الى الأخ جاك الهوزي: طال غيابك والكثير منا في شوق ولهفة الى عودتك
لقد طال غياب قلم أراه من بين أهم أقلام شعبنا، وكاتبا له مساره الخاص والمؤثر.
غيابة خسارة، ومن هذا المنطلق أوجه دعوة من الأعماق باسم محبيه وقرائه أن يعود إلينا ويتحفنا بما لديه من أراء ومواقف ونتاج قريحة شخصيا كنت استمتع كثيرا في الإنصات إليها والتحاور معها.
وأظن أن الكثير من كتاب وقراء موقعنا هذا يشاركونني الرأي.
لا علم لي عن سبب وكنه غياب الأخ العزيز جاك الهوزي، حيث لم أقرأ له مقالا منذ أمد بعيد جدا.
بيد أنني لو حاولت استقراء ما يدور في ذهنه عن الأسباب التي جعلته يبتعد عنا ويغادرنا كل هذه الفترة الطويلة، لعلني لا ابتعد عن واقعها المرير الذي ربما نعاني منه كلنا من الذين يدلون بدلوهم في هذا الموقع.
وأنا اشرحها باختصار موجز واضعا إياها في نقاط محددة، أرجو المعذرة مسبقا إن ظهر وأنني ابتعدت كثيرا عن ما يدور في خلد صديقنا وزميلنا العزيز جاك او ما يتوقعه القراء الكرام:
أولا، قد يعتقد الأخ جاك أن كتاباتنا ومقالاتنا وكل ما نكتبه يذهب أدراج الرياح لأن ليس هناك في صفوف شعبنا من قيادات وزعامات ومؤسسات من ينصت الى صوتنا او أي صوت أخر مهما علا صراخه.
ثانيا، نحن كشعب، ووضعنا كالذي واقف على شفا هاوية او ربما قد سقط فيها، لم نعد نكترث للحوار والنقاش، فبدلا من مناقشة أراء وأفكار الكاتب نصوب النقاش حول الشخصنة والمباشرة.
ثالثا، يفتقر شعبنا الى صحافة مهنية يكون التحرير واحدا من أركانها الأساسية. والتحرير مثل الغربال يعمل القائمون فيه ما في وسعهم عدم مرور مثلا أخطاء لغوية وكذلك أخطاء عامة في التاريخ والجغرافيا وغيرها من العلوم الأساسية وتحقيق نوع من والنزاهة والموضوعية قدر الإمكان.
رابعا، ولأن إعلام شعبنا يفتقر الى المهنية، أغلب ما نقرأه على صفحاته لا يختلف كثيرا عن مواقع التواصل الاجتماعي حيث ليس هناك حارس بوابة للتحقق من أن المعلومة المقدمة صحيحة أو قد جرى موازنتها والتأكد من صحتها او عدمه من مصدر مستقل.
خامسا، يتصور بعضنا أن مقالا له في مواقع شعبنا سيغير الدنيا. هذا ليبس صحيحا ابدا. مواقع شعبنا مهما كان عدد مرتاديها ضعيفة جدا وتأثيرها محدود لا يتجاوز إطار الذين يرتادونها وجلهم من أبناء شعبنا، وشعبنا مسكين، ضعيف، وقليل الحلية.
سادسا، وكدليل دامغ أن ما نكتبه في مواقع شعبنا لا يتعدى صداه المحيط الذي نعيشه وندور فيه، لم يحدث حسب علمي أن نقلت وسيله إعلامية مؤثرة محلية كانت أم إقليمية او دولية ما يرد من أخبار او مقالات في هذه المواقع.
إن كانت هذه الأسباب التي جعلت الأخ جاك أن يغاردنا، فله العذر، ولكن هناك نقاط بودي أن أشير إليها عسى يغير الأخ جاك موقفه ويعود إلينا لأننا – وأتكلم عن نفس وباسم محبي كتاباته – في حاجة ماسة إلى قلمه.
أولا، أننا كلنا تقريبا نعاني من الأمور ذاتها. فنحن كشعب وكتاب ومثقفين وكل أطياف هذا الشعب المسكين، محشورون في سفينة واحدة أين ما كنا، في بلد الأجداد، أم في المنافي أم في الشتات.
ثانيا، حتى وإن غرقت سفينتنا، وفي رأي لم تتمكن منها العواصف الهوجاء حتى هذه اللحظة رغم ترنحها، علينا التشبث بالحياة والهوية والثقافة التي تجمعنا.
ثالثا، في تاريخ الشعوب والأمم تلعب الفرصة واللحظة دورا بارزا. اقتناص الفرصة جزء من الاستراتيجية التي قد تحي او تميت.
رابعا، في كثير من الأحيان، والتاريخ شاهد، قد تقدم قصيدة او مقال او نشيد حبل النجاة.
من هنا أرى أن عودة الأخ جاك الى محبيه وقرائه صار حاجة ملحة، وأمل أن يأخذ رجائي هذا صداه لديه ويرجع إلينا كي نستمتع بقراءة ما يسطره يراعه.