المحرر موضوع: دور بطاركة البيت الأبوي في ازدهار كنيسة الشرق  (زيارة 1510 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل دولة أبونا

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دور بطاركة البيت الأبوي في ازدهار كنيسة الشرق
تحرير دولة موسى أبونا
سبب تسمية هذه العائلة بالبيت الأبوي
 يطلق لقب البيت الأبوي على العائلة التي قام فيها بطاركة واساقفة ومطارنة لعهود طويلة, وسبب تسميته بالبيت الأبوي هو ان سكان قرى الجبال وحتى يومنا هذا يسمون الأساقفة في لهجتهم أباء . ومنذ ان أصبحت البطركية محصورة كل ابناء هذا البيت بحكم الوراثة , من أخ لاخيه او ابن عمه , كثر الأساقفة في هذه العائلة .  واعتاد ابناء الشعب ان يسموا هذا البيت بالبيت الأبوي (عائلة أبونا ), وانتقلت الينا هذه التسمية حتى يومنا هذا . لقد جلس على كرسي البطركية ستة وعشرون بطريركا كانوا من العراق و ستة بطريركا من تركيا من هذه العائلة.
وتعرف هذه العائلة هي واحدة من أعرق العوائل العراقية ، ففي مكتبة البطريركية الكلدانية هناك وثيقة عقود ملكية باسمها يعود تاريخها الى سنة  517 هجرية   (1117م )في زمن الدولة التركمانية (الخروف الاسود) أقولو , هي خير دليل ملموس على وجود هذه العائلة حتى قبل هذا التاريخ في العراق .
اما أصل هذا البيت, تفيد الوثائق من عهد بطريرك شمعون الباصيدي 1480م ان القس حنا وهو جد شمعون الباصيدي كان أصله من دهوك, واذ اشتدت وطاة الاضطهاد والسبي على بلدات وقرى الموصل, تركوا دهوك قاصدين منطقة أربيل بلدة باصيدي لكثرة المسيحيين المقيمين هنالك.
ثم أستقرت العائلة في بلدة القوش على الارجح عام 1436 م ، التي تقع على بعد 50 كم شمال مدينة الموصل - محافظة نينوى . ولكن بحسب كتاب (القوش في التاريخ) الذي نشره المؤرخ العراقي مار يوسف بابانا ، ذكر أن العائلة استقرت في هذا المكان عام 1504، بعد أن تنقلت في العديد من الأماكن في العراق بما فيها المدائن (طاق كسرى ), انتقالها كان على أثر ظروف قهرية من الظلم والتعسف والاضطهادات والاعتداءات والسلب والنهب والتحرش التي تعرض لها اتباع كنيسة المشرق بسبب الغزو المغولي في اواخر عهده . ومن هذه البلدة أستمرت كنيسة الشرق الام التي اسسها مار ماري ( احد تلامذة الرسول توما ) تأدية رسالتها وفقا لعقيدتها الرسولية التقليدية وقوانينها التي نظمت على أثر مجامع أسقفية لحين اتحادها مع روما سنة 1830م في زمن البطريرك يوحنا هرمز, بعد ان نال التثبيت من روما باسم (بطريرك بابل على الكلدان) ولكن فرع قوجانس (تقع هذه القرية في تركيا وكانت تدعى اورشليم الثانية لاحاطتها بالجبال من كل اطرافها مثلما تحيط الجبال مدينة اورشليم) استمرت على العقيدة التقلدية الى الان .
بدأت البطريركية في هذه العائلة عام 1318 م ، عندما تم انتخاب طيمثاوس الثاني ليكون رئيسًا لكنيسة المشرق. ثم تبعه البطاركة الآخرون (الأساقفة) من هذه العائلة الواحدة تلو الأخرى حتى آخر بطريرك طيب الذكرمار يوحنا هرمزالذي توفي في بغداد عام 1838م ودفن في كنيسة أم
1
الاحزان . الا ان البطريركية في قوجانس  الفرع الآخر من العائلة استمر لغاية عام 1975م
عند اغتيال  البطريرك مار شمعون الثالث والعشرون أيشاي في أمريكا, كانت الحكومة العراقية قد نفته الى قبرص عام 1933 بعد احداث سميل وثم انتقل الى امريكا في 1944 واستقر فيها ,وبموته انتهى نظام التوريث البطاركة .
في بداية جلوس هذه العائلة على كرسي البطركية في دير ربان هرمزد والتي استمرت لمدة ثلاث قرون, شيدت الأسرة الأبوية مقرا صغيرا لها (ايوان) والذي يعرف "ديوان أبونا "  ويطلق عليه باللغة السريانية (دركة باي أبونا)  ليكون مركز الأسرة الرئيسي , اثار هذا الصرح لا تزال قائمة حتى يومنا هذا في بلدة القوش، ومن هذا المركز كانت تدار شؤون كنيسة المشرق في جميع أنحاء العراق و بلاد فارس و الهند. وعلى طول الطريق إلى الصين وقبرص .ومن ذلك الايوان البسيط كانت حاضرتهم التي منها كان يشع نور بشارة المسيح ليصل المناطق المعمورة , لهذا السبب سميت القوش في ذلك الحين بروما الشرق .
وصف السيد كاراتشوفيسك ، المندوب الروسي (المتوفي عام 1950) ، العائلة الأبوية في كتابه الموسوم (تاريخ الجزيرة العربية ) "بانهم أمراء الكنيسة ، لدورهم الديني المميز وادارتهم الحكيمة لشوؤن المسيحيين في المنطقة." ، وأضاف ايضا "بدون هذه العائلة المبارك، لم تكن المسيحية لها أثرموجود في هذه المناطق لحد الان ".
كما اسلفنا البطريرك الاول وبكر البطاركة من البيت الأبوي او الاسرة الأبوية في القوش طيمثاوس الثاني الذي قام سنة 1318م . كان رجلا ماهرا غزير العلم محنكا في ادارته للكنيسة والشعب .وفي عهده ازدهرت وتوسعت الكنيسة وعمل على مصالحة الشعب . وقد ترك تأليف قيمة في اسرار الكنسية السبعة . كان كثير الاهتمام بالمدارس وينفق على الاساتذة والتلاميذ من ماله , ويتكفل بلبسهم وماكلهم وغير ذلك . وقد رسم خمسة وسبعين مطرانا واسقفا فضلا عن الكهنة والشمامسة . وتلك كانت سبب انتشار الكنيسة في بلاد الشرق .             
وعندما جلس البطريرك شمعون الرابع (شمعون الباصيدي) على كرسي البطركية في 1480م منح تخويلا بسن قانونا خاصا بالتوريث, فكانت هنالك قناعة تامة لدى القائميين على ادارة شوؤن الكنيسة بمنح مثل هذا التخويل في هذه الظروف الصعبة والمعقدة لبقاء ديمومت الكنيسة. وهكذا كان , ان أي بطريرك يجلس على كرسي بطركية كنيسة المشرق يجب أن يكون من عائلة أبونا. و أصبحت البطركية وراثية داخل عائلة أبونا من ذلك الوقت. وكتب القس بطرس نصري في كتابه (ذخيرة الاذهان في تاريخ المشاقة والمغاربة السريان) الذي نشر في عام 1950م. الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون , أهمها هو ان أفراد هذه العائلة لديهم مؤهلات شخصية خاصة مكنتهم من أن يكونوا قادة المجتمع المسيحي ، مثل الإيمان الروحي العميق والحكمة الثاقبة والقدرة على قيادة الكنيسة والمجتمع والذكاء الخارق في حل المشاكل وبذل الجهود المضنية في ازدهار و انتشار الكنيسة في منطقة الشرق.

