المحرر موضوع: لماذا يعّز نهوض العرب ؟  (زيارة 820 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
لماذا يعّز نهوض العرب ؟
« في: 19:10 27/01/2017 »
لماذا يعّز نهوض العرب ؟

[إنّ الصحراءَ لتمتدُ وتتسعُ حولَكم ,لكن ويلٌ لمن يحمل صحاري داخله]!
(هكذا تكلّم زرادشت ـ فريدريك نيتشه)

مقدمة :
هل لأحدٍ منكم فكرة حقيقّية عن سبب تخلّف العرب وعموم المسلمين عن الركب الحضاري العالَمي؟
المُتابع لحال العرب والمسلمين عموماً يُصاب بالحيرةِ والذهول عندما يرى وصول جميع وسائل ومقومات النهوض الحضاري إليهم,إنّما النتيجة ليست كما في باقي بلاد هذا الكوكب الأزرق ,فما السبب؟
وسائل الديمقراطيّة الحديثة وأدواتها بدءً بالنت والستالايت والموبايل ,الى الإنتفاضات والثورات الشعبية ,وصلت بلادنا لكن الحال لم يتغيّر!
(علماً أنّ مقياس التطوّر الحضاري الحديث لا يعتمد على التقدّم الصناعي والتكنلوجي فقط إنّما في المقام الأوّل على التطوّر الإجتماعي والإقتصادي والسياسي وحقوق الإنسان والرفاهية والتنوّع والإنفتاح)!
عندما حرّر الأمريكان بلدي (الأم) العراق عام 2003 من أبشع طاغية عرفه العالَم (صدام حسين) ,تفاءلتُ بشدّة ,لكن النهوض لم يحصل!
عندما أحرق الشاب التونسي (بوعزيزي) نفسه أواخر عام  2010
قامت هناك ثورة شعبية كبرى ,هربَ الرئيس ,تغيّر النظام الحاكم ,لكن سرعان ما إنتكس كلّ شيء الى الأسوء!
وعندما سَرَت رياح (الربيع العربي) الى مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وبلاد أخرى ,سقطت الأنظمة في الثلاث الأولى ,لكن الحال غدا أسوء ممّا كان ,فتحوّل ذلك الربيع العربي الى خريف إسلامي مُخيف!
لم أسمع ولو مثقف أو مفكر عربي مسلم واحد أجاب على السؤال :
(لماذا نحنُ هكذا؟) بصراحة  ومنطق وواقعيّة!
أنا (بدون لفّ ودوران) سأجيب بثلاث كلمات فقط ,ثمّ أشرح أسبابي في هذا المقال .الأديان هي السبب!
***
لماذا الأديان؟
1 / الصراع العربي الإسرائيلي الذي هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المنطقة حصل ويستمر بسبب فكرة دينيّة (يهوديّة) بائسة إسمها أرض الميعاد (من جهة) .مقابل تطرّف المسلمين العرب بإفناء شعب إسرائيل ورميهم في البحر (من جهة أخرى)!
الأديان لا تسمح بحلّ هذه المشكلة عن طريق العقل والمنطق والواقع!
والقدس(أورشليم) بدل أن تكون قلب المحبّة أصبحت مركز المشكلة!
2 / أكثر الحكام الطغاة العرب إستخدموا الدين (أو تحالفوا مع رجاله وأحزابه ومؤسساته سرّاً) لأجل قمع الشعوب والبقاء في السلطة!
الأمثلة كثيرة من عبد الناصر القومجي الى صدام حسين المشنوق!
ناهيك بالطبع عن أمراء الخليج وملالي إيران والأحزاب الدينية الإرهابية كجماعة الاخوان المسلمين (السُنيّة) وحزب النور (السلفي) وحزب الله (الشيعي) وعشرات غيرهم!
3 / الإنسان عموماً حريص على ما مُنِعَ عنه ,خصوصاً عندما ينتمي أو يصبح ضمن حزب أو جماعة أودين أو طائفة تمثّل فكرهِ أو عقيدته .
ونجد تلك المجموعة تغدو أكثر تشدّداً وتزمتّاً وتطرّفاً عند ظهور مجموعة أخرى معادية لها ,تضطهدها بسبب معتقدها!
والأمثلة كثيرة في هذا المجال,فمثلاً :
إضطهاد الأقباط في مصر دفعهم الى المطالبة ببناء مزيد من الكنائس فنسوا الطريق (العلمي) الصحيح للنهوض ,وتمسّكوا بالمظاهر الدينيّة!
الشيعة في العراق والبحرين ,تعرضوا طويلاً لإضطهاد الحُكام السنّة ,ما دفعهم للإرتماء في أحضان إيران الشيعيّة!
حتى غدا الأمر اليوم لدى العامة من الأخوة الشيعة كأنّك تسبّهم شخصيّاً لو تعرضّت بنقد سلبي لحكومة ملالي إيران!
هذا الأمر ينطبق على العلويين والدروز والبهائيين وغيرهم!مَن سوى التطرّف الديني مسؤول عن ذلك ؟
4 / حتى بين المُسلمين أنفسهم هناك عداء تأريخي بين طوائفهِ العديدة .يعود سببه غالباً الى (حديث الفرقة الناجية) الذي دفعَ كلّ طائفة إسلاميّة لتعتبر نفسها هي الأحقّ والأصلح .وأنّ الآخرين على باطل ويستحقون عذاب السعير!
5 / الأقتصاد مأساة في الدول الإسلامية!
نصف الدخل القومي (عموماً) يذهب هباءً منثورا على مظاهر التديّن ,
والفساد السياسي (بسبب الشعارات الدينيّة)!
(سأرفق رابط مقال إقتصادي بهذا الخصوص)!
