماعية. ويتفاقم الأمر عندما تختلط الرؤية بين ما يقوم من تجمعات مسيحية تمليها الظروف الجيوسياسية على الكنائس، إداريا وإقليميا، مع وهم اعتبار ذلك كخطوات مسكونية وحدوية، عندما تتحوّل هذه التجمعات كيانا شكليا وخليطا غير متجانس هيهات أن يستند على أرضية عقائدية رسولية أو تراتبية.
وافضل دليل على ذلك، ان انفراط عقد هذه التجمعات بين هذه الكنيسة وتلك لأي سبب، سرعان ما يتبين أن لا علاقة له ولا يتأثر بالشركة التامة التي بين كنائس رسولية كاثوليكية، فيما تبقى مسيرة الكنائس الرسولية الاخرى، متمحورة نحو الكنيسة الجامعة، عندما تنشد الوحدة بالشركة التامة.

خطوة مار باوَي والشأن المسكوني
ويبقى الاعتبار ان خطوة المطران باوي سورو في انضمامه الى الكنيسة الكاثوليكية ومن ثم الى الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية هي خطوة تندرج في الشأن المسكوني، بكل ما اكتنفها من تشابك. وهي خبرة تحتوي، بجوانبها المتعددة، على اكثر من عبرة.  هذه خلاصة شاملة للمقابلة، قد تكون أول مقابلة بحجمها مع  المطران باوي سورو يراد منها تسليط الضوء على خبرة اعتورها فعلا مخاض من أكثر من جانب.
تنشرهذه المقابلة بخلاصتها المستفيضة، في موقع عنكاوا الأغر، كمحور إزاء غيره من المحاور في ملف الشؤون المسكونية. وكان قد نشرها مشكورا، وعلى جزئين الموقع البطريركي الأغرّ للكنيسة الكلدانية.
تسلط المقابلة الضوء على ظروف انضمام المطران باوي إلى الكنيسة الكاثوليكية – الكلدانية، وظروف ما بعد الانضمام. وهكذا، بعد مضي عقد ونيف يتم تسليط الضوء على الموضوع، من حيث التوثيق التاريخي، من قبل المعني مباشرة، بما أمكن من حيادية وشفافية ومع حفظ التقدير لمختلف الجهات. ولدى النشر الأولي، في الموقع البطريركي، كان قد لوحظ بارتياح طيب، التعامل الراقي مع الموضوع من جهات عدة. ولا غرابة من ذلك، من خلال نبرة الاحترام التي تعامل بها الحوار، وما تمّ التداول عمّا هو مشترك بين الكنيستين، الكلدانية والاشورية، مع ما يميز كلا من الكنيستين من خصوصية، ومن توجه روحي وثقافي وقومي. في زمن أصبحت الاختلافات العقائدية والمذهبية والقومية والسياسية، بين الإخوة وبين أبناء العمومة، مواضيع يتم التعايش معها، بإيجابية وفي أحيان كثيرة باغتناء متبادل.
ونذكر ان المقابلة اجريت خلال الزيارة الشخصية التي قام بها المطران باوي سورو مؤخرا إلى كالكري مع الشماس المهندس عزيز رزوقي، الذي حضر المقابلة، وهو رئيس شمامسة ومستشار مالي في أبرشية سان دييغو،  ويتنقل بانتظام الى مدينة اغترابه الأولى كالكري حيث يتابع أعماله ويخدم أيضا الليتورجية الكنسية في خورنة القديسة مريم للكلدان، ضمن جماعته الأصلية في بلاد الانتشار، وتوفر له أن يعبر عن انطباعه في نهاية المقابلة.

الجزء الاول: مرحلة الانضمام الى الكنيسة الجامعة
مار باوي سورو: المسيح أسس كنيسة واحدة ويريدها كذلك


التقديم للمقابلة
تتناول هذه المقابلة بعض التفاصيل التي ربما لم يتم اعلانها من قبل، والتي عندما يأتي التعريف بها، من شأنها أن تسد الطريق الى العديد من التكهنات والتأويلات من التي اصلا عفا عليها التراكم الزمني. وكان في خلفية الأسئلة جملة نقاط مثل:
هل بقي مار باوي مقتنعا بما فعل؟ هل بعدَ كلّ ما عاناه، كان سيعيد الكَـرّة لو عاد به الزمن؟
هل ثمة جذور عميقة قديمة كانت وراء ما حدث؟
هل كانت حركته خيارا ضمن عدد متنوع من الخيارات؟ أم له قراءة إنجيلية خاصة بخطوته؟
تساؤلات منها أفصحتُ عنها خلال اسئلة المقابلة، ومنها سبقني بالإجابة عنها. لذا أدرجتها في هذه المقدمة، حتى يجد القارئ، صداها في هذه أو تلك من الإجابات. وما لفت الانتباه أنه كان يتكلم، عن أقسى الظروف التي عاشها، بثقة من وجد أن الأمور عادت إلى نصابها الطبيعي، وبهدوء عجيب وابتسامة رأيتها نابعة من سلام داخلي مقرون بشجاعة التشخيص المسؤول بما له وما عليه، مسكون بروح الغفران والحب، مما جاء مباشرة في كلامه.
وضعت المقابلة ضمن محورين رئيسيين:
في الجزء الأول، محور خاص بتوصيف خطوة مار باوي نحو الكنيسة الكاثوليكية – الكلدانية.
وفي الجزء الثاني محور يتناول حقبة ما بعد استقبال مار باوي في الكنيسة الكلدانية، بما تضمنته هذه الحقبة، من مراحل متباينة، بين ابرشية مار بطرس والكرسي البطريركي، تكللت بمشاركته الأخيرة، في السينودس الكلداني، شهر أيلول الماضي.
وبعدُ، فإن العالم، إذ غدا قرية صغيرة، فقد صار المختلفون، في العصر الحديث، يتعايشون ضمن المدينة الواحدة، على ما ينتهجون من مسارات متباينة ومتضاربة، تبقى في نهاية الأمر، كخيار حرّ للأفراد والجماعات، في عصر متقدم من حقوق الإنسان، قلما يتقبل القهر على هذا الاختيار أو ذاك. هذا الموضوع بالذات كان مدخل الحوار:
* الأب نويل: نتعرف عليك، سيادة المطران، كما انت معروف في الأوساط الكنسية والأوساط المسيحية بشكل عام في وقت صار من المعروف وأمرًا واقعًا بأن سيادتك انضممت إلى الكنيسة الجامعة ومن خلالها الى الكنيسة الكاثوليكية مع كهنة وعدد من المؤمنين. ومثل هذا يحدث في الكنيسة عبر القرون، بحسب الضمير وبحسب اختيار الناس وبحسب نظرتهم الإيمانية وضمن حريتهم في الاختيار. وفي العصر الحديث ايضا، نعرف الاسقف اللوثري سابقا، جوزيف جاكوبسون، في أدمنتون، الذي قام بهذه الخطوة مع عائلته وعدد من المؤمنين. وكذلك قبل بضع سنوات، انضم ما يقارب 75% من  رعية القديس يوحنا الانجيلي الانكليكانية في كالكري، مع راعيين، ملتحقة بالكنيسة الجامعة ضمن الابرشية الكاثوليكية المحلية، وبالخصوصية الكنسية القانونية (الاورديناريات) التي عندهم في شمالي أمريكا. ومن الجديد بالذكر أنه عندما تداول مطران كالكري مع الاسقف الانكليكاني بهذا الشأن، كتب اليه الاسقف الانكليكاني مخاطبا: اني احترم المسار الروحي الذي انتهجه هذان الراعيان وهؤلاء المؤمنون، واثق بأن هذه الخطوة قد قاما به ضميريا وبنزاهة، وعليه اعتقد انهم مع الرعية التي معهم قد يحتاجون إلى مبنى الكنيسة… لهذا نسمح لهم باقتنائها. ودخلت في السؤال قائلا:
* كيف كان، من الناحية الإدارية، انتقالكم الى الكنيسة الجامعة، ومن خلالها الى الكنيسة الكلدانية؟
– مار باوي: عندما صارت هذه القضية… لا بد أن أن نقول هناك فرق. والفرق الصحيح هو أن نفهم ماهية التمييز بين العقلية الغربية الشرقية. الآن نرى كيف يتصارع العالم، ونرى الحضارتين كيف تتصادمان مع بعضهما. في العقلية الغربية، عندما يحدث الاختلاف، حتى الاختلاف المذهبي، الذي يحتوي جوانب مهمة من الشخصية الإنسانية، يعالجون القضية بنحو خاص، المطران يقول لكهنته: "انتم خرجتم، ولكن لا بأس، فهذه قضية ضميرية هي التي دعتكم إلى ذلك، فإذا اردتم مبنى الكنيسة فأنا متجاوب". وبالفعل رجعوا إلى الكنيسة التي كانت لهم في السابق والتابعة لذلك المطران ليمارسوا فيها الخدمة ككهنة كاثوليك في الكنيسة الكاثوليكية. أما معنا فقد صار الأمر بالعكس نحن الشرقيين.
مخاض الانتقال
معنا كانت مشاكل متعددة، وقضايا كثيرة. وأنا بطبيعة الحال لا أضع اللوم فقط على جانب واحد، بل انا بنفسي آخذ اللوم مع جماعتي، نحن أيضا؛ من المؤكد، كانت عندنا تصرفات خاطئة ولـّدت المرارة… والآن بعد عشر سنين، نشعر أن الكثير من تلك المرارة اختفى. فقد وصلني بنحو غير مباشر، أنهم قاموا بتصفية بعض المتعلقات الحسابية، مما وجدت فيه تعاملا إيجابيا مع القضية… إذن بعد عشر سنوات استغرقها الأمر، نصل إلى المرحلة الايجابية التي وصل اليها اخواننا اللوثريون والانكليكان، ربما بعشرة أيام. فهذا هو الفرق الناطق، ولكن مع ذلك ينبغي على الواحد أن يبقى مصرّا على أن يغفر ويحب..