2
وكذلك ، فإن الآباء الأربعة الأوائل الذين جلسوا على كرسي البطركية قبل إصدار هذا القانون كانوا من البيت الأبوي وجاءوا عن طريق الانتخابات هم (البطريرك طيمثاوس الثاني سنة 1318م والبطريرك دنخا الثاني سنة 1350م والبطريرك ايليا الرابع 1385م والبطريرك شمعون الثاني يكتنف تاريخ هذا البطريرك الذي جلس على كرسي كنيسة الشرق الشك والغموض بسبب الاضطهادات التي عانتها الكنيسة باستمرارفي زمنه), ما تقدم يدل على وثوق المؤمنون بهذه العائلة لتكون على رأس هرم كنيسة الشرق . وكان هذا القرار موضع اعتبار وتقدير وتاييد من قبل الجماعة والمؤمنيين لمعرفتهم بما لهذه العائلة من مواقف بطولية في خدمة الكنيسة والمؤمنيين منذ امد بعيد ، فما كان منهم الا تاييد ما اتخذوه الاباء .
 ولقد ذكر الكتاب الشهير (كنز العقل) سببين اخرين لجعل البطركية وراثة, أن حكام المناطق
في ذلك الوقت لم يسمحوا للبطاركة و الاساقفة التحرك بحرية لعقد الاجتماعات الخاصة بالانتخابات ، كما أنهم كانوا يواجهون صعوبات في القدوم إلى مركز البطريركية بسبب وسائل النقل السيئة مما أدى الى بقاء كرسي البطركية شاغر بدون ادارة لسنوات عدة عند تنحي البطريرك او وفاته مما كان يترك أثرا سلبيا على أنشطة و ادارة الشؤون الروحية والزمنية للكنيسة .
ان ابناء هذه العائلة منذ بداية عهدهم بذلوا ذواتهم من اجل الكنيسة, وقد ذاقوا كل المأسي والمصاعب مع ابناء الامة , وعملوا على هديها الى طريق السلام والامان حتى لو كان ثمن ذلك حياتهم التي يبذلونها من اجل خدمة كلمة الرب و انتشارها في المنطقة . وفقا لحيثيات نص قانون التوريث ,كان بموجبه يتحمل البطريرك وعائلته من بعده مسؤولية حماية الكنسية والالتزام بتامين رجال الدين لها في مناطق الشرق عموما .. فكانت المهمة صعبه وعسيره الا ان هذه العائلة كانت قد الات على نفسها الا ان تخدم الكنيسة بكل امكانتيها ، فقدمت وضحت بالكثير من اجل ذلك،  على اقل تقدير كان قانون الوراثة يمنع زواج البطريرك و ولي العهد  الذين كانوا من اثنين من ابناء العائلة ينذرونهم من ابناء اخوة البطريرك واولاد عمه ليكونوا في ولاية العهد ، احتياطا وتجنبا لاي مكروه يصيب احدهم فيكون الاخر موجودا ( احتياط ) الى جانب البطريرك والمطارنه ... فخلال فترة حكمهم الذي جاوز خمسمائة عام كم من المطارنه والباطريركية والمنذورين قطع نسله ولم ينجبوا لانهم لم يتزوج بل كرسوا أنفسهم لخدمة امتهم وكنيستهم .. ومن جهة اخرى نجد الاموال والممتلكات التي وضعتها العائلة تحت تصرف البطريرك لخدمة الاديرة والكنائس والفقراء وعلى سبيل المثال وليس الحصر لنقرا في (ص 84- 85) من كتاب ذخيرة الاذهان - بطرس نصري – الجزء 2 يذكر- وسعى شمعون الباصيدي في شراء اراضي وبيوت وطواحين ودكاكين وغير ذلك من الاملاك واوقفها للطائفة والاديرة التي كان يسكنها الرهبان ، واراد ان تكون تحت ادارة البطريرك وخلفائه الذين يقومون مقامه من عائلته الابوية .... واستحصل لذلك الصكوك الشرعية لاثبات هذه الاملاك من دولة التركمان المعروفه (باق قوينلو) التي كانت سائده على الشرق قبل الدولة الصوفية والعثمانية .. وكان اكثر هذه الاوقاف في ارض الموصل والقوش والجزيرة العمرية واربل والعقرة ... والحجة محفوظة في خزانة الكلدان البطريركية في الموصل
3
على قول نصري .. هكذا كانت شان اباء الكنيسة يقدمون التضحيات بارواحهم واموالهم من اجل اعلاء كلمة البشارة ...
يجدر بنا بل يجب علينا ان نذكر باختصار كيف كوفىء ابناء هذا البيت الذين خدموا امتهم أكثر من خمسمائة سنة بالسهر واليقظة وبالعمل الشاق وببذل الجهود والمثابرة وتقديم انفسهم شهداء لكي يحافظوا على شعبهم , وبدلا من ان يجازى ذلك بالامتنان والشكر , قوبل بالحسد والحقد والعداء وبهدم البيوت واغتصاب الممتلكات والحقول والطواحين والى غير ذلك من ممتلكاتهم.
ففي سنة 1835م استغل المطران يوسف اودو وهو من رهبنة دير الربان هرمزد الصراع بين اسماعيل باشا حاكم عمادية ومحمد باشا حاكم الموصل , قرر مع مناصريه ان فرصتهم الان لابادة ابناء البيت الابوي على يد محمد باشا الطاغية, فقصدوه في وشاية ظالمة ضد البيت الأبوي ,واخبروه ان تمرد اسماعيل باشا عليك , وقتاله معك وحرقه وتدميره القرى والبلدان في ولايتك كان بمشورة من الاسرة الأبوية , لكونهم اصدقاء له منذ القدم في عهود بطاركتهم.
وحال سماع محمد باشا ذلك دون ان يدقق مدى صحة كلامهم أمر عساكره المقاتلة بالتوجه الى القوش وياسروا كل رجال وشبان البيت الأبوي وياتون بهم ليمثلوا امامه , وعندما حضروا امامه القى بهم في سجون مظلمة رطبة .
