حكاية المطران باوي سورو كما أوردها القس نويل فرمان واغداق المديح فيها على البطريرك ساكو تظهر اننا شعب مسكين، غلبان ومغلوب على أمره – رد على مقال
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
توطئةقرأت المقال الذي كتبه القس نويل فرمان عن المطران باوي سورو (رابط 1). المقال يدعي أنه مقابلة صحافية. في الحقيقة المقال أكثر منه حكاية لتسليط الضوء على وجهة نظر المطران باوي وتحسين صورته وتبرئة ساحته.
والاثنان، أرى، انهما يغدقان الكثير من المديح على البطريرك ساكو دون وجه حق.
هذا وغيره من الأمور التي أتت في المقابلة والتي فيها يحاول القس والمطران تبسيط المفاهيم لا بل تسطيحها ومط ومدّ وجر حتى النصوص المقدسة لترويج قضية خاسرة أساسا.
وقبل الولوج في خضم الموضوع، أرى من الواجب تقديم الشكر للزميل منصور زندو الذي حاول وبنجاح إضفاء مسحة من الموضوعية على الحكاية التي اتي بها القس نويل من خلال تعليق له على الموضوع (رابط 1) ومن ثم الموضوع المستقل الذي كتبه كرد (رابط 2). فله الشكر.
ثقافة الأجوبة الجاهزة
نحن كشعب ومؤسسات نعاني كثيرا في أغلب المفاهيم والمواقف التي نتخذها. والسبب هو افتقارنا الى إشغال العقل من خلال حثه على إثارة الأسئلة التي تتحدانا أولا قبل ان تتحدى المختلف عنا.
نحن لدينا أجوبة جاهزة معدة لنا من قبل السلطة لا سيما السلطة الدينية ونجترها ونكررها أحيانا مثل الببغاوات دون تمحيص وبحث.
أساس أي بحث علمي رصين هو إثارة أسئلة محددة دون خشية وخوف حتى وإن كانت تتحدى الميول التي نحن عليها. ومن ثم محاولة الإجابة عليها من خلال جهدنا العقلي وليس الاتكاء على السلطة ونقل اجوبتها كما هي دون إشغال للعقل.
ما ينقصنا هو ثقافة الأسئلة التي تتحدى السلطة وليس اجترار الأجوبة الجاهزة التي تقدمها لنا.
والحكاية التي اتى بها القس فرمان أغلبها ضمن نطاق الأجوبة الجاهزة وغابت عنها الأسئلة التي لا بد منها لتحدي النفس أولا والميول التي نحن عليها ثانيا. وهكذا كنا امام حكاية وليس مقابلة صحافية.
توثيق ام تزوير؟
ليس هناك أسئلة في "المقابلة" هذه. المحاور (الذي يجري اللقاء) والمقابل لهما أجوبة جاهزة.
أنظر مثلا المقدمة الطويلة والمملة التي يقول فيها صاحب المقال إن غايته "التوثيق التاريخي، من قبل المعني مباشرة بما أمكن من حيادية وشفافية" دون ان يبذل جهدا بسيطا كي يطلعنا على رأي مستقل وحيادي او أضعف الإيمان "المعني" من الطرف الأخر.
ولأن المقال تقريبا يقع ضمن نطاق الأجوبة الجاهزة، اتى النص ابعد ما يكون عن الحيادية والشفافية.
الأسقف اللوثري والأسقف الأنكليكاني
ولأن المقال مثال صارخ لثقافة الأجوبة الجاهزة، يحاول المحاور الإجابة بدلا من المقابل. وكي يبرئ ساحة المطران باوي سورو وما قام به من عمل وتصرفات غير مقبولة يضرب أمثلة في غير محلها دون وعي منه، منها ما حدث للأسقف اللوثري جوزيف جاكسون الذي تحول الى الكثلكة وكذلك الأسقف الأنكليكاني الذي أيضا قرر الالتحاق بكنيسة روما.
والأسقف باوي يثني على القس نويل لاستشهاده بالمثالين هذين ومن ثم يهاجم العقلية الشرقية لأنها لم تكن في المستوى الحضاري كي تسمح او تقبل او تتعايش مع انتقاله الى الكنيسة الكاثوليكية مثلما حدث للأسقف اللوثري والأسقف الأنكليكاني.