* سيدنا في هذا المجال، كيف تستذكر استقبال ابرشية مار بطرس في سان دييغو لكم أمام تلك الأحوال.
– بصراحة كان الاستقبال الذي رأينا فيه البصيص الوحيد. كنا كنيسة محلية في كاليفورنيا، كنيستنا الاولى، الكنيسة الآثورية، حاربتنا بشكل فضيع، وأعطيك فكرة: لقد صرفنا الأموال على المحاكم واستغرق الامر تقريبا 6 سنوات وهذا الأمر بحدّ ذاته، شيء إذا ما راجعته، تراه مملوءًا من الخطيئة، ولهذا اني اتحمل من جانبي ايضا مسؤولية من هذا الشيء. يا حبذا لو كنا بروح بسيطة وتفاهم، كنا نحلّ هذه المشاكل، بل على العكس، كان هناك الحدّية والعناد ونحن طبعنا الشرقي تولى كل امورنا، فكانت حالة مظلمة جدا.
* وعندما استوضحت من المطران باوي، عما أدّى إلى المحاكم. استخلصت أن ثمة ملابسات جعلت المؤمنين يظنون، أنهم إذا تبرعوا لكنيسة رعيتهم عندئذ يكون لهم الحق المادي في كنيسة رعيتهم، وليس الجهة الرسمية التراتبية التي ترتبط بها تلك الرعية. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه عندما يختلط الشأن القومي بالشأن الديني، تصل العدائية الى أبعاد مهولة، تختلط فيها المسؤوليات، وتتوجه الرغبة بالتسقيط الى كل الحدود المفتوحة، وهكذا وبالهدوء عينه، يورد الاسقف باوي أمرا مريرا، إذ قال مسترسلا في حديثه:
– طبعا بالنسبة لي، من خلال الكنيسة الآثورية، صارت شكاوى ضدّي، إلى الجهات الحكومية، إلى حد أنه تم اتهامي بالتجسس للإرهابيين، لأننا كنا نرسل الأموال إلى اللاجئين، في سوريا وفي تركيا، فاتهموني بأني ارسل هذه الاموال للارهابيين…
هكذا جاءت الدائرة الامنية الـ ( اف بي آي) عملوا التحقيق معي، وتكلمت معهم واريتهم الوثائق والسجلات، فقبلوا. ثم ذهبوا الى الـ (آي أر أس) دائرة الضرائب، هؤلاء بدأوا معي بصيغ التحقيق الإجرامي. لمدة ست سنوات كانت دائرة الضرائب تحقق معي، وهذا شيء صعب جدا، لأنك لا تدري ما الذي سيحدث. وكانوا يطالبون بمبلغ إضافي، وحتى النقود التي أعطيناها للمحامي، كانوا يقولون هذه من مدخولاتك، وعليك ان تدفع الضرائب عنها، حتى وان كنت تستخدمها لمحامي الدفاع. وهكذا كنا نعيش بصورة مظلمة، وصعبة.
أمام هذا تأتي الكنيسة الكلدانية بكاليفورنيا، المطران والكهنة يفتحون لنا أبوابهم ويستقبلوننا، ويتكلمون معنا كإخوة. هذا كان شيئا بديعا لم تصدقه عيوننا؛ اكيد انجذبنا اليهم كثيرا، و شكرنا الرب وشكرناهم. وكان ذلك بمثابة تحقيق أمل.
من ناحية أخرى كنت معجبا بالكنيسة الكاثوليكية منذ صغري، وكنت في المدارس الكاثوليكية، حيث كانت تدرسنا الراهبات وكهنة كلدان، فكان عندي من ثم التعلق الكبير بالكثلكة. لكن من المؤكد أن كاثوليكيتي هي كلدانية، لأن ذلك هو طقسي، لأنه أنا، لغتي شعبي، شخصيتي، كل هذا يخص كنيستي الام، وهي الكنيسة الكلدانية. فصار هذا كحلم يتحقق، وكمطلب يعيده لنا الله، بكل محبة واخوّة، فانتمينا وشكرنا الرب وكنا فرحانين جدا.