وعندما راى يوسف اودو خطته نجحت , ذهب مرة اخرى الى محمد باشا بوشاية جديدة , اتهم فيها ان البيت الأبوي سرق وأستولى على ممتلكاتهم ومواشهم وطواحينهم , اصدر محمد باشا امر باستيلاء على تلك الممتلكات ورمي العوائل خارج القوش, وقامت قوة من العساكر باخراج البنين والبنات والنساء والعذارى من قصورهم وهم حفاة عراة  بلا طعام ولا ماء , وساقوهم حتى بلدة برطلة وهنالك عند مزابل القرية رموا بهم , في حين كان اولياء امورهم يقبعون في السجون , ولا يعلمون بما يحدث لنسائهم واطفالهم الذين القي بهم فوق مزابل برطلة . وهم يصرخون من الجوع والعطش وكان ذلك في سنة 1844م . لقد أخذ محمد باشا هذا الاجراء رغم اطلاعه على الوثائق الرسمية من سجناء العائلة التي تؤكد ان هذه الممتلكات عادة لهم .
وحين راى المسلمون في الموصل بعد سنوات ما تقاسيه هذه العائلة من عذاب وما تعانيه على ايدي السجانيين , اشفقوا عليهم وقابلوا محمد باشا وطلبوا اطلاق سراحهم , رفض طلبهم , ثم امر ان يساقوا الى برطلة عند عوائلهم ,ثم نقلوا الى تلسقف ومنها الى قرية (بيوس العليا ) احدى قرى بلدة القوش ,وبقوا هنالك حتى وفاة محمد باشا سنة 1849م اطلق سراحهم. ولكن لم
تعاد لهم ممتلكاتهم , الا بعد مرور بضع سنوات اعيد بعضها بالتراضي بين البيت الأبوي ويوسف اودو .
 مأساة اخرى واجهت هذه العائلة مقتل البطريرك مار شمعون بنيامين الشهيد ,الذي لقبه السيد يوسف شكوانا (ابن القوش البار) في مقاله المطول كتبه عن مأثره. في عام 1914 اندلعت الحرب العالمية الاولى ونتيجة الحرب عم الخراب والدمار في انحاء العالم , وكم من الكنائس
4
واديرة جميلة عامرة غدت خرابا وارضا يبابا . كل هذه الاهوال والاحداث المريعة التي ابتلت بها الارض عانت ايضا امتنا بشكل مضاعف .
ففي سنة 1916 اقبلت قبائل كردية وانضمت الى القوات التركية وحاصروا ابناء هذه الامة من كل الجوانب وسدت كل المنافذ والطرق , فتعذر الخروج او الدخول من خلالها . ولكن بدهاء مار شمعون الشهيد تمكن الشبان المقاتلون من رعيته من فتح ثعرة واسعة في صفوفهم وتمكنوا من انقاذ واخراج الشعب المسيحي وعبروا صوب تخوم اذربيجان الفارسية. وقد اهتمت بهم القوات الروسية من تقديم المساعدات المالية والعينية حتى قيام الثورة البلشفية واقالت الملك
عن عرشه . فظل المسيحيون في اذربيجان لوحدهم دون سند يحيط بهم الفرس والاكراد والاتراك  الموجودون في بلاد فارس . تحالف الثلاتة مع بعضهم وراحوا يمارسون الظلم والاضطهاد ضد المسيحيين . غير ان الاتراك والفرس لم يكن لديهم قوة لمواجهة المسيحيين ولذلك اجتمعوا لدى رئيس عشيرة شالك الكردية (سمكو) ووضعوا خطة غادرة لاغتيال البطريرك مار   شمعون , مستغلين علاقته الحميدة والصداقة القديمة مع الاكراد قبل هجرته الى اذربيجان .
أخبر سمكو البطريرك انه يريد انهاء مظالم القوات الفارسية والتركية ضد شعبه . وطلب عقد اجتماع بينهما في مكان بعيد عن سكن الاثنين وان يكون سريا . والبطريرك لنقاء سريرته وصفاء نيته ارتاح لهذه الفكرة , وهكذا تم الاجتماع وفي نهايته طلب البطريرك المغادرة . وكان (سمكو) قد امر رجاله باحاطة فناء دار الاجتماع من فوق السطوح , وعندما خرج البطريرك من المنزل وراح فرسانه يمتطون خيولهم استعدادا للمغادرة .  تقدم (سمكو) لوداعه بحرارة . ولم يعلم البطريرك ورجاله انهم مخدوعون وانها لحظتهم الاخيرة حيث (سمكو) ارتقى السطح حال وداعه البطريرك لينضم الى جماعته فوق السطح . وتقدم البطريرك مجتازا رواق الدار قاصدا عربته ليستقلها ,  واثناء ذلك بادره (سمكو) بنفسه من الخلف وأطلق على راس البطريرك رصاصة من بندقيته , وهنا انهال رصاص رجاله من كل الاطراف دفعة واحدة على البطريرك وعلى فرسانه فسقط الجميع على الارض , هم وخيولهم ولم تتح لهم فرصة الدفاع عن انفسهم , لقد استشهد الجميع مع البطريرك ولم يبق واحد منهم على قيد الحياة .
كان للطيب الذكر مار شمعون بنيامين اخت بتول اسمها (سورما) تربت مع أخيها بنيامين , ونذرت بتوليتها للبتول الاعظم مخلص العالم ,متشبهة بالمترهبات العذارى ,  لقد شاركت هذه البتول شعبها كل المصاعب والاضطهادات , وقاست معهم الشدائد والاهوال منذ البداية وحتى النهاية . وكان الخالق قد وهبها ذكاء وادراكا متميزين , فاقت كل مثيلاتها من بنات زمانها .
كانت (سورما) متضلعة من اللغة الانكليزية , ففي كلمة القتها سنة 1920 في كنيسة رئاسة الاساقفة في لندن , اظهرت من خلالها بشكل بليغ واضح الظروف القاسية التي تعيشها امتها من

