المحرر موضوع: اللغة الآرامية تواجه الإنقراض في سوريا.... 20% من سكان معلولا الذين يستطيعون التحدث باللغة الآرامية هم من ذوي الأعمار 60 عاماً أو أكثر  (زيارة 3096 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37785
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اللغة الآرامية تواجه الإنقراض في سوريا
20% من سكان معلولا الذين يستطيعون التحدث باللغة الآرامية هم من ذوي الأعمار 60 عاماً أو أكثر


يستخدم جورج زعرور المتخصص باللغة اللآرامية عدسة مكبرة لفك شفرة النص الآرامي في قرية معلولا الجبلية السورية الواقعة في ريف دمشق.

عنكاوا كوم – ترجمة رشوان عصام الدقاق

معلولا – يمسك جورج زعرور بيده كتاب سميك ويستخدم عدسة مُكبرة لفك شفرة النص الآرامي، اللغة التي يبلغ عمرها أكثر من ألفي عام والتي بدأت تختفي من الاستخدام اليومي في قريته.
يُعد هذا الشخص البالغ من العمر 62 عاماً أحد آخر المتخصصين في اللغة الآرامية التي عاشت منذ ألفي عام في قرية معلولا، التي تُمثل إحدى أقدم المستوطنات المسيحية في العالم.
كانت اللغة الآرامية تُستخدم في هذه القرية الجبلية على نطاق واسع، ولكن اليوم لم يبقى إلا العدد القليل من الناس الذين يتحدثون بها.
قال زعرور، "اللغة الآرامية في خطر" وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال فإن هذه اللغة ستختفي في غضون فترة تتراوح بين 5 الى 10 سنوات. ويجمع زعرور الكتب والموسوعات عن اللغة الآرامية في متجره الصغير حيث يبيع الأيقونات والصلبان الدينية، وحتى المنتجات المنزلية. وهو يقضي أيامه في دراسة وترجمة هذه اللغة السامية القديمة التي كانت منتشرة في الشرق الأوسط في بداية العصر المسيحي والتي تعود أصولها الى القرن العاشر قبل الميلاد.


كتاب باللغة الآرامية

قال الخبير زعرور، اليوم 80% من سكان معلولا لا يتحدثون الآرامية وما بقيَّ من السكان الذين يُمثلون 20% ويتحدثون هذه اللغة تزيد أعمارهم عن 60 عاماً.
تُمثل قرية معلولا، المحفورة في وجه الهاوية والمليئة بالكنائس والأديرة، رمزاً للوجود المسيحي في منطقة دمشق.


تُمثل قرية معلولا، المحفورة في وجه الهاوية والمليئة بالكنائس والأديرة، رمزاً للوجود المسيحي في منطقة دمشق.

زارَ الحجاج من جميع أنحاء العالم لمرة واحدة هذه القرية لمشاهدة مبانيها والاستماع الى اللغة الآرامية التي يتحدث بها الناس في الشوارع. لكن اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011 غيرَّ كل شيء، فقد استولى المتمردون والمتطرفون المرتبطون بتنظيم القاعدة على معلولا في أواخر عام 2013 مما أجبر معظم سكانها المسيحيين على الفرار. لكن قوات النظام السوري تمكنت من استعادتها في شهر نيسان من عام 2014، بعد 7 أشهر من استيلاء المتمردين عليها، ومع ذلك، ثلثي سكانها لم يعودوا بعد.

آخر الناس على الأرض
لجأ العديد من سكان معلولا الى دمشق وأطرافها أو هاجروا خارج البلاد. وتبعد معلولا 55 كم عن مدينة دمشق.
قال زعرور، وُلِد جيل الحرب خارج معلولا أو دمشق أو مناطق أخرى، وتعلموا اللغة العربية أولاً. وقد ألّفَ زعرور حوالي 30 كتاباً تتحدث عن اللغة الآرامية وتاريخها في قرية معلولا، وهو معروف في الأوساط الأكاديمية السورية، ويشرف بإنتظام على تقارير وأطاريح الطلبة في دمشق. وفي عام 2006 ساعد زعرور في استحداث مركزاً في معلولا لتعليم اللغة الآرامية، لكن ذلك المركز أُغلقَ بعد اندلاع الحرب.