الانتماء روحيا - عقائديا
* بنظرة استرجاعية نتساءل، سيادة المطران، وهذا السؤال يطرح على اشخاص كثيرين يتخذون مواقف جديدة في حياتهم، ومدى قناعتهم بتلك المواقف فيما بعد. السؤال: ما هو مدى قناعتك الآن بذلك الاختيار، مع أنه، كما قلتّ قبل قليل، كان متأصلا لديك منذ زمن بعيد. نسأل هذا ذا قارنا وبحسب ما يشاع، ان الانفصال عن الشركة مع الكنيسة الجامعة، يبدو أنه يعطي الحرية للكنائس المنفصلة، بألاستقلال المطلق… يا ترى، مع الصعوبات التي لاقيتها، كيف وصلت لديك الآن هذه القناعة...
–مار باوي: صحيح انا دفعت الثمن الهائل بالنسبة إلى رغبتي في الانتماء الى الكنيسة الكلدانية، لكن اذا ترجع تسألني مرة أخرى، بعد فترة طويلة من هذا العيش، وأنا اذا ارجع بالزمن مرة أخرى، ماذا كنت سأعمل؟ الجواب:
بالضبط كنت سأعمل الشيء عينه، لأن هذه القناعة تنبع من مفهوم أن الاستقلالية هي عملية موجودة فقط في المجتمع الانساني السياسي. أما في الكنيسة فلا يوجد مثل هذه الاستقلالية، في الكنيسة يوجد انتماء فداء خدمة محبة، يسوع لم يؤسس كنائس حتى تكون مستقلة عن بعضها، يسوع اسس كنيسة واحدة، سمّاها كنيستي، ونصب بطرس صخرة لهذه الكنيسة كأساس. فكيف إذا كان الأمر يخص شخصا وجماعة مثل كنيسة المشرق الاثوريين، الذين لاهوتهم، منطقهم وطقوسهم وتاريخهم لا يؤشر الى أية حالة الا هذه الحالة. وهكذا لما بدأتُ هذه حركة الوحدة، ومعي كهنة وعلمانيون،  وكنا سوية في الكنيسة الاثورية، لم نستند الى اي منطق شخصي، لم نستند الى معرفتي وتحاليلي وكرازاتي، بل استندنا الى ما هو موجود في طقوسنا، من طقوس الحوذرا وما كان يستخدم، في الكنيسة الاثورية. ولكن مع الاسف صار الرفض لأنه، كان يوجد في نهاية الامر، مسألة تتعلق بالسلطة. فقرار البطريرك الراحل مار دنخا بشأن الوحدة، توصل عليه، أخبرني به، عندما قلت له في نهاية الامر، القضية هي قضية انتماء، والانتماء سوف يحصل اذا قداستك تقبل الرئاسة البابوية. فقال لي المرحوم مار دنخا: حتى اذا أردت أن أقبل هذا الشيء، أو عندي نوع من التفكير لكي أقبله، ولكن شعبنا سوف لن يقبله، ويوجد عندي مطارنة سوف ينفصلون. قلت له: "صحيح سيدنا ما تقوله، بالفعل، ولكن هذا واجب، واجبك وواجبي، أن نثقف شعبنا، ونعطي انفسنا عشر سنوات أخرى".     
*وبشأن عدد السنوات هذا يوضح مار باوي:
- لقد كان لنا مشوار مع هذا المشروع، منذ 1984 في أول زيارته (البطريرك الراحل مار دنخا) للفاتيكان، والى 1994 عندما وقع الاتفاق الكريستولوجي (المسيحاني)، وكان هذا حواري معه في عام 2004، حيث كنا وصلنا الى اتفاق الاسرار اي قبل أن أنفصل في 2005. وهناك كان التوقف، ولم يقبل، وهذا كان التحليل أو التعليل، لعدم المضي في ذلك، عندما قال سوف ينفصل بعض المطارنة، وقلت له ان نعطي لأنفسنا 10 سنين اخرى، أي الى 2014 نثقف شعبنا، نريهم، كم هو مهم لاهوتيا وانسانيا، حتى نتوحد، لاهوتيا مع الكنيسة الكاثوليكية، واجتماعيا، كنسيا مع إخوتنا الكلدان. قال أنا ارفض.
وعندما عرفت أن الطريق مسدود مائة في المائة، عندئذ رأيت أن إرادة الله لي، هي فوق ارادة البشر، كما جاء في سفر أعمال الرسل: فأجاب بطرس والرسل وقالوا: ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (5: 29). هذا كان توجهي المعلن، ومن هناك بدأ قرار أن يفصلوني، بعد أن بينت أن هذا الشيء واضح في كلام يسوع بأن "يكونوا جميعهم واحدًا" (يوحنا17: 22). ربما هذا كان كلاما قويا، ولكن من المؤكد كان مهما، لأنه أعطى معنى لشخصيتي ولخدمتي التي قلت أني سأتواصل فيها، مهما تكن العواقب، وكنت اعرف ذلك، لأني كنت دارسا للتاريخ، مثل حركة الاتحاد في الكنيسة الكلدانية، وما حصل لمار يوحنا سولاقا شهيد الوحدة، وما صار للمطارنة الآخرين، حيث أدى الامر الى رجوع خط سولاقا، الى النسطورية التي تأتي منها الكنيسة الاثورية الحالية، ثم من الكنيسة النسطورية كانت الوحدة الثانية، والثالثة في عهد مار يوحنان هرمز من عائلة أبونا في القوش في نهاية القرن 19، إني اعرف هذا التاريخ، واعرف أنه باي مرة، وبأي مرحلة تاريخية، وبأي حادث، يكون ثمة قرار كبير، وتأتي رجالات تتخذ هذا القرار، ومن المؤكد يوجد ثمن يدفع من اجل ذلك. أما أنا فأعتقد أن الثمن الذي دفعته كان أبسط ثمن وأسهل ثمن، كان ممكن أن يكون أصعب بكثير. لهذا إذا تسألني مرة أخرى ما الذي سوف أعمله، فرأيي كمطران وكإنسان مؤمن: لا يوجد حل آخر.

الجانب القومي، الانتماء اثنيا وثقافيا
* سيدنا هذا المجال الذي تطرقت إليه سيادتك هو المجال الوحدوي المسكوني الروحي. من ناحية أخرى فقد سبق لي وانتبهت ان سيادتك، في مواعظك تركز ايضا ليس فقط على المجال الروحي، والعقائدي للكنيسة ولكن على خصوصية الكنيسة الكلدانية، والذي لفت انتباهي هو كيف صار الانتقال  بحيث ما تبناه شعب الكنيسة الكلدانية والتركيز على الاتجاه الكلداني، كيف تفسر هذا الشيء؟
– اول شيء انا من صغري تربيت في عائلة لم تكن ترى الفرق ولا علمتنا أن نفرق، فهذا الشيء بالفعل يساعد كثيرًا.
الشيء الثاني، نحن شعبنا متّحد اكثر مما هي عليه رئاساتنا الدينية خصوصا عندما كنا نعيش في الجبال والقرى حتى كان يوجد تزاوج بيننا، لهجاتنا ذاتها تتقارب، ربما لهجات زاخو مع الاثوريين الموجودين بالمناطق المجاورة لهم، هي اقرب بكثير من لهجة الاثوريين إذا قارناها بسهل نينوى. فعندما نعيش سوية، خصوصا بالغرب هنا، عندما يصير هذا التعايش، والاجيال تتربى مع الزمن، عندئذ تذهب أصلا هذه الفروقات، لأنها فروقات مرحلية تابعة الى ارض وحضارة، وبالاخير، انا أقول ثانية بسبب دراستي للتاريخ، اعرف أننا شعب واحد الى درجة ان الاثوري كلداني والكلداني اثوري، وأن النسطوري كاثوليكي والكاثوليكي نسطوري، في كنيسة المشرق تحديدا وبفحوى ومحتوى كنيسة المشرق. فالكاثوليك الاولون أي من سلسلة مار سولاقا، هم الاثوريون الحاليون، والبطريركية الخاصة بهم، ثم إن كنيسة ادي وماري هم الكلدان فصار اسم المتحدين على الكلدان، واسم ادي وماري على الاثوريين. فنرى هذا التعاكس الذي يحدث في الطريق، نحن متداخلين ببعضنا بقضايا متعددة جدا، من المستحيل أني انا اقدر أن أقول بأن دمي اثوري وليس هو كلداني، وبنفس الوقت أن اقول: دمي كلداني وليس هو اثوري.

مار باوي سورو: حتى القومية شيء مرحلي، الهدف هو المحبة التي تحدث عنها يسوع

* ويمضي الاسقف باوي ليقارن بين الجانبين الروحي والقومي في المسيحية، لعلّ هذه المقارنة هي التي تميّزه عن عدد من مناوئيه الداخليين والخارجيين، فيقول:
- القومية هي شعور. فأنا لما احبّك، اشعر بك، سوف آتي اتقرّب إليك، وفي نهاية الأمر حتى القومية هي شيء مرحلي، الهدف هو المحبة التي تحدّث عنها يسوع، لكن الوعي هو الذي ساعدنا وحدد طريقنا، هذه فائدة الوعي. وهذه الكنايات طيبة جدا لأنها هي من تاريخ بلادنا بين النهرين، كانت عملية سهلة جدا عليّ أن اقول لجماعتنا الكلدان في سان دييغو او في ميشيغان أو حيثما كنت أذهب: أنا كلداني مثلكم ويمكن أن أكون كلداني اكثر منكم، هذا هو الاتجاه الذي كنت اتحدّث به أيضا مع الاثوريين، وكنت اول واحد استطعت ان أجلب كلمة مثل (الكاثوليكي) و (الكلداني) في كرازاتي اليومية والاسبوعية. ما كنا نستطيع ذلك من قبل، كانوا يسمونهم (باباي- باباويين) فرنجاي او -عفوا- قليبايي، لكن قلنا: كلا، الانسان عنده كرامته، وعنده احترامه، مثلما تريد الناس أن تحترمك، انت ايضا بالمقابل واكثر يجب ان تحترم الاخرين وتدعوهم بالاسم الذي هم يريدون ان يكونوا مدعوين به. هذا الأسلوب لا يقبل الغلط، انا احترمك، يأتي يوم انت تعرف انت ايضا سوف تحترمني، لأن كلينا الله هو الذي خلقنا، وهذا شيء ضميري في قلب الانسان. أجل كانت حقا عملية سهلة وتلقائية لاني كنت مهيئا لهذا الشيء عائليا وثقافيا. 