5
اضطهادات واعتداءات من قبل كارهي المسيحية وتاريخ امتها الموغل بالقدم في المنطقة , وكان ذلك بحضور شخصيات رفيعة واميرات وامراء وكبار المملكة وقادة عسكريين .
والشهادة الثانية كانت حين دعيت لحضوراجتماعات عصبة الامم لشرح قضيتها ممثلة لشعبها, وقد حضر الاجتماع اكثر من اربعين ممثلا لملوك الدول , شرحت للحضور ما قاسته الامة وما مورس بحقها من قتل وسلب ونهب واضطهاد بشكل دقيق من قبل الظالمين .
لقد ادهشت كل الحاضرين بخطابها وبقوة حجتها وفصاحتها وبلاغتها وجميل عباراتها , حقا
رفعت بذلك رأس الامة كلها. وكانت النتيجة ممارسة عصبة الامم نفوذها في تخفيف الاضطهاد والقهر على شعبها من الحاقدين والمسيئين وكذلك ايضا فعلت الحكومة البريطانية .
طيلة ما يقارب ستة قرون من الزمن كان بطاركة هذه العائلة الذين جلسوا على كرسي البطركية
سواء من بلدة القوش او بلدة قوجانس , فدوا شعبهم بدمائهم الزكية , وكان الناس يمتدحون هذه العائلة الاغنياء بالمعرفة بشكل عام ومعرفتهم الروحية والكهنوتية العالية بشكل خاص , كانوا حقا ابناء الله في خدمتهم لكلمته وتعاليمه , وكانوا ايضا يمتازون بلطف خطاباتهم وبقلوبهم الطاهرة واعمالهم الحميدة , كانوا رجال سلام وصانعي السلام , يعملون ويثابرون من اجل استتباب الامن والطمانينة لشعبهم والمنطقة , لقد كان الكل يشهد لهم بهذه الخصائل .
ومن الجدير بالذكر ,ان الخوري الياس أبونا الذي يلقب بالموصلي او الكلداني ينسب الى عائلة قدمت للحياة الروحية عددا من البطاركة (عائلة أبونا )كان أول مسافر من الشرق الى أميركا بعد اكتشافها من قبل كريستوف كولمبس ب (170) عام . وكتب رواية تصنف من روايات المغامرات عن رحلته باللغة السريانية لما فيها من احداث خطيرة ومغامرات واجهها اثناء ترحاله وكذلك كتب بالتفصيل الدقيق عن احوال تلك البلدان التي زارها ,وخاصة زياراته الى مناجم استخراج الذهب والفضة ومناطق صيد التماسيح , لقد بدأت رحلته التي ستغرقت خمسة عشر سنة ,عام (1668م) من القوش الى اورشليم زار الاماكن المقدسة فيها , ثم منها الى ميناء الاسكندرونة  ومنه ابحر الى قبرص خيت زار قبىر القديس ليعاز ثم رحل الى البندقية وفرنسا واسبانيا والبرتغال وجزيرة صقلية ثم عاد الى اسبانيا , في اسبانيا اطلعت الملكة و ابنها الملك على روعة طقوس قداس الكنيسة المشرقية فسرت الملكة به كثيرا وعاش ضيفا على القصر الملكي لمدة سبعة شهور معززا مكرما ككاهن لكنيسة ملك اسبانيا وسهلت له الملكة كل وسائل سفره الى أميركا .
وكرب البحر من قادس عام (1675م)  التي قادته الى ليما عاصمة بيرو ,أميركا الجنوبية ,  وهنالك كتب الجزء الاول من رحلته والجزء الثاني ضمنه تاريخ اكتشاف اميركا واخبار شعوبها وخصائصهم واخبار ملوكها , ومن المكسيك عاد الى اسبانيا ثم روما وتشرف بمقابلة البابا أميو شنيسوي الحادي عشر الذي منحه رتب وهدايا نفيسة وثمينة.
كان السفر الى اميركا في ذلك الوقت , يعتبر بحق مغامرة كبيرة , وفريدة يقوم بها رجل قروي
6
من بلدة القوش , كان ركوب البحر بالسفن الشراعية التي تلعب بها الرياح عبر المحيط مجازفة.
ولكن رغم كل هذه الصعوبات , خاض المغامرة هذا الكاهن بشجاعة منقطعة النظير , قطع الصحارى وتسلق الجبال الوعرة واجتاز الانهار والغابات وأوى الى الكهوف ونام فوق الاشجار مخافة الحيوانات المفترسة والافاعي وقاوم اللصوص الطرق وسفن القراصنة في عرض المحيط الاطلسي.
 لقد ترجمت القصة لاهميتها وقيمتها التاريخية والمعلومات والتجارب التي تحتويها من اللغة السريانية إلى اللغة العربية ، فقد قامت السيدة ابتهاج عمر طاهر بتحقيقها ونشرها تحت عنوان (رحلة المواطن العراقي الياس الموصلي : اول سائح عربي يصل الاميركتيين )في مجلة ثقافية عراقية شهيرة (المورد ) عام 1975. كما قام زوجها د. سامي سعيد الاحمد بنشرها باللغة الانكليزية تحت عنوان (رحلة الكاردينال العراقي الياس حنا الى الاميركتيين) عام 1982 في مجلة جمعية المؤرخين والاثاريين في العراق وايضا ترجمها الاستاذ قيصر فرح عام 2005.

