المحرر موضوع: معركة ايران... في العراق  (زيارة 2803 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31477
    • مشاهدة الملف الشخصي
معركة ايران... في العراق
« في: 17:05 20/08/2019 »
معركة ايران... في العراق
من الواضح ان ايران اعتمدت سياسة هجومية في العراق. من الواضح اكثر ان الإدارة الاميركية لا تمتلك الى الآن سياسة عراقية واضحة.

انفجار بسبب الحر أم بسبب الحرارة
ميدل ايست أونلاين/ عنكاوا كوم
بعد ما يزيد على ستة عشر عاما، ما زالت معركة العراق مستمرّة. يمكن القول ان معركة ايران هي في العراق، بل مستقبل النظام في ايران في العراق الذي اختارت إدارة جورج بوش الابن تقديمه على صحن من فضّة الى "الجمهورية الإسلامية". لا يزال القرار الاميركي المتخذ في العام 2002، وربّما قبل ذلك لغزا. لماذا اختارت إدارة جورج بوش الابن الذهاب الى العراق في ردّها على احداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001، أي على غزوتي واشنطن ونيويورك اللتين يقف خلفهما الإرهابي أسامة بن لادن؟

لا وجود الى الآن لجواب عن هذا السؤال الذي كلّف الولايات المتحدة الكثير. قررت اميركا اجتياح العراق قبل الانتهاء من حرب أفغانستان معقل "طالبان" و"القاعدة" في الوقت ذاته. قررت خوض حربين دفعة واحدة. في السنة 2019، هناك مأزقان اميركيان. الاوّل في أفغانستان والآخر في العراق. لم تجد إدارة ترامب امامها سوى التفاوض مع "طالبان" من اجل الحدّ من خسائرها في أفغانستان. اما بالنسبة الى العراق، فهي تكتشف يوما بعد يوم انّ ايران تغلغلت فيه اكثر بكثير مما يعتقد وان النسيج الاجتماعي العراقي الذي ما زال يقاوم الاستعمار الايراني يخسر يوميا المواجهة مع الميليشيات المذهبية التي ترعاها "الجمهورية الإسلامية". هذه الميليشيات التي دخل زعماؤها بغداد في 2003 على ظهر دبّابة أميركية.

من ينتصر في العراق الذي يقف حاليا امام ثلاثة خيارات: العراق العراقي، العراق الايراني، العراق الاميركي، مع ما يعنيه ذلك من نفوذ اقليمي للولايات المتحدة التي اعتقدت ان مجرّد اسقاط نظام صدّام حسين في نيسان – ابريل من العام 2003، سيؤدي الى قيام نظام ديموقراطي يتسم بالتعددية يكون نموذجا لما يفترض ان تكون عليه كلّ دولة من دول المنطقة؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال في وقت كشف الانفجار الذي وقع يوم الثاني عشر من آب – أغسطس الجاري في معسكر "صقر" جنوب بغداد انّ الكفّة في الداخل العراقي بدأت تميل لمصلحة ايران. هناك بكلّ بساطة تغطية رسمية عراقية لـ"الحشد الشعبي". بغض النظر عمّا اذا كان وراء الانفجار في معسكر "صقر" ارتفاع درجة الحرارة او سوء توضيب الصواريخ والذخيرة... او ضربة إسرائيلية او أميركية، تبيّن انّه بات من الصعب الفصل بين مؤسسات الدولة العراقية و"الحشد الشعبي". شيئا فشيئا يتحول العراق الى نظام شبيه بنظام "الجمهورية الإسلامية" التي أسسها آية الله الخميني. في أساس هذا النظام الايراني "الحرس الثوري" الذي صار في العراق شبيه له هو "الحشد الشعبي". ليس "الحشد الشعبي" سوى مجموعة من الميليشيات التابعة لاحزاب عراقية موالية لإيران. اكثر من ذلك، معظم هذه الميليشيات شارك في الحرب العراقية -الايرانية التي استمرّت ثماني سنوات من الجانب الايراني. عراقيون حاربوا بلدهم. هكذا بات مطلوبا ان يكون عليه العراقي في هذه الايّام، أي ان يقدم انتماءه المذهبي على كلّ ما عداه وذلك خدمة للمشروع التوسّعي الايراني بكلّ ابعاده.

