المحرر موضوع: كورونا الذكيّ  (زيارة 581 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كورونا الذكيّ
« في: 02:51 06/02/2020 »
كورونا الذكيّ
كثيرةٌ هي الأطروحات والمقالات التي جاءت بخصوص فيروس كورونا الشرق الأوسط، الذي قتل إلى اليوم ما يزيد على 500 شخص في الصين وحدها، وشكل هلع وخوف كبيرين في جميع أنحاء العالم، من اقصاه إلى اقصاه، وقوض اقتصاد الصين إلى درجه كبيرة، وأوقف عجلة الاقتصاد، وحركة التصدير والاستيراد بشكل ملحوظ عالميًا، حتى الشركات الصينية للطيران والسياحة جاثمة على المدارج دون مسافرين لقلتهم.
الحكايات والروايات والقصص في المجالس والمسابح والساونات متعدد، ونظريات المؤامرة منتشرة بين فئات المجتمع كالعاده، منها على سبيل المثال لا الحصر، إن الصين هي من اخترعت الفيروس وارادت بعد ذلك نقله إلى أمريكا ولكن في الدقائق الأخيرة انقلب السحر على الساحر وانتشر المرض عندهم. وفي حكاية أخرى اكثر بوليسية على طراز جيمس بوند، إن المخابرات المركزية الأمريكية CIA هي من زرعت جذور المرض في أسواق مدينة ووهان القذرة وتركته ينموّ ويتغلغل في تلك الحاضنة الخصِبة إلى أن انتشر  وقتل الناس، والغاية من ذلك هو تدمير اقتصاد الصين، والغالبية العظمى من الناس لا تدري أن كل اقتصاد الصين لا يشكل سوى أربعين بالمئة من اقتصاد أمريكا. طبعًا هذا تسطيح وتسخيف للأمور، لأنَّه وببساطة كبيرة ال CIA ليست كليّ القدرة ولا تصنع العجائب والمعجزات بين ليلة وضحاها، نحن نتصورها ذلك لأننا نحن ضعفاء عاجزين.
فهم المسألة من الأساس لا يبدأ من خارج دولة الصين الشعبية، بل من داخلها وبالتحديد من مدينة ووهان ذات ال 11 مليون نسمة، وهي نسبة ليست بالكبيرة بأجمالي عدد سكان الصين المليار والنصف، ولكن المشكلة بدأت بأسواق المدينة القذر الذي يحتوي كل أنواع الزواحف والخفافيش، ومن المعروف مختبريًا أن الخفافيش هي التي تشكل المستودع الحيواني لفيروسات كورونا، كسارس والعديد من الفيروسات الناشئة وخاصة فيروس إيبولا قبل سنوات قليلة، لأن الخفافيش تتمتع بنظام مناعة يسمح لها بإيواء عدد كبير من الفيروسات دون الإصابة بها، وهي اليوم تقترب من المناطق الحضرية بسبب إزالة الغابات في تلك المناطق من الصين بالتحديد.
الفيروس الأخير ليس غير ردةْ فعل الطبيعة على النظام الغذائي في الصين، والذين يأكلون كل ما يدب على الأرض من حيوانات، وكل ما يطير في الجو من طيور. لربما الإنسان الميت يلتهمونها أيضًا من يدري؟، والصور المنقولة من هناك عبر النيت مرعبة حقاً.
أن تصنيف الطبيعة من وراء هذا الفيروس الخبيث ليس بالأمر الهينّ، فهو يمثل في رمزيته الضمنية تفاهة وضعف هذا الإنسان الذي تسيطر عليه بكتيريا مجهرية لا تُرى حتى بالعين المجردة. هذا الإنسان المتكبر العنيد المغرور الذي وضع ذاته بمكانة الآلهة من فجر التاريخ إلى اليوم، اليوم هو ينهار أمام فيروس نكرة.
 هل يأخذ البشر عبرة من الأمراض السابقة كالطاعون السفلس الكوليرا شلل الأطفال الجدري، والتي قتلت في فترات وجيزة ملايين البشر. هل يفهم الإنسان أن للطبيعة وجه آخر يتمثل بالغضب والمرض والإعصار.
لا حصانة لأحد من المرض والفيروسات، ولا أحد مُستثنا من المعاناة والمصائب.
في النهاية سوف ينتهي كورونا عاجلا أم آجلا، ولكن سرعان ما سيظهر مرض آخر وفيروس جديد أكثر فتكًا وأكثر ذكاءا من سابقه.