المحرر موضوع: البير كلما غمًّكَن جرحه المساحي يزيد ماي !!  (زيارة 1151 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل falh hason al daraji

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 53
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
البير كلما غمًّكَن جرحه المساحي يزيد ماي !!


فالح حسون الدراجي
كالفورنيا
falehaldaragi@yahoo.com

تمالكت نفسي، وكفكفت دمعي، وأشعلت سيجارة وأنا أتابع مصيبة الكاظمية من على شاشة التلفزيون لحظة بلحظة ، رغم أن الساعة قد تجاوزت الثالثة فجراً، وبلا وعي سألت زوجتي المفجوعة، التي كانت ( تلطم) على وجهها بكل ماتجيده النساء الجنوبيات من لطم ونواح :- هل خسرنا المعركة مع الأرهاب يا أم حسون ، وهل أن الأرهابيين باتوا أكبر من ما كنا نتوقعه، بحيث أصبح دحرهم أمراً مستحيلاً ؟!

أجابتني وقد تغيرت نبرتها ، وأسترجلت ملامحها وهي تقول :- أأنت تقول هذا يا فالح ، أي أرهاب هذا الذي يقضي علينا ويدحرنا ، بل أي موت هذا الذي يخيفنا ، ونحن الذين مررنا قبل هذا بمئات المجازر، والمذابح، وحمامات الدم وخرجنا منها أقوى وأشد عزيمة،هل نسيت أن شعبنا هو شعب العراق العظيم ، شعب الوثبة المجيدة ، وثورة العشرين، وثورة تموز المجيدة ، شعب فهد وسلام عادل وعبد الكريم قاسم، وشعب الصدرين وعارف البصري والمبركَع والحكيم وعز الدين وآلاف الشهداء من العرب والكرد والتركمان والكلدان والآشور والصابئة وغيرهم !! أتقول هذا الكلام اليائس والمحبط، وأنت الذي زرعت في قلوبنا الأمل، والثقة بالشعب العراقي، وبمستقبل العراقيين ، وعلمتنا أن العراقيين ( أقوى من الموت ) وأكبر من أحلام الحاقدين ، ألست القائل ( أحنه أشما نقصنه نزود )؟!

