المحرر موضوع: مثقفون مسيحيون لبنانيون: كنا ننتظر من الكنيسة دعم الحريات  (زيارة 859 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ankawa admin

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2306
    • مشاهدة الملف الشخصي


أصدرت مجموعة من المثقفين/ات المسيحيين/ات في لبنان بياناً دانت فيه تقاعس الكنيسة عن دعم الحرّيّات والكرامة الإنسانيّة وعن التشجيع على الإبداع والخلق، معتبرين أنها عادت بلبنان إلى زمن محاكم التفتيش.

وهنا نص البيان:

نحن مجموعة من المواطنات والمواطنين المسيحيّين في لبنان، نؤمن بضرورة قيام دولة مدنيّة لاطائفيّة مبنيّة على أساس المواطنة.

قام مؤخّراً جدلٌ حول محتوى أغنيات إحدى الفرق الموسيقيّة في لبنان ومدى خدشه "للشعور الدينيّ" وتهكّمه على رموز الدين المسيحيّ ومعتقداته. وتصاعدت دعوات إلى منع الفرقة من المشاركة في مهرجانات بيبلوس، وتهجّم البعض كلاماً على أعضاء الفرقة، وبلغ البعض الآخر حدّ الدعوة الصريحة إلى العنف وإيقاف الحفلة بالقوّة، مع ما يُبطن ذلك من تهديد بإراقة الدماء. ولم يتدخّل المركز الكاثوليكيّ للإعلام في الموضوع وعدد من الكهنة الأرثوذكس وأخيراً اللجنة الأسقفيّة المارونيّة، إلاّ للتشديد على رفضهم المسّ بالشعائر والمشاعر الدينيّة، ودعوة "الأجهزة المختصّة" إلى وقف الحفلة. وقد جاء أخيرًا قرار لجنة مهرجانات بيبلوس القاضي بإيقاف حفلة الفرقة المعنيّة "منعاً لإراقة الدماء" كما ورد في بيانها، ليشكّل نصراً لفكرٍ غوغائيّ إقصائيّ لا يأنف الاعتداءات الدمويّة باسم السيّد المسيح الذي تميّز بوداعته ونبذه العنف.

لقد راعتنا ردود الأفعال هذه، لا سيّما تلك التي صدرت عن قيادات كنسيّة. فإن كانت الكنيسة تريد أن تكون بالفعل شاهدةً للسيّد المسيح، كنّا ننتظر منها أن تدعم الحرّيّات والكرامة الإنسانيّة وتشجّع على الإبداع والخلق، عوضًا من أن تعود بنا إلى زمن محاكم التفتيش. كنّا ننتظر أن نسمع صوتها الأخلاقيّ والشجاع في وجه الظلم في المنطقة. كان الأجدر بها أن تناهض قمع الحرّيّات والظلم، عوضاً من الصمت المريب عمّا حصل ويحصل في لبنان وحوله، وأن تقف مع الفقراء في وجه نهب المال العامّ. ولقد كان الأجدر بها أن تهتمّ بحماية أبنائها وبناتها من الاعتداءات الجنسيّة على أيدي رجال دين، وتدعم تطبيق القوانين، وأن تدين الدعوات العنصريّة التي تتردّد أصداؤها منذ سنوات في حقّ العمّال الأجانب كما في حقّ النازحين واللاجئين من فلسطينيّين وسوريّين، وأن تتضامن بشكل فعليّ مع الشعب الفلسطينيّ. نرفض أن يعلو صوت الكنيسة حصراً في شأن طائفيّ أو في شأن "المشاعر الدينيّة".

يهمّنا كمواطنات ومواطنين مسيحيّين أن نؤكّد الآتي:

1-  نعتقد بأنّ السيّد المسيح أظهر بما لا يقبل الجدل أنّ الله يحترم حرّيّة الفكر وحرّيّة الفعل عند الإنسان، حتّى ولو كانت تؤدّي إلى رفض الإنسان لله.

2- إنّ الحفاظ على حرّيّة الرأي والمعتقد أمر لا يتجزّأ. لذا، لا يمكن طلب حرّيّة الرأي للمؤمنين ومنعها عن غير المؤمنين، أو منعها عن الفنّانين الذين يتوسّلون أشكال التعبير الفنّي لدعم المعتقدات أو نقدها؛ مع ما قد يتضمّنه ذلك من تهكّم، فالتهكّم جزء من بعض الأعمال الفنّية وقد يحمل نقداً مفيداً إن أصغى إليه المؤمن الصادق.