الجزء الثاني
مرحلة ما بعد الانضمام الى الكنيسة الكاثوليكية، مار باوي سورو: من أطراف الكنيسة الى قلبها
مسار العلاقة بين البطريركية وابرشية مار بطرس
في البدء عرضت على مار باوي ما عرفته من خلفية العلاقة بين البطريركية وابرشية مار بطرس بالقول:
* سيدنا مرت ابرشية مار بطرس، بمراحل شهدت شيئا من الاحتكاك مع البطريركية. منه موضوع طقس القداس، سواء التجريبي الذي كانت أبرشية مار بطرس قد اتبعته بشكل انفرادي ثم استمرّت على ذلك حتى بعد صدور النسخة المؤوّنة الاخيرة. هكذا سيادتك عشت مرحلة، كان فيها هذا التباعد وطالت لحد معين حتى جاءت المرحلة الجديدة بعد تقاعد رئيس الابرشية السابق مار سرهد جمّو. صارت هذه الانتقالة إذ كنت صاحب القرار في مرحلة استحضارية، لحين مجي المدبر الرسولي، ورأيناك على رأس المستقبلين. وعلمت من جانبي، أنه صار تنسيق ايضا مع الشماس عزيز، رئيس الشمامسة الذي كان في حينها في كالكري، وكان استقبال حافل وحميم وجماهيري من المطار الى الكنيسة. وسيادتك ايضا تكلمت بتوازن طيب، وقارنت بين مرحلتين: قيّمت من جهة، عطاء المطران السابق عبر سنوات خدمته، وكذلك ركزت على الحالة الجديدة والارتباط مع البطريركية. اذا امكن  تكلمنا عن هذا موضوع العلاقة بين البطريركية وابرشية مار بطرس.
مار باوي: أجل صار تطوّر في الموضوع وأقول: إن الطريقة التي افهم فيها الكنيسة وأفهم نفسي، مما يؤدي إلى تفاهم مطابق ومتبادل، هو ان الكنيسة تعطي سلطة روحية للمطران فيعدّ خليفة الرسل وذلك عن طريق الفاتيكان وعن طريق الرسامة الاسقفية وعن طريق البطريركية. ومن خلال السلطة الممنوحة للمطران سرهد كرئيس ابرشية مار بطرس، استقبلنا في الكنيسة، وعن طريقه قدّم ملفي كمطران يعيش في رقعته، الى السنهادوس والى الكرسي الرسولي. فكان حالي معه حال الضيف. هناك رأيت أنه ليس من حقي ان اتصرف حسب ما اريد. كضيف، سأكون قبل كل شيء ضيفا عندك مستمعا إليك وإلى إرشاداتك وطلباتك، مما يجعلني جزءًا من الادارة والعائلة الكنسية الموجودة في هذا الواقع…

نوعية السلطة بين اسقف الغرب واسقف الشرق؟
الأب نويل: سيدنا، ما هي يا ترى السلطة التي يأخذها المطران الشرقي المقيم في الغرب في كنيسة ذات خصوصية  بطريركية؟ هل تختلف عن السلطة التي يمارسها كل مطران لاتيني؟ فهل نحن لأننا من كنائس بطريركية، يختلف اساقفتنا عن الاساقفة اللاتين؟
مار باوي: حضاريا وثقافيا نعم أعتقد اننا نختلف. ففي بداية الحديث تكلمنا عن العقلية الغربية والعقلية الشرقية. أرى أن الغربيين اهدأ واسهل، حتى اذا كان اختلاف بينهم، كما رأينا (اعتناق الخورنة الانكليكانية للنهج الكاثوليكي في كالكري) الا أننا نحن الشرقيين طبيعتنا تختلف فهي اكثر عاطفية. الأمر الآخر، هو أن الكنائس البطريركية الشرقية الكاثوليكية، صار لها مدة من السنين تسعى لأن تعالج موضوعًا ملحّا، وهو الحق القانوني للكنائس الشرقية عن اسلوب تعامل الابرشيات في الرقعة البطريركية مقارنة بالابرشيات الموجودة خارج الرقعة البطريركية في بلاد الشتات، المهجر. يوجد نوع من الاختلاف في نقاط معينة. إذا عولج هذا الاختلاف، تتبدّل العقلية شيئا فشيئا وتتقارب. عندئذ باعتقادي لن يكون هناك فرق، واعتقد هذا ما تحتاج اليه كنيستنا الكلدانية ونأمل ان يتم التوصل إليه. واعرف أنه توجد محاولات  جدية من الكنيسة الكلدانية كما من بقية الكنائس الشرقية، ضمن مجامعها البطريركية، لحل هذه المشكلة، وهي أن تكون ثمة قوانين موحدة لجميع الابرشيات، فلا يكون هناك ما يشبه مرجعيتين، بل مرجعية واحدة، مما يؤدي الى ازدهار افضل.
الاب نويل: لعل ما يعزز ضرورة القوانين الموحدة لجميع الابرشيات مع البطريركية، هو أن الأسقف ينتخبه السينودس ضمن البطريركية والكاهن ايضا يعين بالتنسيق مع البطريركية.
مار باوي: هذا مؤكد، وهذه القوانين الموحدة من شأنها، ألا تعطي أي تبرير أو تفكير انفصالي. ومن المؤكد أن فكرة الانفصال هي عندي مثل الهرطقة، فهي من ثم خطأ في خطأ. هذا الاعتقاد راسخ عند شخص مثلي ضحى بكل شيء، حتى يجئ الى الكنيسة الكاثوليكية. لا يمكن القبول بذلك، مهما كان السبب، ليس فقط ذلك، فأنا  سأبقى الى آخر يوم من حياتي في كنيستي الكلدانية الكاثوليكية.

العلاقة بين الفاتيكان وكرسي بابل، في المجالات الادارية والمتنوعة
والجهود البطريركية في تحديد هذه العلاقة

*وسألته عن العلاقة بين الفاتيكان والكرسي البطريركي، في ضوء الظروف مع ابرشية مار بطرس، فأجاب:
مار باوي: بشأن هذه العلاقة، فإن الظروف بين البطريركية وابرشية مار بطرس هي مثال لما سأورده. فقد اخذ الموضوع تقريبا سنتين. والان أرى، بحسب فهمي أن الفاتيكان قرر من خلال المجمع الشرقي، ان يقرّب فكرة قراراته اكثر الى خط القرارات البطريركية  الكلدانية، وهذا شيء جيد. إذ سوف نسمع النداء الواحد الموحد لا يوجد ايكو (صدى) ولا تناقض بالقوانين التي نقرأها ونسمعها والتوجيهات التي تأتينا من البطريركية ومن الفاتيكان. فبقدر ما نكون شخصية موّحدة، هذا الافضل لنا وأكثر صحية. حتى وان كان هناك شيء لا يعجبني، سأقبله بوضوح، ولن يكون هناك التباس ولا يؤدي بي أو بغيري إلى أي ضياع، وقد لمست هذا التقارب، من خلال جهود حثيثة للبطريركية بهذا الاتجاه وبما يتيح لنا أن نتطلع بأن القوانين التي تدير الابرشيات خارج الرقعة الجغرافية البطريريكة ستكون أقرب الى الأبرشيات في الداخل.
* لعل هذا سيوصلنا إلى الخطوات التي قمت بها، بعد ما كنتَ كضيف وتتعامل ضمن سلطة محلية وما بين فترة الاسبوع، الفترة الانتقالية...
مار باوي: نعم خلال اسبوع واحد كنت الشخص الذي يتخذ القرار: من إعلان تقاعد سيادة مار سرهد الى حيث عرفنا بوصول سيادة مار شليمون كمدبر رسولي. بهذا الاسبوع حيث كنت النائب الاسقفي، القرار الذي اتخذته كان كالآتي: نحن كنيسة كاثوليكية، ومئة بالمئة سوف نطبّق القوانين الكنسية التي تأتينا من الكنيسة الكاثوليكية، جاءتنا من البابا، منطلقة من المجمع السنهادوسي الكلداني الدائم في العراق، وعن طريق البطريرك وبقيادته وصلت الى روما، لهذا عند استقباله قلت: نحن كاثوليك كلدان، وإننا مِن قِبل كل الكهنة والخورنات، نقدّم طاعتنا الى قداسة البابا الى غبطة البطريرك واليك يا المدبر الرسولي. لا يمكن أن يشتغل الحال بغير طريقة.
الأب نويل: مع تقديم الشكر للراعي السابق، وتشبيه ذلك بالحالة العائلية...
مار باوي: نعم بالضبط لقد تذكرتَ كلماتي. أول شيء تشكر وتودع القديم  ثم تستقبل الجديد. وتشبيه ذلك كما يحصل في العوائل من تجديد الحياة: الطفل الذي يولد، تقريبا تكون ولادته قريبة من رحيل الجد أو الجدة. إنهم يرحلون حتى يتركوا المكان للطفل ليحلّ فيه. هذا ايضا يحصل في كنيستنا ونحن ما نقدر أن نكون مؤمنين بيسوع اذا نحن لا نكون مؤمنين بكنيستنا من خلال تواتر رجالاتها مطارنتها، بطاركتها وبابواتها وهم خلفاء الرسل.

