المحرر موضوع: الدستور فوق صفيح الساخن  (زيارة 1380 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Rawand_Baythoon

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 5
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الدستور فوق صفيح الساخن
« في: 23:16 04/09/2005 »
الدستور فوق صفيح الساخن

روند بولص

أن أول من تناول مصطلح الدستور بالمدلول السياسي، هم فلاسفة اليونان ومن ابرزهم هو (ارسطو)، الا ان الاستخدام الحديث والمعاصر لهذا المصطلح قد أرتبط بنظريات العقد الاجتماعي والتطور الديمقراطي الذي بدأ في أوروبا.
ألدستور هو القانون الاسمى بالبلاد، الذي يحدد نظام الحكم في الدولة واختصاصات سلطاتها الثلاث. وهو في جوهره عبارة عن وثيقة تبين الحقوق والحريات العامة وتضع شروطا لممارسة الحكم وتولي السلطات العامة في الدولة.
بعد معضلة اجراء الانتخابات العامة في العراق، رغم كل الالتباسات والمعوقات التي رافقت هذه الانتخابات، ثابرت  ولعدة أشهر لجنة كتابة الدستور المنبثقة من قبل الجمعية الوطنية المنتخبة، على كتابة وصياغة الدستور الجديد للعراق الجديد، وكان متوقعا ان يكون كتابة وثيقة الدستور بصورة سلسة وشفافة ويسود فيها روح الحوار والتَفهُم واعطاء الاولية لمبدأ المواطنة، كركيزة اساسية في كتابة الوثيقة الاسمى في البلاد، وان تنجز في الوقت المحدد.
ولكن منذ الايام لكتابة الدستور برزت خلافات حادة واختلافات واضحة في وجهات النظر، والتنصل عن العهود، بين اعضاء لجنة كتابة الدستور، مما اضفى حالة من التوتر و الشك على اجواء عمل اللجنة، حيث تم طرح اراء وافكار تخدم عقائد وقناعات حزبية ضيقة.
وظهرت مقترحات غريبة مثل محاولة درج قوميات ليس لها أى وجود تاريخى واثني على ارض الرافدين، واعتماد المرجعيات الدينية في حسم الامور، و بدأ مصطلح الفدرالية كطلسم يصعب فهمه وادراكه بعدما كان واضحا و سائغا لدى الجميع ابان المؤتمرات المعارضة العراقية، ودعوة لسيادة المطلقة لعقيدة دينية على حساب العقائد الاخرى كمصدر للتشريع، وظهور مصطلح جديد تحت اسم المغيبين، بعدما كانوا معارضيين ومقاطعيين، وظهرت عبارات وصياغات تمتاز بالضبابية وعدم الوضوح واخرى قابلة للتأويل، وكأن اعضاء لجنة كتابة الدستور يرمون الى كتابة نظام داخلي لاحزابهم اكثر من كتابتهم لاسمى وثيقة وطنية في البلاد. اليوم وبعد كل هذه الاشكالات الفكرية والاختلافات في الطروحات، تم كتابة وثيقة الدستور من قبل اللجنة المختصة، وتم ترحيل الدستور للاستفتاء الجماهيري.
ولكن الاجواء السائدة على الساحة العراقية مازالت كما هي ولم تتحسن، بعد كل الوعود بتحسينها بعد الانتخابات العامة، فمازال الارهاب نشطا وطليقا و متنوعا بتكتيكاته العسكرية، والفساد الاداري مازال مستفحلا ومستشريا في مؤسسات الدولة، والبطالة سائدة بين ابناء الوطن، والخدمات الاساسية والبنية التحتية ضعيفة ومتدهورة، وازمات الوقود والكهرباء تتكرر وتزداد سوء و حدّةً. هذا كان الحال قبل الانتخابات وهكذا هو الحال اليوم.
ان كتابة الدستورالذي هو اسمى وثيقة وطنية في هذه الظروف الصعبة والمعقدة والطارئة التي تجتاح البلاد هي أشبه بكتابة فوق صفيح ساخن التي لاتحمد عاقبتها، وان كانت الانتخابات العامة قد تمت والعراق في حالة طوارئ وتم ذلك تحت مبررات معينة ولكن لم نجني الثمار الموعودة بجلب الطمانينة والاعمار الى العراقيين، لماذا استعجلنا بكتابة الدستور والبلد مازال في حالة الطوارئ؟
لماذا لم نعد نستفيد من تجاربنا؟ الم يكن من الافضل كتابة الدستور بعد القضاء على ظاهرة الارهاب و استكمال البنية التحتية للبلاد، واعادة الخدمات الاساسية للمواطنين، باختصار الم يكن من الافضل كتابة الدستور بعد اعادة تاهيل المواطن العراقي من الناحية الانسانية والاقتصادية، واعادة تأهيل البنية المعمارية والخدمية في البلاد، وعند ذلك سيكون كتابة الدستور بوعي وطني عالي وفعال وبشفافية كاملة، وسيتم الاستفتاء عليه من قبل الانسان العراقي المتحرر من قيود الجهل والجوع والارهاب والولاءات الضيقة. واعتماد دستور عام 1958 دستوراً مؤقتاً للبلاد، الى ان يتم تحقيق الامان والرخاء للجميع ومن ثم نعمل جاهدين على كتابة دستورنا الجديد، وبلدنا بحالة طبيعية و خارج دائرة الطوارئ.

روند بولص
أربيل- عنكاوا
rawandbaython@hotmail.com[/size]