تم دفن تسعة من بطاركة عائلة  أبونا في بلدة القوش في مقبرة خاصة تعود إلى العائلة في دير
الربان هرمزد (رابي هرمزد) الذي يقع على قمة جبل القوش .وأول من دفن فيها البطريرك شمعون دنخا الرابع الذي أعتلى سدة البطركية سنة 1505م لغاية 1538م الذي خدم
كرسيه بشكل خال من الدنس والعيب طوال ايام رعويته الزاهية , و الكنيسة نمت في عهده وكذلك ازدهرت ونشطت الطائفة في ايامه حيث عم السلام والامان في الشعب والكنيسة. واخر من دفن فيها البطريرك مار ايشو عياب أيليا الثاني عشر الذي قام سنة 1778م لغاية 1803م بحسب النصب الجنائزي القائم في المقبرة .
المرفقات : بعض صور البطاركة

المراجع :
1.   تاريخ بطاركة البيت الأبوي ..... تحقيق وترجمة بنيامين حداد
2.   سفر القوش الثقافي................بنيامين حداد
3.   شجرة عائلة بيت أبونا............اعداد نخمة من العائلة
4.   مقال - العائلة الأبوية منشور في موقع عين كاوا.........د.هرمز أبونا
الاسم :دولة موسى أبونا
التحصيل العلمي: بكلوريوس ادب انكليزي عام 1970- ماجستر اخراج سينمائي 1973
-   عضو نقابة الصحفيين العراقيين منذ عام 1980 لحد الان , اخر منصب شغلته مدير تحرير جريدة بغداد اوبزيرفر اليومية الناطقة باللغة الانكليزية لغاية عام 2001 عند احالتي على التقاعد بناءا على طلبي .


غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4986
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي دولة ابونا
شلاما
اقتباس ( ففي سنة 1835م استغل المطران يوسف اودو وهو من رهبنة دير الربان هرمزد الصراع بين اسماعيل باشا حاكم عمادية ومحمد باشا حاكم الموصل , قرر مع مناصريه ان فرصتهم الان لابادة ابناء البيت الابوي على يد محمد باشا الطاغية, فقصدوه في وشاية ظالمة ضد البيت الأبوي ,واخبروه ان تمرد اسماعيل باشا عليك , وقتاله معك وحرقه وتدميره القرى والبلدان في ولايتك كان بمشورة من الاسرة الأبوية , لكونهم اصدقاء له منذ القدم في عهود بطاركتهم.
وحال سماع محمد باشا ذلك دون ان يدقق مدى صحة كلامهم أمر عساكره المقاتلة بالتوجه الى القوش وياسروا كل رجال وشبان البيت الأبوي وياتون بهم ليمثلوا امامه , وعندما حضروا امامه القى بهم في سجون مظلمة رطبة .) انتهى الاقتباس
كما  يتضح من السيرة التاريخية لكنيستنا الام انها عدا وقوعها دوما ضحية الاعداء من الخارج فانه كانت ايضا تعاني من  داخلها ،،،،،
تشكر على هذا السرد التاريخي  رغم انك لم  تتطرق  انفصال الكنيسة وانتماء قسم منها للكثلكه بصورة واسعة
وللراغب بالمزيد من المعلومات التاريخية لتلك الانشقاقات  ادناه الرابط ،،،،
وكل ما نناشده الان ان تستفاد كناءسنا من دورس الماضي العسيرة والقاسية وان تتحد باخوة مسيحية وخاصة في وقتنا الرهيب هذا والرب يبارك
https://quod.lib.umich.edu/e/eebo/A07809.0001.001?type=simple&rgn=full+text&q1=Assyrians&submit=Go