ولا أخفي عليكم ، فقد شعرت بالحرج ، ، بل والخجل وأنا أستمع لجواب زوجتي ، ورحت أستعيد مع نفسي تأريخاً طويلاً وعريضاً من البطولة والصمود ، سطره العراقيون عبر عشرات السنين ، بدءاً من مذابح البعثيين الأنجاس بعد أنقلاب شباط الأسود، وما قاموا به من جرائم ومجازر دموية فظيعة، وكيف نهض العراقيون بعد خمسة أشهرمن ذلك الدمار والموت الأسود ، ليفجروا أنتفاضة الثالث من تموز الباسلة، تلك الأنتفاضة التي أدارت رؤوس الأنقلابيين، وأرعبت أسيادهم في القطار الأمريكي الذي حملهم الى سدة الحكم ، وكيف وقف العراقيون بعدها طوداً شامخاً بوجه البعث البكري والصدامي ، حيث تسابقت قوى الشعب على مواجهة الدكتاتورية ، لتقدم آلاف القرابين الحرة دفاعاً عن حرية العراق ، وكرامة العراقيين !! نعم لقد شعرت بالحرج والخجل ، ورحت ألوم نفسي ، أذ كيف أقول مثل هذا الكلام أمام زوجتي اليوم،وهي التي عاشت معي عشرين عاماً، ولم ترني الاَّ ذلك العراقي الذي لايشرك بالله، ولايؤمن بغير العراق شريكا، فهل يعقل أن ينكسر هذا العراقي الواثق بشعبه بهذه السهولة ، ويستسلم لهذه المصيبة، وهو الذي يظن ، بل ويثق، بأن العراق أقوى من المستحيل ، وأشد من المصائب، لذلك رحت أسأل نفسي بصمت ، وأجيب على أسئلتي بصمت أيضاً :- هل كانت خسارتنا اليوم في الكاظمية خسارة فادحة وعنيفة، بحيث جعلتني أفقد أتزاني وأنسى نفسي، فأنزلق الى هذه الأسئلة مع زوجتي، ولم أجد غير جواب واحد :- نعم، لقد كانت خسارتنا اليوم خسارة كبيرة، فألف عراقي وعراقية، راحوا بسهولة (وبشربة ماي) أمر قاس وصعب ومأساوي ، بخاصة وأننا خسرنا قبلها بأيام قليلة خسارة كبيرة في مرآب النهضة ، وقبلها أيضاً تعرضنا لنكسات موجعة في المسيب، وبغداد الجديدة ، وأربيل، وغيرها من مناطق العراق، وربما سنخسرغداً (لاسمح الله ) في مناطق أخرى من العراق الحبيب خسائر أخرى، وللحق فأني ندمت على سؤال لزوجتي ، وندمت أيضاًعلى ضعفي وأنكساري أمامها ، بخاصة وأنا أبكي لأول مرة مع زوجتي ( دمعة بدمعة ) !! لكني عذرت دمعي بعد أن أتصلت بأهلي في العراق ، وعلمت بأن أبن أخينا الصبي الجميل أحمد أبن عبد السيد ذا الثالثة عشر قد أستشهد في هذه الفاجعة ، وهو الوحيد لأبيه ( المعوق ) بعد خمس بنات ، وأن في ( دربونتنا الصغيرة ) قد أستشهد عشرة أشخاص، جميعهم من النساء والأطفال ، وأن في مدينتي الحبيبة مدينة الثورة والصدر أستشهد أكثر من ثمانمائة بريء ، وأن جارتنا الطيبة (أم نهضة) تلك المرأة التي كانت تحبني وتسأل عني بأستمرارقد أستشهدت، وأن جارتنا أم نرجس ، وجارتنا أم عادل زوجة شقيق الفنان فيصل حمادي ، وكذلك أم أتحاد، المرأة التي كانت تأوي المناضلين العراقيين المختفين في بيتها، وكذلك الشيخ أبو صبري قد أستشهدوا أيضاً ، لذلك فأني أعترف بأن دموعي ونحيبي كانا بمثابة تحصيل حاصل كما يقولون،وللتخلص من هذا الوجع، وهذا الأنكسار، وهذا القلق ، رحت أتصل بأي شخص مسؤول في الدولة العراقية يحضر في بالي، لعل وعسى أن يساعدني على وجعي ، ويخفف عني حزني وألمي ، فيجيب على أسئلتي التي لها أول وليس لها آخر، لذا أتصلت بزميلي الأستاذ ليث كبة ، وزميلي الأستاذ كاميران قره داغي ، كما أتصلت بأستاذنا الشاعرمظفرالنواب، وأخي المبدع الكبير كوكب حمزة، وأخي جاسم الحلفي ( عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ) وبكثير من الأحبة الذين أثق بهم ، وأطمئن لحنانهم، لأني وبصراحة كنت محتاجاً ساعتها لأية كلمة دافئة، أومعلومة مطمئنة، تخفف عني هذا الحمل والعذاب الثقيل، ولما لم أستطع مكالمتهم لأنشغال خطوطهم التلفونية ، أو لعدم وجودهم على الهواتف ، أنتظرت أكثر من ساعتين كي يحل الصباح ،لأتصل بصديقي الكاتب العراقي المبدع نزار حيدر، وصديقي الفريق البطل أحمد كاظم البياتي، وأخي حميد مراد رئيس الجمعية العراقية لحقوق الأنسان في الولايات المتحدة، ، وصديقي الشاعر المبدع رياض النعماني ، وما أن حدثتهم حتى رحت أصرخ بعلو صوتي لأشكو لهم وجعي ، وألمي ، وللحق فقد كان هؤلاء الأحبة بمستوى الفجيعة والألم ، وكانوا خير المواسين لي !! ولكني لم أكتف بما بثه لي الأحبة والأصدقاء من مشاعر، ومحبة ، ومواساة، فمضيت نحو مواقع العراقيين الأحرارالألكترونية ، تلك المواقع التي تبهج النفس وتسعد الروح ، فتنقلت بين صوت العراق ( الذي لم يتم للأسف تحديثه لمناسبة أليمة ) وموقعنا الأثيرالبرلمان الحبيب ، وموقع عنكاوة الجميل، وموقع عراق الغد الرائع، وموقع الوطن للجميع( حقاً ) وكذلك البيت العراقي الحلو ، وموقع الحالم الشجاع ، وموقع الطريق الوطني، وغير ذلك من المواقع الحرة الرائعة ، فوجدت ما يشد العزم ، ويقوي القلب ، ويخفف المصاب ، فكانت مقالات الأحرار بلسماً، وعلاجاً، ومعيناً على مصيبتي، ولا أريد أن أذكرأسماء مبدعينا، وكتابنا الرائعين فيها، خشية أن يفوتني أسم،لذا أقول بأن كل مقالة عراقية حرة تنشرفي مواقع الأحرار(أكرر مواقع الأحرار) مهما كان توجه كاتبها الأيدلوجي والديني،ومهما كانت عقيدته،هي والله عندي أجمل من كل كتابات الكون( بشرقه وغربه)!!