بعد ستة عشر عاما على الاجتياح الاميركي للعراق، تحصد الولايات المتحدة ما زرعته. تحصد وجودا لـ"كتائب جند الامام" و"كتائب سيّد الشهداء" في معسكر "صقر" الذي يفترض مبدئيا ان يكون تابعا لوزارة الداخلية العراقية.

قبل اشهر قليلة، ظهرت بوادر رفض عراقي للهيمنة الايرانية. لا يزال هناك في عمق المجتمع العراقي، بما في ذلك الاوساط الشيعية، ما يشير الى رفض للاستعمار الايراني. لكنّ الذي بوضوح هو ان الوقت يعمل لمصلحة ايران التي يخوض نظامها معركة حياة او موت في العراق. عمليا، تأكد امران من خلال التصرّفات الايرانية في العراق. الاوّل عمق الاختراق الايراني لمؤسسات الدولة العراقية والآخر غياب المناعة لدى رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي حيال الطموحات الايرانية. اكثر من ذلك، نشهد اليوم نوعا من الحيرة الاميركية بالنسبة الى ما يجب عمله في العراق. هناك عقوبات أميركية حقيقية بدأ يظهر مفعولها في ايران، لكنّ ما لا يمكن تجاهله ان العراق تحول الى رئة لإيران التي تقاوم العقوبات عبر العراق.

ربّما كان آخر دليل على ذلك الموقف الذي اتخذته الحكومة العراقية عبر ما يسمّى "قيادة العمليات المشتركة" التي اجتمعت بعد يومين من انفجار معسكر "صقر" برئاسة عادل عبدالمهدي وقررت حظر كل أنواع الطيران غير العراقي في الأجواء العراقية. القرار موجّه الى الإدارة الاميركية التي تخشى الحكومة العراقية ان تكون وراء الضربة التي وجهت الى معسكر "صقر". يعكس هذا الموقف الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي رغبة في مراعاة ايران وادواتها العراقية، في مقدّمها "الحشد الشعبي". هل سيكون هناك ردّ فعل أميركي ام ان إدارة ترامب لن تكون مختلفة كثيرا عن إدارة باراك أوباما في ما يخص العراق وستتجاهل اهمّية العراق بالنسبة الى ايران؟

من الواضح ان ايران اعتمدت سياسة هجومية في العراق. من الواضح اكثر ان الإدارة الاميركية لا تمتلك الى الآن سياسة عراقية واضحة. لو لم يكن الامر كذلك، لما خذلت الاكراد عندما قرروا الذهاب بعيدا في اجراء استفتاء على استقلال كردستان العراق في الخامس والعشرين من أيلول – سبتمبر 2017. كان ذلك قبل سنتين. لا يزال الاكراد يعانون الى اليوم من عدم مطابقة حساباتهم للحسابات الاميركية التي صبّت في النهاية في مصلحة ايران.

قبل سنة ونصف سنة أجريت انتخابات تشريعية في العراق. خرج مقتدى الصدر منتصرا من تلك الانتخابات. لا وجود حاليا لايّ ترجمة لهذا الانتصار. هناك انتصار إيراني لا اكثر بعدما نجحت طهران في منع حيدر العبادي من تشكيل حكومة جديدة وجاءت ببديل منه هو عادل عبدالمهدي.

امام إدارة ترامب حاليا فرصة كي تظهر انّها مختلفة عن إدارة باراك أوباما. مكان اظهار ذلك في العراق حيث تخوض ايران معركة كبيرة. ما لا يمكن تجاهله ان الانطلاقة الجديدة للمشروع التوسّعي الايراني كانت من العراق بعد العام 2003. الأكيد انّه لا يمكن تجاهل الأدوات الايرانية، لا في سوريا ولا في لبنان ولا في اليمن، لكنّ الأكيد أيضا ان العراق في غاية الاهمّية بالنسبة الى ايران، خصوصا بعدما ثبت ان "الجمهورية الإسلامية" تتنفس حاليا من الرئة العراقية.

ما الذي ستفعله إدارة ترامب التي تمتلك روية متكاملة للدور الايراني في المنطقة وللخطر الذي يمثله هذا الدور. ثمة حاجة الى سياسة أميركية واضحة في العراق لا اكثر ولا اقلّ بعيدا كل الاعذار التي تساق بين حين وآخر عن الامل لم يفقد بعد بوجود رغبة لدى الحكومة العراقية في اصلاح ما يمكن إصلاحه على صعيد علاقاتها العربية، خصوصا مع دول الخليج.