متصل Eddie Beth Benyamin

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1627
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي دولة موسى المحترم .

شكرا للمقالة ..

اقتباس
(( تم دفن تسعة من بطاركة عائلة  أبونا في بلدة القوش في مقبرة خاصة تعود إلى العائلة في دير الربان هرمزد (رابي هرمزد) الذي يقع على قمة جبل القوش )).

الاخ الكاتب القدير قشو ابراهيم زار المقبرة المذكورة وبعض المناطق المجاورة في سهل نينوى العام الماضي قادما من مدينة سان دياكو الامريكية . بعدها نشر مقالة عن زيارته للمقبرة المذكورة في قسم " بالسريانية " كما في الرابط ادناه ..

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,922442.0.html

(( كان للطيب الذكر مار شمعون بنيامين اخت بتول اسمها (سورما) تربت مع أخيها بنيامين )) .

احفظ في مكتبة بيتنا كتاب من تاليف سورما خانم طبع في لندن باللغة الانكليزية كما نرى في الصورة الاولى . الصورة الثانية كتاب تاريخ البطاركة الشمعونية بالسورث الفه تيادورس شقيق البطريرك مار ايشاي شمعون . 

حضرتك ذكرت اسم البطريرك مار شمعون الباصيدي . البطريرك مذكور في كتبنا بالسورث باسم " باطريركا مار شمعون بيث صيادا " كما في الصورة الثالثة . ممكن نعرف لماذا عرب بهذه التسمية ؟ وشكرا .