يقرأ جورج زعرور كتاباً باللغة الآرامية في متجره الكائن في قرية معلولا الجبلية السورية.

وقد أشاد رئيس بلدية القرية، ألياس ثعلاب بالخبير الزعرور كمصدر فخر حقيقي للقرية. وقال أحد الأشخاص البالغ من العمر 80 عاماً، وهو يرتكز على عكازه، قال، أعتقد أن جورج زعرور يجب أن يكون المعلم والمتخصص الوحيد للغة الآرامية في سوريا. وأضاف، يُحاول بعض المعلمين الشباب تعلُم الآرامية، لكن السيد زعرور هو الوحيد الذي يعرف اللغة بعمق. ويُتابع، إن الحفاظ على اللغة هو أمر في غاية الأهمية، فقد حافظنا على لغة السيد المسيح في قلوبنا أكثر من ألفي عام، ونحن آخر الناس على وجه الأرض يتحدث هذه اللغة بإتقان.
من بين 6 آلاف شخص كانون يعيشون في معلولا قبل الحرب عاد ألفي شخص فقط. ومعلولا التي تعني "المدخل" باللغة الآرامية هي واحدة من أشهر ثلاث قرى واقعة على أطراف دمشق لا تزال تستخدم هذه اللغة. وفي شمال شرق سوريا ما يزال التحدث باللغة السريانية مستمراً. واللغة السريانية مُشتقة من اللغة الآرامية. ووفقاً لبايتيسي يون، متخصص اللغات القديمة، تُستخدم لهجات آرامية أخرى، تطورت من النسخة التاريخية الأصلية للغة الآرامية، في جميع أنحاء الشرق الأوسط، خاصة في تركيا وشمال العراق.
من الآباء الى الأبناء
في معلولا اليوم ما تزال الغالبية العظمى من المنازل خالية من أصحابها، بإستثناء الطيور التي تُعكر الهدوء. وكان نصيب القرية من الحرب أفضل من الأجزاء الأخرى في سوريا، لكنها لم تنجو بالكامل. وقد تم نهب وتدمير العديد من الكنائس والأديرة بنيران المدفعية ودُمرتْ الرموز الدينية وسُرِقَ العديد منها.


ريتا وهبة تتلو أناشيد باللغة الآرامية في دير القديس سركيس في قرية معلولا

وكان الارهابيون من جماعة النصرة قد اختطفوا 13 راهبة من القرية في شهر كانون الأول من عام 2013، وأطلقوا سراحهم بعد 3 أشهر. واليوم في دير القديس سرجيوس وباخوس تنتصب الشموع المذهبة مرة أخرى على مذبح الكنيسة المُقام من الرُخام الأبيض.
وفي روضة الأطفال الوحيدة في القرية انخفض عدد التلاميذ منذ بدء الحرب. وتقول الإدارة أن عدد التلاميذ المُسجلين قد انخفض من أكثر من 100 في عام 2010 الى أقل من 30 تلميذاً في عام 2019. ولضمان بقاء لغتهم القديمة حيةً يُعطى للتلاميذ حصة دراسية واحدة للغة الآرامية في كل يوم.
وفي الفصل الدراسي ذو الجدران المطلية باللونين الأبيض والوردي، يجلس الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 الى 6 سنوات، على مكاتب خشبية يتلون قصائداً باللغة الآرامية برعاية العين الساهرة لمعلمتهم أنطوانيت ماخ.

المعلمة أنطوانيت ماخ ترشد تلاميذها باللغة الآرامية في مدرسة قرية معلولا الجبلية السورية

قالت أنطوانيت ماخ، إن اللغة الآرامية في معلولا موروثة من جيل الى آخر ومن الآباء الى الأبناء، إنها لغة المنزل. وتابعت، لكن هؤلاء الأطفال وُلِدوا خارج معلولا خلال سنوات المنفى. وأضافت أنطوانيت البالغة من العمر 64 عاماً، وهي تقوم بالتدريس لأكثر من ربع قرن، لا يمكنني التخلي عن وظيفتي وأتقاعد فليس هناك بديلاً عني.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية