فيروس الكورونا ومشكلة الإعلام مع الرياضيات
القول بأن الإعلام مولع بالكوارث ويحب تضخيمها هو قول صحيح، فمن ضمن ما يتم نشره عن فيروس الكورونا وجدت الإعلام ينقل عن مؤسسات صحية بأن اذا كانت نتيجة فحص شخص في منطقة ينتشر فيها الفيروس سلبية (بمعنى ان الشخص غير مصاب) فمن الأفضل له ان يعيد الفحص، لأن نتيجة الفحص قد تكون خاطئة بسبب عدة عوامل.
طبعا ما يقوله الإعلام هنا صحيح، ولكن ما لا يذكره الإعلام هو أن هناك أيضا احتمال بأن تكون نتيجة الفحص إيجابية (بمعنى ان الشخص مصاب) ولكن النتيجة تكون خاطئة، لكون ان الشخص ليس مصاب فعلا.
ومن هنا فليس هناك حالتين فقط، إيجابي او سلبي، فنتيجة الفحص تنقسم إلى أربعة احتمالات، وهذا لان ليس هناك فحص مختبري في العلم خالي من نسبة خطاء. وهذه الاحتمالات الأربعة هي كالتالي:
1- نتيجة الفحص
إيجابية صحيحة: بمعنى ان الشخص مصاب فعلا ونتيجة الفحص هي إيجابية، ايجابية بمعنى الفحص يشير إلى إصابة هذا الشخص.
2-نتيجة الفحص
إيجابية خاطئة: بمعنى ان الشخص في الواقع غير مصاب، ولكن نتيجة الفحص هي خاطئة، فنتيجة الفحص هي إيجابية وتظهر بأن هذا الشخص مصاب.
3-نتيجة الفحص هي
سلبية صحيحة : بمعنى ان الشخص في الواقع غير مصاب، ونتيجة الفحص هي سلبية، سلبية بمعنى تشير إلى عدم إصابة هذا الشخص.
4-نتيجة الفحص هي
سلبية خاطئة: بمعنى ان الشخص هو فعلا مصاب ولكن نتيجة الفحص هي سلبية، بمعنى تشير إلى عدم إصابة هذا الشخص ولهذا هي خاطئة.
الان لو قدمنا هذه الحالات الأربعة للإعلام فماذا سيقولون؟ علما بأن هذه الحالات ونسبها وحسابها كلها ليست طبية بحتة وإنما الطب ياخذها من الرياضيات.
الإعلام سيقول ولكن نتائج الفحص تحوي دقة عالية في المختبرات، فنسبة ان الفحص صحيح جدا تساوي 99%، ونسبة ان نتيجة الفحص هي خاطئة تساوي فقط 1 %.
والان هل ما يقوله الإعلام صحيح؟
الجواب : طبعا صحيح، ولكن المشكلة هي عدم فهم الاعلامين لما تعني هذه النسب، وبالطبع اي شخص يرى هكذا نسب سيقول بأن البيانات والاحصاءيات التي تقدم َالتي تعتمد على فحوصات المختبرات هي اذن تملك دقة عالية جدا.
ولكن لنقم الان من التحقيق منها.
لنفترض وجود مجتمع يتكون من مليون وعشرة الف شخص.
لنفترض بأن 10000 شخص هم فعلا مصابين بالفيروس، وبأن مليون شخص غير مصاب بالفيروس.
الان سناتي للتحقيق من 10000 شخص الذين هم فعلا مصابين:
99 % من هذه النسبة ستكون صحيحة و 1 % من هذه النسبة ستكون خاطئة. وهذا سيعني ان 9900 شخص مصاب ستكون نتيجة فحصهم صحيحة، اي الفحص سيكون إيجابي صحيح، و 100 شخص مصاب سيخطاء الفحص فيهم، اي النتيجة ستكون سلبية خاطئة.
لحد الان النتيجة مقبولة، ولكننا لم ننتهي من التحقيق.
لنحقق الان مع نسبة المليون شخص 1000000 شخص الذين هم فعلا غير مصابين:
99 % من هذه النسبة ستكون نتيجتها صحيحة، اي 990.000 غير مصاب ستكون نتيجة فحصهم صحيحة وهي سلبية صحيحة. وماذا عن نسبة الخطاء 1 %؟ هنا 10000 شخص وهم 1 بالمئة من المليون ستكون نتيجة فحصهم خاطئة، اي هم فعلا غير مصابين ولكن نتيجة الفحص ستكون إيجابية، بمعنى الفحص يقول بانهم مصابين، ولهذا هي إيجابية خاطئة.
الان كم شخص مصاب في هذا المجتمع؟
عدد المصابين حسب الفحوصات هي 9900 زائدا 10000 شخص. 9900 نتيجة إيجابية
صحيحة و 10000 نتيجة إيجابية
خاطئة. المثير هنا أن اعداد الذين اخطاء في نتيجتهم الفحص هي اكبر، فهناك 10000 شخص أخطاء الفحص في نتيجتهم.
هنا ماذا سيقول الإعلام عن أن الدقة هي 99 % ونسبة الخطاء هي فقط 1 بالمئة؟ المشكلة كما شرحت ان الإعلام لا يعرف الرياضيات.
المثير أيضا انني اخذت مجتمع صغير، فكيف سيكون الحال مع عدة ملايين كم سيكون عدد الأشخاص الذين سيخطاء الفحص في نتيجتهم؟
انا شخصيا لم أصدق في حياتي اية بيانات او احصاءيات. هذا ما يخص الغرب، حيث على الاقل نستطيع أن ناخذ منهم جداول البيانات ونسب الدقة والخطاء، اما في الشرق فالمشكلة أعمق، حيث الكل في عدة مجالات سياسية او اجتماعية او غيرها يصل إلى نتائج بدون حتى أن يمتلك اية بيانات، وهؤلاء اذا انتقدهم احد فياتي جوابهم بأننا حاقدين وعملاء ومرتزقة.