مع المصاف الاسقفي
* ما هو الدور في هذه المرحلة الجديدة الذي تتطلع للقيام به ضمن المصاف الاسقفي في الكنيسة الكلدانية؟
مار باوي: المصاف الاسقفي للكنيسة الكلدانية هو المصاف الذي من كل قلبي، اردت الانتماء اليه، عندما قبلت اللاهوت الكاثوليكي والعقيدة الكاثوليكية، في كنيستي التي بالتأكيد هي الكنيسة الكلدانية. فأنت لا تقدر ان تكون مجرد كاثوليكي عام، يجب أن تكون متجسدًا في احد طقوسها، احدى كنائسها الخاصة، وانا قانونيا انتمي الى هذه الكنيسة وكمطران، هذا كان الحال. ولكن لأسباب بشرية لم افهمها في البدء، وبعدئذ فهمتها، لأسباب قد تعود الى سوء معين من تصرفاتي او أي شيء آخر، فإن قضية قبولي في هذا المصاف، اخذت فترة طويلة، كانت فترة جدا مظلمة لي شخصيا كرحلة روحية من أطراف الكنيسة الى قلبها. هذا الذي اردته انا، بأن أُعتَمد أن أُحتضن كأخ. أجل كانت هناك اسباب، صرت مع الوقت أفهمها وهي أنها قضية فرد مقابل كنيسة: شخص باوي سورو مقابل الكنيسة الاشورية الرسولية. وهذه بالفعل وجهة نظر مقبولة بل مهمة: لا تضحي بكنيسة كاملة لأجل شخص. ويردف مار باوي فيقول:
ولكن من جهة أخرى، كان عليّ أن أصبر، حتى تتبلور القناعة بمنطق. إذ كان ما درسته وفهمته من واقع، هو أن هذا الشخص هو الذي احبك، أراد أن يأتي معك وهو الذي طلب ذلك من كنيسته السابقة وجماعة محددة جاءت معه، ولكن تلك الكنيسة لم تقبل، والبقية من جماعتها  لا يريدون. فقد صارت مبادرات كثيرة من قبل البطريرك والأساقفة، طوال السنوات الأخيرة،  وكما قلت، الكنيسة الكلدانية بكل أحبارها توقفوا عن قبولي من أجل مبادرتهم، انا افهمها كمبادرة رائعة، خصوصا اذا كنت انا من الطرف الآخر. ولكن الطرف الآخر لم يقبل، وكنت أعرف ذلك، وأعرف لماذا لا يقبلون، إذ كنت جزءا منهم وأفهم عقلية الطرف الآخر.

تطلعات بشأن الكنيسة الشقيقة
وفي استرسال تحليلي، عن الطرف الآخر، الكنيسة الآشورية، يقول مار باوي:
- رأيي في هذا، أنه يحتاج إلى أن يصير تحوّل في العقلية لدى الكنيسة عند الاثوريين، وفي القاعدة التي يبنون عليها، والتفهم الروحي الخاص بهم. كل هذا يمكن تلخيصه بما تحتلـّه القومية من حالة ضرورية وكبيرة لديهم لأن ثقافتهم الاجتماعية مبنية على ثقافة قومية. كما يمكنني أن ألاحظ بأنه، ولأسباب متنوعة، لم تحصل عندهم الفرصة التي صارت عند الكلدان في التعمّق الروحي، بنحو أوسع، وبنوع التعلق بربنا يسوع المسيح القديسين والعبادات والطقوس. ولكن من دواعي الارتياح أنه في الآونة الأخيرة، صارت نهضة معينة عندهم، قام لديهم كهنة واساقفة درسوا في الخارج وبانفتاح الى الرسالة الكنسية الشمولية، يوجد الآن أمل، والحمد لله، بأنه بعد كم سنة سوف يتبلور هذا الشيء من حيث التعمّق الروحي للكنيسة وإلى رسالتها في عالم اليوم، ولا بدّ أن يتم التعبير عن ذلك بنحو أو بآخر، بما في ذلك بحسب طريقتهم الخاصة وخصوصيتهم.

الكنيسة الكاثوليكية مع المنضمين اليها
إزاء هذا الواقع، ومن ناحية أخرى، على الكنيسة الكلدانية أن تحتفظ بحقها بـأن تحتضن اي واحد يريد أن يصير كلدانيا من حيثما أتى، كالكنيسة الكاثوليكية التي تقبل كل الناس الذين يأتون إليها، يحتفلون بقدومهم. رأيت قداسا، خلاله تعمذ كاتب مصري (الصحافي مجدي علام- 23 آذار 2008) في زمن البابا بندكتس احتفلوا به، البابا بنفسه عمّذه وتكلم عن الحدث الذي كان في عيد القيامة. ثم أن الكنيسة الكاثوليكية احتفلت بعدد صغير جدا من الانكليكان، لما صاروا كاثوليك، كان عددهم اقل من عددنا عندما صرنا كلدان، احتفلوا بهم وأسسوا لهم نيابة ابرشية، ونظام اداري كنسي خاص بهم (فيكاريات - اورديناريت) وحتى الان يتكلمون عن الحدث بفرح واحتفال.
طبعا انا ما كنت لأنتظر ذلك بنفس الطريقة، فنحن كنيسة مضطهدة في العراق، بما فيه من حروب ومشاكل، وقلب الكنيسة الكلدانية على ظروف الكنيسة الاشورية. فلا انتظر المعاملة عينها، نحن عندنا خاصيتنا، ولكن في نهاية الأمر اترجى من ربي ومن كنيستي ان ينظروا إلينا كأناس مؤمنين، أخذنا خطوة ايمان راسخة. لهذا انت ستشاهدني في حياتي كلها لن اتراجع عن هذا الشيء لان التراجع عن الكثلكة وتراجعي عن الكنيسة الكلدانية هو تراجعي عن المسيح، هنا وبالضبط هنا، انا التقي مع ربي.

بين الجانب الروحي- الثقافي، وبين الجانب القومي، تشخيص تلقيته من سيادة مار سرهد

الأب نويل:  فاذن سيادتك لاحظت في الكنيسة الكلدانية الجانب الروحي والثقافي، بينما ركزت على الجانب القومي في كنيسة المشرق الشقيقة، يا ترى ما هو تنظيرك للخصوصية القومية للكنيسة الكلدانية؟
مار باوي: هناك شيء تعلمته بالسنين الاخيرة، يلزمني أن اقوله هنا، أمانة للتاريخ. أذكر أن سيادة المطران مار سرهد أفهمني نقطة في هذا الموضوع إذ قال لي:
هناك فرق نظري. أما كيف يتبعوه من الناحية العملية، فهذا يعتمد على الأشخاص. الفرق نظريا بين العملية القومية في كنيسة المشرق، والعملية القومية في الكنيسة الكلدانية هو: (في كنيسة المشرق، العملية القومية هي أيضا عملية سياسية، بينما في الكنيسة الكلدانية، القومية هي عملية ثقافية…)
وعزز المطران باوي هذا الرأي بمثال عملي، قال:  كنت، قبل مدة، مدعوّا لاحتفال بالذكرى الاولى لتأسيس الرابطة في سان دييغو، حيث قال رئيس الرابطة المحلي كلمة أثبتت هذا الشيء: نحن رابطة وسنبقى رابطة ولن نتحوّل في يوم من الايام الى حزب كلداني. هذا مفتاح الفهم والمقارنة، لماذا؟
لأن بالثقافة، عندك حق أن تدافع عن حقوقك الوطنية وحقوقك الانسانية، هذه حقوق، الله اعطاك إيّاها. لذلك نرحب بهذا التوجه، ونرحب بالرابطة ونباركها وبجهود البطريرك صاحب الفكرة والرؤية، وبما يشكل المعالجة تجاه اغلاط الكنائس الاخرى، مثل الكنائس الارمنية والاثورية. لقد تأثروا بذلك، والآن نرى أن الكنائس الارثوذكسية الشرقية أدخلت السياسة في القومية بالكنيسة. نحن لا نقول (لا) للاحزاب، بل أن يكون للكلدان احزابهم وللاثوريين كذلك وغيرهم من مسيحيين. لكن ككنيسة، عندما تدّعي القومية، انت منطلقك هو فقط ثقافي لغوي تاريخي حضاري مع توجّه نبوي فتدافع عن المظلومين، عن الناس وحقوقهم. هذا هو الشيء الذي أراه اليوم في فكر غبطة البطريرك مار لويس ونحن فرحانين به، لهذا نرحب بالرابطة، وهذا حقّنا. الله يوفقهم.