وكم كانت سعادتي حين قرأت مقال سميرنا الحبيب ، وكاتبنا الجميل سمير سالم داود ، وهو يدافع عن زميلنا الودود ، والشجاع وداد فاخر، الذي يتعرض الآن لهجمة سافلة من الأميين (والخرنكَعية ) والمنحرفين جنسياً ، تلك المقالة التي تؤكد روعة وصلابة ووفاء ( أبو سمرة ) وتؤكد أيضاً عراقية ودادنا الحبيب، ودعوني ( أحبتي القراء ) أستغل هذه الفرصة لأعلن موقفي الداعم لزميلنا الشجاع وداد فاخر، و أقول له :( ولا يهمك ، يا بطل، يا ديو، ياشهم )، فهذا التهديد الذي يأتيك( والعباس أبو فاضل فاشوشي، وما بيه حظ ،يعني بالعراقي الفصيح أضراط الماينفه ) وأذا ما تجرأ ت الكلاب بالنباح قربك يوماً، فستجد أحذيتنا جميعاً جاهزة لركلها ( في المكان الذي أستحي ذكره - شوفوني شلون مؤدب)!! وللحبيب أبو سمرة أقول : أمض في بصاقك على وجوههم القبيحة ، فوجوههم ( جميعاً بلا أستثناء ) أهل لبصاقك، ولا تظن بأننا نتأخرعن البصاق معك على وجوههم ، فليس لنا صديق غير العراق ، وليس لنا قريب غير العراقيين الأحرار،وأذا ما أختلف أبي الحبيب مع العراق، فثق سأكون ضده، فما بالك بغيره،أوكي ؟!

أما مصيبة الكاظمية التي حدثت أمس، فهي والله مؤلمة، وموجعة حقاً، ولايختلف عليها أثنان قطعاً، ولكنها لن تؤثرحتماً بنا، ولاتؤثر بشعبنا المضحي، كما أنها لاتؤثر أبدأ في عزم عراقنا الولود،وما هذه المصائب الا لتمنح العراق مزيداً من المناعة، والصلابة ،ومزيداً من الأصرار،كما أن أزدياد هذه الجروح ، هي مفتاح للبذل والعطاء،

وصدق شاعرنا الشعبي حين قال:- البير كلما غمكَن جرحه المساحي، يزيد ماي، وهل هناك أعمق من جروحنا !![/size]