3- إنّ ما يثير الاستغراب هو هذا الخوف الذي يبديه المسؤولون من أثر النقد والتهكّم (حتّى ولو كان فيه إسفاف) على قناعات الإيمان المسيحيّ. ويصل بيان اللجنة الأسقفيّة إلى حدّ التعبير عن الاعتقاد أنّ المسّ بالشعائر الدينيّة يشكّل "خطراً على المجتمعات وتهديداً للسلم الاهليّ". أمام دعوات العنف التي ملأت صفحات التواصل الاجتماعيّ، كان من واجب القيادات الدينيّة الوقوف ضدّها بلا لبس، وضدّ التعرّض لأعضاء الفرقة، وإبداء الحميّة في الدفاع عن حياة أعضاء الفرقة المهدّدة، لا الانسياق وراء مشاعر دينيّة انفعاليّة وغرائزية.

4- نعتبر إنّ دور القيادات الدينيّة، المؤتمنة على الرعيّة، هو ضبط الانفعالات عوضاً من تأجيجها وإعطائها طابعاً شرعيّاً. فالقانون المدنيّ والجزائيّ يعاقب على العنف وعلى الدعوة إلى العنف وعلى التهديد بالإيذاء. إنّنا نعتبر أنّ أيّ مسّ بأعضاء الفرقة هو أيضاً من مسؤوليّة القيادات الدينيّة إن هي شاركت في تفلّت الانفعالات أو تبريرها.

5- إنّنا ندعو الإخوة المسيحيّين في لبنان إلى التحلّي بالعقلانيّة وشجاعة الشهادة المسيحيّة التي ترى في كل إنسان أيقونة حيّة للسيّد المسيح، والتي تمتاز بمحبّة أيّ إنسان.

6- أخيراً، نودّ أن نذكّر بأنّ أوضاع الفقر والانهيار الاقتصاديّ التي وصلت إليها بلادنا، والتضييق على حرّيّة نقد السلطات السياسيّة، والطائفيّة التي تقسّم البلاد وتسمح بنهبها، كلّ هذه هي أمور مناقضة لكرامة الإنسان وحرّيّته. لذلك ندعو كلّ مواطن لبنانيّ إلى الأهتمام بالخير المشترك والعمل من أجله.

الموقّعات والموقّعون أدناه (بالحروف الأبجديّة):

هبة أبو الروس (مهندسة داخليّة)، وليد أبو حمد (طبيب)، بيير أبو خليل (طبيب)، نيقولا أبو مراد (أستاذ كتاب مقدّس)، سيلفي أفاكيان (أستاذة جامعيّة)، نعمه أميوني (إدارة أعمال)، غسّان أنطون (أستاذ ثانوي)، جورج أيوب (إدارة أعمال)، رنا الياس (مديرة تنفيذيّة)، اسكندر بندلي (مهندس)، غسان بندلي  (إدارة ومعلوماتية)، جورج الحاج (باحث في اللاهوت والتاريخ)، طوني حافظ (إقتصادي)، ميشال حجي جورجيو (صحافي)، مروان حرب (أستاذ جامعي)، خليل حلو (جنرال متقاعد)، حنّا حيدر (أستاذ جامعي)، زينة حيدر (طبيبة)، غادة حيدر (مترجمة)، ساري الخازن (مهندس)، ملكار الخوري (صحافي)، اسبرانس دبس لوقا (أستاذة جامعيّة)، فؤاد دهان (مهندس بيئي)، جوسلين الديري (إدارة أعمال)، شربل روحانا (مؤلف موسيقي)، هيفا روحانا  (مهندسة)، فارس سعيد (طبيب)، مجدي سمّوري (طبيب)، نورما شاهين (صحافية)، باميلا شرابية (باحثة وفنّانة)، إلهام صوايا (علم إجتماع)، أنجيلا عقل (إدارة تكنولوجيا)، ريمون غالب (مع تحفّظ) (فنّ تشكيلي)، ألين فرح (إدارة أعمال)، أنطوان قربان (مع تحفّظ) (أستاذ جامعي)، إيلي قصيفي (صحافي)، أسعد قطّان (أستاذ جامعي)، نجيب كوتيا (مهندس)، سعد كيوان (صحافي)، نيقولا لوقا (أستاذ جامعي)، خريستو المر (أستاذ جامعي)، سندرا نجيم (صحافيّة)، نصري نحاس (رئيس تنفيذّي)، ميشال نصير (لاهوتي)، شنتال ينّية (تربية وإدارة).