عن طقس القداس
الأب نويل: ضمن هذا الاتجاه الثقافي أيضا، فإن الكنيسة البطريركية وهي ذات ثقافة معينة، من الطبيعي ان تمارس طقوسها بخصوصية مشتركة للجميع. كيف تحدثنا عن موضوع القداس بين البطريركية وابرشية مار بطرس؟
مار باوي: لنتكلم عن طقس 2006 وطقس 2014 الذي عمّمته البطريركية.  فطقس 2006 كان فقط يمارس في ابرشية مار بطرس دون بقية الابرشيات والبطريركية، ولمدة تزيد على عشر سنين. وأقول بصراحة: فهمُنا كان بأن المجمع الشرقي أخذ هذا الملف عنده، واعطى صلاحية للطقسين ان يعتمدوا، فكنا نحن بوجود طقس 2006 نستمر عليه، ولكن بالدقيقة التي فهمنا بأنه من هذا الوقت وصاعدا يجب أن يكون طقس 2014 معمّما للجميع، رجعنا الى طقس 2014. وانا في الاحد السابق، قدست بهذا الطقس. بالحقيقة كان من احلى القداديس التي أنا قدستها بالكلداني. رأيت هناك فرق في الترتيب لكنه مقارب جدا. فكرتي عن الترجمات، تحتاج بعض الشيء الى شغل، كأي طقس جديد، هذا الامر موجود في كل الكنائس، وسيدنا البطريرك استقبل الاقتراحات، وتم معالجة الترجمات، وإن شاء لله يُعمّم في كتاب جميل، ليبقى طقسنا واحدًا من أحلى الطقوس.

دعوات التعايش مع الكنيسة في العراق
* سؤال أخير: كيف ترى دعوة غبطة البطريرك للتوأمة بين ابرشيات الخارج والداخل، وخصوصا بزيارات تعايش الاكليروس، وهل لديك في الافق تطلع لمعايشة في هذا المجال مع كنائسنا بالنسبة لك أو للاكليروس؟
مار باوي: الصديق في وقت الضيق، ولكن بكل صراحة يلزم على الانسان أن يكون عظيمًا حتى يساعد باكثر من المال، لما يساعد بنفسه بحياته، يخاطر يجازف من اجل الاخرين، وهذا شي لا تقدر أن تتوقعه او تنتظره من كل الناس، بشكل واحد، لأن محبة الله ومحبة يسوع ليست سهلة، في عدة حالات تقتضي التضحية، أما لنا ككهنة وكمطارنة فهذا واجب، والفرصة الاولى التي تسنح لي ان اظهر هذه المحبة، سأحتضنها بدون ان افكر دقيقة واحدة.

* إذا أمكن، سيدنا، أن تعبّر عن هذا الجواب، بالانكليزي، حتى ربما بعض أصدقائك ومحبيك يتلقونه مباشرة؟
Had I been living in Iraq, and had I been a clergyman or a bishop there, I would have expected and asked the rest of my Chaldean church to be as close, as sincere and as helpful to me, just as the Patriarch is asking. I think it is a very natural way of behaviour of expecting friends and brothers and sisters and people of the same faith  - followers of Christ - to behave."A friend in need is a friend indeed
So I would have done the same, however, being a realistic, usually people think on 2 or 3 different levels, when they express their love. So hearing about our people in Iraq, it is essential that we first pray for them, then we much help with money, but if you want to really belong to a higher rank, of brotherhood, you must offer a sacrificial love. I think that is what God has done for us and I think it is wonderful if we can do it to one another. I personally would love to take the opportunity to show that love to our people in Iraq, I pray for that opportunity, to be able to be with them, to see them, to console them and pray with them in order to fulfill my moral obligation, my human duty and my church responsibility to my people in Iraq and Syria, especially as a time like this.

مار باوي- بالسورث: شكرنوخ كبيرا رابي تا مبادرة  ادّيوخ وشكرن اخوني عزيزا شماشا عزيز، بدّايا محبة ديّه وصداقة ديّه وآها فرصة دويدالي طالي، ودها هم طالوخ، بسما كانوخ شماشا عزيز .
اديو اخاويوخ كخازوخ: ايتا ايلا كل مندي داتلان، ايلا عائلتـّن، تاما كخازخ لمارن، قديشي ديّان، قديشتا مرت مريم، أي قميثا وتاما كشقلاخ كل نعمتياتا داتلان، واخني، وبضمير ديّان كيذخ ديخ مارن كِبي دهاووخ بأيّا عيتا، فأخني عيزيوخ داوذخ مساعدة، دعيشوخ حياة كنسية مثالية، انا ليبي تا كاني اوذن آذي، انا عيزيون الـّوخ، ولفهامتا ديّوخ ولارشاد ديوخ ولمحبة ديوخ قد آيت شوقتلي تد آنا هاويلي خا ولادة خثتا وخا ناشا خاثا بالط مني.
يعني مشيحايي طاوي، إيلاي مخ قابلة ماذونة، دياوي ولادة دخا برناشا خاثا خديكد يمّا يوا خذا هويتا خثتا، وآين ايلا أورخا التفاهم (كومنيكشن) داديو يوما، آيت مبادرة ديوخ يوا، داتوت مني، قا داوذت تفاهم مني، وأن شوقتلي رأشن بأن آنا ايون خا ناشا ولو اتلي غلطي، بس آيت لبّوخ رابا يلي وكحيبتلي وشوقت طالي، ولبّوخ هم رابايله دفهمتلا وجهات نظر ديي، دمبصختلي، وانا باوذنخ كارانتي، آيت بشوقت أنا دبايشن خا ناشا خاثا هاون، ونفس شي انا طالخ، إذيله  معنى دعيتا، اوداخ تا اخذاذي اومندي دالاها ودلي طالن. كما دآوخ رابي بدرغا، هادخ دهاوخ اخ مارن مرحماني وشوقاني، وخلقاني دناشي خاثي تا شوحا دآلاها،
الأب نويل: وايّا رسالة ايلا من كل مشيحيايا لمشيحايا، من كل ابسقوبا لابسقوبا ولبطريركا.
مار باوي: تا كلن ايلا بصراحة، لان كلن ايواخ قذام كل مندي ناشي، يرأشوخ بناشوثا، ايله الاها بريا آيّا ناشوثا، مباثر هادخ، ايوخ عميذي، وبيشوخ زريئي (ويذي امبلانتت) بملكوثا دالاها، بعدين الاها يقاريلان إلـّد قريثا اديّان بخايي ديّان، إن ديلا دعوة عائلة، يان دعوة كهنوتا، بيولـّن فهماثا، بيولـّن موهوثا  (تالانت) ويولـّن خلياثا، شوحا تا شّميه وطوّا لدو ناشا عميذا ودرغايا دهاوي، كود مبلخلاي انّيه خلياثا دالاها تا عجبونا دالاها وتا شوحا ديه، انا يخشون حتى ان هاووخ سهدي، آها معنا دقديشوثا يلا.