ولكن هل هذا صحيح ام انه تمويه وانتهاك لأبسط شروط النزاهة والحيادية والموضوعية وكذلك الرسالة الإنجيلية التي تدين كل من لا يقول الحق ويحاول تمويه الحقيقة والتشويش على عقول الناس؟
سندات مزورة ومحاكم كلفت الملايين من الدولارات
هل باستطاعة القس نويل والمطران باوي ان يمتلكا الشجاعة ويقولا لنا من هم NENOS MICHAELS, et.al, "نينوس ميخائيل وشركائه" (أنظر ادناه) وكيف ان المطران باوي سجل شركة corporation (أنظر قرار المحكمة أدناه) باسمه وباسم أصحابه هؤلاء وتم تسجيل عقارات كنسية وأملاك واموال على حسابه وحسابهم؟
لماذا لم يثير القس نويل هذا السؤال: كيف يجوز لأسقف مسيحي يقول انه يمثل المسيح على الأرض ان يؤسس corporation (أنظر قرار المحكمة أدناه) يسجل أملاك وعقارات وأموال بعشرات الملايين من الدولارات باسمه وبأسماء أصحابه؟
هل قام الاسقف اللوثري بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه واستولى من خلالها على أملاك واموال وعقارات وأموال كنيسته؟
هل قام الأسقف الأنكليكاني بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه واستولى من خلالها على أملاك وأموال وعقارات كنيسته من خلال عملية تزوير للسجلات؟
هل يجوز ان يقوم القس نويل (قل مطران) بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه ويستولي من خلالها على أموال وأملاك الكنيسة الكلدانية من خلال حملة وتزوير للسجلات وعندما يتحول الى مذهب أخر يأخذها معه؟
نعم من حق أي شخص لا سيما في أمريكا والغرب ليس ان يحول مذهبه بل ميوله حتى الجنسية منها وان يؤسس مذهبا او دينا جديدا. ولكن ان يسرق ويزور السندات من خلال تأسيس corporation هذا لعمري أمر شنيع وأن ندعمه بآيات من الإنجيل فلعمري هذا دليل على اننا شعب مسكين غلبان لأننا نصدقهم:
http://uploads.ankawa.com/uploads/1486757130871.docxمحاكم مدنية كبيرة ومكلفة جدا
في أمريكا ليس هناك شيء مكلف مثل الذهاب الى المحكمة حتى لو تعلق الأمر بعدم دفع إيجار شقة لمدة شهر.
بيد ان الطريقة التي جرت فيها وقائع هذه المحاكمة المدنية الكبيرة التي شارك فيها عشرات المحامين واستمرت حوالي ست سنوات ستكون تكلفتها مهولة أي بملايين من الدولارات.
الطريقة التي يرد فيها أمر المحكمة المهينة هذه في حكاية القس نويل ومن ثم الاستشهاد بأبيات من الإنجيل للبرهنة ان الشخص ضحية وما كان يقوم به مطابق لإرادة الإنجيل وإرادة الله، هذا أيضا لعمري يظهر اننا شعب مسكين تعبان هلكان وغلبان لأننا ضحية ثقافة الأجوبة الجاهزة.
خسر المطران باوي قضيته في المحاكم الأمريكية بعد مرافعات استمرت ست سنوات وأرغم على دفع ملايين الدولارات تكلفة للمحكمة وتكلفة لفوج من المحامين للطرف الأخر وتكلفة لفوج المحامين الذين دافعوا عنه.
من يستطيع ان يتحدى هذه المهزلة (التي – حاشى – يربطها صاحب المقال والذي يحاوره بإرادة الرب) ويقول لنا كيف تم الدفع ومن من وفلوس من وبحيادية وشفافية؟
كي يعرف القارئ الكلفة المهولة للمحاكم الكبيرة والطويلة مثل هذه في أمريكا اضع امامه سجل بعدد المحامين والمترافعين في جلسة واحدة لمحكمة المطران باوي ولطرف واحد فقط:
http://uploads.ankawa.com/uploads/1486879090371.docxوهذا اقتباس من قرار المحكمة التي تلزم المطران سورو بإعادة الأملاك والعقارات والأموال التي (اغتصبها) وهي ترجمة لكلمة usurp التي يستخدمها المترافعون:
http://uploads.ankawa.com/uploads/1486757287931.docxمتى ننتقل الى ثقافة الأسئلة
لو لم نكن نحن تحت حكم ثقافة الأجوبة الجاهزة التي أتت علينا كشعب وأمة وتراث ومؤسسات وتاريخ لكان بإمكاننا ان نشغل عقلنا كي نعرف الحقيقة من خلال ثقافة إثارة الأسئلة دون خشية وخوف كي نحصل على "المعنى مباشرة، بما أمكن من حيادية وشفافية."
ومع كل هذا له الشجاعة ان يقتبس من النصوص المقدسة فيقول "فأجاب بطرس والرسل وقالوا: ينبغي ان يطاع الله أكثر من الناس." أهكذا تكون طاعة الله والإنجيل؟ الم أقل اننا شعب مسكين، غلبان.
هناك الكثير مما يمكن التعقيب عليه والطريقة التي يسرد فيها القس نويل حكاية المطران باوي ولكنني سأكتفي بهذا القدر كي لا أثقل على القارئ.
إغداق المديح ولكن في غير محله
لا أعلم لماذا تنتقل الحكاية الطويلة هذه وغير الموثقة والتي تفتقر الى الحيادية والشفافية بين الفينة والأخرى الى البطريرك ساكو.
ولا أعلم لماذا يغدق القس نويل والأسقف باوي المديح على البطريرك، الذي من المفروض ان لا تكون له أية علاقة من قريب او بعيد بهذه الحكاية.
إنه حقا لأمر مستغرب ان يرد ذكر البطريرك ساكو او يقارن بالبطريرك الكلداني الجليل يوسف اودو، صاحب الانتفاضة الكلدانية المباركة.
الفرق بينهما كما الفرق بين الأرص والسماء او بين الثرى والثريا.
البطريرك اودو حمى الهوية والثقافة الكلدانية بلغتها وطقسها ورموزها واعلامها وأزيائها وريازتها وشعرها وأدبها وفنونها وموسيقاها وأناشيدها من حملة طائشة كادت تنهيها.
لولا البطريرك اودو لصار الكلدان اثرا بعد عين واندثرت ثقافتهم.
البطريرك ساكو يسير، ليس اليوم ولكن منذ عقود، في خط معاكس للبطريرك اودو.
البطريرك ساكو لا يحب الأزياء الكلدانية ولا الريازة ولا الثقافة الكلدانية ولا الرموز ولا الاعلام ولا اللغة ولا الآداب ولا الشعر ولا الفنون ولا الطقس ووصل به الأمر الى إطلاق توصيفات غير حميدة على الثقافة واستهدافها واستهجانها ونبذها. (رابط 2 و4).
لم تهان ولم تزدرى ولم تهمش لا بل تحطم الثقافة الكلدانية في التاريخ الكلداني المعاصر كما جرى على ايدي صاحب التأوين منذ الثمانينيات من القرن الماضي ووصل الأمر تقريبا الى إلغائها في السنين العجاف الأخيرة.
البطريرك اودو حفظ لنا ثقافتنا ولغتنا ورموزنا وأزيائنا وريازتنا وفنوننا وتراثنا وطقسنا واعلامنا وآدابنا وشعرنا وكل ما يدل على هويتنا ووجودنا وثقافتنا الفريدة من نوعها. البطريرك ساكو يعمل العكس تماما، أي في صف أعداء البطريرك اودو.
بلبلةيشبه وضعنا الثقافي امام هجمة التأوين وحملة التأوين الهدامة التي دشنها البطريرك ساكو قبل عقود وفرضها في السنين العجاف الأخيرة، يشبه ما حلّ بأصحاب برج بابل في العهد القديم حيث عندما أراد الله معاقبتهم بلبل السنتهم وتاهوا وتشتتوا في الدنيا ولم يعد يعرف الواحد الأخر.
نحن اليوم امام المحنة ذاتها التي تفرض مثلا نصوصا معربة تعريبا هزيلا وبعضها كتبها صاحبها بعربية ركيكة لا ترقى الى مستوى انشاء في الثانوية ووضعها بدلا من صلاة الرمش الكلدانية الساحرة والنبوية والربانية وفرضها على كنائس كثيرة وأديرة تابعة له.
والبطريرك ساكو عكس البطريرك الجليل يوسف اودو يدعو لا بل يفرض على الكلدان المشتتين في ارجاء العالم ان يمارسوا الثقافة كل بلغته أي ان نصبح ونحن أقلية نتكلم ونتحدث بألسنة كثيرة ونستبدل ثقافتنا لأن استبدال اللغة معناه الغاء الثقافة وبذلك تحل علينا اللعنة التي حلت على أصحاب برج بابل.
مع كل هذا أنظر المديح الذي يأتيه من القس نويل ومن ثم المطران باوي حيث يقول ضمن ما يقول إن منطلقه (أي البطريرك) "ثقافي لغوي تاريخي مع توجه نبوي."
أظن ان البطريك ساكو في واد والثقافة الكلدانية في واد وأننا في عهده العتيد سنكون شهودا على زوال الثقافة الكلدانية (أي زوالنا) واستبدالها بالعربية او اية ثقافة أخرى المهم ان لا تكون كلدانية.
وهذا بالضبط ما كان يريده من هدف أعداء البطريرك يوسف اودو. هم لم يستطيعوا تحقيقه ولكن ومع الأسف الشديد ويحز في القلب القول إن ما فشل اعداء البطريرك يوسف اودو في تحقيقه يجري تنفيذه وبإصرار من قبل خليفة له جالس على ذات الكرسي.
خاتمةأظن أن حكاية المطران باوي سورو كما أوردها القس نويل فرمان والطريقة التي يغدق الاثنان فيها المديح على البطريرك ساكو تظهر أننا حقا شعب مسكين، تعبان، غلبان ومغلوب على أمره.
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,831007.0.htmlرابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,832001.0.htmlرابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=793177.0