6/ السياحة .. ماتت تقريباً في تونس ومصر ولبنان والأردن ودول عديدة أخرى بسبب إرهاب الإسلاميين هناك !
7 / الأخلاق والسلوك الإنساني!
بما أنّ الغالبية تعتقد أنّ الأديان هي الضابط الأوّل للأخلاق (وهذا خطأ علمي) لكنّها تؤثر كثيراً على الأخلاق بالتأكيد ,فالتصرفات السلبية والقتل والذبح وكراهية الآخر المختلف وعدم التسامح معه ,كلّها يجب أن نعزيها للأديان ذاتها خصوصاً في حالة (السلفية الإسلامية),أليس كذلك؟
8 /  أّي نهوض للمرأة (التي هي نصف المجتمع) والمطالبة بالمساواة يُجابه بمقاومة دينيّة عنيفة (حفاظاً على عفّتها كما يروجون) .بينما الواقع يشير الى الروح والثقافة البدوية الأبوية الذكوريّة السلطوية!
9 / هل هناك أدنى جدل عند الإجابة على السؤال المهم التالي:
الى أن يقودنا الطريقان الرئيسان في هذهِ الحياة :العلوم والأديان؟
ألسنا متفقين بأنّ العلوم (عموماً) تقود الى النهوض والحضارة والتطوّر والرفاهية (رغم بعض الأحداث الشاذة كقنبلتي هيروشيما وناكازاكي)!
بينما الأديان تقود الى الإنقسام والتراجع والتقوقع والنفور من الآخر!
وهل يترك رجال الدين الإسلامي طريق العِلم مفتوح سالك ,أم يضعون كلّ أنواع العراقيل التي لا تخطر ببال أمام العلماء والبحث العِلمي؟
ربّما تذكرون النقاش الطويل في مصر حول التبرّع بأعضاء المتوفي!
يقول (د.خالد منتصر) في هذا المجال:
[نبحث عن الاعجاز العلمي في القرآن وننسى الانجاز العلمي الواقعي]!
***
الخلاصة :
أظّن أنّ مقولة (الشيطان يكمن في التفاصيل) ,التي يتشدّق بها أغلب (المُثكفيين) العرب ,تناسب الأفكار الدينيّة فقط!
كون التفاصيل تفضح الخرافات والأكاذيب والتناقضات!
إنّما في العلوم والبحوث والحفريّات والمختبرات الطبيّة والفيزياوية والكيمياوية ,فالتفاصيل هي الدلائل العلميّة الحقيقيّة التي نبحث عنها!
من هنا لو أمعنّا النظر في معاني أغلب المقولات الدينية الشهيرة لوجدناها متناقضة مع الغرائز الإنسانية الإيجابية!
فمقولة (شعب الله المختار/أو خير أمّة اُخرجَت للناس) تعني في تفاصيلها أنّ الإله غير عادل مع خلائقهِ التي صنعها بنفسه ,وأنّه ينحاز لفئةٍ ما!
وفكرة (خلقنا الإنسان في أحسنِ تقويم,ثمّ رددناه أسفلَ سافلين) تدفع الى الحيرة والتعجّب الشديد!
بينما فكرة مصير الإنسان مُقدّر ومكتوب حتى قبل أن يولد :
[إنّ أحدكم ليعمل بعملِ أهل الجنّة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها] ,هذا الحديث وحده يكفي كدافع للإحباط الشديد ,وربّما الى اليأس والجنون والإنتحار!
ولا مجال هنا للخوض في المزيد من الامثلة!
على كلٍ نحنُ نعلم أنّ البلدان التي نهضت بعد حدوث التغير الكبير فيها مثل (ألمانيا , اليابان , كوريا ج , ..) كانت قد عزلت الدين عن الدولة وسلكت طريق الصناعة والعلم!
حتى المِثالَين التركي والماليزي (التي يتخذها الإسلاميون كدليل مضاد لفكرة هذا المقال) ,نحنُ نعلم في التفاصيل أنّ تركيا نهضت بسبب أتاتورك العلماني ,وهاهي تنتكس وتتراجع في عهد أردوغان الإسلامي!
وماليزيا كان شعبها يعيش ببساطة على الزراعة وصيد السمك والغابات لكن وصول (د. مهاتير) الى الحكم الذي سلك الدرب العلمي بداية ثمانينات القرن الماضي هو الذي قاد بلاده الى النهوض!
وفي التأريخ القريب نذكر (الباشا محمد علي الكبير) والنهضة المصرية في وقته بسبب إعتماده على الطريقة الأوربيّة!
أخيراً لا أوّد أن أغفل نقطة هامة هي تأثير (عامل الجو) وحرارتهِ على أخلاق الناس عاداتهم طبائعم أمزجتهم أعصابهم وأدمغتهم .
فالحَرّ يدفع للإسترخاء والكسل والسكون ,تجنبّاً للإرهاق!
بينما الجو البارد يدفع الى الحركة والمثابرة والتغير والتجديد والعمل!
إنّما وسائل الحضارة الحديثة قلّلت من هذا التأثير السلبي للجو عموماً!
ولم يتبقَ أسوء من رجال الدين الرعاع ,كعامل مُعيق للنهوض!
[بل حدثَ لي أن تسائلتُ وكدتُ أختنق بسؤالي : ماذا ,هل الحياة بحاجة الى الرُعاع أيضاً؟] نيتشه!
***
رابط المقال الإقتصادي!
رعد الحافظ ـ تكاليف التدين على الدخل القومي العربي!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=231051


رعد الحافظ
27 يناير 2017