الأب نويل: وهاوت بسيما، شماشا ايونكلايا عزيز رزوقي، باقذ ان اتلوخ خا تنيثا.
شماشا عزيز: شلاما الـّوخو، قمايا كشكرن سيدنا مار باوي سورو، دثمال ثيله إمي من ماثا دسان دييغو كاليفورنيا، تاد ياولي بوركثا تا شركا ديي هندسية، ديل مقر دياح، بكالكري كندا، وكشكرن أخوني عزيزا رابي نويل دشقله وقت ديح والتقيلان، وكطلبن من مريا، انه شاقلا ايتان تا قاما، وان شاء الله  بدزالا لقاما، لأن عما ديّان كبيرا كبيلا تا ايتيه، وبوركاثا دلالاها بد شاري بكاون بش كبيرا إيمن دهاوخ كلن خا.
تعريب الفقرة الاخيرة التي بالسورث من حديث مار باوي:
أشكرك كثيرا أبونا لمبادرتك، وأشكر أخي العزيز الشماس عزيز، لهذه المحبة ولهذه الصداقة ولهذه الفرصة التي وفرها لي ولك ايضا. شكرا، شماس عزيز.
نحن اليوم هنا،  نرى كيف أن الكنيسة هي كل ما لدينا، انها عائلتنا، فيها نرى الرب، القديسين وفي المقدمة السيدة القديسة مريم، وهنا نأخذ كل النعم التي لدينا، ونحن بضميرنا، نعرف كيف ان ربنا يريد أن نكون في هذه الكنيسة: فنحن نحتاج الى ان نتعاون، ان نعيش حياة كنسية مثالية. فأنا لا اقدر ان أعمل لوحدي بل احتاج اليك، الى تفهمك، وإرشادك ومحبتك، بحيث تجعل أن تكون لي ولادة جديدة، وأن ينبثق منّي انسان جديد. وهذا يعني أن المسيحيين الصالحين، هم مثل قابلة مأذونة، يعطون ولادة للإنسان الجديد، ومثل الأم التي تمنح الولادة الجديد. هذا هو طريق التفاهم في يومنا. فتكون مبادرتك تجاهي، بحيث نتفاهم معا، وتجعلني احس بإنسانيتي، حتى وان كنت مخطئا، لكن قلبك كبير، فانت تحبني وتغفر لي، وقلبك هو هكذا كبير بحيث تتفهّم وجهات نظري، فتبعث عندي الفرح، وأنا اعطيك الضمان  بأنك ستجعل مني بأن أكون إنسانا جديدا، والشيء عينه أكون عليه انا بالنسبة إليك. هذا هو معنى الكنيسة: أن نعمل مع بعضنا الشيء الذي عمله الله لنا. فمهما كنا كبارا في الدرجة، بقدر ذلك لنا أن نكون مثل الرب رحومين وغفورين، وخلاقين للناس الجدد في سبيل مجد الله.
الاب نويل: ولعل هذه الرسالة موجهة من كل مسيحي لكل مسيحي، من اسقف لاسقف أو بطريرك.
مار باوي: إنها موجهة الى كلنا بصراحة، لأن كلنا نحن، قبل شيء  بشر، الله هو الذي خلق بشريتنا. وأيضا لأننا معمّذون، وصرنا مزروعين في ملكوت الله الذي يدعونا بدعواته إلى كل منا في حياتنا، سواء دعوة العائلة، او الدعوة الى الكهنوت. ولهذا فإنه يعطينا الفهم، ويعطينا الموهبة، ويعطينا المزايا، التسبيح لاسمه. فطوبى لذلك الإنسان المعمّذ والمرسوم على درجة ما، عندما يوظف هذه المواهب لإرادة الله ومجده، وأنا أرى حتى وان اقتضى ذلك استشهادنا، فهذا هو معنى القداسة.
الاب نويل: والشكر الى الشماس الانجيلي عزيز، تفضل شماس اذا كان لديك كلمة؟
الشماس عزيز:  تحياتي لكم. قبل كل شيء اشكر سيدنا مار باوي سورو، حيث جاء البارحة معي من سان دييغو كاليفورنيا، لكي يبارك شركتي الهندسية بكالكري كندا، واشكر أخي العزيز الاب نويل للوقت الذي يجمعنا. واطلب من الرب أن يأخذ كنيستنا الى أمام، وان شاء الله تذهب كنيستنا قدما، لأن شعبنا يحب كنيسته محبة كبيرة، وبركات الله سوف تحل فينا وتغمرنا، عندما نكون كلنا واحدًا.


غير متصل فاروق.كيوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 462
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أن فقدان النزاهة والمصداقية في تسمية الأشياء بمسمياتها يمكن ان توحي لنا بوجود نوايا غير سليمة تهدف اليها مثل هذه المواضيع  التي نعتقد  انه قد عفا عليها الزمن  ولا تعدو كونها محاولات لتبليط البحر  ... فالكاتب يحاول ان يقنع المؤمنين من ابناء الكنائس الشرقية  ، بأن هناك   ( الكنيسة الجامعة )   وهي كنيسة  روما  ،  وهناك كنائس فرعية اخرى هي ( الكنائس الرسولية البطريركية  )..... لكن الحقيقة التي تجنبها الكاتب  هي ان من يطلق عليها الكنيسة الجامعة  هي  كنيسة الرومان الجامعة .. وان الكنائس الرسولية البطريركية  هي  كنيسة المشرق الاشورية  الجامعة  ،  والكنيسة الكلدانية الجامعة ،  والكنيسة السريانية الجامعة  ، وهكذا ... فكل الكنائس تحمل صفة  ( الجامعة والتي تعني  الكاثوليكية ) ،  وكذلك كل كنيسة تحمل  اسما خاصا بها  ،  لذلك فأن الجامعة  او الكاثوليكية ليست حصرا على كنيسة  الرومان ....
مع التقدير
BBC

غير متصل منصـور زندو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 203
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
بعض النقاط الرئيسية التي لخصتها من كلام نيافة الأسقف مار باوي سورو:

-أنا بطبيعة الحال لا أضع اللوم فقط على جانب واحد، بل انا بنفسي آخذ اللوم مع جماعتي، نحن أيضا؛ من المؤكد، كانت عندنا تصرفات خاطئة ولـّدت المرارة…
- لقد صرفنا الأموال على المحاكم واستغرق الامر تقريبا 6 سنوات وهذا الأمر بحدّ ذاته، شيء إذا ما راجعته، تراه مملوءًا من الخطيئة، ولهذا اني اتحمل من جانبي ايضا مسؤولية من هذا الشيء.
-عندما يختلط الشأن القومي بالشأن الديني، تصل العدائية الى أبعاد مهولة، تختلط فيها المسؤوليات
-من خلال الكنيسة الآثورية، صارت شكاوى ضدّي، إلى الجهات الحكومية، إلى حد أنه تم اتهامي بالتجسس للإرهابيين
-من ناحية أخرى كنت معجبا بالكنيسة الكاثوليكية منذ صغري، وكنت في المدارس الكاثوليكية، حيث كانت تدرسنا الراهبات وكهنة كلدان، فكان عندي من ثم التعلق الكبير بالكثلكة.
 -من المؤكد أن كاثوليكيتي هي كلدانية
-صحيح انا دفعت الثمن الهائل بالنسبة إلى رغبتي في الانتماء الى الكنيسة الكلدانية، لكن اذا ترجع تسألني مرة أخرى، بعد فترة طويلة من هذا العيش، وأنا اذا ارجع بالزمن مرة أخرى، ماذا كنت سأعمل؟ الجواب:
بالضبط كنت سأعمل الشيء عينه
-يسوع اسس كنيسة واحدة، سمّاها كنيستي.
-نصب بطرس صخرة لهذه الكنيسة كأساس.
-عندما عرفت أن الطريق مسدود مائة في المائة، عندئذ رأيت أن إرادة الله لي، هي فوق ارادة البشر.
-لكن من المؤكد كان مهما، لأنه أعطى معنى لشخصيتي ولخدمتي التي قلت أني سأتواصل فيها، مهما تكن العواقب، وكنت اعرف ذلك، لأني كنت دارسا للتاريخ، مثل حركة الاتحاد في الكنيسة الكلدانية، وما حصل لمار يوحنا سولاقا شهيد الوحدة.
-- القومية هي شعور.وفي نهاية الأمر حتى القومية هي شيء مرحلي.
-مار باوي: المصاف الاسقفي للكنيسة الكلدانية هو المصاف الذي من كل قلبي، اردت الانتماء اليه، عندما قبلت اللاهوت الكاثوليكي والعقيدة الكاثوليكية، في كنيستي التي بالتأكيد هي الكنيسة الكلدانية.
-أنها قضية فرد مقابل كنيسة: شخص باوي سورو مقابل الكنيسة الاشورية الرسولية.
- على الكنيسة الكلدانية أن تحتفظ بحقها بـأن تحتضن اي واحد يريد أن يصير كلدانيا من حيثما أتى، كالكنيسة الكاثوليكية التي تقبل كل الناس الذين يأتون إليها، يحتفلون بقدومهم.
-أنه يحتاج إلى أن يصير تحوّل في العقلية لدى الكنيسة عند الاثوريين، وفي القاعدة التي يبنون عليها، والتفهم الروحي الخاص بهم. كل هذا يمكن تلخيصه بما تحتلـّه القومية من حالة ضرورية وكبيرة لديهم لأن ثقافتهم الاجتماعية مبنية على ثقافة قومية.
-لهذا انت ستشاهدني في حياتي كلها لن اتراجع عن هذا الشيء لان التراجع عن الكثلكة وتراجعي عن الكنيسة الكلدانية هو تراجعي عن المسيح، هنا وبالضبط هنا، انا التقي مع ربي.
- الفرق نظريا بين العملية القومية في كنيسة المشرق، والعملية القومية في الكنيسة الكلدانية هو: (في كنيسة المشرق، العملية القومية هي أيضا عملية سياسية، بينما في الكنيسة الكلدانية، القومية هي عملية ثقافية…)
وتعليقي هنا ألخصه بسؤال بسيط لنيافته :
سيدي كنت قائداَ في كنيسة المشرق الآشورية،ورسمت أسقفاً فيها،وتؤمن بأن الروح القدس حلْ عليك ليرسمك لتلك الدرجة.
وأنت تقول تذكر أنك كنت تتعمد بالأنضمام للكثلكة؟
فهل كنت أميناً مع نفسك؟
أو أميناً مع قائدك؟
أو أميناً مع الله الروح القدس.
لأساعدك قبل الجواب؟ فكر بيهوذا ؟ألم يكن يظن لغيرته ،ومعرفته أنه يعمل مشيئة الله،لإنه كان يعرف الكتب ،وقرر بكل ضميره ،وإرادته وباع سيده؟
أنتظر جوابك سيدي ،وسأحترمه للتاريخ،هو الحاكم في أرضنا زمنياَ؟
وعند ربي يسوع المسيح في الأبدية؟

غير متصل الأب نويل فرمان السناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخوة والاخوات القراء الكرام
بعد أيام على نشر المقال عن شؤون مسكونية، اتقدم الى حضراتكم بالشكر العميق لمروركم الواسع على هذا المقال، سواء في الموقع أو في صفحة الفيس بوك. وما وصلني من اصداء، فهمت منه ما تكنـّونه للكاتب من مشاعر يبادلكم إياها بامتنان. وأشير بهذه المناسبة الى تعليقين منشورين على المقال في موقع عنكاوا.
1) آخر تعليق من التعليقين، يتوجه برسالة شخصية الى سيادة المطران باواي، كتبهه حضرة المعلـّق بوحي من النظرة المسيحية. وإني هنا أثني على تأكيده بأن الرب هو الديّان، أكانت الدينونة ليهوذا الاسخريوطي أو يهوذا الرسول أو سواهما. وأرى أنه طالما كانت كل خطيئة، بمثابة بيع للقيم وللجذور والمبادئ وللرب، مقابل مصلحة ذاتية، ففي كل انسان مشروع اسخريوطي، كما فيه مشروع اهتداء حتى آخر نسمة من حياته، حتى يكون أمام دينونة الرب.
أما مسيرة الانضمام الوحدوي، فهناك وجهات نظر بشأنها، تختلف عند الآخرين، طبقا لزاوية كل واحد. على أن هذه الخطوات لها أن تتبلور لدى كل واحد، ضمن مسار حياته ومختلف مراحلها. وأعتقد أن كل واحد، بمسؤوليته أمام ربه وأمام ما يترتب عليه أمام المجتمع، يتخذ قراره بوحي من ضميره المسيحي وطبيعة استجابته لنداء الروح القدس في داخله. وهذه قناعة يتردد صداها في مجمل المقابلة مع سيادة مار باوي سور. وهذا هو الذي دعاني للتأكيد مع كاتب التعليق السيد منصور زندو المحترم، بشأن التاريخ كجانب يُعوّل عليه ليكون حاكما زمنيا، وعند الرب في الأبدية، لأن خطوات الآخرين ينظر إليها بمختلف الخلفيات الفكرية والروحية الخاصة بضمير كل واحد.
2) هذا الانطباع عن الرأي والرأي الآخر وجدته يتناظر مع التعليق الأول من التعليقين، ومقدمته التي وجدتني مقصودا فيها، تلقيتها بطوبى الفرح والتهليل، وباحترام كل دوافع النزاهة والمصداقية التي يتوخاها حضرة الكاتب الاشوري- المسيحي تجاه مبادئه، وهو الناشط في نهج واضح وتعبوي معلن للشأن القومي، وقدّم باقي تعليقه برقي واختتمه بالتقدير. وقد عرفت آراء حضرة كاتب التعليق الأول، منذ أيام جريدة الزمان الدولية بعد عام 2000، وهو يجاهر بآرائه في خطه السياسي القومي وفي مجال الحقوق التاريخية والجغرافية، وبقناعة نابعة من الاعماق، لمن له رؤية غير متزعزعة. مثل هذه الرؤية امتلكها ناشطون عبر التاريخ، من الذين اذ حسب الاخرون انهم يحفرون في البحر، إذا بالمعطيات التي اعتبرها سواد الناس مجرد أحلام، تتحقق عبر التاريخ بنحو أو بآخر، سواء في حياتهم أو أمام ذكراهم الخالدة.
أما وأن الرجل وهو سياسي في الشأن القومي، ويقدم نفسه كمسيحي ايضا، إزاء غيره في النهج القومي إياه ممن قد لا يكونوا بنفس القناعة الدينية والايمانية فهذا ايضا يحسب لصالحه، إذ يعبّر عن رأيه في الأمور الكنسية. وفي هذا المضمار، سبق لي وأن وقفت على آراء زعامات دينية من كنائسنا المشرقية، تقول: نحن نقف على مسافة واحدة من حرية  التعبير على منبر صحافي أو تلفازي. ويعللون ذلك بالقول: لا نعلق على آراء دينية يعبر عنها الناس بحريتهم ضمن المنابر المتاحة، ولسان حالهم يقول: ان لم يعجبكم هذا فاقلبوا القناة إلى غيرها، أو لا تقرأوا ما نكتب. ولا أذكر هذا في مجال التباين في الاراء الدينية مع الزعامات الكنسية، فقد تتلاقى معها، بل أبين ان الأمور الكنسية، يبت فيها على مستوى القرارات السينهادوسية القانونية.
وعما أوردته، في صدر المقالة أعلاه، بشأن (كنيسة جامعة) أقول ككاهن كلداني كاثوليكي: أجل اقصد بالكنيسة الجامعة، كنيسة روما التي تجتمع بصفة الجامعة مع المنضمين معها الى الكرسي الرسولي البابوي. مع العلم أن مفردة كاثوليكية وهي تعني جامعة، زحفت كتسمية مرتبطة بالكنيسة الرومانية، بينما معناها كجامعة ينبطق على كنائسنا الرسولية الأخرى، عندما تنفتح في بشرى الانجيل الى الافق البشري، بصرف النظر عن اللغة والقومية  والتراث. على أني وأنا اتكلم بشأن مسيرة الكنائس الرسولية نحو الوحدة اوردت -لو يذكر حضرة كاتب التعليق- عبارة (كنيسة جامعة) بدون أل التعريف، لعلمي أن كنائسنا الرسولية بمجامعها السينهادوسية هي التي تنظر الى معطيات من يكون ضمن الكنائس الرسولية الجامعة ومن يعدّ فيها خليفة لبطرس هامة الرسل، الذي يأخذ مكانة خادم خدام الرب بالمحبة.
وأمام حبوري، أجد أن الكنائس الرسولية غير الكاثوليكية وكنيسة روما، تنتهج خطوات الوحدة بنحو شبه ندّي إذ يفيد الطرفان من خبرات وحدوية سابقة، غنية وقد مرّت بمخاضات صعبة..
وبعد، إن ما يحز في نفسي، ككاهن يخدم في كنيستين مشرقية وغربية، أن كنائس العالم، إذا قورنت بكنائسنا المشرقية الرسولية، فإنها تكاد تفتقد لحدّ الجفاف إلى نفحة من روحنا المشرقية وقراءتنا البيبلية بنصوصها الاصلية وبأطرها الانثروبولوجية. وعليه من المعتقد أن مختلف الكنائس الرسولية غير الكاثوليكية، كمثل كنيسة انطاكية الأرثوذكسية عندما تحقق الوحدة مع الكنيسة الكاثوليكية، لم يعد في ذلك ضير أن تحدث الوحدة بنحو مستقل عن شقيقتها كنيسة انطاكيا الكاثوليكية الملتحقة بالوحدة في ظروف تاريخية سابقة، فمياه الأواني المستطرقة، لا بدّ أن تختلط مع بعضها وأغلب الظن أن مياه الكنيسة الشقيقة الملتحقة قبلها ستصب في عمق مياه الكنيسة الأم وأكثر... بحسب تشبيه مماثل بهذا الشأن للكردينال المتقاعد روجيه ايتشيغاراي. وهكذا، وفي خلاصة التعقيب على تعليق رابي فاروق كيوركيس المحترم، فإن خطواتنا الوحدوية تجاه كنيسة المسيح في الغرب، في عصر الاتصالات السريعة والتواصل الفوري، تعتبر عند الكثيرين مبادرة رحمة مع كنائس العالم الرسولية للإغناء المميز والمتفرّد، مثلما تشكل مسيرة الوحدة في أساسها استجابة لنداء الرب: أن يكونوا واحدا.
مع المحبة والتقدير