رسالة من بعيد إلى السيدان حيدر العبادي ومسعود البارزاني:
----------------------------------تجميد الإستفتاء لا إلغاءه أو إبقاءه
======================
أبرم شبيرا
فاز الإستفتاء في إقليم "كوردستان" بنسبة كبيرة جداً وهي 92.73%، وهذه النسبة هي، على الأقل من الناحية الرسمية، تعبير جامح وواضح عن إرادة الشعب "الكوردستاني" بالإستقلال عن الدولة العراقية. بالمقابل رفضت الحكومة العراقية هذا الإستفتاء وقامت بأجراءات مضادة للحيلولة دون تفعيله وطالب رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي إلغاء الإستفتاء كشرط أساسي وأولي للدخول في المفاوضات مع حكومة إقليم "كوردستان" لحل المشاكل العالقة.
بالمقابل رفض السيد مسعود الباررزاني وحكومته وبرلمانه طلب السيد حيدر العبادي في إلغاء الإستفتاء لأن هذا لا يعني إلا إلغاء إرادة شعب برمته تقريبا، وهو أمر أكثر من مستحيل ولا يمكن للسيد مسعود البارزاني إصدار قرار بإلغاءه لأن إلغاء إرادة شعبه يعني من جهة أخرى فقدان مصداقيته وخيانة الأمانة كرئيس لشعبه. كما أن إلغاء الإستفتاء أي إلغاء إرادة الشعب الكردستاني الذي هو جزء من الشعب العراقي، كما يصرح بذلك السيد حيدر العبادي ويؤكد إستعداده للدفاع عنه سيكون سبباً في فقدان مصداقيته أيضا. وتخفيفاً لحدة الخلاف بين الأثنين والخروج من المأزق أكدت حكومة الإقليم وعلى رأسها السيد مسعود البارزاني بأن هذا الإستفتاء لا يعني تطبيقه مباشرة والبدء بالإجراءات الخاصة بالإستقلال عن الدولة العراقية بل هذا يتطلب عدة سنوات لتطبيقه على أرض الواقع. وبالمقابل رفض السيد حيدر العبادي هذه التفسيرات وأصر على ضرورة إلغاء الإستفتاء كشرط للدخول في مباحثات حول المسائل العالقة بين الأثنين، لأنه من الواضح وجود هذا الإستفتاء أثناء المباحثات سيشكل قوة ضغط على الحكومة العراقية وسند قوي من الطرف الأول على الطرف الثاني وسيشكل خط رجعة لحكومة الإقليم عند فشل المباحثات. كما أن بقاء هذا الإستفتاء الذي سيحوم في سماء المفاوضات سيزيد من أمر تعقيد المباحثات ويأخذ مساحات زمنية طويلة وسوف يحصر حكومة السيد عبادي في زواية ضيقة تحرمه من البدائل الوصول إلى حل مقبول يحفظ وحدة العراق.
إذن بين إصرار وعناد الطرفين حول إلغاء الإستفتاء وإبقاءه وصل الأمر إلى طريق مسدود بالتمام والكمال رغم بعض الوساطات للتخفيف من صعوبة الأمر. ولكن بين إلغاء الإستفتاء وإبقاءه يأتي مصطلح "تجميد" الإستفتاء كحل وسط بين الاثنين. فالتجميد لا يعني إلغاءه كما لا يعني تفعيله بل هو حالة قائمة بين الأثنين يفتح ثغرة في جدار إصرار الطرفين ويمهد الطريق للجلوس والتفاوض من دون وجود إستفتاء فاعل ونشط يورق طرف الحكومة العراقية من جهة ويحيد أو ينزع من حكومة الإقليم سلاح الإستفتاء الضاغط من جهة أخرى. فمن خلال هذا التجميد يبقى السيد مسعود البارزاني على موقفه من عدم إلغاء الإستفتاء وصيانة مصداقيته من جهة كما أن التجميد سوف يسند موقف السيد حيدر العبادي عند الجلوس على طاولة المفاوضات من دون وجود إستفتاء فاعل وضاغط. فالتجميد على الأقل يفتح باب قاعة المباحثات للطرفين ويهدئ الأوضاع المتصاعدة التي تقلق جميع أبناء الشعب العراقي ومن المحتمل جداً بهدوء الأوضاع ستتمهد الطرق للتفاهم بين الطرفين والوصول إلى حل يرضي الطرفين ويردع الأخطار المحيطة بالوطن من كل حدب وصوب.